لا يستطيع أحد أن يطلب من المصريين عدم الإنجاب، لكن يبقى الرهان الأول والأخير على وعى المواطن، فيدرك مخاطر كثرة الإنجاب على مستقبل أولاده ومجتمعه.. فنحن نريد أن نعيش فى مجتمع بلا زحام.. بلا ضجيج.. بلا تلوث، نريد أن نجد مسكنًا لائقًا ومدرسة متميزة ومستشفى يقدم خدمة صحية لائقة.. نريد أن ننزع فتيل قنبلة ستنفجر فى وجوهنا ووجوه أولادنا إذا استمرت فى قفزاتها المجنونة.
فعندما أنظر للساعة السكانية وهى تقفز بمولود كل 6 ثوان، فهذا معناه أننا نزيد 2.5 مليون نسمة سنويًا، وإذا اعتمدنا رقم 25 مليون مصرى كل 10 سنوات سيضافون للسكان الحاليين ، فسيصل عدد السكان إلى 127 مليون نسمة عام 2030 وتلك هى القنبلة التى ستنفجر فى وجوهنا ووجوه أولادنا إذا لم ننزع فتيل قنبلة مصر الموقوتة.
فتلك القنبلة يتصاعد خطرها كل لحظة، فتلتهم الإنجازات والمشروعات، وتدخل الدولة فى سباق لزيادة معدلات التنمية، ومحاولات احتواء الأزمات التى تسببها الزيادة السكانية، وتركز السكان فى الوادى والدلتا، تلك الأزمات يصعب حلها بالجهود الاقتصادية فقط، ولكن للمواطن فيها الدور الأكبر من خلال تقليل أعداد المواليد وتنظيم الأسرة.
وقد وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى الزيادة السكانية بكونها أكبر مشكلة تواجه مصر بعد الإرهاب، وأكد أن الزيادة السكانية هى التحدى الاقتصادى الأكبر.
وقد تحدث الرئيس أكثر من مرة عن سُبل مواجهة ظاهرة الزيادة السكانية فى ضوء تأثيراتها السلبية على جهود التنمية الاقتصادية، ووجه الحكومة ببحث اتخاذ مجموعة من الإجراءات التى تساهم فى الحد من هذه الظاهرة، سواء من خلال إطلاق حملات إعلامية لزيادة توعية المواطنين أو من خلال تبنى آليات تحفيزية لضبط الإنجاب.
وفى هذا الإطار أطلقت وزارة الصحة بالتعاون مع عدد من الوزارات وفقًا للاستراتيجية السكانية 2030 حملة «طفلين وبس» فى محاولة للسيطرة على الانفجار السكانى، بعد أن كشف تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء 2017، أن مصر تخطت حاجز 104 ملايين نسمة منهم 94.8 مليون مواطن فى الداخل، وهو ما يضع مسئوليات كبرى على الدولة لتوفير الرعاية الشاملة لهؤلاء الملايين.
«طفلان وبس» مبادرة تنموية تهدف إلى مساعدة السيدات للارتقاء بالمستوى المعيشى وإقناعهن باستخدام وسائل تنظيم الأسرة والاكتفاء بطفلين فقط لتوفير الرعاية لهم.
الحملة تستهدف 15 مليون سيدة فى سن الإنجاب فى جميع أنحاء الجمهورية.
وتنفذ الحملة بمشاركة 5325 مركزًا طبيًا و14 ألف رائدة ريفية وعيادات متنقلة وإرسال قوافل للأماكن المحرومة، وإطلاق عدد من الإعلانات التوعوية بعد انقطاع 10 سنوات.
وكانت وزارة التضامن قد أطلقت حملة «2 كفاية» واستهدفت المستفيدات من برنامج الدعم النقدى المشروط «تكافل» وعددهن مليون و150 ألف سيدة تحت سن 40 سنة.
وتم تنفيذ الحملة فى الـ 10 محافظات الأكثر فقرًا والأعلى من حيث معدلات الخصوبة، وتهدف الحملة إلى رفع مستوى وعى السيدات بمفهوم الأسرة الصغيرة والمباعدة بين الولادات.
وللأسف فإن طرق التوعية ضد كثرة الإنجاب أصبحت غير ذات جدوى ومن الضرورى تطويرها لتكون أكثر إقناعًا للمواطن، بأن التنمية والحياة الأفضل لن تتحقق إلا من خلال إنجاب عدد من الأطفال تستطيع الأسرة رعايتهم وتربيتهم بشكل مناسب، وتستطيع الدولة توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية لهم، لأن الموارد المتاحة الآن لن تكفى فى ظل زيادة معدلات المواليد بالشكل الحالى ، ولذلك لابد من التخطيط الجيد ووضع الآليات التى تمكننا من مواجهة الأزمة.
ولابد أن تلتزم مؤسسات الدولة سواء الإعلام أو الأوقاف أو التعليم بتبنى ملف السكان لإحداث طفرة فى ثقافة ووعى المواطنين.
وكلنا نعلم أن تغيير أفكار المجتمع بشأن الإنجاب سيحتاج لفترة زمنية، ولجهود جبارة من الدولة بمختلف مؤسساتها التعليمية والإعلامية والدينية، وأن تتوافر لدى الحكومة رؤية حقيقية متكاملة لمواجهة المشكلة السكانية، وسيحتاج الأمر لتوجيهات أو قرارات تشتد صرامتها تدريجيًا، حتى تصل إلى قوة حاكمة تجبر المجتمع على تنظيم النسل بطفل أو اثنين.
فهناك ضرورة قصوى لحشد همم الجميع، بداية من الرئيس والحكومة والشعب لمواجهة الزيادة السكانية الرهيبة، ونحن فى حاجة إلى قوانين من مجلس النواب لتنظيم النسل، وإجبار الأسر المصرية على الاكتفاء بطفلين، وأن تتحمل الأسرة أعباء ومسئوليات الطفل الثالث.
وبالفعل قدم 3 نواب مشروع قانون ينص على حرمان الطفل الثالث من دعم الدولة.
إن مصر تواجه خطرًا داهمًا وقنبلة موقوتة ستدمر الحاضر والمستقبل إذا لم يتم السيطرة عليها اليوم قبل الغد.
صالون الرأي
“طفلان وبس”.. هل تنزع فتيل القنبلة؟
By amrيوليو 17, 2018, 20:35 مالتعليقات على “طفلان وبس”.. هل تنزع فتيل القنبلة؟ مغلقة
2004
TAGمقالات
السابقمكافحة الفساد والإصلاح المؤسسى يمنحنا مراكز متقدمة.. مصر تتقدم على مؤشر التنافسية
التاليالكنيسة المصرية ومهام وطنية تتجاوز الرسالة!