رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

الطريق نحو تحقيق حلم الجمهورية الجديدة

1271

تعيش الدول فترات ازدهار وتضربها فترات ترهل وخمول، تؤثر على مفاصل الدول وتحولها مع الوقت إلى شبه دولة.. لتصبح دولة فاشلة؛ وهذا هو الهدف الذي تطمح للوصول إليه الدول الباحثة عن مناطق نفوذ جديدة، أو قوى الشر التي تستهدف ضرب حالة الاستقرار وإشعال الفوضى.

وقد كانت منطقتنا مسرح عمليات كبيرة وما زالت لصناعة تلك النماذج من الدول الفاشلة.

لكن الأمر لا يعني موت الدول، فالدول تمرض لكنها لا تموت، والأمر هنا مرهون بإرادة شعوبها.. لأن الدول لا يمكن لها أن تتعافى وتقوى من جديد وتزدهر إلا إذا كانت شعوبها عازمة على ذلك وكذلك أنظمتها، لتلتقي رؤية الأنظمة والشعوب عند نقطة حلم الدولة (الغاية القومية – الحلم الأكبر).. هنا يصبح الطريق واضحًا والسير فيه أكثر نجاحًا وقدرة على تحقيق الحلم.

 

الشعوب هي المحرك الأساسي وعمود الارتكاز على طريق تقدم دولها.. فالسير فى ذلك الاتجاه يستلزم إعادة بناء وإصلاح لمؤسسات الدولة، وتطوير قدراتها وتنميتها؛ وهو ما يستوجب خلق حالة من الوعي لدى الشعوب لتتوافق المسارات وتحقق الدولة الحلم ( بناء وتطوير الدولة).

هنا لابد أن نتوقف عند مجموعة نقاط مهمة، منها:
– ضرورة تقييم الموقف الذي وصلت إليه الدولة بدقة وشفافية شديدة.
– العمل على وضع رؤية وفق أسس علمية مع الاستفادة من التجارب المشابهة.
– العمل باحترافية وفى أقل وقت ممكن؛
– خلق حالة من الوعي لدى الجماهير تجعل مساحة الثقة بين المواطن والقيادة قوية وتخلق حالة من الالتحام المجتمعي من أجل الوصول إلى الهدف.
– التأكيد على دور الشعب فى بناء الدولة.
– تحديد التحديات والمخاطر والتهديدات التي تواجه الدولة.
– العمل وفق استراتيجية واضحة للوصول إلى الحلم الأكبر
(الغاية القومية).

(1)

عقب 30 يونيو 2013 واسترداد الشعب للدولة المصرية كانت بداية استعادة الدولة إلى المسار الصحيح، وعندما منح الشعب الثقة للرئيس عبدالفتاح السيسي وتوليه المسؤولية فى يونيو 2014 تم وضع رؤية استراتيجية وتحديد غاية قومية للدولة المصرية لتصل إلى المكانة التي تليق بها.
لم يكن الطريق لتحقيق الحلم الأكبر لمصر (الجمهورية الجديدة – مصر قد الدنيا ) مفروشًا بالورود، لكنه برؤية قائد وإرادة شعب وعمل متواصل واحترافية ودقة فى التنفيذ.. يتحقق الحلم وتصبح الغاية القومية للدولة واقعًا.

بدأ العمل بضرورة تثبيت أركان الدولة و تطوير مؤسساتها المختلفة لتتوافق مع المشروع الوطني الكبير (جمهورية جديدة) وتطوير وتنمية قوى الدولة الشاملة (الكتلة الحيوية أو الكتلة الحرجة، والقوة الاقتصادية، والقوة العسكرية، والهدف الاستراتيجي، والإرادة الوطنية).

ولكي يحدث ذلك يجب مواجهة التهديدات والعمل على حل الأزمات التي تواجه الدولة (أزمة الطاقة، وأزمة البنية التحتية، والموارد، والتعليم، والصحة، والوعي) الأمر الذي يتطلب توفير موازنات ضخمة فى ظل الانخفاض الكبير فى الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال الفترة من 2011 وحتى 2014.

بدأت مواجهة تهديدات محاولات ضرب الدولة (الإرهاب) والمدعومة من قوى الشر، واستطاعت القوات المسلحة والشرطة أن تنتصر فى تلك المواجهة ، وقدم الأبطال أرواحهم فداءً للوطن واستقراره، لفتح الطريق أمام قوافل العمران والبناء.

ومع مواصلة الدولة مشروعها الوطني تتزايد المخاطر والتهديدات، الأمر الذي استلزم تطوير وتحديث القوات المسلحة والشرطة لتأمين المصالح الاقتصادية للدولة وتأمين حدود الوطن وحفظ أمنه واستقراره.

وفى توقيت متزامن، جرى العمل على كافة محاور وعناصر قوى الدولة الشاملة.. فى الوقت ذاته بدأ الاستعداد لتنفيذ مشروع وطني يعيد استقرار الدولة ويخلق حالة من الاصطفاف الوطني حول الهدف الاستراتيجي، فكان مشروع حفر قناة السويس الجديدة بأموال مصرية وأياد مصرية فى تحد للزمن خلال عام واحد من الإعلان عن أولى خطوات تحرك الدولة المصرية نحو تحقيق الحلم (جمهورية جديدة – مصر قد الدنيا) وتستطيع مصر فى ظل متغيرات اقتصادية حفر القناة بأقل من ربع التكلفة، مستفيدة بشكل كبير من إعادة إحياء طريق الحرير البحري، لترتفع حصيلة القناة بعد أن تم سداد تكلفة الحفر بالكامل خلال 5 سنوات، وانخفضت مدة انتظار القوافل العابرة إلى النصف، ويجري حاليًا استكمال ازدواج المجرى الملاحي بالكامل، وهو ما كلف به الرئيس السيسي رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، ويجري حاليًا العمل بالمشروع لتتحول محنة حاملة الحاويات البنمية (إيفرجيفن) إلى منحة ويدرك العالم أهمية قناة السويس، ويشهد باحترافية العاملين فى هيئة قناة السويس.

فى الوقت ذاته كانت مصر تواصل مواجهتها للإرهاب فى سيناء وعلى كافة المحاور الاستراتيجية، ونجحت فى تلك المواجهة التي كانت تستهدف ضرب استقرار الدولة وزعزعة ثقة المواطن فى قدرة مؤسساته على حفظ الأمن.

(2)

بدأت عملية إنشاء أكبر شبكة للطرق لتكون بمثابة شرايين حياة معلنة عن توافر الفرص الاستثمارية وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين وتقليل زمن نقل البضائع والمنتجات من مواقع الإنتاج وإلى الأسواق وموانئ التصدير ليضاف إلى شبكة الطرق 9200 كيلو متر بتكلفة بلغت 117 مليار جنيه، لينتقل ترتيب مصر فى جودة الطرق على مستوى العالم من المركز 118 إلى 28.

يبلغ حجم ما تم إنفاقه فى قطاع النقل تريليون و300 مليار جنيه، ليشمل تطوير السكك الحديدة والموانئ والطرق لتحسين جودة الخدمات وتوفير مناخ جاذب للاستثمار مما يوفر فرص عمل ويرفع مستوى معيشة الأفراد، وذلك للحفاظ على حياة المواطنين وتقليل زمن الرحلات على الطرق، مما يؤثر بشك ل إيجابي على استهلاك الوقود، وخفض حجم التلوث البيئي.

فى الوقت ذاته بدأ العمل فى مواجهة أكبر خطر كان يواجه مصر، وهو العشوائيات والمناطق الخطرة، ليُعلَن بانتهاء عام 2020 مصر خالية من المناطق العشوائية الخطرة، بعد أن استطاعت الدولة على مدار سبعة أعوام مواجهة المشكلة بشكل عملي رفعت من خلاله المستوى الاجتماعي للأسر التي ظلت لسنوات خارج حسابات الحكومات المتعاقبة وكان مشروع الأسمرات (1) باكورة جهود الدولة فى هذا الشأن كأول مشروع يتم من خلال العمل الأهلي (صندوق تحيا مصر)، لتقدم مصر نموذجًا جديدًا للشراكة والتعاون بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني.

فى الوقت ذاته كانت أكبر مبادرة على مستوى العالم بشهادة المؤسسات الدولية (منظمة الصحة العالمية) مبادرة القضاء على فيروس الكبد الوبائي سي، ومبادرة 100 مليون صحة التي مهدت الطريق لتنفيذ المشروع الصحي الأكبر فى ذلك القطاع (التأمين الصحي الشامل) والذي تم تنفيذه بالفعل فى محافظات المرحلة الأولى.

هذا إلى جانب المبادرات الصحية الأخرى، كالقضاء على قوائم الانتظار والكشف عن الأمراض غير السارية وغيرها من المبادرات، لتقدم الدولة نموذجًا يعبر عن العدالة الاجتماعية بشكلها الحقيقي، عدالة وجودة الخدمة الصحية، ويبلغ حجم ما تم إنفاقه على القطاع الصحي 153 مليارًا و800 مليون جنيه خلال الفترة الماضية.

ومن القطاع الصحي إلى قطاع الإسكان والذي بلغ حجم الإنفاق فيه تريليون و500 مليار جنيه لتوفير سكن كريم والقضاء على العشوائيات وإنشاء عدد من مدن الجيل الرابع بإنشاء 14 مدينة جديدة لتصبح مصر الجديدة بلا تكدس ويتم إعادة توزيع السكان وفق رؤية مخطَّطة.

هذا إلى جانب توفير الخدمات من مياه الشرب والصرف الصحي فكانت مبادرة حياة كريمة التي حققت العدالة الاجتماعية لأكثر من 50% من المواطنين من أبناء الريف، والتي استهدفت تقديم كافة الخدمات التي حُرِم منها الريف لفترات طويلة فأصبحت الهجرة الداخلية أحد سمات الفترات السابقة وكانت وراء تضخم العشوائيات حول المدن الحضارية محدثة أزمة ضخمة كانت مرحلة علاجها من أصعب المراحل من حيث التكلفة أو إعادة التخطيط.

استهدفت مبادرة حياة كريمة توفير مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء والغاز الطبيعي ورصف الطرق وبناء المدارس والوحدات الصحية المتوافقة مع نموذج التأمين الصحي الشامل ومجمعات الخدمات الرقمية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لتوفير فرص للعمل داخل الريف ليصبح جاذبًا لأبنائه.

(3)

ومع عملية بناء مؤسسات الدولة كانت أكبر عملية إصلاح اقتصادي مع حزمة ضخمة من برامج الرعاية الاجتماعية للتخفيف من حدة آثار عملية الإصلاح الاقتصادي على المواطن، لتأتي النتائج بارتفاع معدل النمو الاقتصادي من 2.9% فى العام المالي 2013/2014 إلى 5.6% فى العام المالي 2018 /2019؛ وفى ظل جائحة كورونا وصل حجم النمو الاقتصادي إلى 3.3 % رغم انهيار اقتصاديات عالمية، إلا أن الاقتصاد المصري واصل النمو.

انخفض حجم التضخم من 10.1% خلال العام المالي 2013/2014 إلى 4.5% فى العام المالي 2020/2021، كما ارتفع حجم الإيرادات العامة من 458 مليار جنيه إلى تريليون و 108 مليارات جنيه، وارتفع حجم الاحتياطي النقدي من 16 مليار دولار خلال العام المالي 2013 /2014 إلى 44.5 مليار دولار خلال العام المالي 2018/2019، وخلال جائحة كورونا وصل حجم الاحتياطي النقدي 40 مليار دولار.

لقد استهدف القائد وفق رؤية استراتيجية واضحة تحقيق الهدف الأكبر للدولة، وهو بناء دولة جديدة تليق بتاريخ وعظمة الحضارة المصرية، فتم العمل على كافة محاور قوى الدولة الشاملة، وحرص الرئيس على الحوار الدائم مع المواطنين من أجل تعريف المواطن بما يتم من إنجازه باعتباره شريكًا أساسيًا فيما تحقق من إنجاز وما تستهدف الدولة تحقيقه فى المستقبل.

استعادت مصر علاقاتها الدولية والإقليمية التي تأثرت سلبًا بما حدث عقب 2011، كما استطاعت خلق حالة من الوعي للحفاظ على ما تحقق من إنجاز واستكمال مسيرة العمل باتجاه تحقيق الغاية القومية.

وما شهدناه خلال «أسبوع الصعيد السعيد» من افتتاحات خلال الأسبوع الماضي كانت خير دليل على ما يتم من إنجاز على أرض الواقع.

استعادت مصر بريق الصعيد المنسي لأكثر من 100 عام حتى بات بيئة طاردة للسكان، ليتحول مع الجمهورية الجديدة إلى مناطق جذب، ليس لأبنائه فقط بل لأبناء الوادي والدلتا أيضًا.
لقد كان الصعيد يعاني على مدى سنوات وجاءت المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» لتُعيد للصعيد بريقه من جديد ويشهد أكبر نهضة عمرانية وتطوير فى جودة الحياة والخدمات.