رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

فيتنام.. نمر آسيوي جديد يكشر عن أنيابه

2965

داليا كامل
خلال زيارته لفيتنام العام الماضى، وصف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هذه الدولة الآسيوية بأنها «واحدة من أعظم معجزات العالم» .. وهذه بالفعل واحدة من الحقائق القليلة التى قالها ترامب منذ وصوله للبيت الأبيض، فهذه الدولة الواقعة فى جنوب شرق آسيا استطاعت، بالرغم من سقوطها فى العصر الحديث ضحية لحرب دامية استمرت 20 عاما (1955- 1975)، أن تصبح واحدة من أسرع الاقتصادات نموا فى العالم، بل يتوقع محللون اقتصاديون أن تصبح أسرعها نموا بحلول عام 2020.
وتعتبر دولة فيتنام حاليا واحدة من أهم الدول الصناعية فى جنوب شرق آسيا، وذلك بعدما تجاوز معدل نموها الاقتصادى 7% سنويًا، وغزت منتجاتها عالية الجودة أسواق دول صناعية كبرى مثل اليابان والولايات المتحدة ودول أوروبا وغيرها.
وذكر تقرير لموقع «فويس أوف أمريكا» أن فيتنام تسير على خطى الصين فى نموها الاقتصادى حيث تحاكى جارتها فى جهودها للنمو اقتصاديا وأصبحت على بعد عشر سنوات فقط من اللحاق بها.
وفى مقارنة بين الدولتين الصاعدتين اقتصاديا، قال التقرير إن البلدين الشيوعيين، بالرغم من الخلافات السياسية بينهما بشأن السيادة على أجزاء من بحر الصين الجنوبى، فإن كل منهما قد اعتمد فى بناء اقتصاده الخاضع لسيطرة الدولة على خلق الوظائف من خلال تشغيل المصانع والتوسع فى عمليات التصدير إلى الخارج.
وفى نفس الإطار، قال رالف ماتييس ، مؤسس مركز «إنفوكس ميكونج» للأبحاث فى مدينة هو تشى منه الفيتنامية، إن الحكومة فى كلا البلدين تحولت إلى تشغيل المصانع لتوظيف مجموعات كبيرة من السكان غير المتعلمين.
وذكر تقرير «فويس أوف أمريكا» أن فيتنام، مثل الصين قبل عقد من الزمان، تعتمد إلى حد كبير على إنتاج صناعات منخفضة التكنولوجيا للتصدير مثل الملابس والأحذية والأثاث وقطع غيار السيارات والأجهزة الكهربائية المنزلية، وغالبا ما تقوم الشركات فى اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية والغرب بنقل مصانعها الإنتاجية إلى الصين وفيتنام لتوفير تكاليف العمالة. وقد سميت الصين بـ «مصنع العالم» وأصبحت فيتنام الآن غاية للمستثمرين الذين يتطلعون إلى نقل الإنتاج إلى بلد أرخص.
وبالنسبة للمشكلات التى تواجهها فيتنام مثل الفساد، والشلل المرورى، والأداء الضعيف للشركات التى تديرها الدولة، إضافة إلى سرعة نمو الطبقة المتوسطة فيها، فيشير التقرير إلى أنها مشكلات عانت منها جارتها الصين أيضا ولم تمنعها من تطوير اقتصادها.
وفى أحدث الخطوات المتشابهة بين الدولتين، ذكر التقرير أن الجمعية الوطنية فى فيتنام تدرس حاليا إنشاء ثلاث مناطق اقتصادية خاصة، وقال موقع «فين إكسبريس إنترناشيونال» الفيتنامى للأنباء إن هذه المناطق ستقدم للمستثمرين الأجانب إعفاءات جمركية وعقود إيجار للأراضى طويلة المدى.
كما أعلنت فيتنام فى عام 2017 عن حملة ضد الفساد على غرار الحملة الصينية لمكافحة الكسب غير المشروع التى يقو ل الخبراء إنها أصبحت أكثر صرامة منذ عام 2012. وعمدت الحكومة الفيتنامية أيضا إلى خصخصة الآلاف من الشركات الحكومية فى فيتنام إما جزئيا أو بشكل كامل، ويشير محللون إلى أن الحكومة الفيتنامية تحتاج إلى إنفاق نحو 25 مليار دولار سنوياً على تطوير البنية التحتية من أجل الاستمرار فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، وأن بيع أصول الدولة يساهم فى تمويل ذلك جزئياً.
ويرى محللون أن نتائج النمو الاقتصادى المدفوع بعمل المصانع والذى شهدته الصين منذ عقد مضى بدأت الآن تظهر فى فيتنام، حيث تقول مجموعة بوسطن الاستشارية إن عدد الفيتناميين من الطبقة المتوسطة وما أعلاها سوف يتضاعف بحلول عام 2020 إلى نحو ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 93 مليون نسمة.
يذكر أن فيتنام هى جمهورية اشتراكية تقع فى جنوب شرق آسيا على خليج تونكين وبحر الصين، وتنقسم فيتنام إلى 58 محافظة
و5 بلديات، تخضع جميعها لحكومة مركزية واحدة
وعاصمتها هانوى.
تعد اللغة الفيتنامية هى اللغة الرسمية الوطنية فى فيتنام، ويتحدث بها معظم سكانها، أما الأقليات فى فيتنام فيتحدثون بعدة لغات أخرى مثل التاى والمونج والصينية والكمير، أما اللغة الفرنسية التى تعد من بقايا الاستعمار فإنها لا يزال يستخدمها كبار السن كلغة ثانية. وفى السنوات الأخيرة ازدادت العلاقات بين فيتنام ودول الغرب مما جعل اللغة الإنجليزية لغة ثانية فى الدولة. وأصبحت دراسة اللغة الإنجليزية إلزاماً فى معظم المدارس، وبذلك حلت محل اللغة الفرنسية التى لا تزال تستخدم فى بعض المدارس العالية المستوى.
وتصنف فيتنام ضمن الأسواق الناشئة التى تتميز باقتصاد ديناميكى ومتنوع وزيادة عدد سكانها وارتفاع نسبة الشباب فيها حيث يحتل الشباب الذين تقل اعمارهم عن 30 سنة نسبة 60% من سكانها.
وقد بدأت فيتنام مسيرة الإصلاح الاقتصادى بقيادة الحزب الشيوعى الحاكم فى عام 1986، حيث عملت الدولة على إزالة كل المعوقات أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتجارة.
ومع بداية 1990 أصبحت فيتنام من أسرع دول النمور الآسيوية نموا وتوسعا فى الأنشطة الاقتصادية باستثناء الصين، التى كانت تحقق آنذاك معدل نمو يتجاوز الـ10% سنويا، حيث حققت فيتنام معدل نمو تجاوز 7% عقب الألفية الثانية، وهو معدل لم تكن تحققه أى دولة آسيوية أخرى فى هذا الوقت باستثناء الصين.
ويقول الخبراء إنه من أهم عناصر نجاح التقدم الاقتصادى والصناعى فى فيتنام هو التعليم.. حيث عمدت السلطات إلى تطوير التعليم بصورة راقية وخصصت نحو 7% سنويا من ميزانية البلاد للإنفاق على التعليم وتخريج أجيال شابة متعلمة ومدربة.
فى عام 2000 اتخذت السلطات الفيتنامية خطوة أخرى مهمة لتحرير الاقتصاد وتحقيق نقلة جديدة فى التقدم، حيث أعلنت «قانون الشركات» الذى قلص بشكل غير مسبوق سلطة الدولة والحزب الشيوعى فى إنشاء وعمل الشركات.. وكما يقول الخبراء، فإن هذا القانون قاد إلى «ثورة» فى الاقتصاد الفيتنامى وأسهم بشكل مذهل فى تحرير القيود التى كانت تكبل مسيرة التقدم الاقتصادى لفيتنام، وهكذا أصبحت فيتنام المصدر الأول للفلفل والمكسرات فى العالم، وثانى أكبر مصدر للأرز بعد تايلاند، وثانى أكبر مصدر للقهوة بعد البرازيل، وخامس دولة فى العالم فى إنتاج الشاى، وسادس أكبر مصدر للمنتجات البحرية والأسماك والجمبرى والتونة، فضلا عن صادرات الجلود والملابس الراقية والأجهزة الإلكترونية عالية الجودة، وأصبحت علامة «صنع فى فيتنام» تعنى الجودة والمتانة، ومعظم الشركات العالمية الكبرى لديها حاليا مصانع فى فيتنام فى كل القطاعات، خاصة تلك التى تحتاج أيدى عاملة متعلمة ومدربة مثل الأجهزة الإلكترونية والموبايلات والكمبيوتر وغيرها. وهكذا تحولت فيتنام بسرعة مذهلة من دولة يعتمد اقتصادها على الزراعة بشكل أساسى إلى دولة تقدم المنتجات الصناعية عالية الجودة، ولم تعد الزراعة تسهم إلا بنحو 20% فقط فى الاقتصاد، وكما تقول مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، فإن مثل هذا التحول استغرق فى الصين 29 عاما، وليس 15 عاما كما فى فيتنام، وفى الهند استغرق 41 عاما.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو الاقتصادى السنوى لفيتنام بنسبة نصف فى المائة ليصل إلى أكثر من 7% بحلول عام 2019 وذلك نتيجة لاتفاقية التجارة الحرة التى تم التوصل إليها مع الاتحاد الأوروبى عام 2015 ومن المتوقع تنفيذها هذا العام.
كما أصبحت فيتنام مؤخرًا مقصدًا سياحيًا مهمًا، ومن أشهر المعالم السياحية فى البلاد الجسر الذهبى الذى تم افتتاحه فى يونيو الماضى، والذى يبدو وكأنه معلق فى الهواء وتمسكه يدان حجريتان عملاقتان. وشيد الجسر البالغ طوله 150 مترا، فوق تلال «با نا» ذات المناظر الخلابة التى تقع على ارتفاع 1400 متر فوق مستوى سطح البحر ويقدم تجربة رائعة بالسير فوق السحاب مباشرة.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.