تُعد مجموعة v4 أو ما يُعرف بمجموعة فيشجراد (المجر، بولندا، سلوفاكيا، التشيك) واحدة من التكتلات الاقتصادية والعسكرية والسياسية المهمة فى الاتحاد الأوروبي، فقد حمل التكتل اسم مدينة «فيشجراد» الواقعة شمال العاصمة المجرية بودابست ويشهد نموًا اقتصاديًا كبيرًا جعله أكثر تأثيرًا فى القرار الأوروبي.
وجاءت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الأسبوع الماضي، للمرة الثانية على مستوى الرؤساء لتحمل عدة دلالات، فى ظل تطورات الأوضاع فى المنطقة وما شهدته مصر خلال الأعوام السبعة الماضية من تنمية واستقرار فى منطقة تضرب بها العديد من الأحداث والمتغيرات.
الزيارة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي لحضور القمة وعقده عددًا من اللقاءات منها القمة المصرية المجرية على مستوى الرؤساء، ولقاء الرئيس السيسي برئيس الحكومة المجرية، وتوقيع وزير الخارجية سامح شكري عدد من الاطر التعاقدية مع الجانب المجري، وحضور الرئيس السيسي قمة تجمع فيشجراد وحرص التجمع على حضور مصر فى قمة على مستوى الرؤساء، يحمل كل ذلك العديد من الدلالات والرسائل.
(1)
الدلالة الأولي: ثقة دول التجمع فى الدولة المصرية ودورها الإقليمي فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ومنطقة حوض المتوسط ومدى تأثير مصر فى المنطقة، الأمر الذي يجعل من مصر حليفًا استراتيجيا مهمًا لدول المجموعة فى ظل تطور كبير فى علاقات مصر الخارجية وقوة ومتانة علاقاتها بدول القارة الإفريقية وتأثيرها فى القرار العربي والإفريقي.
الدلالة الثانية: أكدت المشاركة المصرية على حرص الدولة المصرية على تقوية علاقاتها الخارجية بشكل متوازن وانفتاحها على كل القوى والتكتلات العالمية، فتكتل الفيشجراد من التكتلات الأوروبية ذات التأثير الاقتصادي والعسكري والسياسي على المستوى الأوروبي.
الدلالة الثالثة: مشاركة مصر فى قمة مجموعة فيشجراد يدفع نحو زيادة التعاون مع الاتحاد الأوروبي، ويزيد من حجم التعاون الاقتصادي مع دول شرق ووسط أوروبا، كما يفتح آفاقًا أرحب للاستثمارات الخاصة بالدول الأربع فى مصر فى ظل وجود بنية تحتية قوية وتنمية ضخمة شهدتها مصر خلال السنوات الماضية، وقد أشاد رؤساء الدول الأربع بحجم ما تم من إنجازات.
إن حضور مصر قمة تجمع فيشجراد يفتح آفاقًا أرحب للتعاون الاقتصادي والتجاري فى ظل تنامي حجم التعاون بين مصر والمجر خلال السنوات الأخيرة.
كما أن مجموعة الدول الأربع يبلغ حجم إجمالي الناتج المحلي بها 8.1 تريليون دولار، وتمثل سوقًا واعدة بالنسبة للدولة المصرية.
الدلالة الرابعة: تطابق وجهات النظر بين دول المجموعة وبين القاهرة فى العديد من القضايا ومنها مكافحة الإرهاب والأوضاع فى سوريا وليبيا وعملية السلام، وكانت دول المجموعة بلا استثناء من الأطراف الأوروبية المرحبة بالانتقال السياسي عام 2013.
(2)
خلال القمة جاءت كلمة الرئيس السيسي لتحمل مجموعة من الرسائل المهمة:
– إن الدولة المصرية لا تسمح بالهجرة غير الشرعية للحفاظ على حياة اللاجئين، فمصر لديها 6 ملايين لاجئ يتمتعون بما يتمتع به المصريون من خدمات.
أكد الرئيس: «لا نقبل من منظور أخلاقي أو إنساني أن نتركهم فى الطريق لأوروبا ويلقوا مصيرهم فى البحر.. لن نسمح لهؤلاء الناس بالمجهول أو الضياع».
إن ملف الهجرة غير الشرعية أحد قضايا حقوق الإنسان المفقودة فى المنطقة وليس منظور التعبير عن الرأي والممارسة السياسية فقط.
– مصر دولة تسعى بإصرار وبعزيمة قوية من أجل التقدم والتحضر فى كافة المجالات.. وما بُذل فى مصر خلال آخر سبعة أعوام خير دليل على ذلك حتى نوفر حياة كريمة للمواطنين.
– «جائحة كورونا أثبتت أن البشرية مثلما تتشارك فى الأخوة الإنسانية فهي عرضة للتشارك فى التحديات مهما تفاوتت مستويات تقدمها، ما يفرض على المجتمع الدولي تضافر جهوده وتعزيز التعاون بين شتى الدول».
وهو ما جعل مصر تحرص على توطين صناعة اللقاحات ليست فقط لتلبية احتياجات مواطنيها، ولكن أيضًا للتصدير إلى القارة الإفريقية، فى محاولة لرأب الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة فى تلقى اللقاح، ونتطلع فى هذا الصدد للتعاون مع دول التجمع لتحقيق هذا الهدف.
– «الدولة المصرية أطلقت مبادرة «حياة كريمة» لتحسين الحياة لـ60 مليون مواطن فى الريف المصرى، بكل ما تعنيه هذه الكلمة وما تحمله، والرقم المخصص للمبادرة يقارب الـ 700 مليار جنيه حتى نغير حياة المواطنين فى التعليم والصحة وشبكات الصرف الصحي والطرق، كل شيء، أنتم تتعاملون مع دولة تحترم نفسها وشعبها بشكل كامل».
– «لا نحتاج لأحد ليحدد لنا معايير حقوق الإنسان ويقول عندكم فيها تجاوز.. لا.. أنا مسئول (والحديث للرئيس عبدالفتاح السيسي) عن 100 مليون نفس والحفاظ عليهم.. وهذا أمر ليس باليسير.. المجر فيها 10 ملايين مواطن.. هولندا فيها 40 مليون مواطن ومصر فيها 100 مليون، 65% من شعب مصر شباب وعنده أمل وعاوز يعيش.. وعاوز أقول للأصدقاء فى فيشجراد، عاوز أشكركم على الموقف الداعم للدولة المصرية».
وعقب قمة مجموعة فيشجراد عقد الرئيس ونظيره المجري قمة مصرية مجرية أكدت على تطابق الرؤى فى العديد من القضايا وكذلك دعم المجر ومجموعة فيشجراد للموقف المصري بشأن سد النهضة وضرورة أن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث ليحفظ حقوق دولتي المصب، وكذلك تطابق الرؤى فى مواجهة الإرهاب والإشادة بالتجربة المصرية فى هذا الشأن.
إن حرص مجموعة فيشجراد على حضور مصر قمتها الدورية، وهي الدولة العربية الوحيدة الحاضرة للقمة، يأتي تأكيدًا على دور مصر المحوري فى المنطقة.
(3)
قلعة الأبطال
إنه بحق قلعة الأبطال (معهد ضباط الصف المعلمين)، خلال الأسبوع الماضي وبالتحديد يوم الثلاثاء، وخلال حضورى احتفال تخريج الدفعة 159 ضباط صف معلمين ومهنيين دفعة الشهيد البطل مساعد أول بسام نجيب إبراهيم علي، وخلال متابعتي للعروض التي قدمها الطلاب من دارسي المعهد والخريجين، والتي دلت على قوة التدريب والاحترافية فى الأداء التي يتمتع بها الدارسون والخريجون.
خلال تقديم الطلبة عرضًا للمهارات البدنية والاشتباك وفنون القتال المتلاحم المتضمنة عدد من تمارين الإعداد البدني التي تؤدي بشكل يومي داخل المعهد وكذلك استعراضهم مهاراتهم فى فنون الدفاع عن النفس والسيطرة على الخصم وعبور الموانع المختلفة، ومهارات الكاراتيه والكونغ فو؛ أظهر الطلاب مدى ما يتمتعون به من قوة بدنية ومهارة عالية تؤهلهم لتنفيذ كافة المهام تحت مختلف الظروف.
فعندما شاهدت سيل المقاتلين الذي قدم من كافة اتجاهات أرض طابور العرض ليشكلوا باحترافية شديدة مجموعات منتظمة فى تحرك دقيق وتنفيذ للمهام بمهارة شديدة، تذكرت ذلك الشاب صاحب التسعة عشر عامًا عندما كنا نتابع مع وزير الدفاع قبل خمس سنوات تفتيش حرب وخلال تفقد وزير الدفاع للعناصر، فجأة تم النداء من خلال أحد أجهزة الإشارة على عنصر من العناصر القتالية، والذي فوجئنا به يخرج من إحدى الحفر البرميلية التي قام بتغطيتها حتى لم يلاحظها أحد من الحضور وكأنه مارد يشق الأرض.