رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

قسوة الغربة تمثل لهم نزهة

215

إذا تحول الوطن إلى ساحة حرب بيد فاعل، وأصبح أبناء الوطن وقودا للحرب، لابد أن تستحيل الحياة تحت سمائه، وتكون الكارثة أكبر حينما تهاجم جيوش العدو شعبا أعزل، وتسلب أرضه، وتجبر أبناءه على ترك ديارهم، وتطردهم خارج الحدود، ولا يعلم اللاجئ وقت عودته إلى الديار، ولا سبيل له سوى الاستسلام للعيش فى مخيمات بالية على الحدود، لا تقيه من قسوة البرد، ولا تستر له عورة، تهب الرياح على المخيمات، تملأ العيون والأنوف والأفواه بالأتربة واللاجئ يعتصر ألما كل يوم، كلما عاودته ذكرى عودته إلى بيته وأولاده يستقبلونه بالصياح، ووجوههم تعلوها ابتسامة الأمان.

ومهما كانت مرارة الإحساس بالغربة، فلا تضاهى العيش كلاجئ، وآلام الغربة يكابدها صاحبها بكامل إرادته، وقرار ترحاله بعيدًا عن الوطن برغبة منه، وسعيًا لكسب منفعة شخصية، واللاجئ أمامه أمرين أحلاهما مر، إما البقاء فى الوطن انتظارًا للموت فى أى لحظة أو الفرار بنفسه وما تبقى من أسرته وعشيرته إلى المجهول، وقد يكون هو الموت، ويسجل لاجئو فلسطين كأقدم لاجئين فى العالم، ويبلغ عددهم نحو 7 ملايين فلسطينى، وتحظر إسرائيل عليهم حق العودة، وقد صدرت لهم عدة قرارات دولية بحق عودتهم إلى وطنهم فلسطين.

تمر اليمن وسوريا الآن بهدوء حذر، يسكن أغلب أهل البلدين فى العراء، وأطفالهما يموتون بالمئات جوعًا، أو من جراء نقص الدواء واللاجئين منهم لا ينقطع عنهم حلم العودة إلى الديار مهما طال بهم الزمن، ولا يعزب عن أعينهم رؤية أوطانهم أن تصبح منارة لا تقل مستوى عن دول أوروبا وأمريكا بشرط أن يرفعوا أيديهم عن بلادهم، ولو استقر المقام لبعض اللاجئين فى دولة أوروبية، فلا تفارقهم مرارة اللجوء، ويعانى العديد منهم أزمات نفسية لصعوبة الاندماج مع هذه البيئة، بالإضافة إلى مشقة تعلم لغة البلد، وتكشف “فاريا بروشاركونا” الأخصائيـــة النفســـية الألمانية عن العذاب النفسى للاجئين السوريين نتيجة ذكرياتهم الأليمة التى لا تزال تطاردهم من آثار الدمار وموت ذويهم أمام أعينهم.

ورحلات الموت أو رحلات الهروب تكون على هيئة مجموعات، يصل عدد الفارين من أوطانهم حول العالم 70 مليون شخص، وأغلبهم من دول الشرق الأوسط ومن دول إفريقية، وتبلغ ذروة مرارة اللجوء لدى النساء والأطفال، ويمثل أكثرهم صيدًا ثمينًا لمافيا بيع الأعضاء والدعارة أو على أقل تقدير تخطف الأطفال عصابات مسلحة، وتقوم بتدريبهم على حمل السلاح.