صالون الرأينجوم وفنون
حلمي.. ملك الدراما النفسية!
By amrيوليو 21, 2024, 14:32 م
848
فى الوقت الذى ساهم فيه معظم نجوم الكوميديا فى الترويج للصورة المغلوطة عن المريض النفسي، وتقديم العديد من الأعمال التى تقدمه على أنه شخص «مجنون» ومنبوذ، كما شاهدنا فى أعمال الفنانين إسماعيل ياسين وفؤاد المهندس ومحمد سعد، حرص الفنان أحمد حلمى على السباحة ضد التيار وتقديم أعمال فنية راقية تتعامل مع المريض النفسى بواقعية واحترام.
و«حلمى»، هو أحد الممثلين الكوميديين القلائل الذين أولوا البُعد النفسى اهتمامًا خاصًا، واستطاعوا أن يجسدوه فى العديد من الأفلام، مثل: «آسف على الإزعاج»، و«1000 مبروك» و«على جثتى»، وتعد هذه الأفلام إضافة حقيقية إلى السينما الجديدة، فهى ترصد علاقة الشخص المصاب نفسيًا بالآخرين فى أطوار استثنائية، من خلال الوقوف عند الحالة النفسية ومراقبة هواجسها وأوهامها ومزاعمها وأحلامها.
فى فيلمى «1000 مبروك» و«على جثتى»، يسيطر البُعد النفسى وهاجس الموت على الشخصية الرئيسية التى يسكنها إحساس بالتقصير تجاه الآخرين، وتسعى إلى عمل أى شيء إيجابى مؤثر، أما فيلم «آسف على الإزعاج» للمخرج خالد مرعى والمؤلف أيمن بهجت قمر، فهو يؤسس على حالة «الفقد» التى يعانيها البطل بسبب موت أبيه (محمود حميدة)، وأدت إلى صدمة عنيفة أسفرت عن الإصابة بـ«الشيزوفرينيا» وعقدة الاضطهاد، فيرفض موت الأب ويقيم معه حوارًا مستمرًا، بل يلجأ إليه ويأخذ رأيه فى شئون الحياة، وفى الوقت نفسه يشعر بأن الجميع يكرهونه.
يطرح فيلم «1000 مبروك» من إخراج أحمد نادر جلال وتأليف محمد وخالد دياب، فكرة حب النفس أو «الأنانية» دون الانشغال بالآخرين (الأم، الأب، الأخت، الأصدقاء)، ويكون هاجس الموت المُلح هو الدافع الوحيد والأجدى للتغيّر، أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثل إصلاح العلاقة بهؤلاء المقربين.
ويقوم فيلم «على جثتى» للمخرج محمد بكير والكاتب تامر إبراهيم، على تناول فكرة أن يقع الإنسان أسير تصورات يفرضها عليه عقله الباطن، فنحن إزاء طرح حوار ثلاثى بين الشخصية المحورية «رءوف» (أحمد حلمى) وعقله الباطن وضميره الإنساني، فتكون الوساوس أو بالأحرى التصورات التى يفرضها العقل الباطن تجاه الزوجة، الابن، والمستخدمين أو المرءوسين فى العمل، مما يؤدى إلى الوقوع فى عديد من المشكلات بسبب تلك التصورات الوهمية.
ونجح حلمى فى «شخصنة» تجليات النفس البشرية بتجسيد شخصية البطل، وتجسيد العقل الباطن، فيما جسد حسن حسنى دور «الضمير الإنساني» كشخصية فنية لها دلالة واضحة فى الصراع القائم بين العقل الباطن، والضمير الإنسانى أو النفس اللوامة.
ويؤثر مرض «الوسواس القهرى» على «رءوف» ويحدد بطريقة مرضية طبيعة علاقته بالآخرين، ويصبح أسيرًا لتصورات وهمية، تجعله يشك ويسيء الظن بالآخرين، وتصبح للغيبوبة التى يصاب بها دلالة واضحة لحالة «الغياب» التام التى يمر بها، تاركًا مقاليد الأمور للعقل الباطن ليقوده كما يشاء، ونتيجة لذلك تسوء علاقته بالمحيطين، وينعكس كل ذلك عليه عندما يفيق.