نهاية الأسبوع الماضي بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي جولة خارجية مهمة، استهلها بزيارة مملكة البحرين والتي تعد مركزاً مالياً مهماً يستضيف العديد من البنوك العالمية، كما أنها حليف هام لمصر في حربها على الإرهاب.
ثم توجه الرئيس السيسي بعد ذلك إلى بكين لحضور قمة المنتدى الصيني ـ الإفريقي في بكين خلال الفترة من 3 – 4 سبتمبر الحالي يتبعها بزيارة أوزبكستان التي تعد أحد الأسواق المهمة للصادرات المصرية.
يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زياراته الخارجية على أن يكون الملف الاقتصادي من الملفات المهمة على جدول أعماله ولقاءاته حيث يستعرض الفرص الاستثمارية التي تمتلكها مصر، في ظل الإصلاح الاقتصادي والقوانين والتشريعات المشجعة على الاستثمار، وشهادات المؤسسات الاقتصادية الدولية والبنك الدولي وصندوق النقد بنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي.
(1)
تأتى قمة منتدى التعاون الصينى ـ الإفريقى التى تنطلق فى بكين غدًا – الإثنين – وتستمر على مدى يومين والتى يطلق عليها قمة «FOCAC» «فوكك».
خلال السنوات الأربع الماضية وبعد تثبيت أركان الدولة المصرية استعادت مصر مكانتها الدولية والإقليمية، واستطاعت أن تسترد ريادتها للمنطقة، فى ظل التعاون المشترك من أجل مستقبل أفضل للمنطقة وأفريقيا، والنهوض بها وهو ما تحرص القيادة المصرية دائما عليه، حيث تنطلق غدًا – الإثنين – قمة منتدى التعاون الصينى – الإفريقى فى بكين والتى تعد فرصة جيدة لطرح رؤية مصر للنهوض بالقارة السمراء فى ضوء رئاستها للاتحاد الإفريقى عام 2019، وسعيها لتعظيم الاستفادة من الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإفريقيا فى السنوات المقبلة.
وقد نجحت مصر، فى استعادة دورها الريادى والحيوى فى القارة الإفريقية التى تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال أجندة أعمال الاتحاد الإفريقى 2063، الأمر الذى حفز القيادة المصرية على أن تكون صوتا مدافعا عن القضايا الإفريقية فى المنتديات الدولية، كما تسعى إلى بناء تكتلات اقتصادية إفريقية قوية والعمل على ربط الدول الإفريقية، من خلال شبكة من مشروعات البنية التحتية مستفيدة من مبادرة الحزام والطريق التى تنفذها الصين.
(2)
– تحظى زيارة الرئيس السيسى لبكين والتى تعد الخامسة له منذ توليه مقاليد الحكم، بأهمية كبرى لدى القيادة السياسية الصينية التى تراها فرصة مهمة للتشاور وتبادل الآراء بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى وشى جين بينج، فى ضوء رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى العام المقبل، حيث يتطلع الجانب الصينى لدعم مصر لتنفيذ ما سوف يتم الاتفاق عليه خلال القمة المرتقبة فى بكين.
– يتطلع الرئيس الصينى إلى إجراء مباحثات مثمرة مع نظيره المصرى حول القضايا الإقليمية والدولية محل اهتمام مشترك وسبل إعطاء دفعة أكبر لأجندة التعاون الثنائى فى مختلف المجالات.
ـ تتطلع الصين إلى إيجاد أسواق بديلة لمنتجاتها بعد فرض الولايات المتحدة رسوما على الصادرات الصينية إليها بلغت 34 مليار دولار وهو ما دعا الصين إلى البحث عن أسواق أكثر استيعابًا ولديها فرص استثمارية متاحة وواعدة لذا كان حرص الرئيس الصينى على زيادة حجم هذا التعاون مع القارة الإفريقية، عبر تأمين الطرق الملاحية الضرورية لنقل البضائع الصينية. وتأتى هذه التطورات لتعزز من مكانة مصر فى الاستراتيجية الصينية، إذ تعد مصر من أهم الشركاء التجاريين للصين فى القارة الإفريقية، كما أنها تضمن فرصا واعدة لنمو التجارة الدولية الصينية مستقبلا، من خلال قناة السويس التى تؤمن التجارة بين الصين وأوروبا الأمر الذى أكده الموقع المحورى لمصر فى مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ولهذا تسعى القيادة الصينية إلى تنسيق مواقف الدول النامية، من أجل تبنى موقف موحد يدافع عن حرية التجارة والتنمية الاقتصادية فى عصر العولمة.
ـ كذلك حرص الصين على تعزيز العلاقات مع مصر والتى بلغت مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة منذ عام 2014، والاهتمام الصينى بمشروع قناة السويس الجديدة والمشاركة الفعالة فى المشروعات التنموية الكبرى بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
(3)
لاقت رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى لعام 2019 ترحيبا من أطراف دولية مهمة من بينها الصين التى رحبت بهذا الحدث من خلال وزيرها المفوض للشئون الاقتصادية والتجارية بالقاهرة الذى أكد أن رئاسة مصر للاتحاد فى العام المقبل من شأنها أن تلعب دورًا رائدًا فى دفع إفريقيا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة نظرا لمكانتها الكبيرة لدى الصين والدول الإفريقية على حد سواء.
على هذه الخلفية تأتى مشاركة مصر فى أعمال منتدى التعاون الصينى الإفريقى لعام 2018 مختلفة عن مشاركتها السابقة حيث ستحرص فيها على تعزيز المصالح الإفريقية للحد الأقصى لتأكيد فاعلية دورها كعضو فى ترويكا رئاسة الاتحاد فى الوقت الحالى، ولتعظيم فرص نجاحها فى رئاسة الاتحاد بداية من يناير المقبل.
وفى ظل ارتفاع حجم الاستثمارات الصينية فى أفريقيا الى 100 مليار دولار التى يبلغ حجم التبادل التجارى بينها وبين دول القارة 170 مليار دولار.
(4)
بلغ حجم المشروعات المشتركة بين مصر والصين 1320 مشروعًا وحجم التبادل التجارى أكثر من 11 مليار دولار وعدد الاتفاقيات بين البلدين 63 اتفاقية، ما بين ضرائب الدخل والازدواج الضريبى، والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، والتعاون السياحى، واتفاق قرض، والتعاون الاقتصادى والتكنولوجى، وتوفير المياه. كما أن الفترة المقبلة ستشهد إقامة العديد من الاستثمارات الصينية وخاصة فى قطاع المنسوجات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ترى الصين أن قمة منتدى التعاون الصينى – الإفريقى فى بكين حدث تاريخى فريد لتعزيز التضامن والتعاون بين الصين وإفريقيا، خاصة فى هذا التوقيت المهم الذى يشهده الاقتصاد العالمى.
شهدت الفترة الماضية، تحركات دبلوماسية صينية مكثفة، سعيا وراء حشد تأييد الدول الإفريقية فى جهودها فى مواجهة الحرب التجارية الأمريكية وإعطاء دفعة قوية للعلاقات الثنائية، حيث قام الرئيس شى جين بينج، بجولة إفريقية فى يوليو الماضي، شملت كلا من السنغال ورواندا وموريشيوس وجنوب إفريقيا، وأكد خلال مشاركته فى قمة البريكس بجوهانسبرج، أهمية التمسك بنظام متعدد الأطراف، ومطالبة جميع الأطراف بالالتزام الكامل بتبنى القواعد الدولية، وتأكيد التعامل مع جميع الدول على قدم المساواة بغض النظر عن حجمها، ومعالجة القضايا من خلال المشاورات، ومعارضة سياسة الهيمنة والقوة.
كما شدد بينج على أهمية الدعم بقوة لنظام التجارة متعدد الأطراف وإصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية، وزيادة تمثيل وصوت الأسواق الناشئة والنامية، حيث نجحت الصين فى استعادة العلاقات الدبلوماسية مع بوركينا فاسو فى مايو الماضى والتى اعترفت بمبدأ الصين الواحدة، وأن تايوان جزء من الأراضى الصينية.
(5)
من المقرر أن تبحث قمة بكين التى تحمل عنوان «التعاون المربح للجانبين، التكاتف لبناء مجتمع أقرب لمستقبل مشترك للصين وإفريقيا» سبل تعزيز شراكة التعاون بين الصين والدول الإفريقية من خلال الاستفادة من البناء المشترك للحزام والطريق وخطة التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة وأجندة أعمال الاتحاد الإفريقى 2063، بالإضافة إلى الاستراتيجيات المختلفة للدول الإفريقية، بهدف تحقيق التعاون المربح وفتح آفاق جديدة للتنمية المشتركة.
(6)
عقب انتهاء أعمال المنتدى الصينى الإفريقى يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى طشقند عاصمة أوزبكستان والتى تعد الزيارة الرسمية الأولى من نوعها لرئيس مصرى إلى أوزبكستان، حيث من المقرر أن يلتقى السيسى مع الرئيس الأوزبكى شوكت مرضيائيف، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين بأوزباكستان، ليعقد الجانبان جلسة مباحثات لبحث سبل دفع العلاقات بين البلدين، ومن المقرر أن يشهد الرئيس ونظيره الأوزبكى مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بشأن تطوير التعاون المشترك بين الجانبين فى عدد من المجالات، خاصة أن حجم التبادل التجارى بين البلدين بلغ العام الماضى 1.5 مليون دولار وهذا لا يتناسب مع قدرات البلدين.
فى الوقت الذى تتوافر فيه فرص للتعاون والاستثمار بين البلدين فى العديد من المجالات منها الزراعة والصحة والتعدين، الطاقة واللوجستيات والمواصلات، والكيماويات والأدوية، والعقارات والمقاولات، والمنسوجات وتكنولوجيا المعلومات.