يعلم الكثيرون عن قصة حب الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنويدى والمذيعة اللامعة نهال كمال..لكن القليلون جدا هم من يعلمون قصته مع أول زوجاته المخرجة التسجيلية المعروفة عطيات الأبنودي.
وقد كتبت الكاتبة فريدة النقاش عن عطيات «الأبنودي».. فقالت :
بقدر ما تألمت للرحيل المفاجئ للشاعر الكبير «عبدالرحمن الأبنودي»، تألمت أيضا للتجاهل الكامل لرحلة حياته، ومشواره الطويل فى أول الطريق مع رفيقة دربه وزوجته الأولى المخرجة السينمائية والكاتبة «عطيات الأبنودي» وكأنها لم توجد أبدا فى حياته، وانصب كل الاهتمام على الإعلامية «نهال كمال» التى أنجبت البنتين وعاشت معه فى الفصل الأخير من الرحلة بعد أن ضحكت له الدنيا وتراجعت المتاعب وطبقت شهرته الآفاق.
لا تحتاج «عطيات الأبنودي» التى عرفها جمهور السينما التسجيلية عبر مجموعة من أهم الأفلام فى تاريخ هذه السينما لا مصريا وعربيا فحسب إنما عالميا أيضا.
ألفت «عطيات» كتابا جميلا بعنوان «أيام ليست معه» سجلت فيه تجربة السجن التى تعرض لها «عبدالرحمن» مع عدد من أصدقائه متهمين بتأسيس تنظيم شيوعى فى الستينيات وسوف يظل هذا الكتاب وثيقة من وثائق المرحلة لا فى الحياة المشتركة «لعبدالرحمن» و»عطيات» بما كان فيها من متاعب وقلاقل وشظف العيش، وإنما أيضا فى حياة مصر السياسية حنيذاك.
ولأن الروائى والقاص المبدع «يحيى الطاهر عبدالله» صاحب «الطوق والإسورة» كان صديقا حميما لهما اختارا أن يتخذا من «أسماء» ابنته ابنة لهما بعد موته الفاجع فى حادثة عام 1981 وكان يحيى فى ذروة قدراته الإبداعية المدهشة، وكانت «أسماء» تجسيدا للأشواق والأحلام الكبيرة التى تقاسمها الأصدقاء.
وتستطرد “فريدة”: لم يكن مصطلح المجتمع الذكورى أو العقلية الذكورية من المصطلحات التى أستسيغها بل طالما أحسسته ثقيلا ومنفرا، ولكن وقائع كثيرة لا أظن أن آخرها سيكون هذا التجاهل الظالم «لعطيات الأبنودي» وأدوارها فى حياة الشاعر الراحل جعل مثل هذا التعبير هو الأدق فى وصف بعض ما يجرى فى حياتنا من انحياز «للذكورة» وتمييز ضد النساء، إذ كان «الأبنودي» الذى استثمر شهرته ومحبة الناس له أفضل استثمار يعتبر أن حياته العائلية بدأت حين تزوج من «نهال كمال» التى أنجبت له بنتيه بينما لم تنجب «عطيات».
سوف ينقضى الزمن، ويحرر التاريخ الأحداث الكبرى والعلاقات المؤثرة فى حياة الناس من كل الصغائر، وسوف يعطى لكل ذى حق حقه، فما من شك أن «عبدالرحمن الأبنودي» شاعر كبير وعبقرية فذة، وما من شك أيضا أن «عطيات الأبنودي» سينمائية موهوبة ومبدعة توجتها دوائر السينما العالمية بجوائز تستحقها، ومثلما فعل «الأبنودي» ـ مع اختلاف فى الدرجات بسبب أدوات تعبير كل منهما ـ حفرت عطيات لنفسها اسما كبيرا فى تاريخ السينما التسجيلية المظلومة والمهمشة، وهى بالقطع لا تستحق الظلم الذى يقع عليها بشكل متواصل منذ رحيل «الأبنودي».