سياسةشئون دولية
شبح الحرب الأوكرانية يلوح فى تايوان
By amrمارس 14, 2023, 16:39 م
632
– أسلحة أمريكية وقوات عسكرية.. وبكين ترد: «تايبيه» خط أحمر
التوتر بين الولايات المتحدة والصين بسبب تايوان يكاد يبلغ أعلى مستوياته، فى ظل توقعات بتصعيد جديد خلال الفترة المقبلة.. هذا ما تشير إليه تصريحات المسئولين في الجانبين، وتعليقات الصحف العالمية المتابعة للتطورات الجارية.
وفى هذا السياق، أعلن وزير دفاع تايوان تشيو كو تشنج أنه يجب أن تكون الجزيرة فى حالة تأهب هذا العام تحسبا لأى «دخول مفاجئ» للجيش الصينى فى مناطق قريبة من أراضيها، وردًا على أسئلة من أحد النواب، قال تشيو إن جيش التحرير الشعبى الصينى قد يجد أعذارا لدخول مناطق قريبة من المجال الجوى والبحرى الإقليمى لتايوان مع تعزيز الجزيرة علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة.
كتبت : روضة فؤاد
على الجانب الآخر، قال وزير الخارجية الصينى تشين جانج إن تايوان خط أحمر بالنسبة لبلاده، لا يجوز لواشنطن تجاوزه، كما أكد أن حل قضية تايوان مسألة تخص الصينيين وحدهم، وليس لأى بلد آخر الحق بالتدخل فيها، وشدد على أن بلاده تحتفظ بكل الخيارات من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة توحيد الجزيرة.
وجاءت هذه التصريحات التصعيدية، فى ظل دعم أمريكى غير مسبوق لتايوان، ففى أغسطس الماضى قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكى آنذاك، نانسى بيلوسى بزيارة غير مسبوقة لتايوان، ومؤخرًا وافقت إدارة بايدن على صفقة أسلحة محتملة تقدر قيمتها بنحو 619 مليون دولار لتايوان، بما فى ذلك صواريخ لطائرات «F-16» المقاتلة، كما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الولايات المتحدة تخطط لزيادة قواتها العسكرية فى تايوان من نحو 40 عسكرياً إلى ما بين 100 و200 عسكرى أمريكى فى وقت قريب، مشيرة إلى أن القوات الإضافية ستصل فى الأشهر المقبلة، وبذلك يكون عدد القوات الأمريكية فى تايوان قد تزايد فى العامين الماضيين من نحو 20 جندياً فى بداية عام 2021 إلى ما يقرب من 10 أضعاف هذا العدد بحلول منتصف هذا العام.
جاءت تلك الأنباء فى أعقاب اجتماع رفيع المستوى بين مسئولين من الولايات المتحدة وتايوان فى واشنطن فى 21 فبراير الماضى.
وأوردت تقارير أخرى أن تايوان سترسل 500 جندى للتدريب فى الولايات المتحدة.
ويعتزم رئيس مجلس النواب الأمريكى كيفين مكارثى، لقاء رئيسة تايوان، تساى إنج ون، فى الولايات المتحدة، فى الأسابيع المقبلة، وقال مصدران لـ «رويترز»، إن رئيس مجلس النواب الأمريكى كيفين مكارثى يعتزم الاجتماع مع رئيسة تايوان تساى إنج ون، فى الولايات المتحدة فى الأسابيع المقبلة.
وقالت المصادر، التى طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن تساى دٌعيت للتحدث فى مكتبة رونالد ريجان الرئاسية أثناء عبورها عبر كاليفورنيا، فى زيارة مزمعة إلى أمريكا الوسطى، ووفق المصادر، من المرجح أن يلتقى بها مكارثى فى كاليفورنيا.
وبعيدًا عن الحرب الكلامية، كيف ترى الصحف العالمية هذه التطورات، ومدى إمكانية قيام واشنطن بدخول مواجهة عسكرية مع بكين فى حال قيام الأخيرة بغزو تايوان، فى هذا السياق، تناول موقع The responsible statecraft الأمريكى زيادة عدد القوات الأمريكية، فقال إنه على الرغم من أن العدد الإجمالى لتلك القوات لا يزال صغيراً، فإن التحركات تُنبئ عن زيادة كبيرة فى التعاون بين الحكومتين، وتنذر بعمليات انتشار أكبر فى المستقبل.
وأشار الموقع الأمريكى إلى أن الولايات المتحدة وتايوان يجمعهما بعض التعاون العسكرى والعلاقات غير الرسمية منذ زمن طويل، ولكن الاختلاف الآن أن هذه العلاقات قد توثقت وصارت أكثر علنية، ما يجعل من الصعب على الحكومة الصينية تجاهلها.
وذكر التقرير أن الحضور المتزايد للقوات الأمريكية فى تايوان يتوافق مع التصريحات العلنية لإدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، فى دعم تايوان على مدار العامين الماضيين، فقد قال الرئيس الأمريكى مراراً إنه سيرسل قوات أمريكية للدفاع عن تايوان إذا شنَت الصين هجوماً عليها، وتنطوى تلك التصريحات على قدر من التناقض، ففى الوقت الذى يصر فيه مسئولو الإدارة على الزعم بعدم وجود تغييرات فى سياسة الولايات المتحدة حيال نزاع الصين وتايوان، فإن الأفعال تقول بخلاف ذلك.
وذكر الموقع الأمريكى أنه فى الوقت الذى تكثف فيه الولايات المتحدة مساعيها لمساندة تايوان، فإنها تخاطر بإلحاق المزيد من الضرر بالعلاقة مع الصين، وبتعويق قدرتها على تعزيز المصالح الأمريكية فى عدد كبير من القضايا، مثل الحد من التسلح وقضية تغير المناخ.
علاوة على ذلك، فإن زيادة الانتشار العسكرى الأمريكى فى تايوان ربما تستدعى مجابهة صينية تأتى فى هيئة تصعيد للحرب الاقتصادية والتدريبات العسكرية، ما قد يزيد مخاوف تايوان ويرفع من تكاليف التأهب.
يأتى هذا فى سياق من تزايد التوترات عموماً فى المنطقة وتنامى الاحتشاد العسكرى الأمريكى فى الفلبين وغيرها، وعلى الرغم من الآمال القصيرة بتحسن العلاقات وتجاوز الآثار السيئة لزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكية السابقة إلى تايوان الصيف الماضى، فإن كل محاولة لإصلاح العلاقات أُجهضت قبل أن تبدأ.
بعد ذلك توالت حادثة منطاد التجسس الصينى، والمبالغات التى أعقبتها، ثم قرار الإلغاء لزيارة وزير الخارجية الأمريكى إلى بكين، فكشفت هذه الأمور كلها أن الحوادث والأخطاء التى تصدر أحياناً عن القوى الكبرى صارت سبباً مباشراً للذعر والهلع، ولم تعد مشكلات يُمكن تداركها.
صحيفة « التايمز» البريطانية تناولت القضية فى تقرير مطول ذكرت فيه أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للدفاع عن تايوان والدخول فى مواجهة عسكرية مباشرة مع الصين فى حال قامت الأخيرة بغزو مزعوم للجزيرة المطلة على المحيط الهادئ.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، حذر خبراء عسكريون أمريكيون بارزون من أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لمواجهة عسكرية مباشرة مع الصين، مشيرين إلى أنها تفتقر إلى الصواريخ بعيدة المدى اللازمة لحماية القوات التى ستتمركز حول تايوان.
ونقلت الصحيفة تقريرا صادرا عن « منتدى المحيط الهادئ»، وهو معهد مؤثر لأبحاث السياسة الخارجية الأمريكية، أن الآثار الاستراتيجية لسيناريو الغزو الصينى لم يتم دراستها بشكل صحيح من قبل المسئولين الأمريكيين، وقال معدو التقرير إنه إذا استولى الجيش الصينى على تايوان- مع أو دون تدخل عسكرى أمريكى- فإن « التأثير على مصداقية الولايات المتحدة حول العالم سيكون مدمرًا»، وذلك بعدما تعهد الرئيس، جو بايدن بالدفاع عن الجزيرة إذا تعرضت لهجوم صينى.
وذكر إيان إيستون، وهو خبير فى الشئون التايوانية وأحد مؤلفى التقرير، أن العالم ربما يشهد «سيناريوهين مرعبين لسقوط تايوان»، موضحًا: «الأول، سيكون سقوط تايبيه دون أى تدخل أمريكى، والآخر سيأتى عندما يقتحم الجيش الصينى الجزيرة ويحتلها وسط محاولات أمريكية متأخرة لإحباط الغزو».
وقال إيستون إنه بموجب السيناريو الأول، «سيبدأ الغزو بطائرات دون طيار مسلحة تستهدف مواقع الرادار ومنشآت جمع المعلومات الاستخبارية فى جزر تايوان الخارجية، تليها غواصات تطلق غواصات دون قائد تحت الماء تقطع كابلات الألياف الضوئية التى تربط الجزيرة باليابان وغوام، حيث تتمركز القوات الأمريكية».
وأضاف « بعد فترة وجيزة، سيمطر الجيش الصينى تايوان بالصواريخ الموجهة والطائرات دون طيار الهجومية؛ لتدمير الحكومة ويتبع ذلك تدمير أنظمة الأسلحة الأمريكية المتقدمة القائمة على الجزيرة، بالإضافة إلى مصانع الرقائق الدقيقة فى البلاد».
أما عن السيناريو الثانى، فقد أشار إيستون إلى أن تايوان ستسقط «بعد معركة ضارية ضمت فى النهاية الولايات المتحدة وحلفاءها بعد محاولات مطولة من جانب واشنطن؛ لتشكيل تحالف مع الناتو واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا»، وقال: «ستتفاجأ واشنطن أن الجيش الصينى أكثر قدرة بكثير من القوات الروسية التى لم يتم تزويدها وقيادتها بشكل كافٍ فى أوكرانيا، مضيفًا «بغض النظر عن كيفية الاستيلاء على تايوان من قبل الصين، ستكون المنطقة والعالم قد فقدا ديمقراطية رائدة، وسيتم تغيير الهيكل الأمنى للمنطقة، سيكون هذا حدثًا مؤلمًا – وربما كارثى – فى تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية».
وخلص إيستون، بحسب ما نقلته «التايمز»، إلى أن سقوط تايوان من شأنه أن يقوض التصورات عن الولايات المتحدة كقائدة عالمية، قائلاً: «سينظر إلى الصين على أنها أقوى دولة فى العالم والمحرك الأساس للقرن الحادى والعشرين».