أصبحت تكتيكات الحرب بالوكالة أسلوبًا قتاليًا فعالًا بديلاً عن التصادم المباشر بين جيوش الدول فى النزاعات الإقليمية والعالمية، فهى حرب تقوم بها جماعات
أو حركات أو دول لتحقيق أهداف تكتيكية أو استراتيجية لدول أخرى، وهذا النوع من الحروب يجنب بعض القوى الإقليمية أو العالمية الدخول فى صراع عسكرى مباشر بين الجيوش النظامية والتى تكون خسائرها باهظة لا يمكن تحجيمها أو إنهائها فى الوقت المناسب، وفكرة الحرب بالوكالة بدأت قديمًا جدًا حيث كانت هناك دويلات صغيرة بين الإمبراطوريات الكبيرة تعمل كدول حائلة بينهم لتجنب الصدام المباشر، ومن الأمثلة على ذلك وجود ممالك الغساسنة والمناذرة كقوة حائلة بين الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية وكانت تلك الممالك تتقاتل بالوكالة نيابة عن القوتين الأعظم فى ذلك الوقت.

أما فى العصر الحديث فقد وجدت أمثلة كثيرة عن الحرب بالوكالة بداية من الحرب الكورية شمالها وجنوبها، الشمال نيابة عن الاتحاد السوفيتى والجنوب نيابة عن أمريكا والغرب، ثم الحرب الفيتنامية على نفس غرار ما حدث فى الحرب الكورية ثم الحرب فى أفغانستان وهكذا، مرورًا بالحركات المسلحة المتقاتلة فى سوريا ولبنان واليمن والسودان وأخيرًا الصراع فى غزة، والذى يخبئ شبح الحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران التى تدعم حركة حماس وهى أقوى فصائل المقاومة الفلسطينية ولا يمكن إخفاء أصابع إيران متمثلة فى حزب الله اللبنانى وكذلك فى الهجمات التى تشنها الميليشيات الحوثية على سفن الملاحة فى البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وهى هجمات ظاهرها الضغط على إسرائيل وباطنها استهداف مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وإخراج دول الخليج والتى لا تريد اتساع دائرة الصراع الذى بالضرورة يؤثر سلبًا على حركة تصدير النفط وهو ما دعا الخليجيين إلى فتح قنوات تواصل أكثر عمقًا مع إيران بمباركة صينية روسية.

ويبدو أن تكتيكات الحرب بالوكالة ستكون أسلوبًا جديدًا يعتمد عليه فى تحقيق أهداف سريعة أو توطين نزاعات إقليمية بما فيها تغيير أنظمة الحكم بالانقلابات العسكرية المدعومة بقوى خارجية كما حدث فى كثير من الدول الإفريقية ولا يزال يحدث مع تغير اتجاهات وأولويات المصالح ومناطق النفوذ.