رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

حكاية أصغر حكاوتية مغربية آمال المزوري: هذه عادات أهل المغرب في شهر رمضان

689

حوار / شيماء مكاوي

الحكواتي مهنة تراثية قديمة وهو ذلك الشخص الذي يحكي للصغار والكبار حكايات الزمن الجميل بما تحمله من مبادئ وقيم وأخلاق.. وعلى الرغم من اندثار تلك المهنة مع انتشار التكنولوجيا الحديثة.. الا أن الحكواتية آمال المزوري رغم صغر عمرها قررت أن تعيد تلك المهنة مرة أخرى لغرس تاريخ وتراث وعادات وتقاليد الشعوب العربية والإسلامية خشية أن ننساها ولا يعرفها الجيل الجديد..

لماذا قررتِ أن تكون مهنتك «حكواتية»؟!

جدتى هى السبب الرئيسى الذى جعلنى أحب تلك المهنة فقد كانت صندوق الحكايات التى لا تنتهى فقد كنت أذهب إليها وأنا صغيرة وأصر على أبى وأمى أن أذهب إليها حتى أستمع إلى حكايتها التى لا تنتهي، فهى غرست بداخلى حب الحكاية الشعبية بكل ما تحمله من معانٍ وقيم، وخالى كان يأتى لى بالعديد من القصص والروايات لكى أقرأها وشجعنى ودعمنى كثيرا.

 «عمرك صغير على هذه المهنة» بالتأكيد العديد من الأشخاص قال لكِ تلك العبارة؟!

بالتأكيد لكن أنا أعتبر العمر ما هو إلا رقم والأهم هى الخبرات والتجارب الحياتية التى نمر بها، وجدتى هى جزء من البيئة التى ساهمت فى تكوينى والثقافة الشعبية سببها هى أيضا فقد كان بيت جدتى فى زقاق فى إحدى الحارات الشعبية وكان بيت جدتى يحوى العديد من القطع التراثية  مثل «الحيطي» والحيطى هو أحد القماش التراثى الذى يزين الحيطان، وكانت تحرص على عمل جلسات تجمع بها المقربين لها وتجلس لتحكى لهم أروع القصص، فهى بالنسبة لى شهرزاد وتفوقها بكثير.

 قلتِ إن «الخال» ساهم أيضًا فى تكوينك؟

نعم فقد كان حريصًا على أن يهدينى بأروع القصص وكان يعود لى بعدها ويقول لى احكى لى ما قرأته فى الكتاب، وكان يشجعنى كثيرا، ووقف بجانبى حتى أصبحت «حكواتية» ويقول لى دائما إنه فخور بما وصلت له.

 حدثينا عن أهمية مهنة الحكواتى فى العصر الحديث؟

الحكواتى له أهمية عظيمة فهو قادر على توصيل المعلومة بمنتهى السهولة ويعلم الأطفال والجيل الجديد أهمية الثقافة والتراث والتاريخ حتى لا ننسى  تلك المبادئ والقيم حتى مع ظهور أحدث التكنولوجيا، فالحكاية الشعبية هى ثروة ثقافية عظيمة ويجب على الأطفال أن يتعرفوا عليها ويعرفون قيمتها من خلال القصص المشوقة للأطفال وجمعت بين التراث الشعبى القديم والإبداع الفنى المعاصر الحديث، حتى تكون القصص على مستوى عقل الطفل فى الوقت الراهن، فأعزز التفكير الابداعى للطفل من خلال هذا النوع من الأدب بأسلوب حديث وجذاب يناسب عقله وفكره.

 احكى لى كيف يكون رمضان عند أهل المغرب؟

تبدأ الاحتفالات منذ النّصف من شعبان بحيث يتم الاحتفال بليالى الذّكر والسّماع وتنظيم حفلات صوفية سواء للرّجال أو للنّساء على حد سواء، كتمهيد لاستقبال الشّهر الفضيل، كما تتم صباغة وتنظيف الأزقة والحوارى بالجير الأبيض بمبادرة من الأهالى والسّكان وإعادة ترتيبات البيوتات خصوصا الصّالونات لاستقبال الضّيوف ولمٍّ شمل العائلة على مائدة الإفطار، كما يتم شراء ملابس تقليدية جديدة تخص الرّجال والنّساء والأطفال تختلف فى الأثواب والألوان والخياطة للتّزين بها اثناء الذّهاب للمسجد.

 فى انتظار حلول هلال رمضان وما إن يَهلُّ هلاله إلا ويرافقه رجل فى معظم الصّوامع يحمل مزمارا (الغيطة) ينذر بظهور الهلال وحلول رمضان المبارك.

 وتحرص كل الأمهات على أن ترافقهن بناتهن فى المطابخ من أجل الأكلة المفضلة والأساسية بحيث لا تخلو كل البيوت ولا تستقيم المائدة إلا بوجود شوربة الحريرة، والتى تبدأ طقوس تحضيرها وإعدادها منذ أولى ساعات الصّباح، حيث يتم تحضير حمص منقوع، وبصل مفروم، وطماطم بعد الطّحن، الكرفس، والبقدونس والكزبرة بعد فرمها.

 ثم تضاف إليها التّوابل وقليل من الملح ثم قطعة من السّمن البلدي، ولحم، لتترك لتغلى بالقدر وتطبخ بهدوء طيلة اليوم. ثم يُغطى القدر بصحن مقعر ويُسخّن ماؤه بفعل البُخار المتصاعد، فيُسكب رويدا رويدا بالقدر.

وما إن يُرفع الأذان لصلاة العصر، حتى يكون فوحان القدر قد تسرَّب إلى الأنف، يراود الصّائمين عبر نوافذ المطابخ.

حتى إذا دنا موعد أذان المغرب، أضيف الدّقيق بعد أن خُلِط بالماء، ثم بعضا من الطماطم المعلبة لتختم بإضافة عجائن رقيقة. لتكون سيّدة الموائد يرافقها عادة حلويات مثل الشْبّاكِيَة بكل أنواعها وسْلُو اللذّان يتم إعدادهما بكمية وافرة تكفى للشّهر بأكمله قبل رمضان بعدّة أيام لأنّهما يتطلبان وقتا وجهدا وغالبا، تجتمع كل النّسوة من أجل ذلك، وبعض من الفطائر والمعجنات مثل البغرير والمسمن والبطبوط والحرشة والتى يتم إعدادها بشكل يومي، إضافة بطبيعة الحال إلى التمر والبيض والحليب والعصائر، وصينية شاى مُنعنع، ليتِمَّ الإفطار على أذان صلاة المغرب وطلقات المدفع.

 بعدها يقصد الرّجال المسجد لصلاة العشاء والتراويح وقراءة ما تيسر من القرآن،  وهناك عادة أيضًا إعداد طبق فى الفرن للسمك اختص به الرجال دون النساء ولذته لا تقاوم، بعدها يمارسون الرجال بعض الألعاب الشعبية كلعبة الورق او الدومينو والأطفال بعض أهازيج الشعبية فى انتظار المسحراتى وهما رجلان، الأول بخطاه السريعة يصيح فى الأحياء منذرا باقتراب السحور والثانى بعده يحمل طبلا يسمع من بعيد، ولا ننسى كذلك الاحتفال بيوم ليلة القدر والتى غالبا يكون الاحتفال بها للأطفال الذين يصومون أول يوم لهم خصوصا البنات حيث يقام لهن هودج وتوثيق بالصور وهدايا، ولا يستثنى الصغار منهم من يصومون نصف يوم كذلك.

 كيف تستطيعين جذب انتباهه الأطفال للحكاية الشعبية؟

أحكى لهم القصص بصورة شيقة وممتعة وأتعمد أن يرافقنى أثناء الحكى بعض الموسيقى الشعبية أيضًا والتراثية، لربط الموسيقى التراثية بالحكاية أيضا وتصبح الفائدة اثنين، كما أن الطفل يشعر بالاستمتاع بصورة أكبر بكثير فى وجود الموسيقى، أما ورش العمل فهى مفيدة فى أن أجعلهم هم بأنفسهم يحكون تلك القصص ويكررونها مع بعضهم البعض.

 ما أحلامك التى تتمنين الوصول لها؟

أتمنى أن أعيد هذا الأدب وهذه الثقافة مرة أخرى لتسود العالم بأكمله وأن تكون ثقافتنا فى تراثنا وتاريخنا الذى نحيى به ونغرسه بداخل وجداننا.