https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

د. مجدي العفيفي يقذف بكلماته «في عين الشمس»..الإرهاب صناعة أمريكية أوروبية

951

«ماذا يجري في منطقة الشرق الأوسط، المقدر عليها أن تظل مشتعلة، كلما هدأت نار فيها، اشتعل جحيم؟ كل ساعة هي في شأن، ترقب وتوتر وانتظار ما يجيء وما لا يجيء، واستنفار مشروع وهذا قليل، وغير مشروع وهذا كثير، هل الشرق الأوسط صار «الشر … الأوسط»؟ مع أنه مهبط الدين والحضارات والثقافات إلى آخر مفردات هذه العائلة التي سئمنا من التشدق بها نفاقا واسترزاقا وليس استثمارا لدعم الحاضر!».

ياسر حسني

عندما تقرأ الكلمات السابقة سيتبادر إلى ذهنك بالتأكيد أن كاتبها سيتحدث عن الوضع المشتعل، حاليا، فى ليبيا والسودان وغيرهما من دول المنطقة، وسيكشف تلك الأيادي الخفية التي تعبث بأمن واستقرار الشرق الأوسط، دافعة بعملائها لإشعال المشهد كلما حدث تقدم فى الملفات الأمنية أو السياسية فى المنطقة، مثلما نشاهد فى تونس، على سبيل المثال، التي كلما اتجهت للاستقرار السياسي سارعت جماعة الإخوان الإرهابية بالبحث عن أزمة جديدة يحاولون دفع البلاد إليها.

ولكن فى الحقيقة تلك الكلمات، جاءت فى مقال سابق، للكاتب الصحفي، الدكتور مجدي العفيفي، رئيس تحرير أخبار الأدب السابق، والذي عمل فى بلاط صاحبة الجلالة لأكثر من 50 عامًا، داخل مصر وخارجها، بدأها فى مؤسسة أخبار اليوم العريقة وتتلمذ على يد عمالقة فى عالم الصحافة والفكر منهم الكاتب الكبير «وجيه

أبو ذكري» والكاتبة الكبيرة «حسن شاه»..

نُشر هذا المقال منذ سنوات عدة، كان يتحدث فيه الكاتب عن الشرق الأوسط بأزماته حينها، وهذا ما يميز قلم د. مجدي العفيفي، إنه يقتحم مجالات شائكة وغير مسبوقة فى الفكر والسياسة ليشرح بكلماته الظاهرة التي يتحدث عنها، فتصبح الكلمات صالحة لأي زمان تتجدد فيه الظاهرة مرة أخرى.

ولهذا استجاب د. العفيفي لاقتراح البعض بجمع مقالاته فى كتاب، حتى يتيحها للأجيال الجديدة من القراء والصحفيين والباحثين، فصدرت بالفعل فى كتاب بعنوان «فى عين الشمس.. صفحات من السياسة والثقافة والإعلام» وأصابت كلماته بالفعل «عين الشمس»..

«شمس المعرفة» لما تضمنته من حقائق ومعلومات تكشفت لقارئ تلك المقالات.. و«شمس الحقيقة» لأن كلماته كشفت ما يدور فى الغرف المغلقة من مؤامرات ودسائس ضد أمتنا العربية وشعوب الشرق الأوسط.. و«شمس الحرية» إذ جاءت كلماته تعبر عن حرية الرأي والفكر ولكنها «الحرية المسئولة» التي تنتقد دون الدفع بالقارئ إلى أتون الفوضى.. وشموس أخرى من الثقافة والعلم والفكر والصحافة، تشع بنورها بين أسطر هذا الكتاب، الصادر عن منارة الفكر والثقافة فى مصر والعالم العربي، مؤسسة دار المعارف.

الكتاب هو الإصدار السادس عشر على رفوف المكتبة العربية للدكتور مجدي العفيفي ويقع فى 320 صفحة، تتضمن مجموعة من القضايا المسكوت عنها، يطرحها مؤلف الكتاب كدعوة للتفكير وكسر «تابوهات» التقليد والتبعية الفكرية، عبر 9 فصول موزعة على 51 مقالا، أو قل أطروحات تنير العقل كالشمس، مثلما ألمح المؤلف فى إهداء الكتاب: «إلى الشمس.. التي ستكسر القانون يوما وتشرق غربا.. لتعلن النهاية.. لا شيء يبقى للأبد».

استراتيجية إلهاء الشعوب

من أقوى فصول الكتاب، وأكثرها خطورة، الفصل الرابع الذي يفند فيه د. مجدي العفيفي، معالم استراتيجية إلهاء الشعوب، والتي يتم تطبيقها فى منطقتنا العربية والشرق الأوسط منذ عقود، وستظل تلك الاستراتيجية التآمرية مستمرة ما لم تجد بين أوطاننا من يردعها، فـ «من لها؟»!!

يستند المؤلف فى كشف معالم استراتيجية إلهاء الشعوب، إلى «وثيقة سريّة للغاية» يعود تاريخها إلى مايو 1979 وتم العثور عليها عام 1986 وتحمل عنوان: «الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة» وهي عبارة عن كتيب أو دليل، للتحكم فى البشر والسيطرة على المجتمعات. هذا الدليل «السري»، يقع فى

 38 صفحة فقط، ويشكل 40 عنصرا للتحكم والسيطرة والهيمنة والطاغوتية!!

إنها «استراتيجية إلهاء الشعوب» التي تعتمدها دوائر النفوذ فى العالم، للتلاعب بالجموع، وتوجيه سلوكهم والسيطرة على أفعالهم وتفكيرهم فى مختلف بلدان العالم، إنها ثقافة الإلهاء، التي تبثها «الحكومة الخفية» لتحكم العالم حكما حقيقيا وسريا، وتتحكم فيه بلا هوادة، ولا مفر من سطوتها، فحتى لو قررت الهرب من سيطرة تلك «الحكومة الخفية» على كوكب الأرض، وفرت منها إلى كوكب آخر، تعيش فيه، فستكون هذه الحكومة الخفية فى استقبالك أيضا، بالورود والدم والحديد والدموع، وأشياء أخرى..!.

ومن «إلهاء الشعوب» إلى مخططات «فن اغتصاب العقول» تتواصل المؤامرة، فإذا أُغتُصب العقل سقطت بقية الأعضاء، لتتجاوز فى تلك «النظرية التآمرية» لعبة الاغتصاب من المعنى الفردي والأخلاقي الضيق إلى الشعوب والجماعات والدول، وفي كافة المسارات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية وغيرها.

ويكتمل مثلث «السيطرة على الشعوب والدول»، كما يوضح المؤلف فى المقال الثالث بهذا الفصل، باستعراضه ظاهرة «المكارثية» كلعنة سياسية مستمرة، تجاوزت إطارها القُطري الأمريكي، وتحولت إلى «فكرة» تجوب العالم، بعد أن دمرت ليس فقط المجتمع الأمريكي فى منتصف القرن الماضي، بل الكثير من دول العالم، ولاتزال تواصل تدميرها لدول أخرى لم تنتبه شعوبها لما يحاك لها من مؤامرات..

لقد صارت «المكارثية» هي فن صناعة الخوف والخطر، ماكينات من الشائعات، التزوير والتخفي، التلفيق والشك، التشهير والغوغائية، فأصبح هناك أشخاص ومؤسسات، يلقون بالاتهامات جزافا لكل من يخالفهم الرأي والرؤية، ولا يتورعون عن بث سمومهم وشائعاتهم فى كل زمان ومكان، حتى يسقطون الدول والشعوب التي يستهدفونها.

الإرهاب صنع فى أمريكا وأوروبا

وبكل شجاعة، يفرد د. مجدي العفيفي، الفصل السادس للحديث عن الإرهاب الأمريكي الصادر من «البيت الأسود» كاشفا معنى سلامهم الوطني الملغم بالصواريخ..

ويتحدث عن عودة (هولاكو)، أحد أشهر السفاحين فى تاريخ السياسة فى العالم، ذلك الحاكم المغولي الذي أباد الملايين دون أن يطرف له جفن، ولكن «هولاكو» العائد فى عصرنا الحالي ليس منغوليا، إنما أمريكي، ويقصد به المؤلف «الرئيس الأمريكي ترامب وحكومته» مشيرا إلى أن الإرهاب «صنع فى أمريكا وأوروبا»، ويستمد وجوده من أجهزتهم المخابراتية وحكوماتهم..

ويلقي د. العفيفي، القفاز فى وجه مستشار الرئيس الأمريكي الأهوج ترامب، الذي أعلن بكل وقاحة «أن الإسلام سرطان يجب استئصاله، فرد عليه الكاتب: «بل أنتم السرطان أيها الرئيس» ورجمه بأكثر من حجر سياسي وصحفي، فجاءت كلمات المقال لترصد «الحروب الصليبية الجديدة فى ثوبها الأمريكي».

ولأن ترامب ليس وحده الراعي للإرهاب الأمريكي والعداوة الغربية ضد الإسلام، حرص المؤلف على فضح وزيرة الخارجية غير المأسوف عليها «كونداليزا رايز» وعدائها الصريح لكل ما هو عربي أو إسلامي، ووصفها بأنها «حمالة الحطب الأمريكية» وأنها لا تزال تتكرر فى كل وزيرة وسفيرة، مثلما نزع قناع سفيرة أمريكا فى الأمم المتحدة «المتعجرفة»، تحت عنوان «وقاحة السفيرة ذات الكعب العالي».

فحيح الأفعى الصهيونية

ولأن الكيان الصهيوني تابع ذليل لأسيادهم فى البيت الأبيض، وسرطانهم الخبيث الذي زرعوه فى منطقتنا العربية، فقد أفرد المؤلف الفصل السابع، لإظهار فحيح الأفعى الصهيونية، بعناوين مسكونة بالغواية، وتفضح مخططات الكيان الصهيوني، وأسلحته «الناعمة» ضد الشباب العربي، مثل: «التوظيف الصهيوني العسكري للآداب والفنون!».. «ويرضعون أولادهم كل هذه الكراهية ضدنا».. «شعب الله المختار للعذاب.. ولأشياء أخرى».. و«ذباب صهيوني يطن فى الفضائيات العربية».

المنطقة العربية.. «حلبة لصراع الفيلة»

ربما كانت الفصول الثلاثة التي استعرضناها، هي أخطر ما تضمنته صفحات كتاب «في عين الشمس»، ولكن بالتأكيد فصوله الأخرى لا تقل عنها أهمية، بل إن هناك رابطا خفيا بين كل الفصول وبعضها وإن اختلفت الزاوية التي يسلط كل فصل الضوء عليها.. فجميع ما تضمنه الكتاب من مقالات يسبح فى فلك «فتح القضايا المسكوت عنها وكسر تابوهات الصمت عما يحاك لنا من مؤامرات نسقط فيها دون أن ندري لتظل منطقتنا على مدار أكثر من 100 عام فى أتون مشتعل لم تخرج منه حتى الآن»، وتحولت إلى «حلبة لصراع الأفيلة» الطامعين فى ثرواتها.

وكما كانت الفصول الرابع والسادس والسابع هي ذروة الحدث، وتخترق بصراحة وقوة معقل حكومة العالم الخفية وتكشف مؤامراتها ومخططاتها، كان الفصل الأول بمثابة التمهيد للوصول لتلك الذروة.

التوهان فى زمن الاستعارة

يطرح الكاتب فى الفصل الأول 9 أفكار تمهيدية تعكس أبعاد المؤامرة فى الداخل والخارج، يبدؤها بسؤال استنكاري «أنا أفكر! إذن أنا كافر؟» وانهالت إجاباته عن هذا التساؤل الاستنكاري بتدوينات قصيرة وسريعة عن زمن تكفير الآخر الذي بتنا نعيش فيه!

ثم يتحدث الكاتب عن مظاهر ما يسميه لعنة أفعل التفضيل فى السياسة والفقه والاقتصاد والآداب والفنون، ويدعو إلى الأخذ بقاعدة (أنا وأنت وليس أنا «أم» أنت) ليتخلص المجتمع من مرض عضال يعاني منه.

وعن القانون الذي ينبغي أن يكون مثل الموت لا يستثنى منه أحد، يتحدث د. مجدي العفيفي، عن تمثال العدالة فى مجمع المحاكم سيدتي.. فى مقال حمل عنوان «كوني معصوبة العينين دائما»، ويكشف فى مقال آخر عن الكثير مما يدور فى الغرف السياسية المغلقة، فما يجري فيها لاعلاقة له بما يدور فى الخارج.

ثم يعرج ليرثى حال المنطقة العربية التي أصبحت «حلبة لصراع الفيلة»، للسيطرة على جغرافيتها وثرواتها، مناشدًا ألا نظل للأبد نستحضر المثل الهندي: «عندما تتصارع الفيلة يدفع العشب الثمن» والعشب هو الشعوب المسكينة، والتي تُسحق تحت أقدام الفيلة، بل يجب أن نتدارك الأمور سريعا وإلا سوف نكون فى مأزق أكبر، وما قد يصحبه من نتائج وخيمة وأليمة..

ويثير الكاتب، فى هذا الفصل، أكثر من سؤال: أكان لا بد أن يحدث ما حدث لنا على مدى المائة عام الأخيرة فى مشوارنا العربي ومشروعنا القومي؟! أكان لا بد أن يموت نصفنا، وتذبل شجرة أملنا، ويذوي طموحنا، ويتجمد حلمنا، فنسقط فى جُب مرصود لا قرار له، ويلبث فى كهف موصود؟..

ثم يطلق المؤلف صرخة من إساءة استخدام «استراتيجية تغيير الجياد وهي تصهل وتعدو ضبحا، وتحمحم بلا هوادة»، فنحن نغير الجواد الخطأ فى الوقت الخطأ، إنما وضعت هذه الاستراتيجية ليستكمل كل جواد مسيرة الجواد الذي سبقه بعدما أصابه الإرهاق والوهن من الركض فى الطريق نحو الهدف، لذا لا بد أن يكون للتغيير سبب وهدف وإلا كان مجرد عبث!

سقوط الأصنام السياسية

فى الفصل الثاني، والذي حمل عنوان (لا يزالون يعبدون الأصنام السياسية)، ينعي الدكتور مجدي العفيفي من يوهمون الناس بأنهم «مشايخ الطرق السياسية»، قائلًا: (ها هم مشايخ الطرق السياسية، أنعيهم – وسأظل أنعيهم – إنهم يرفعون «البيارق» المزركشة، ويثرثرون، ويلوحون بالأوهام، لا تعثر فى خطابهم علي رؤية واضحة، أو جملة مفيدة، أو معني محدد، أو فكرة مضيئة، يستدعون لغة سياسية بائدة، خاوية علي عروشها، وأمها هاوية، يبحثون عن زعامات وهمية، يتحجرون فى كهوف المصطلحات الزئبقية، والتعبيرات المسكوكة ينفثونها علي صفحات الصحف والفضائيات، عاشوا منذ سنوات – ولا يزالون – على أوجاع الناس وهموم المجتمع، ويريدون الاستمرار والابتزاز والاهتزاز بخطاب عتيق مفرغ».

وينتزع الكاتب أقنعة هؤلاء الباحثين عن زعامات رخيصة، وعن النجومية فى السياسة، والإعلام، والثقافة، والمجتمع، والناس، والباحثين عن الزعامة السياسية، والساعين إلى الشهرة الزاعقة والمجد الوهمي، والمشتقين إلى المناصب العامة، والراكضين نحو اعتلاء القمم، وبلا مؤهلات علمية ولا تأهيلات عملية.

وتحت عنوان «لكن بطشي أشد من بطش الله»، يستلهم الكاتب مقولة علي بن أبي طالب: «إن بطش الله شديد لكن بطشي أشد من بطش الله، لأن فى بطش الله تعالى رحمة، أما بطش الإنسان بأخيه الانسان فلا رحمة فيه، ولا هوادة»، ليستنكر «العفيفي» الحال الذي وصلنا إليه متسائلًا: «ما بال البطش بأنفسنا، صار العنوان الأكبر فى الصفحة الأولى من جريدة تعاملاتنا، وعلاقاتنا، ومعاملاتنا، ومرجعيتنا العرفية والمعرفية والأخلاقية والجمالية؟. أين ثقافة التسامح، ثقافة الحب، ثقافة المحبة، ثقافة الحوار، ثقافة الرحمة، وثقافة الثقة، ثقافة السلام؟! وإن تعجب فعجب أن أصبحنا نقرأ ونسمع عن ثقافة اللصوص، ثقافة السرقة، ثقافة الإجرام، ثقافة الأنانية، ثقافة المذهبية».

وفى مقاله الصادم والذى حمل عنوان («جِــزُّه…» صرخة من نداهة الدم!).. يتساءل الكاتب: لماذا لا يزال بيننا من يمثلون الظاهرة العالمية التي تبيد أية أمة، وهي «الفرعونية والهامانية والقارونية» بأبعادها الثلاثة، الأول: الفرعونية نسبة إلى السلطة أي سلطة، والثاني: الهامانية نسبة إلى فقهاء السلطان» ثم البعد الثالث: القارونية وهم رجال المال والاقتصاد، وينتشر مرتكبو هذه الظاهرة فى مشارق الأرض ومغاربها؟

ولماذا لا يزال بيننا «أبوجهل» و«أبو لهب»، وغيرهما ممن يرمزون إلى زعماء العشائر والقبائل العصرية ولايبالون بالقنابل المسيلة لكبرياء النفوس الأبية، ولماذا لا يزال بيننا «الحجًّاج» الذي يظن أيضا، أنه يرى رءوسنا قد أينعت وحان قطافها، ويرتدي العمامة حتى نعرفه لأنه «ابن جلا وطلاع الثنايا»؟ ولماذا لا يزال فينا خلفاء القصور وما يجري فى دهاليزها وأقبيتها من فتن وصراعات وقتل وتقتيل وسفك دماء ومحارم؟.

سيمفونية من «نزف» منفرد

ويصحبنا الدكتور العفيفي فى الفصل الثالث مع («نزف» منفرد على وتر مقطوع) يعزفه الكاتب فى ست مقالات، تحمل أوجاعا إنسانية وحياتية، وعن تلك «الرحلة القصيرة» لذا لا بد أن نتذكر ذلك فى تصرفاتنا اليومية وسلوكياتنا الحياتية، ويعزف على لحن «البرَكة الخفية فى المرحلة الملكية» أولئك الذين طال عمرهم من آبائنا وأجدادنا وأقاربنا فنسيناهم وانشغلنا عنهم، «فلم نبحث عن أشواقهم وعذوبتهم وعذاباتهم، فيما تبقى لهم من العمر، كثيرا ما يأنس القلب إليهم، ليستقطر رحيق تجاربهم، ويستدعي من رؤاهم ما يعين، ومن جدلياتهم مع الأيام الخالية ما يضيء اللحظة الراهنة، فى حياة الأجيال الجديدة، المتحركة على الساحة لا سيما الشباب»، ويستحضر الكاتب فى هذا السياق تلك الحكمة البالغة والبليغة: «أواه لوعرف الشباب.. وآه لو قدر المشيب»!.

ويسألونك عن العلماء

ومن الألم المجتمعي إلى الحسرة على العلم ورجاله، يقتحم الكاتب فى الفصل الخامس، ملف العلم والعلماء، فهم «أولياء الله.. مصلحون فعلا، خاصة أنهم فى صمت يعملون، يبحثون، يكتشفون، يكشفون، يختبرون تجاربهم، صامدون فى معاملهم، صامتون فى مختبراتهم، يبدعون ويخدمون الإنسانية.. ويصلحون فى الكون، بصورة أو بأخرى»، إنهم العلماء وأهل العلم الذين يفيدون البشرية، وقد صدقت فيهم الحكمة الإنسانية:«مات خَزنة الأموال وهم أحياء، وعاش خـُزَّان العلم وهم أموات». ثم ينتزع الأقنعة من وجوه الذين يمثلون مسرحية كورونا العالمية الذين غافلوا العالم ونهبوا أمواله لا سيما الشعوب الفقيرة.

العصمة فى يد الثقافة

ويتخذ الفصل الثامن من شعار الكاتب «العصمة فى يد الثقافة»، فيكشف بالأدلة الساطعة شركات توظيف اللوحات الفنية والمدارس التشكيلية التي تثير القبح فى الوجدان العالمي، وفى السياق الثقافى سرد الكاتب حكاية الكتاب الثلاثة الكبار يوسف السباعي وأنيس منصور وإحسان عبد القدوس عندما اعتزموا الانتحار الجماعي فى لبنان: «نستاهل الحرق فى جهنم!».

أما المشهد الجريء فى هذا الفصل، فيتمثل فى 15 حالة صارخة لانكشارية الثقافة بعنوان (وأصبح للثقافة «تجار شنطة») مستعينا بالمشاهدة الفؤادية والعينية، كاسرا أكذوبة كل من يدعي «أنا المثقف الوحيد والأوحد!!».

إنها «أضغاث إعـلام»

ويختتم د. مجدي العفيفي فى الفصل التاسع بتجلياته الأربعة، كلماته التي يطلقها «فى عين الشمس».. حيث يصف الإعلام، بأنه «أضغاث إعـلام» وليس بإعلام نتيجة العبث والذي يتغشى القائمون عليه خاصة فى عالم الصورة، ويرفض بقوة استخدام البعض مسمى (إعلامي) باعتباره مسمى مخادعا مغرضا وهميا (إعـلامي «بأمارة إيه»؟ ومن ثم يتساءل فى دهشة وحسرة (وأين عشاقك يا «صاحبة الجلالة»؟).