الرئيسية سياسة الصفقة الأفضل تركيا تحقق حزمة مكاسب من الموافقة على عضوية السويد بالناتو
سياسةشئون دولية
الصفقة الأفضل تركيا تحقق حزمة مكاسب من الموافقة على عضوية السويد بالناتو
By amrيوليو 24, 2023, 14:53 م
1023
الموافقة على إرسال طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى تركيا، ووقف السويد دعم المنظّمات التى تصنّفها تركيا إرهابية، وتجديد اتفاقية الاتحاد الجمركى بين تركيا والاتحاد الأوروبى، إضافة إلى السماح للأتراك بالسفر إلى دول الاتحاد الأوروبى من دون تأشيرة، وعود خرج بها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عقب إعطائه الضوء الأخضر للسويد للانضمام إلى حلف الأطلسى، حيث استغل أردوغان هذه الورقة لفتح كل ملفات بلاده العالقة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
هبة مظهر
جاء على رأس هذه الملفات إعادة مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى، وهو ما أثار تساؤلات المعلقين حول تحركات أردوغان وإذا كان قد حول نظره من جديد تجاه الغرب، خاصة أن ذلك يتزامن مع التوتر مع روسيا التى علق مسئولوها بأن على تركيا ألا تتوهم بأنه سيسمح لها ذات يوم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، وهو ما ذكره محللون أيضا من أن أردوغان يعلم أن عضوية بلاده فى الاتحاد الأوروبى بعيدة المنال لكنه يريد ترتيبات تجارية أوثق مع التكتل.
ونشرت صحيفة «بوليتكو» الأمريكية فى نسختها الأوروبية، مقالا كتبه جيمى ديتمر، قال فيه إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان هو «أستاذ المساومة فى السياسة العالمية»، فقبل رحلته إلى ليتوانيا قال الرئيس التركى “يجب ألا يتوقع أحد منى تنازلات أو تفاهمات”.
وأشار ديتمر إلى أن هذا الموقف ليس صحيحا، فلم يكن لدى أردوغان أى نية للوقوف أمام عضوية السويد، لكنه كان يبحث عن الصفقة الأفضل، موضحا أن تركيا عضو فى أهم حلف عسكرى فى العالم، وكان الأتراك راغبين مبدئيا بتوسيع الحلف، لكن أردوغان، حسب الكاتب، كان يلعب لعبة تقوم على فكرة أنه سيسمح للسويد فى النهاية بالدخول، إلا أنه كان يرغب فى زيادة خياراته الجيدة والحصول على التنازلات، ومن بين التنازلات شراء 40 طائرة إف-16 ومعدات لتحديث الطائرات التى تملكها تركيا.
وأضاف ديتمر أنه فى الوقت الذى نفى فيه مستشار الأمن القومى جيك سوليفان أى رابطة بين الدعم التركى للسويد وصفقة إف-16، فإن أى محقق جيد يعرف أن المصادفة نادرة، مشيرا إلى أنه طالما عارض المشرعون الأمريكيون الصفقة لتركيا لكنهم تعرضوا لضغوط من إدارة بايدن فى الأسبوعين الماضيين لكى يتخلوا عن معارضتهم، حيث ازدادت الجهود مع قرب القمة.
وكانت تركيا تعول على روسيا للحصول على المقاتلات، لكن اندلاع الحرب والعقوبات التى ترتبت عليها، قد أدت إلى إجهاض الصفقة، ما دفع تركيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية للظفر بالإف- 16.
وحسب الأكاديمى التركى إيمرى أوسلو، استطاع الزعيم التركى تحقيق تنازلات أبعد من المقاتلات، فالدول الغربية ستقوم برفع العقوبات التى فرضت على أنقرة عام 2019، وكانت هذه العقوبات ردا على شراء أنقرة نظام إس-400 الدفاعى الصاروخى من روسيا والتوغل التركى فى شمال- شرق سوريا.
فى نفس السياق، اعتبرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية أن أردوغان قد انتصر وكتبت «وافق الرئيس التركى على عضوية السويد فى الناتو لأنه يرى الآن فى ذلك مزايا تخدم مصالحه. أردوغان لا يتوارى عن استعمال كل أدوات الضغط التى يملكها». وأضافت الصحيفة أن مطالب أردوغان لا تقتصر فقط على حزب العمال الكردستانى وحركة جول، وإنما تتعداها إلى مجالات أخرى، فليس من قبيل الصدفة أن يحصل أردوغان قبل قمة الناتو على وعد من الرئيس الأمريكى جو بايدن ببيع بلاده طائرات إف- 16 فى وقت تسعى فيه أنقرة لتحديث أسطولها الجوى.
من جانبها، قالت إيفرين بلطة، أستاذة العلاقات الدولية فى جامعة أوزيين فى إسطنبول، «تريد تركيا أن يلعب الاتحاد الأوروبى دورا فى التعافى الاقتصادى.. «دعونا نعيد الحيوية للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبى» هى طريقة غير مباشرة لقول هذا».
أما موقع «ستراتفور» فيرى أن قرار اللحظة الأخيرة الذى اتخذته تركيا بدعم انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسى (الناتو) يعكس توازن أنقرة بين الشرق والغرب، ويبدو أنه كان مدفوعا برغبتها فى الحصول على مساعدات اقتصادية ودفاعية غربية.
وأضاف الموقع- وهو مركز دراسات استراتيجى وأمنى أمريكى- أن تركيا تسعى إلى تحسين علاقاتها مع الغرب على أمل جذب الاستثمار الأجنبى الذى تشتد الحاجة إليه لإنعاش اقتصادها.
وألمح إلى أنه فى السنوات الأخيرة تباطأت تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا بسبب عدم اليقين جزئيا بشأن ما إذا كان الرئيس رجب طيب أردوغان يريد تعميق علاقات بلاده مع الغرب أو تجنبها مقابل علاقات أفضل مع روسيا والصين.
وأردف بأن تركيا بحاجة ماسة إلى العملة الصعبة والاستثمار للتخفيف من أزمتها الاقتصادية المستمرة، وهو أمر يعتبر بأن شركاءها الأوروبيين أفضل استعدادا لتقديمه من شركائها الشرقيين الذين يعانون من ضائقة العقوبات، مثل روسيا.
كما يمكن للعلاقات الأكثر ودية مع الغرب أن تُمكّن تركيا من الحصول على تنازلات بشأن قضايا الأمن القومى، بما فى ذلك إضعاف بعض عمليات حظر الأسلحة الحالية التى يفرضها شركاؤها الأوروبيون.
وعن علاقة تركيا بموسكو، فيقول غالب دالاى من مركز الأبحاث البريطانى تشاتام هاوس «كان هناك تصور فى السنوات الماضية بأن العلاقات التركية الروسية ذهبت إلى مستوى بعيد للغاية، لكن هذه التحركات الأخيرة من قبل أردوغان تشير إلى إعادة توازن واضحة».
وأضاف دالاى أن أحد الدوافع الرئيسية هو محاولة تركيا الخروج من ركودها الاقتصادى وتحفيز الاستثمار الأجنبى، مشيرا إلى أن العلاقات المتوترة مع الغرب أضعفت الاقتصاد وتدفقات الاستثمار.
وأوضح أن تركيا بدأت فى جذب الاستثمارات الخليجية العربية لكن هناك حاجة للمزيد.
وأضاف دالاى «لا تريد تركيا أن تتضرر علاقاتها مع روسيا، لكن هذا سيكون له تأثير حتمى على العلاقات. ويشعر أردوغان بعد الانتخابات بأن لديه مساحة أكبر للمناورة».
فى السياق ذاته، أشارت الكاتبة هاندا فرات فى مقال بصحيفة «حرييت» التركية، إلى أن التصور الذى تجرى محاولة خلقه أن «تركيا تدير ظهرها لروسيا وتحول اتجاهها بالكامل إلى الغرب» ليس صحيحا، مؤكدة أن أنقرة ستواصل الحفاظ على سياستها القائمة على التوازن كقوة دولية وإقليمية.