سياسةشئون عربية
مصر «جسر الأمان» للأشقاء
By amrمايو 17, 2023, 14:04 م
617
تتواصل التحركات المصرية لحل الأزمة السودانية على الصعيدين السياسي والإنساني إذ يبذل الرئيس عبد الفتاح السيسي جهودا كبيرة تحظى بإشادة عربية ودولية من أجل وقف إطلاق النار في العاصمة السودانية الخرطوم، كما تواصل مصر دعم الأشقاء السودانيين للتخفيف من معاناتهم الإنسانية وتستقبل النازحين منهم.
وكشف سامح شكري، وزير الخارجية، أن العديد من السودانيين لجأوا للحدود الجنوبية المصرية هربًا من الصراع العسكري في بلادهم، وقال إن مصر تقوم بالتنسيق مع مؤسسات الدولة من خلال لجنة الأزمة لاستقبال ضيوفها من السودان، وشدد على أن القطاع القنصلي بوزارة الخارجية يعمل على مدار اليوم لمتابعة استقبال ضيوف مصر من السودان.
حسام أبو العلا
أوضح وزير الخارجية سامح شكرى، أنه تم تدعيم أجهزة الشرطة والجوازات فى المنافذ الجنوبية لاستقبال ضيوف مصر من السودانيين، إضافة إلى توفير كل الوسائل المناسبة من أطعمة ومياه فى ضوء الأعداد الكبيرة للسودانيين القادمين إلى مصر.
وأردف شكرى أن مصر تراعى الإجراءات فى دخول الوافدين إليها لمنع أن يندس أحد بينهم من عناصر تؤذى المصريين، وأكد أن وزارة الخارجية طالبت منظمات الأمم المتحدة بتكثيف جهودها لزيارة المنافذ والاطلاع على كل ما تقدمه مصر للقادمين إليها، وأضاف أن هناك اعترافا من الدول الأوروبية بما تقوم به مصر من مسئولية والتزام تجاه أشقائها فى السودان وجنوب السودان وإفريقيا.
حل الأزمة
وكشف وزير الخارجية، تفاصيل نقله رسالتين من الرئيس عبد الفتاح السيسي لنظيريه فى جنوب السودان وتشاد من أجل العمل على حل الأزمة السودانية وحلحلتها، وقال إن الأحداث فى السودان واستمرار الأعمال العسكرية والتداعيات المرتبطة بالآثار السلبية على الشعب السودانى أمور تُحتّم التفاعل من مصر.
وأضاف شكرى، أن الرئيس السيسي على تواصل مستمر مع العديد من القادة لبحث حل للأزمة السودانية، مؤكدًا تلقيه العديد من الاتصالات لوزراء الخارجية والاتحاد الأوروبى للتوصل لوقف إطلاق النار بالسودان، كما بحث التعامل مع الأزمة السودانية من خلال الحوار والعودة إلى الاستقرار.
وتابع أنه يتم العمل على إعفاء الشعب السودانى من التداعيات السلبية المرتبطة بالأعمال العسكرية، كما أن الرئيس السيسي حريص على مشاركة دول الجوار «تشاد وجنوب السودان» فى ضوء العلاقات التاريخية التى تربط مصر بالدولتين.
ولفت شكرى إلى أن مصر وتشاد وجنوب السودان يساهمون فى التأثير على طرفى النزاع لوقف إطلاق النار فى السودان، موضحًا أن رسالة الرئيس السيسي إلى نظيره التشادى محمد إدريس ديبى تتناول السعى لتكثيف التشاور فى الفترة المقبلة بين الرئيسين.
وشدد على أنه نقل رسالة مماثلة من الرئيس السيسي إلى رئيس جنوب السودان سلفاكير للتنسيق بين الزعماء الثلاثة للتواصل بين طرفى النزاع فى السودان من أجل العمل على توفير ممرات آمنة لخروج مواطنين سودانيين، أو رعايا دول أخرى من السودان بأمان، كما تهدف مشاورات جدة لحماية المدنيين الأبرياء بالسودان.
والتقى سامح شكرى، وزير الخارجية فى العاصمة جوبا مع الرئيس سلفا كير، رئيس جنوب السودان، فى إطار الجولة التى يقوم بها إلى كل من تشاد وجنوب السودان. وصرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم بوزارة الخارجية، بأن اللقاء شهد قيام الوزير سامح شكرى بتسليم رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي تتناول مستجدات الوضع فى السودان والدور المهم لدول جوار السودان فى المساعدة فى حلحلة الأزمة الراهنة وتمكين الأطراف من الوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار يحفظ أرواح الشعب السودانى ويحافظ على استقرار السودان وسلامة أراضيه.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أن الوزير شكرى استعرض الجهود والاتصالات التى قامت بها مصر منذ بداية الأزمة، سواء على المستوى السياسى من خلال العمل مع طرفى النزاع والقوى المؤثرة إقليمياً ودولياً على وقف إطلاق النار وإتاحة الفرصة للتعامل مع الخلافات من خلال الحوار، أو على المستوى الإنسانى من خلال التأكيد على أولوية حقن الدماء وتجنيب الشعب السودانى المعاناة الناتجة عن الاشتباكات العسكرية الجارية، مشيرًا إلى استقبال مصر أكثر من ٦٠ ألفًا من أبناء الشعب السودانى الشقيق منذ بداية النزاع. كما أكد شكرى خلال اللقاء أن دول جوار السودان تتأثر بشكل مباشر من استمرار النزاع فى السودان، وهو الأمر الذى يفرض عليها التنسيق والتشاور بشكل مستمر للعمل على إنهاء النزاع الدائر فى السودان فى أسرع وقت، وتخفيف آثار تلك الأزمة على دولها.
ومن جانبه، ثمن رئيس جنوب السودان الدور المهم والقيادى الذى تضطلع به مصر لمحاولة إيجاد حلول سلمية للأزمة الراهنة تحافظ على استقرار ووحدة وسلامة السودان وشعبه الشقيق، بالإضافة إلى تجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر.
وأكد الرئيس سلفا كير أيضاً على الدور المهم لدول جوار السودان فى العمل على احتواء الأزمة الراهنة من خلال الضغط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يسمح بوصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للمواطنين المتضررين من العمليات العسكرية، ويفتح المجال للحوار بين طرفى النزاع.
وفى نهاية اللقاء، اتفق الجانبان على التواصل عن قرب على مختلف المستويات خلال المرحلة القادمة، وتنسيق المواقف على المستويين الإقليمى والدولي، بهدف وقف الحرب الدائرة والحفاظ على سلامة السودان ووحدته وسيادته.
محادثات جدة
على صعيد متصل، رحبت مصر فى بيان صادر عن وزارة الخارجية ببدء المحادثات الأولية بين ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع فى جدة، مشيدة بجهود المملكة العربية السعودية والجهود الإقليمية والدولية التى أسهمت فى تشجيع الأطراف السودانية على بدء الحوار.
وأعربت مصر عن تطلعها لأن تسفر المحادثات عن وقف شامل ودائم لإطلاق النار، يحفظ أرواح ومقدرات الشعب السودانى الشقيق، وييسر وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين.
وثمن السياسى السودانى صلاح بابكر فى تصريح لـ «أكتوبر» الدور المصرى فى دعم خيارات الشعب السودانى وحقه فى تقرير مصيره، مشيدًا بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التى يؤكد دوما خلالها حرص مصر على استقرار السودان، لافتًا إلى أن الحل «السودانى – السودانى» هو السبيل الأمثل لتجاوز الأزمة السودانية لمنع التدخل الخارجى الدولى.
وأشار إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب الوقف الفورى لإطلاق النار وبدء المسار السياسى، محذرا من خطورة استمرار القتال خصوصا فى ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة والتى أدت لنزوح أعداد كبيرة من السودانيين إلى خارج البلاد، فضلًا عن المعاناة التى يمر بها المواطنون فى الخرطوم وعدد كبير من المدن السودانية، مطالبًا بضرورة تحكيم العقل ووقف المطامع الشخصية من ميليشيا الدعم السريع التى أدت إلى كل هذه الفوضى فى البلاد واسقطت السودان فى واحدة من أكبر أزماته السياسية والإنسانية، مؤكدًا أن السودان يحتاج بشدة إلى الاستقرار ووقف القتال.
وبعد نحو شهر من الأزمة فى السودان، تستمر الجهود لإنهاء الصراع والوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، إلا أن غياب أرضية للتفاهم ترك الوضع على حاله لتتجدد الاشتباكات وتواصل حصد الضحايا، وسط تردى الأوضاع المعيشية من انقطاع مياه وكهرباء وإنترنت.
وكشفت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى جراء الاشتباكات فى السودان وصل إلى 604 قتلى بينهم مدنيون، كما أن القتال أدى إلى إصابة ما يزيد على 5100 شخص نقلا عن المنظمة.
نهب وسرقة
وفى الأثناء، باتت عمليات النهب والسرقة عنوانا رئيسيا للأزمة فى السودان، وهو ما تطرقت إليه منظمات دولية، فقد أدانت منظمة الأمم المتحدة نهب مجمع رئيسى لبرنامج الأغذية العالمى فى العاصمة الخرطوم، مؤكدة تأثر وكالات الأمم المتحدة وجميع شركائها فى المجال الإنسانى بأعمال النهب فى السودان. ودعت المنظمة الأممية إلى ضرورة حماية واحترام العاملين فى المرافق الإنسانية بما فى ذلك المستشفيات دون أن تتهم أى طرف محدد.
وتعرّضت الكثير من الأسواق والمحال التجارية والمنازلِ للسرقة جرّاءَ انفلات الأمن، ما دفع المواطنين إلى البحث عن حلول لتأمين أحيائهم وممتلكاتهم بأنُفُسهم.
واضطر المدنيون فى العديد من أحياء العاصمة السودانية الخرطوم إلى تشكيل دوريات حراسة لتأمين منازلهم وممتلكاتهم فى ظل استفحال ظاهرة السطو والنهب نتيجة التدهور الأمنى الناجم عن استمرار الاشتباكات المسلحة الدائرة فى البلاد منذ أسابيع.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة عن تضاعف عدد النازحين داخل السودان ليصل إلى أكثر من 700 ألف فى ظل استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
مقتل الأطفال
قالت يونيسف، التى أطلقت حملة لتلقى التبرعات لصالح أطفال السودان مؤخرًا، فى بيان لها إنها تلقت تقارير تفيد بمقتل 190 طفلا وإصابة 1700 آخرين فى السودان منذ اندلاع النزاع.
وجاء فى البيان أيضا أن الأطفال يعيشون «وسط أعمال عنف مرعبة، وهناك عدد لا يحصى من العائلات التى تنتقل الآن إلى بر الأمان فى السودان وخارج حدوده».
وقالت يونيسيف عن منشآتها إن العاملين فى المجال الإنسانى تعرضوا للهجوم، بينما تعرضت المرافق والمركبات والإمدادات الإنسانية – بما فى ذلك تلك التابعة لليونيسف – للنهب والتدمير.
وقال جيرمى هوبكنز، مدير يونيسيف فى مصر: «قبل هذه الأزمة كان هناك وضع إنسانى مزعج للغاية فى السودان، حيث يوجد 16 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات، بينهم مليون وثمانمائة ألف طفل، وهذا الوضع ازداد سوءا مع تطور الأزمة الحالية».
وأضاف هوبكنز أن هناك نقصا فى الخدمات الأساسية التى يحتاجها كل طفل مثل الماء والصرف الصحى والتغذية والرعاية الصحية والدراسة، مشيرًا إلى أن فى السودان واحدا من أعلى معدلات سوء التغذية فى العالم. ويؤكد هوبكنز أن هناك ثلاثة ملايين طفل فى السودان فى حاجة إلى العون «والعون حاليا فى خطر».
وأعلنت السلطات المصرية أن عدد السودانيين الذين عبروا إليها فى الأسابيع الثلاثة الأولى للمعارك فى السودان تجاوز ستين ألفا، ويمر الفارون من معبرى أرقين وقسطل على ضفتى بحيرة ناصر فى أقصى جنوب مصر وشمال السودان.
ويحتاج السودانيون الذكور القادمون إلى مصر فى المرحلة السنية بين 19 عاما و49 عاما إلى الحصول على تأشيرة دخول مسبقة، بينما يسمح للأطفال والنساء وكبار السن بالعبور دون تأشيرة.
وقال قنصل السودان فى أسوان، عبد القادر عبد الله إن بلاده نسقت مع الجانب المصرى لتمديد جوازات السفر المنتهية للفارين القادمين إلى مصر، وكذلك إضافة الأطفال إلى جوازات الأم أو الأب لمن لا يحملون جوازات من الأطفال السودانيين العابرين مع ذويهم.
وتطالب مصر بوقف القتال بين الطرفين فورا واللجوء إلى التفاوض السلمى لحل الأزمة السودانية الحالية فى أقرب وقت ممكن، مع تأكيد على مواصلتها تقديم الدعم الإنسانى للسودانيين الفارين إلى مصر بكل إمكاناتها.