لاحظت منذ فترة أننى أشعر بالدوار الشديد عندما أقف مرة واحدة بعد جلوسى لفترة من الوقت، وبات الأمر متكررا، على الرغم من أننى طبقت كافة النصائح التى وجهها لى الأصدقاء والمقربون، بداية من الحصول على قسط من الراحة، ومرورا بالنوم لساعات أطول، وصولا لتناول الفيتامينات وشرب المياه بانتظام وللأسف دون جدوى.

 وأخيرا قررت استشارة الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، والذى أكد لى أننى أعانى من نقص عنصر الحديد فى الجسم، وكشف لى أن التغيرات المناخية لها علاقة وطيدة بنقص هذا العنصر لدينا جميعا، وفسر الأمر بأن التغيرات المناخية تؤثر على جودة المحاصيل الزراعية، وتؤثر أيضا على نوعية الغذاء، وانتشار الأمراض، ممايؤثر بدوره على معدلات نقص الحديد.

شيماء مكاوي

تراجع جودة الطعام

يقلص تغير المناخ من كمية المحاصيل الزراعية التى تستخدم كطعام، وجودتها، وقيمها الغذائية،عن طريق ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات فى أنماط الأمطار، وزيادة تكرار وشدة الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات، وبالتالى تقل كميات الأطعمة الغنية بالحديد فى الأسواق، حسبما أكد د. بدران.

كما يقلل تلوث الهواء بالكميات الهائلة من غاز ثانى أكسيد الكربون فى الجو، من المحتوى الغذائى للمحاصيل، بما فى ذلك الحديد، والحديث مازال للدكتور مجدى بدران، مبينا أن تغير المناخ يمكن أن يؤدى إلى زيادة فى أسعار الغذاء شاملة الأطعمة الغنية بالحديد، مما يؤدى إلى نقص التنوع الغذائي.

الأمراض المنقولة

ويزيد الاحترار العالمى وزيادة الرطوبة، من انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل مثل الملاريا، التى تسبب الأنيميا المزمنة ونقص الحديد، والحديث مازال لـ د. مجدي، إذ إن التغيرات المناخية تزيد من انتشار الميكروبات التى تسبب الإسهال، وقلة امتصاص الحديد فى الأمعاء، وتزيد من فقدان الحديد، قبل أن يلفت إلى أن تغير المناخ يهدد صحة الأم والطفل بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة، مما يزيد من خطر نقص الحديد أثناء الحمل والرضاعة.

والحديد معدن أساسى للجسم، حيث لا يستطيع الجسم البشرى إنتاج الحديد، ويلعب دورًا مركزيًا فى العديد من العمليات الحيوية فى الجسم مثل اتزان وتعزيز المناعة، وتكوين الإنزيمات التى تلعب دورًا حيويًا فى إنتاج خلايا جديدة وأحماض أمينية وهرمونات وناقلات عصبية، وفقا لـ»بدران»، حيث إن 6.5% من جميع الإنزيمات البشرية تعتمد على الحديد.

الوظيفة الرئيسية

وتتمثل الوظيفة الرئيسية للحديد فى تسهيل نقل الأكسجين عن طريق الهيموجلوبين، وهو الذى يحمل الأكسجين فى كريات الدم الحمراء (خلايا الدم الحمراء)، كما أوضح د. مجدى بدران، إذ يشارك الحديد فى تخزين الأكسجين بواسطة الهيموجلوبين فى العضلات، وهو بروتين يحتوى على الحديد ينقل الأكسجين ويخزنه داخل العضلات ويطلقه لتلبية متطلبات التمثيل الغذائى المتزايدة أثناء نشاط العضلات.

كما يساعد الحديد على تحويل نسبة السكر فى الدم إلى طاقة، وتعزيز إنتاج الهيموجلوبين وبالتالى يزيد من نقل الأكسجين للمساعدة فى تخفيف التعب والإرهاق، ويعزز وظائف العقل الإدراكية، فضلا عن دعمه لصحة الجلد والشعر والأظافر، وأنظمة الإنزيمات التى تشارك فى تركيب الكولاجين وبروتين المرونة الإيلاستين.

سوء التغذية

ويعد سوء التغذية وقلة امتصاص الحديد، من أسباب نقصه فى الجسم مثلما أكد د. بدران وكذلك الإصابة ببعض الطفيليات التى تسبب فقدان الدم، وفقدان الشهية، مثل البلهارسيا التى تصيب 200 مليون على الأقل من البشر، والديدان الخطافية كالإنكلستوما التى تصيب 1.3 مليار من البشر، والإسكارس التى تصيب 1.5 مليار من البشر، وضعف امتصاص الحديد من الأمعاء.

وتابع: فقدان الحديد فى البول، والعادات الغذائية الخاطئة كشرب الشاى بعد أو مع الأكل، وعدم تناول أغذية فيتامين ج مع الوجبات، وتزداد معدلات الإصابة فى الأطفال والمراهقين لزيادة احتياجاتهم من الحديد.

والرضع أكثر عرضة لنقص الحديد، مؤكدًا أن الأطفال الصغار يتعرضون لخطر نقص الحديد عندما لا يتناولون مكملات الحديد، وقد لا يتناولون ما يكفى من الأطعمة التى تحتوى على الحديد، ويمكن أن يؤثر نقص الحديد على النمو وقد يؤدى إلى مشاكل فى التعلم.

المضادات الحيوية

وربما تسبب المضادات الحيوية أنيميا عن طريق إعاقة عمل نخاع العظام الذى ينتج خلايا الدم الحمراء، وتكسير وخفض إنتاج خلايا الدم الحمراء مباشرة أو غير مباشرة عن طريق عرقلة إنتاج هرمون الإريثروبويتين الذى يتحكم فى إنتاج خلايا الدم الحمراء.

الإعياء، وضيق التنفس، وشحوب لون الجلد، وزيادة اللون الأزرق فى بياض العينين، والعصبية، وزيادة معدل ضربات القلب، الصداع، والتهابات اللسان،وصعوبة التركيز، والدوار والدوخة، وهشاشةالأظافر، وتشقق زوايا الفم، وتكرار الالتهابات، جميعها أعراض نقص الحديد حسبما وصف د. مجدى بدران، مستطردا أن أنيميا نقص الحديد هى أكثر مضاعفات نقص الحديد شيوعًا، حيث تحدث عندما لا يحتوى الجسم على ما يكفى من الحديد لإنتاج كمية كافية من الهيموجلوبين، مما يؤدى إلى انخفاض الأداء البدني، وضعف العضلات والإرهاق، وانخفاض الأداء العقلي، وقلة التركيز والانتباه والذاكرة، مما يؤثر على الأداء الأكاديمى والمهني، وكذلك تأخر نمو الأطفال، وتأخر التطور العقلى والمعرفى، والتعلم والانتباه، و تأخر الشفاء من الإصابات والجروح، وزيادة مضاعفات الحمل، مثل الولادة المبكرة وانخفاض وزن المولود، وتهديد سلامة الجنين وتطوره، مما يزيد من خطر حدوث مشاكل صحية بعد الولادة.

سبل الوقاية

ويؤثر نقص الحديد على عدم انتظام دقات القلب، حيث يحدث ضربات قلب سريعة بشكل غير طبيعي، أو قصور القلب، حيث يفشل القلب فى ضخ ما يكفى من الدم لضمان ضغط دم مناسب.

أما عن سبل الوقاية من نقص الحديد، فيقول الدكتور مجدى بدران إن الوقاية تشمل علاج الأمراض المزمنة والطفيليات المعوية، ويجب تناول أدوية الحديد، وتعزيز تناول أغذية الحديد، وتغيير العادات الغذائية الضارة،وتبنى عادات جديدة صحية،وتناول الأغذية الغنية بفيتامين ج كالبقدونس والليمون و الكيوى والجوافة لتحفيز امتصاص الحديد، وتناول مصدر الحديد غير الحيوانى مع مصدر للحديد الحيوانى فى نفس الوجبة مثل الفول مع البيض أو اللحوم مع البقول، والإقلال من الأطعمة المقللة لامتصاص الحديد كالشاى والقهوة والكالسيوم والشوكولاتة،وعلاج الطفيليات المعوية، ومكافحة العدوى بها، والاهتمام بالتثقيف الصحي، و النظافة الشخصية،  ومكافحة التلوث البيئي، وسلامة مياه الشرب .

مصادر الحديد

ومصادر الحديد الحيوانية هى لحوم الثدييات، والطيور، والأسماك،والكبدة والبيض، وتشمل مصادر الحديد النباتية البقول كالفاصوليا والفول وفول الصويا، والعدس، والخضراوات الورقية الخضراء كالسبانخ والملوخية،والخرشوف، والعسل الأسود،والفواكه المجففة، والمكسرات.