إبراهيم رضوان
يبدو أن حمى شراء الأندية بدأت تنتشر في مصر ، بعد أن تحولت كرة القدم من لعبة إلى صناعة يتداخل فيها الرياضي بالمالي وحتى السياسي ، وتعد تجربة الاستثمار في الأندية الكروية صناعة رائدة في أوروبا، وقد بدأت في الفترة الأخيرة تخطو بخطوات خجولة على المستوى العربي، من ذلك التجربة مع «نادي الأسيوطي»، والتي يتطلع المصريون إلى أن تكون محفزا لتوسيع النطاق أكثر وفتح الباب أمام دعم صناعة الاستثمار في الأندية الرياضية وتسهيل الأرضية لذلك من خلال القوانين وتوفير كل الوسائل المشجعة لذلك.
لم تعرف الكرة المصرية عبر تاريخها الممتد لأكثر من 100 عام صفقة بيع نادٍ، باستثمارات ضخمة من شأنها أن تجعله من بين المنافسين على القمة فى كل البطولات، ولكن مع تغير قوانين الرياضة التى أجبرت الاندية على أن تكون وحدات منتجة بعيدة عن دعم الدولة، حتى بدأت حمى الشراء، بداية من «الأسيوطى» برءوس أموال سعودية وإمارتية، ثم سرت شائعات ببيع اندية غزل المحلة، والبلاستيك، والترام بالإسكندرية وهى من الأندية الشعبية العريقة، الأكثر من هذا تنتشر شائعات بأن الموسم المقبل للدورى المصرى سيظهر أكثر من نادى خاص ومنها (المقاصة والكروم وفاركو) وغيرها، مع سريان شائعات ببيع عدد كبير من أندية وفرق الدرجة الثانية، كل هذا دفع خبراء الرياضة الى التساؤل الى أين يتجه ميزان الرياضة فى مصر، والى أين يتجه الدورى المصرى، وهل المقصود من كل هذا تطوير الرياضة وكرة القدم، خاصة أم أنها مجرد فقاعة، ستنتهى كيفما بدأت، ولن ينتج عنها سوى تضخم ثروات بعض اللاعبين فقط، يعقبه انهيار تام، خاصة أن هذه الاستثمارات لا تهتم بالمنشآت ولا بالتدريب، ولكنها استثمارات معلبة، تبحث عن الشهرة فقط.
«أكتوبر» استطلعت آراء عدد من الخبراء والمختصين.
انتعاش وتطوير
يقول وكيل لجنة الشباب والرياضة فى مجلس النواب سمير البطيخى، إن دخول المستثمرين مجال الرياضة، سينعش الحركة الرياضية فى مصر، وسيطور من الرياضة، ونحن فى البرلمان ندعم هذا الأمر، لأن المستثمر يقوم بتطوير المنشآت القائمة كما حدث فى بعض الملاعب، وتطوير وتدعيم الفريق بكامله للمنافسة، وبالتالى تفريخ الأبطال.
أما اللواء خالد عليوة رئيس مجلس إدارة نادى الترام السكندرى ذات الشهرة التاريخية فى الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات فيرفض فكرة استحواذ المستثمرين على الأندية، ويرفض فكرة بيع نادى الترام، لأن هذا معناه طرد أبناء النادى الحقيقيين لصالح رأس المال والشهرة، والاستفادة من أصول النادى، ونادى الترام لديه قاعدة رياضية قوية جدًا فى كل الألعاب، وكل ما نحتاجه فقط صالة مغطاة، ولكننا لن نفرط فى النادى ولا منتسبيه ولا منشآته، ويكفى كفاحنا لتخليصه من البلطجية الذين سيطروا عليه وعلى أصوله.
المحلة لن يباع
وينفى المهندس إبراهيم صادق، رئيس نادى غزل المحلة المصرى، ما تردَّد حول بيع النادى إلى الأمير الوليد بن طلال وقال رئيس نادى غزل المحلة إنه لا صحة لما تردَّد حول بيع النادى إلى أى مستثمر عربى، موضحًا أن النادى لم يتوصل لأى اتفاقات ولم يحدث أى تطور بخصوص بيع ملكية النادى، وأضاف: «الأمر ليس بالسهولة التى يتصورها البعض وليس معنى تشكيلنا لجنة لتسويق النادى وتنمية موارده وطرح فكرة الاستثمار أننا بعنا النادى لأى مستثمر».
سموحة فى البورصة
أما رئيس لجنة الرياضة فى مجلس النواب ورئيس نادى سموحة، فرج عامر فيكشف أنه رفض عرضا لبيع فريق كرة القدم التابع لناديه بمبلغ خرافى لإحدى المؤسسات العربية، خلال الفترة الحالية.
وقال رئيس سموحة عبر حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»: «سموحة يرفض بيع فريق كرة القدم بمبلغ خرافى من مؤسسة عربية ترغب فى الاستثمار فى كرة القدم».
وأضاف: «وتقرر إنشاء شركة لادارة كرة القدم طبقا لقانون الرياضة الجديد وقواعد دورى المحترفين وتحقيقا لمبدأ اللعب النظيف»، مضيفًا: «سموحة يملك ٦٦% من أسهم الشركة وسيطرح باقى الأسهم فى البورصة وأولوية الشراء للاعضاء العاملين».
خط أحمر
ويجيب على استحياء رئيس نادى الاتحاد السكندرى محمد مصيلحى قائلًا: لايصح بيع الأندية الشعبية، الأندية الشعبية خط أحمر لأنها ملك للناس، للشعب، وليست ملكا لشخص يفعل فيها ما يريد، ويجب تقنين هذا الأمر، وبعد موسم أو موسمين ندرس التجربة، إما بتعميمها أم إلغاؤها.
ويقول أحمد الكاس نجم المنتخب فى التسعينيات: «المفروض بيع المنشأة الرياضية يكون بهدف التطوير، وليس فقط بيع وشراء عددد من اللاعبين بأرقام خيالية، لا تعكس حتى واقع المجتمع، وهذا لا يحدث، أين تطوير المنشآت، وتوسيع قاعدة الجماهير، أخشى أن يكون كل هذا بهدف ضرب أندية لها تاريخ.
مراكز الشباب
وترى صفاء الشريف وكيل وزارة الشباب والرياضة بالإسكندرية أنه لا يجوز شراء أو بيع أندية مملوكة ملكية عامة، فهى ملك الشعب، صحيح لابد من تنمية الموارد، ولكن يكون هذا بطرق عديدة ما عدا البيع، لأن هذه الأندية لديها أصول بالملايين وربما بالمليارات، وهذه الأندية فى حد ذاتها قيمة أخلاقية، وليست مالية فقط، نافية أن يكون هناك عروض لشراء مراكز الشباب.
أما د. محمد رمضان أستاذ التربية الرياضية والمتخصص فى كرة القدم واقتصاديات الأندية، فيقول ما يحدث من حمى شراء الأندية مجرد فقاعة، مثل شراء أصول القطاع العام، يجب تقنينه، ووضع ضوابط له، وأحذر من بيع الأصول خاصة أراضى الأندية، فهى لا تقدر بثمن، كما أن التجربة لا يمكن الحكم عليها الآن، فما نراه حاليا ليس احترافًا ولكنه انحراف واغتراف، وقوة الدورى المصرى ليس بدخول مستثمرين لشراء الاندية، ولكن بإرساء قيم رياضية فى هذه الأندية، وأن الرياضة حق للجميع.