رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

بينها الهوكي والفروسية والجمباز..الألعاب الشعبية المصرية «عبقرية الترفيه»

702

كان أمير، الشاب الصغير البالغ من العمر 18 عاما، في زيارة لإحدى قرى محافظة قنا مسقط رأس والده وأجداده، عندما شاهد للمرة الأولى الصبية الصغار، يمارسون لعبة كانت غريبة بالنسبة وهي لعبة الطوق.

محمود درغام

اللعبة كانت عبارة عن حلقة معدنية من إطار دراجة قديمة يقوم الولد بدفعها وتحريكها أمامه من خلال عصا خشبية هى فى الأصل ساق نبات جاف، ويحاول صبى آخر يحمل أيضًا عصا من الخشب الحصول على الطوق،  أمير الذى أدهشته اللعبة فى بادئ الأمر، استمتع بمشاهدتها للغاية، وهو يرى أبناء عمومته الصغار يلعبونها فى الأرض الفضاء الواقعة أمام منزل العائلة، وقد عرف من والده أن تلك اللعبة هى إحدى اللعبات الشعبية القديمة، وأنه عندما كان صغيرا كان يتفنن وأقرانه فى تزيينها بالورق الملون، وإقامة مسابقات العدو للعبها خلال دفعهم لها.

جهد وإرادة

وخلال تواجد أمير مع والده فى الصعيد، دعاه لمرافقته فى ندوة تثقيفية، تنظمها مكتبة مصر العامة بمحافظة الأقصر عن «الألعاب التراثية والشعبية فى مصر»، كانت ستلقيها د . رضا عطا الله عضو هيئة التدريس بكلية الآثار جامعة الأقصر ومدير مركز الحرف التراثية .

أمير تحمس كثيرا للفكرة، خاصة بعد أن حدثه والده عن الكثير من الألعاب الشعبية التى كان يمارسها مع أشقائه وأبناء عمومته، وجيرانهم، وكيف أصبحت معظم تلك الألعاب من التراث، باعتبارها جزءا من تاريخ الشعب المصرى هو من ابتكرها ووضع قواعدها.

«ويحتاج تسجيل الألعاب التراثية والشعبية على قوائم التراث العالمى غير المادى لمنظمة  اليونسكو إلى جهد وإرادة من الدولة»، بتلك الكلمات استهلت د. رضا عطا الله حديثها، مؤكدة أن هناك بعض الجمعيات نجحت فى جمع وتسجيل وتوثيق تراث الألعاب فى عدد من المحافظات مثل محافظة الغربية حيث تم تصميم موقع إلكترونى لحفظ هذا الأرشيف التراثى هناك فى تلك المحافظة الواقعة فى الوجه البحري، فى الوقت الذى ينبغى على الدولة العمل على حفظ وتسجيل الألعاب التراثية والشعبية فى جميع أنحاء مصر حفظًا لحقوق الملكية الفكرية لتلك الألعاب

جدران المعابد

والألعاب التراثية، هى تلك التى وجِدت منقوشة على جدران المعابد والمقابر المصرية، بحسب د. رضا، التى أشارت إلى ضرورة الحفاظ على تلك الألعاب وطريقة لعبها بنفس الكيفية التى كان يمارسها بها الأطفال قبل عشرات السنوات فى شوارع ريف وحضر مصر، للحفاظ على قواعدها كما عُرفت قديما، ضاربة المثل بلعبة «دوخينى يا لمونة»، التى يمسك فيها شخص بالغ بأيدى مجموعة من الأطفال، المستندين على كعوبهم ثم يدور بهم، وقد عُثر على نقوش لهذه اللعبة بنفس التكنيك، على جدران مقابر بنى حسن بمحافظة المنيا.

 وهناك أيضًا لعبة الهوكي، التى تعتزم اللجنة الأولمبية الدولية، إدراجها فى الأولمبياد المقبلة بالولايات المتحدة عام 2028 ، وهى لعبة تراثية مصرية، أخذها الغرب ونقحها ووضع لها القواعد وأنشأ لها الملاعب الخاصة، قبل أن يعيد تصديرها إلينا، كما أشارت عضو هيئة التدريس بجامعة الأقصر، مؤكدة أن علماء الآثار، وجدوا نقوشًا للعبة الهوكى على جدران المعابد والمقابر المصرية القديمة، يظهر فيها رجلان متقابلان يُمسك كل منهما بمضرب وبينهما كرة حيث يحاولان أخذ الكرة من بعضهما البعض.

هوكى النخل

وأشارت إلى أنه خلال فترة السبعينيات والثمانينيات كان الشباب والأطفال فى القرى يلعبون الهوكى بجريد النخل، لافتة إلى أنه لم يكن هناك تدوين نصى لقواعد لعب الهوكى على المقابر والمعابد المصرية لكنها كانت مصورة ضمن الألعاب بنفس الطريقة.

وهناك ألعاب أخرى لها أصول مصرية قديمة مثل الفروسية والسباحة، و«نط الحبل»، وأيضًا لعبة الطوق التى سُجلت على جدران مقابر بنى حسن، وأيضًا لعبة الجمباز التى صورت حركاتها على جدران الكثير من المعابد والمقابر المصرية القديمة، كما ذكرت د. رضا.

مستطردة: «هناك الكثير من الأمثلة للألعاب الشعبية مثل الكرة الشراب و«سيجا الصعايدة» التى تتشابه مع لعبة «سينيت» المصرية القديمة والاستغماية، و أيضًا «شقوا البطيخة» و«القطة العمية» و«كيس الملح»، وكذلك «الحِجلة» كما ينطقها أهالى صعيد مصر.

لعبة شؤم

وقد قال أحد أساتذة الأنثروبولوجي، الذين حضروا الندوة، إن «الحِجلة» فى الموروث الثقافى الصعيدي، لعبة غير محببة، بل يرونها «شؤما»، حيث كان من المعروف، إنه إذا تُوفى للمرأة زوج أو عزيز كانت «تحجل» على قدم واحدة وكأنها فقدت القدم الأخرى، وقد أظهرت فيديوهات عن من مدينة الأقصر خلال حقبة الستينيات من القرن الماضي، إحدى السيدات التى تُوفىّ زوجها وهى تؤدى طقس الحِجلة وهى تبكي.

اختلاف الأسماء

سلاح ذو حدين

ورأت د. رضا، أن التكنولوجيا الحديثة هى سلاح ذو حدين بالنسبة للأطفال فهى تُقدم لهم معلومات جعلت تفكيرهم أكبر من سنهم لذلك دائمًا ما يقول خبراء التربية، إن الجيل الجديد يمتلك تفكيرا جهنميا لأنه أدرك مبكرًا، لكن فى المقابل فإن التكنولوجيا الحديثة تجعل الطفل غير قادر على التفكير والإبداع لأنها تعرض لها مقاطع الفيديو تباعًا دون الحاجة لتنشيط تفكيره .