رئيس التحرير
رسائل الدولة القوية
By m kamalنوفمبر 24, 2025, 15:42 م
59
في صباح السبت 15 نوفمبر الجاري تمت دعوتي لحضور المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بجنود بالذخيرة الحية لإحدى وحدات المنطقة الغربية العسكرية، فى اليوم التالي كان افتتاح المشروع الكبير فى المنطقة الاقتصادية بشرق بورسعيد، فى الوقت الذى كانت فيه الهيئة الوطنية للانتخابات تستعد لإعلان نتيجة المرحلة الأولى للانتخابات فى يوم الثلاثاء، قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة لأكاديمية الشرطة وحضر كشف الهيئة لعدد من المتقدمين ودار حديث مع عدد من الطلاب حمل العديد من الرسائل المهمة، وفى مساء ذلك اليوم شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فى فعاليات تسليم النيابة العامة مضبوطات ذهبية لصالح البنك المركزي المصري، وفى يوم الأربعاء كان احتفال مصر بتركيب وعاء الضغط بالوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية والذى يعد قلب المفاعل، وفى مساء الأربعاء وصل رئيس كوريا الجنوبية للقاهرة فى زيارة استمرت لمدة ثلاثة أيام كان فى استقباله الرئيس السيسي حيث عقدت جلسة مباحثات صباح يوم الخميس بين الرئيسين.

أحداث عدة شهدتها القاهرة الأسبوع الماضي ولا تزال، وهو حال الدول المستقرة القوية، التى تواصل عملها رغم التحديات.
(1)
فى التاسعة صباح غد الإثنين تفتح اللجان الانتخابية على مستوى الجمهورية أبوابها بمحافظات المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية على مدى يومين، بعد أن أدلى المصريون فى الخارج بأصواتهم يومي الجمعة والسبت الماضيين.
الانتخابات البرلمانية شهدت خلال الأسبوع الماضي حراكا غير مسبوق وسخونة عقب نتيجة المرحلة الأولى، والتي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات وفق الجدول الزمنى المحدد، والتي أسفرت عن إلغاء الانتخابات فى 19 دائرة انتخابية فى 7 محافظات من محافظات المرحلة الأولى والبالغة 14 محافظة، وعقب رسالة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للهيئة الوطنية للانتخابات والتي قال فيها:
«وصلتنى الأحداث التي وقعت فى بعض الدوائر الانتخابية التي جرت فيها منافسة بين المرشحين الفرديين، وهذه الأحداث تخضع فى فحصها والفصل فيها للهيئة الوطنية للانتخابات دون غيرها، وهي هيئة مستقلة فى أعمالها وفقا لقانون إنشائها».
وقال «أطلب من الهيئة الموقرة التدقيق التام عند فحص هذه الأحداث والطعون المقدمة بشأنها، وأن تتخذ القرارات التي تُرضى الله سبحانه وتعالى وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، وأن تُعلي الهيئة من شفافية الإجراءات»
جاءت رسالة الرئيس لتحقق حالة رضا كبيرًا فى الشارع السياسي وتؤكد أن القيادة السياسية تحرص على حماية الإرادة الشعبية وأن يكون البرلمان القادم معبرا عن الشعب.
الأمر الذى جعل من المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية مرحلة شديدة السخونة، وارتفعت حدة المنافسة بين المستقلين ومرشحى الأحزاب على المقاعد الفردية لصالح المستقلين، كما أعاد المعركة فى الدوائر التي أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن إلغاء الجولة الأولى بها، وحددت لها يومي 1و 2 ديسمبر المقبل لتصويت المصريين بالخارج، ويومي 3 و4 ديسمبر لتصويت المصريين بالداخل وإعلان النتيجة فى 11 ديسمبر.
المشهد الانتخابي فى المرحلة الثانية مختلف بشكل كبير عن المرحلة الأولى ويحمل معه الكثير من الرسائل للأحزاب السياسية يجب الانتباه إليها، وإدراك أن وعى المواطن بات يحتاج إلى تحرك أكثر واقعية على الأرض.
كما يستلزم مراجعة الأحزاب كافة لقواعدها الحزبية وبرامجها ودورها فى الحركة السياسية.
(2)
صباح 15 نوفمبر الجاري كانت المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بجنود بالذخيرة الحية لإحدى وحدات المنطقة الغربية بحضور الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أحمد خليفة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وعدد من المحافظين وعدد من قادة القوات المسلحة والدارسين بالكليات والمعاهد العسكرية والإعلاميين والشخصيات العامة وعدد من شيوخ وعواقل مطروح وسيوة.
تضمنت المرحلة الرئيسية للمشروع إدارة أعمال القتال لاقتحام الحد الأمامي لدفاعات العدو بمعاونة القوات الجوية التي نفذت طلعات للاستطلاع والتأمين والمعاونة لدعم أعمال قتال القوات القائمة بالهجوم تحت ستر وسائل وأسلحة الدفاع الجوي وبمساندة المدفعية لتدمير الاحتياطات وإرباك وتدمير مراكز القيادة والسيطرة المعادية.
وقامت العناصر المدرعة والمشاة الميكانيكي بتطوير الهجوم واختراق الدفاعات المعادية والاشتباك معها وتدميرها بمعاونة الهيلوكوبتر المسلح وعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات للتصدي لهجمات العدو المضادة وحرمانه من استعادة أوضاعه الدفاعية على الخطوط المختلفة، كما قامت عناصر القوات الخاصة من المظلات والصاعقة بتنفيذ أعمال الإغارة والإبرار لتدمير الأهداف المكتشفة.
تنفيذ تلك المرحلة كشف مدى احترافية المقاتلين فى تنفيذ مهامهم والمستوى العالي من التدريب الذي وصلوا إليه.
كما بعث برسالة طمأنة تؤكد يقظة وقدرة قواتنا المسلحة على كل المحاور الاستراتيجية للدولة وقدرتها على التصدي لأي عدائيات، فحماية الأمن القومي للدولة المصرية خط أحمر.
فالمشروعات التدريبية وفق الخطة السنوية للقوات المسلحة والتي تحددها هيئة التدريب، هى أحد مسارات الحفاظ على الجاهزية للقوات، وأحد ركائز الاحترافية فى تنفيذ المهام، اتساقا مع أهم القواعد الراسخة لدى القوات المسلحة «التدريب فى السلم يوفر الدماء فى المعركة».
إن حجم التوترات غير المسبوقة المحيطة بالدولة المصرية على محاورها الاستراتيجية الأربعة، والذي يعد أكبر التحديات فى مواجهة الدولة، جعل قواتنا المسلحة تحرص على الوصول لأعلى درجات اليقظة والاستعداد القتالي لحماية التراب الوطني وتحقيق الاستقرار كي تستطيع الدولة تحقيق التنمية.
(3)
فى صباح يوم 16 نوفمبر شهد الرئيس السيسي افتتاح عدد من المحطات البحرية بالمنطقة الاقتصادية بشرق بورسعيد لتصبح جزءًا من منظومة شرق بورسعيد اللوجستية الكبيرة، وتعزيز دور مصر فى التجارة العالمية عبر قناة السويس.
المشروع جزء من رؤية متكاملة لتطوير المنطقة الاقتصادية سواء من الناحية الصناعية أو اللوجستية.
فقد شهد ميناء شرق بورسعيد افتتاح عدد من المحطات البحرية لينقل المنطقة لتصبح مركزا لوجستيا لنقل الحاويات ينتقل معها ميناء بورسعيد ليصبح ثالث ميناء حاويات على مستوى العالم والأول على مستوى أفريقيا.
لقد ساهم تطوير ميناء شرق بورسعيد والمنطقة الاقتصادية فى توفير أكثر من ١٣٦ ألف فرصة عمل مباشرة، وجذب استثمارات بإجمالي ١١.٦ مليار دولار، مع التركيز على توطين الصناعة، بما فى ذلك فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وفقًا لاستراتيجية مصر الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون.
لم يكن ذلك ليتحقق لولا وجود إرادة سياسية ودولة قوية استطاعت فى ظل تحديات ضخمة بدءا من اضطراب المحيط الخارجي لها، مرورا بمواجهة أخطر الحروب (حرب الإرهاب) بالإضافة إلى تحديات المشروع من طبيعة الأرض، وتأخر حفر القناة الخاصة بالميناء، والتي استطاعت الدولة تنفيذها خلال عام 2016 والتي ساهمت فى عمل ميناء شرق بورسعيد دون التأثير على حركة الملاحة بقناة السويس، وهو المشروع الذي ظل عائقا أمام تنفيذ مشروع تنمية شرق بورسعيد لسنوات قبل 2016.
إن ما حدث فى منطقة شرق بورسعيد معجزة بكل المقاييس ودليل على قدرة المصريين على مواجهة التحديات وتحقيق الفرص بعد أن تحولت المنطقة الاقتصادية بشرق بورسعيد الى أكبر منطقة جاذبة للاستثمار لتصبح عاصمة مصر الاقتصادية بحق.
(4)
فى 18 نوفمبر قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة أكاديمية الشرطة، وتابع خلال الزيارة اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات المُتقدمين للالتحاق بأكاديمية الشرطة، وفقًا للمعايير الموضوعية التي أكد عليها السيد الرئيس لانتقاء العناصر الأكثر جدارة وتميزًا لانضمامهم لجهاز الشرطة، وهو ما يُساهم فى تعزيز جهود الارتقاء بأداء الشرطة المصرية، ودورها المحوري فى ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار فى البلاد.
الرئيس خلال الزيارة تحدث مع عدد من المتقدمين حول عدة قضايا منها ضرورة الوعي لدى المواطن فى اختيار الشخص المناسب ليمثله فى البرلمان، كما أشار إلى حجم التحديات التي تواجهها الدولة مشيدا بدور المواطن المصري فى تحقيق هذا الكم من المشروعات.
وأكد أن التطورات الإقليمية تستوجب تكاتف جميع أبناء الوطن لحماية مصر من التهديدات، والحفاظ على مكتسباتها.
مشيرا إلى سعى الدولة لتحقيق أعلى معدل نمو اقتصادي.
وفى مساء ذلك اليوم أيضا وقع المستشار محمد شوقي، النائب العام، وحسن عبد الله محافظ البنك المركزي، وأحمد كوجك وزير المالية، على وثيقة تسليم المضبوطات الذهبية للبنك المركزي المصري، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
حيث تم تسليم 265 كيلو جرامًا من السبائك الذهبية للبنك المركزي المصري، بقيمة تقترب من مليار و650 مليون جنيه، ما يعادل نحو 34 مليون دولار، وهو ما يجسد نهج الدولة فى إدارة مواردها بكفاءة.
كما اقتربت من إخلاء ساحات التحفظ بمنطقة 15 مايو وتسليم قطعة أرض مساحتها 24 فدانًا قيمتها تقارب 2.5 مليار جنيه لوزارة الإسكان.
كما أصدرت النيابة العامة ما يزيد على 99 ألف قرار ببيع مركبات مضبوطة، محققة حصيلة مالية تجاوزت مليارًا و465 مليون جنيه، ما يعزز جهود الدولة فى استثمار المضبوطات وتعظيم مواردها.
إن هذا الإنجاز يمثل رصيدًا وطنيًا يعزز الموقف المالي لمصر ويدعم مسيرتها فى مواجهة التحديات الاقتصادية.
(5)
فى 19 نوفمبر وبمناسبة العيد الخامس لهيئة الطاقة الذرية تم تركيب قلب الوحدة الأولى من محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء، فى لحظة تاريخية من عمر الوطن بعد أن تحقق حلم تأخر لأكثر من 42 عاما عندما طرحت مصر عام 1983 مناقصة دولية لإنشاء محطة نووية لإنتاج الكهرباء بالضبعة، لكن الحلم تعثر على مدى أكثر من أربعة عقود ليتحقق بإرادة قيادة حكيمة وسواعد أبناء هذا الوطن المخلصين، فى لحظة إقليمية مرتبكة، واستهلاك كهربائي ينمو بسرعة، اختارت مصر ألا تظل رهينة لتقلبات أسواق الطاقة ولا لضغوط الدول المصدّرة للوقود الأحفوري.
محطة الضبعة النووية، أول محطة نووية لإنتاج الكهرباء فى تاريخ مصر، وشهادة واضحة على أن الدولة قررت أن تستعيد دورها كقوة إقليمية تمتلك القدرة التكنولوجية والاقتصادية على حماية مستقبلها.
تعتمد المحطة على 4 مفاعلات من الجيل الثالث، بطاقة إجمالية 4800 ميجاوات، وهو ما يجعلها من أكبر مشروعات الطاقة فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
المفاعلات الجديدة مصممة بتكنولوجيا تحقق أعلى درجات الأمان النووي، وتضمن تشغيلًا مستقرًا لعقود طويلة، فى وقت أصبحت فيه الطاقة النظيفة سلعة استراتيجية أشد ندرة من النفط نفسه.
وجود محطة بهذا المستوى يعيد رسم خريطة الطاقة فى مصر، ليس فقط بإضافة قدرة كهربائية ضخمة، بل بتوفير مصدر مستقر لا يتأثر بأسعار الغاز أو تقلبات السوق العالمي.
وبهذا تصبح الضبعة أحد أهم مصادر «الأمان الكهربائي» للدولة، وتخفّض الضغوط عن موازنة الطاقة.
منذ وضع حجر الأساس، يسير المشروع بسرعة تحسب للمهندسين المصريين والشريك الروسي.
مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبّر عن «دعم كامل» لمشروع الضبعة.
وأشاد بدور محطة الضبعة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل إنتاج طاقة منخفضة الكربون.
المفاعلات المستخدمة فى الضبعة هي من نوع VVER-1200 (AES-2006)، وهو تصميم معروف دوليًا ويُستخدم فى محطات نووية متقدمة، ويحقق معايير أمان صارمة.
(6)
فى 20 نوفمبر استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس كوريا الجنوبية لي جاي ميونغ، فى زيارة مهمة عبرت عن قوة العلاقات بين البلدين فى ظل تعاون اقتصادي وسياسي كبير بلغت حجم الاستثمارات الكورية 6 مليارات دولار.
وتشهد العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا فى ظل تطابق الرؤى بين مصر وكوريا فى حل الأزمات والمرتكز على الحل السياسي بدلا من الحلول العسكرية فى مواجهة الأزمات.
وهو ما تراه كوريا الجنوبية أيضا أحد المسارات المهمة كما أنها تؤمن بأن حل التوتر فى الشرق الأوسط يكمن فى إعلان الدولة الفلسطينية وتحقيق حل الدولتين.
إن تلك المشروعات والفعاليات والزيارات الرئاسية المهمة تؤكد قوة الدولة المصرية وقدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية.