رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الفنان شريف رضا مصمم أول ماكيت لـ أكتوبر: اختلفت مع أنيس منصور بسبب “اتجاه الريح”

263

– اسم المجلة كان أبرز مشاكل أول إصدار

– هكذا انقلب السحر على الساحر في حكاية علي ومصطفى أمي 

– توزيع الصور على الصفحات يشبه العمل السينمائي منها البطل ومنها “كومبارس

 كتب : أيمن القاضي

“دخلت على أنيس منصور يوما في مكتبه بمجلة آخر ساعة حيث كان يشغل منصب رئيس تحريرها آنذاك، فوجدته يجمع متعلقاته في حقيبة، ولما رأى دهشتي المرتسمة على وجهي، أخبرني أنه سيرحل، إذ طلب منه الرئيس السادات رئاسة تحرير مجلة جديدة يعتزم إطلاقها من مؤسسة “دار المعارف” يكون لها صدى واسع، ثم طلب مني أنيس أنا وبعض الزملاء أن نتقدم باستقالتنا وكان أول عمل كلفني به تصميم ماكيت ولوجو للمجلة”.

بتلك الكلمات استهل الفنان التشكيلي الكبير شريف رضا، ذكريات مشاركته في صناعة “مجلة أكتوبر”، هي لحظات لا يمكن أن يدرك قيمتها أو مدى ثرائها إلا من عاشها.. لحظات تحمل مشاعر تشبه كثيرا مشاعر أم تحمل وليدها لأول مرة.. إنها مشاعر كل من ساهم في ولادة الإصدار.

ولمن لا يعرف “ماكيت” الصحيفة أو المجلة هو التصميم الأساسي لصفحات الإصدار وتنسيقها، وهو الذي يعبر عن شخصية الإصدار وهويته، ويترجم سياستها التحريرية.

الخلاف الأول

 “أول مشكلة صادفتني عندما بدأت التفكير في تصميم الماكيت واللوجو، كان اسم المجلة فقد اتفق السادات مع أنيس أن يكون اسم المجلة اسمها ( 6 أكتوبر والعاشر من رمضان ) وكنت أراه اسما طويلاً غير مناسب لمجلة، فالأسماء القصيرة تستقر في أذهان الناس بشكل أكبر”، كما روى شريف رضا، قبل أن يتابع: “حاولت إقناع أنيس بذلك، فقال إنه سيتشاور مع السادات أولا، وبالفعل عاد وأخبرني أنهما اتفقا على تسميتها ( 6 أكتوبر ) فقط، لكنى اقترحت عليه أن تكون “أكتوبر” فقط بدون رقم فابتسم، وقال لي: أنت طماع يا فنان”.

وواصل: “قمت أنا وزملائي بعمل تصميمين “أكتوبر” و”6 أكتوبر” وفي النهاية تم الاستقرار على أن تكون المجلة اسمها أكتوبر واختار السادات وأنيس اللوجو والماكيت الذي قمت أنا بتصميمه ليكون أول ماكيت للمجلة”.

شخصية وهوية

وتحدث الفنان شريف رضا، عن أن أكثر ما حرص عليه في تصميم ماكيت “أكتوبر”، أن يجعل لها شخصية وهوية بصرية، مستطردا: “ببساطة كنت أريد إذا سقطت صفحة من المجلة في عرض الطريق، أن يعرف الجميع من الوهلة الأولى أن هذه الورقة من مجلة أكتوبر لشكلها المميز وتفرد تصميمها”.

وأكد أنه نجح في تحقيق هذا الهدف من خلال شيء واحد، هو وجود “مايسترو” لفريق العمل وضع نوتة موسيقية واحدة عزف وفقها الجميع بدون “نشاز” ولا عزف منفرد، بمعنى أن يكون هناك قائد للسكرتارية الفنية في أي إصدار صحفي يضع الأساس والشكل والاستراتيجية وأن يلتزم الجميع بها، موضحا أن هذا القائد ينبغي أن يمتلك مواصفات معينة، كأن يكون موقرا بين زملائه ويشهد له الجميع بالكفاءة لأنه إذا لم يقتنع به فريق العمل سيخالفه وتحدث المشاكل.

اتجاه الريح

وعما إذا كان اختلف في أي مراحل العمل مع الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور، أكد الفنان شريف رضا، أنه لم يكن اختلافاً بالمعنى الواضح، كان فقط تباين في وجهات النظر، وأوضح أن شخصية “أنيس” بشكل عام كانت مرنة، كما كان مستمعا جيدا.

وروى أنه اجتمع مع فريق العمل في إحدى المرات، ليضع تصورا لباب “اتجاه الريح”، وطلب وضع “اللوجو” في وسط الصفحة، وحوله متن الكلام، فأخبره أن هذا صعب، وقال له: “هل رأيت من قبل رجل رأسه في بطنه؟!.. اللوجو هو رأس الصفحة ينبغي أن يكون بالأعلى”، بعدها أرجأ أنيس الأمر قليلاً، ثم عاد وهو مقتنعا بحديث “شريف” وانتهى الأمر.

سكرتارية فنية

وعودة به إلى ما قبل إصدار المجلة، عن أول لقاء مع أنيس منصور قال الفنان شريف رضا: “أول لقاء لي بأنيس منصور كان بمجلة آخر ساعة، وكان حينها رئيسا لتحريرها أخبرته برغبتي في العمل بقسم الإعلانات، باعتباري تخرجت من المعهد العالي الإيطالي ليوناردو دافنشي عام 73 وكنت أول دفعتي، والإعلانات هي المكان الأنسب لمجال دراستي، فقال لي إن الصحافة أيضا فن، وأنه يريدني في العمل بالسكرتارية الفنية، ووافقت على مضض لأني فقط أحب أنيس منصور”.

وذكر أنه في البداية أرسلني للفنان منير كنعان، الذي سألني مباشرة: “هل تعرف شيئا عن الطباعة؟”، فأجبته بالنفي.. فأرسلني المطابع لأتعلم التصوير الميكانيكي وماذا تعنى الرتوش والمونتاج والحفر، وبالفعل بقيت شهورا أتعلم كل هذه الأمور، متابعا: “وفهمت فيما بعد أنه لكي أتميز في عمل ينبغي أن أعرف كل مراحله وجذوره وكل ما يتعلق به، وهذا أفادني كثيرا فيما بعد بالفعل”.

نصائح مهمة

وعن اعتقاده فيما ينقص مجلة أكتوبر حاليا، قال الفنان شريف رضا، أن يفهم المصممون أن صفحة المقال تختلف عن التحقيقات، وتختلف كذلك عن صفحات الأبواب والموضوعات، وأن توزيع الصور في الموضوع ذو الصفحة الواحدة يختلف كليا عن توزيعها في الموضوع متعدد الصفحات، وأن الصور كالشخصيات السينمائية، منها صور تقوم بدور الأبطال وأخرى تقوم بأدوار المساعدين، كما أن هناك صورا صغيرة تعمل فقط ككومبارس، ولكن في النهاية الأدوار تتحد لتكوين صورة بصرية جيدة ومنتج جيد.

ومن الحكايات اللطيفة التي يتذكرها الفنان الكبير، أن أنيس منصور روى له أن السادات لم يكن يحب علي ومصطفى أمين، وكان يبحث عن حيلة ليجبرهما على الاختفاء من المشهد، فنصحه أنيس أن يصدر قرارا بألا يتجاوز منصب رئيس التحرير ومجلس الإدارة حد الـ 60 عاما، وهما بالفعل كانا تجاوزاه، وبهذا القانون خرجا على المعاش، إلا أن المفارقة أن أول من تم تطبيق عليه هذا القانون بعدهما كان أنيس منصور نفسه، وكان ذلك في أعقاب رحيل السادات.. وبدا الأمر وكأن السحر انقلب على الساحر وحيلة أنيس انقلبت عليه وأصابته هو شخصياً.

الفن التشكيلي

ورأى الفنان شريف رضا، أن أهم الصفات التي ينبغي توفرها في أي صاحب مهنة، لتحقيق النجاح هو “الشغف”، مؤكدا أن هذا الشغف كان يجعله وزملاؤه يبيتون في المجلة أياما متواصلة بإرادتهم، لأنهم كانوا شغوفين بأن تظهر المجلة في أبهى صورة، وأحيانا كان يشفق عليهم أنيس منصور فيفتح لهم مكتبه ليناموا فيه.

وعن تخصصه في الفن التشكيلي، قبل أن يتجه للعمل بالصحافة، قال شريف رضا، إنه تتلمذ على أيدي فنانين كبار مثل عبد العزيز درویش، وزكريا الزيني وممدوح عمار، وتعلم منهم الكثير من الأسرار لكن أهمها هو كيف يقرأ اللوحات الفنية، مؤكدا أن كل عمل فني أسراره وخطوطه الخاصة، التي ينبغي أن نطيل النظر فيها لنقرأ كيف صنع الفنان لوحته.. ولماذا اختار هذا اللون ولم يختر آخر.. البالتة اللونية كيف نجح في جعلها متناسقة بديعة.. كيف كانت الخطوط والاتجاهات وتتعلم أن هناك خطوطا ومسارات خاطئة لو رسمها الفنان لأفسد العمل.

الفن حياة

وأكد أنه لم يمارس الفن كمهنة، ووصفه بـ “الحياة”، مستطردا: “كنت دائما أخبر أصدقائي أن الفن كان وسيلتي الأكبر للتقرب من الله والتعرف عليه، فكل فنان لكي يبدع لا بد له أولا أن يتمعن في الأشياء ويتأملها وهو يشرع في رسمها.. هذا التأمل يجعلك مبهورا بقدرة الخالق عز وجل”.

واختتم: “طُلب منى ذات مرة أن أرسم بعض وريقات الشجر .. تأملتها أولا .. لم أجد أبدا ورقة مثل الأخرى تنوع واسع رهيب في مسارات الفروع وشكل الأطراف.. هناك إبداع في خلق كل ورقة ستجد نفسك دون أن تدرى تردد سبحان الله.. وأنا دائما أقول إننا فنانون لكن الله هو الفنان الأكبر والأعظم”.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.