إلى الآن لم تقدم أى حلول أو حتى مقترحات للخروج بأزمة الصحافة القومية من عثرتها!! فكل المناقشات والحوارات تدور حول محور واحد يلف فى اتجاه الخسائر وتقلص التوزيع وقلة الإعلانات وارتفاع أسعار الورق والأحبار ثم الدخول مباشرة إلى معضلة الديون والعجز المستمر ومطالبات البنوك ومفاوضات الجدولة ورفع الفوائد المتراكمة عبر عشرات السنين، وهكذا يدور المحور المشئوم حول الحلقة المفرغة والتى لا يرجى منها أى حل!! إلا إذا كنا نريد الإجهاز على الصحافة القومية وبيع ما تبقى منها فى سوق نخاسة الصحافة الصفراء وإعلام السبوبة!! فهل يعقل أن تناقش قضية مهمة تتعلق بالأمن القومى للإعلام الوطنى من خلال تقديم مسكنات على هيئة إعانات أو هبات وكأن المؤسسات القومية الصحفية العريقة أصبحت عبئًا ثقيلاً يجب التخلص منه فى أسرع وقت ممكن، وللأسف الشديد نجد من يروج أن الصحف القومية يجب أن تحل مشاكلها بنفسها بعيدًا عن الدولة!! ويكفى الدولة ما تحملته من أعباء لتبقى هذه المؤسسات على قيد الحياة، هكذا تأخذ الأمور، وكأن الصحف القومية ليست ملكا للدولة، وأن مؤسساتنا الصحفية العريقة التى قادت الفكر والتنوير لأكثر من مائة عام وأخرجت للعالم أعظم كتاب وأدباء وشعراء وحفرت تاريخ من النور على جبين الثقافة العربية.. فهل أصبحت الآن عبئًا؟ هل هانت علينا رموز وقلاع ريادتنا الثقافية إلى هذا الحد؟ لقد صدمت صدمة كادت تقضى على عندما سمعت أحد المسئولين عن ملف الصحافة فى إحدى الجهات المهمة وهو يقول إن سقطت صحافة الدولة وسيطرتها الإعلامية فلن تقوم مرة أخرى، ورغم أن هذا المسئول ليس صحفيا لكنه يدرك معنى امتلاك الدولة لمؤسسات صحفية وإعلامية قوية وأن الدولة بدون إعلام قومى قوى سوف يكون له مردود خطير على الأمن القومى وسيفتح الباب أمام إعلام وصحافة السبوبة والعمالة والصحف الصفراء والحمراء والسوداء.
إن دعم المؤسسات الإعلامية القومية هو ضرورة مهمة للأمن القومى ولحماية الجبهة الداخلية من بث الفتن ونشر الشائعات وتضليل الرأى العام.. كما يجب أن نضع نصب أعيننا أن الإعلام القوى للدولة والإبقاء على مؤسساتها الصحفية قوية ونافذة مهما كلف ذلك من أموال هو مكسب حقيقى للإبقاء على صوت الدولة مرتفعا نافذا فى مواجهة إعلام مغرض يأتى من الخارج والداخل ويصرف عليه المليارات لتحطيم جبهتنا الداخلية وبث الفرقة وإشاعة الفوضى وتضليل الرأى العام.. ويجب أن يعلم الجميع أن الإعلام الوطنى القوى يجب أن يدعم من الدولة ويكون تحت حماية ورعاية الدولة.
