https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

«الحل»

1851

مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عادت جماعة الإخوان المسلمين إلى الظهور.. إضافة لجماعات أخرى مثل الجماعة الإسلامية والدعوة السلفية.. وانتشر الجهاد الذى بدأت نواة ظهوره فى خلية المعادى عام 1966.. إضافة لتنظيمات جهادية خرجت من رحم الجماعة الأم «الإخوان».. انتشرت من الجامعات إلى باقى المجتمع.. أفسحت لها دولة الرئيس المغدور به محمد أنور السادات المجال لأسباب منها محاربة التيار اليسارى والشيوعية فى مصر التى كانت تناهض سياسات الرئيس الانفتاحية.
موجات إرهابية شهدتها مصر.. خرجت من السجون.. الأولى.. تشكلت نواتها فى سجون الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. وانطلقت فى مصر تحرق الأخضر واليابس.. وكانت ذروتها باغتيال الرئيس محمد أنور السادات.. فى يوم عرسه فى الذكرى الثامنة لانتصار السادس من أكتوبر.
الموجة الثانية كانت الأطول والأعنف واستمرت ما يزيد على 25 عاما.. وكانت امتدادًا للموجة الأولى.. وكانت نواتها فى سجون مبارك.. وخرجت من سجونه لتكوى المجتمع بنارها.. فيما عرفناه فيما بعد باسم «الجهاد التقليدى» الذى انتهى فعليا بآخر عملية إرهابية فى عام 1997 ما عرفت باسم مذبحة الأقصر فى الدير البحرى.. وأسفرت عن مصرح 58 سائحا.. وأُقيل على إثرها اللواء حسن الألفى.. وزير الداخلية.
حوادث مرعبة حدثت فى تلك الفترة.. كانت إرهاصات للحادث الأكبر الذى سيحدث ويُغدر بالرئيس الراحل فى عيد انتصاره والمصريين الثامن لذكرى أكبر انتصار عربى فى التاريخ الحديث على أكبر عدو مغتصب أراضٍ عربية
خلية الفنية العسكرية.. ومحاولة الانقلاب على الحكم.. التى تزعمها صالح سرية.. وفشلت.. وكان من أهدافها تسليم الحكم إلى جماعة الإخوان.. لأن القائمين عليها شباب دون خبرة.. فكان رأيهم أن يعطوا مصر لمن له خبرة حسب تفكيرهم.
تلى ذلك اغتيال الشيخ الذهبى رحمه الله من جماعة خرجت مباشرة من رحم جماعة الإخوان المسلمين.. جماعة المسلمين كما سموا أنفسهم.. أو جماعة التكفير والهجرة كما عُرفوا إعلاميا.. أو جماعة شكرى مصطفى نسبة لقائدها ومؤسسها.
فى بعض قرى الصعيد والفيوم.. كان الإسلاميون يتدربون على إطلاق النار على صور الرئيس الراحل السادات على الأهداف الخشبية التى يطلقون عليها.. أطلقوا عليه لقب فرعون.. بينما فرعون قتل السحرة المؤمنين.. وأخرجهم الرئيس الراحل من السجون..وأفسح لهم المجال.. فتطاولوا عليه بألفاظ لا تليق بمسلم عادى، فضلًا عمن ادعوا أنهم حملة الدين.. خططوا لقتله وكان اغتيال زعيم من أكبر وأفضل زعماء مصر.
كانت الظاهرة أكبر من أن تنتهى.. ومنتشرة بشكل يجعل من حصرها صعبًا حتى جاء الحل..كانت بداية الحل.. فى بدايات عام 1993.. حينما قدم بعض الجهاديين مراجعات فى السجون.. رفضتها الجماعة الإسلامية.. كانت مراجعات صادقة.. خارجة من نقد التجربة الذاتية لشباب عادوا بلادهم.. تلقفتها الدولة بجدية.. وعلى إثرها أطلقت سراح نحو 120 من الجهاديين.
رفضت الجماعة الإسلامية مراجعات الجهاديين.. وأقامت لهم ما عرف وقتها بـ «الزفة».. تأكيدًا على رفضها لمراجعة وقف العنف.. ما اضطر الدولة وقتها لنقل شباب الجهاديين.. الذين دشنوا المراجعات الأولى.. إلى سجون لا يوجد فيها أعضاء بالجماعة الإسلامية.. تلاشيا للصدام.
لم تجد المراجعات الأولى اهتماما إعلاميا مثلما وجدت مراجعات الجماعة الإسلامية أو المراجعات الكبرى.. لعل السبب أن أعداد الجماعة الإسلامية كانت أضعاف أضعاف الجهاديين فى السجون.. إلا أن الأكيد أن من دشنوا المراجعات الأولى من الجهاد.. لم يحيدوا عنها حتى الآن.. ومعظمهم حى يرزق.
فى عام 1997 أطلقت الجماعة الإسلامية المراجعات الكبرى.. تلقفتها الدولة بنوع من التشكك والريبة سببها هما موقفان: الأول.. رفض مراجعات شباب الجهاد فى 1993.. والثانى مذبحة الأقصر.. استجابة الدولة لتلك المراجعات بعد عام 2002 وكان على إثرها إطلاق سراح نحو 29 ألفًا من شباب الجماعة الإسلامية والجهاد.
من حقائق المراجعات التى يجب أن نتذكرها ونتدارسها ونعيدها.. لم تكن الدولة دافعا وراء المراجعات.. إلا أنها شجعتها وتبنتها ودعمتها.. وأعطت لقيادات الجماعة الإسلامية والجهاد.. الفرصة فى النظر فى الكتب والتأليف والكتابة والخطابة فى السجون.
بدأ صوت المراجعات ضعيفا.. ولولا أن أفسحت الدولة المجال لذلك الصوت.. ما تعاظم وغلب الصوت الرافض.. وكان سببا فى توقف العمليات الإرهابية من قبل الجماعة الإسلامية والجهاد.. وإلى الآن فإن أكثر من 99% من الذين خرجوا من السجون نتيجة تلك المراجعات.. لم يعودوا للعنف.. من عادوا أسماء قلائل.. ونقطة فى بحر المراجعين التائبين الحقيقيين.
تولى الأزهر وقتها مسئوليتها.. وتولى الإعلام المرئى «التليفزيون المصرى» جزءًا من المهمة.. ندوات كثيرة.. صُورت تليفزيونيا.. جرت داخل السجون.. شارك فيها شيوخ وعلماء من الأزهر الشريف.. استمعوا باهتمام إلى شباب الجماعة الإسلامية والجهاد.. وردوا عليهم.. كان المصريون ينتظرون تلك البرامج بصورة مكثفة.. حتى كادت الشوارع أن تخلو من المارة وقت عرض هذه الحلقات النقاشية التى كانت تأتى من السجون.. كان العلماء الأجلاء يديرونها بمهارة وحرفية.. كانت سببا فى رجوع الكثيرين.
حوار تبنته الدولة.. خرج من قلب الجماعة الإسلامية والجهاد.. شارك فيه بجدية الأزهر الشريف.. والإعلام وقتها «التليفزيون المصرى».. أنهى فتنة استمرت ما يقرب من 40 عاما.
روشتة من الماضى.. نعيد قراءتها.. لا سيما وأن مخاضين يحدثان فى السجون.. الأول نحو المراجعة وترك أفكار العنف.. والثانى نحو الأعنف والأشرس.. والاثنان فى الميزان.. على الدولة أن ترجح كفة «المراجعة».