https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

حذف الآيات لسرقة القدس

1636

 

اللص قبل تنفيذ مهمته فى سرقة الضحية، قد يفتعل بعض الأزمات، ويحدث هرجًا ومرجًا ليصرف النظر اتجاهها، ويقتنص فريسته ويلوذ بها فى هدوء، كإثارته لمشاجرة بين الركاب لأسباب واهنة، وأزعم هذا ما يفعله ترامب وبعض سادة ونجوم المجتمع الفرنسى، ليمرروا سرقة القدس وتدشين السفارة الأمريكية على أرضها، وليصرفوا نظر العالم الحُر عنها، من خلال انسحاب ترامب من الاتفاق النووى مع إيران، وعن طريق توقيع مذكرة من 300 شخصية بارزة فى فرنسا، وعلى رأسها ساركوزى رئيس فرنسا الأسبق، تطالب بحذف آيات قرآنية، وتم نشرها  فى عدة صحف فرنسية.

وحاليًا يطلق اسم ترامب على الساحة الواقعة أمام السفارة الأمريكية بالقدس، ويأتى تقديرًا من رئيس بلدية القدس عن إعلان ترامب أن القدس عاصمة إسرائيل فى نهاية العام الماضى، ولوقوفه بجانب الحق، ولتنفيذه عملاً صالحًا، وتستعد إسرائيل فى الوقت الراهن لافتتاح المقر المؤقت للسفارة الأمريكية فى القدس والمقرر افتتاحه غدًا – الإثنين-، وبالتزامن مع الاحتفالات الإسرائيلية فى الداخل والخارج، بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس دولة إسرائيل ونكبة فلسطين.

وأحيانًا يكون اللص غبيًا ويعتقد أنه أذكى أخواته، ويتسبب فى وقوع كوارث أثناء تغطية سرقته، وهذا ما وصفته مديرة الأمن القومى السابقة فى عهد الرئيس الأمريكى السابق أوباما على قرار ترامب بانسحابه من الاتفاق النووى مع إيران، وجاء وصفها فى مقالها فى صحيفة نيويورك تايمز، وقالت إنه سيؤدى إلى آثار سيئة على الأمن القومى، وما سيحدث بعد ذلك غير معروف، وعندما يقع المحظور، سيتصرف ترامب بطريقته المعتادة ويلوم كل المعارضين، مع أنه المسئول الأول والقائد الأعلى للهدم، وينتهى كلامها الذى يتفق مع منتقدى ترامب من داخل حزبه الجمهورى ومن البيت الأبيض، وأنه يعيد بلاده إلى دولة سيئة السمعة، بعد أن حاول أوباما من خلال سياسته الناعمة إلى إزالة الآثار السلبية التى خلفتها إدارة بوش الابن، غير أن قرار ترامب بنقل السفارة فى حد ذاته أشد حماقة، ولهذا يتراجع عن حضور مراسم افتتاح اقتصادى، بعد أن صرّح سابقًا بالحضور، وتبرر القناة الثانية الإسرائيلية غيابه عن الافتتاح، بسبب انشغاله بالاتفاق النووى الإيرانى، وهذا يؤكد ما ذكرته فى البداية عن حيلة لصرف النظر عن نقل السفارة، وظنًا من ترامب ومؤيديه ألا تزيد النار اشتعالاً، ولكن قد وقع المحظور ووصل الغضب الفلسطينى إلى حالة الغليان، وبدأت القضية الفلسطينية تأخذ منحنى خطرًا يهدد استقرار المنطقة والعالم، ومن المتوقع تصاعد حالات التشتت والفوضى، وهو ما حذّرت منه أيضا منظمات يهودية معارضة لنقل السفارة، وتعتبر القدس مدينة مقدسة لكل الأديان.

وتتضح الخدعة الثانية للتغطية على قرار سرقة القدس، فى توقيت إثارة حذف آيات من القرآن الكريم، تدعو لقتال اليهود والنصارى والملحدين، فى دولة يحرص قانونها على حرية الاعتقاد، واحترام ممارسة الحقوق الدينية، وعلى ما يبدو أن فرنسا بات رموزها يتزعمون الهجوم على الإسلام، ما بين الحين والآخر يخرج من بينهم لينال من المسلمين والتهكم على دينهم، كما فعلت صحيفة «شارلى إبدو» وسخرت برسومها المسيئة من الرسول (y)، وتعد بمثابة دعوات لتحريض أبناء الديانات الأخرى للتعدى على الجالية الإسلامية وعلى مساجدهم، وما يدعو للأسى تزامن المطالبة بإلغاء آيات من القرآن مع اقتراح لأحد الخبراء المسلمين الجزائريين فى علم الاجتماع، بحذف صورة الإخلاص وتعليم الوضوء من المناهج الدراسية الجزائرية، بحجة صعوبتها على تلاميذ هذه المرحلة العمرية الصغيرة، ولعدم قدرتهم على استيعاب معانيها، وأزعم مرة أخرى أنها لم تكن مصادفة، وأن العالم الإسلامى يرتع فيه عملاء للغرب وخونة يدّعون الإسلام، ويسعون إلى فرنجة أو فرنسة الدول العربية، فضلا عن المؤامرات وما يرصد من أموال طائلة للهجوم على الإسلام بصور شتى.

ولابد من الإشارة هنا إلى حوار بجريدة الرأى الكويتية مع «أرنود ماندور» السياسى الهولندى بعد اعتناقه الإسلام، وهو منتج فيلم (فتنة) المسئ للرسول (y)، وقال فيه إن إنتاجه للفيلم لم يكن بأمر مباشر أو برغبة أحد العاملين فى الفيلم، إنما تم إنتاجه من خلال دعوة لوبى يتزعمه شخصيات من أمريكا ومن الكيان الصهيونى، ويهدف الفيلم إلى تحذير مواطنى الغرب من خطورة الإسلام والمسلمين، وجاء هذا اعترافًا حرفيًا لمن شاركوا فى صناعة فزّاعة إسلاموفوبيا، ويوضح مدى الآلة الضخمة التى خلفُها، ويبين كيفية صناعة الأفكار التى تثير وتؤجج الكراهية ضد المسلمين، ومن ناحية أخرى يؤكد «فينكس» أستاذ الآداب بجامعة فلوريدا على تعمد الغرب فى تشويه المسلمين، وعلى نهجه الدائم فى شحن الثقافة الأوروبية والأمريكية بالأفكار العدائية ضد المسلمين.

وأذكّر ساركوزى وأمثاله أن اليهود عاشوا فى سلام طيلة الحكم الإسلامى، وتولوا مناصب رفيعة فى الدولة الإسلامية، وكانوا ينعمون فى حضن شعوب العالم الإسلامى، ويمارسون حياتهم الطبيعية فى أمان، ويتمتعون بممارسة حقوقهم الدينية والشخصية بحرية مطلقة، ولم يضطهدوا أو يهمشوا مثلما فعل الغرب معهم فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حتى وصل الأمر لمحاولة قتلهم وإبادتهم، وعاشوا لفترات طويلة داخل بلادكم يا ساركوزى يعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة، وما يحدث منكم الآن وبزعامة كبيركم ترامب، هو المعنى السافر لاضطهاد المسلمين، وهو موقفكم المُعلن الذى لا لبس فيه، لمنح الإسرائيليين المزيد من القوة لاضطهاد الفلسطينيين، فكفاكم ادعاءات وتمثيل لإخفاء جرائمكم وسرقاتكم.