رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

عودة الروح لقطاع الأعمال العام (2-2)

2102

أدى إهمال شركات قطاع الأعمال العام على مدار عشرين عامًا إلى تكبد الدولة لخسائر مادية فادحة، وتردى أوضاع الصناعات بالقطاع، والتى يعد الكثير منها حيويًا للغاية، فهى تضم أهم وأضخم الصناعات فى مصر، والتى من شأنها تحقيق مكاسب كبرى للاقتصاد وقطاع الصناعة فى حالة تنميتها وإصلاح أوضاعها.
وتمتلك الشركات- وفق تقييم أجراه خبراء وبنوك استثمارية – أصولا قدرت عقب قرار تحرير سعر الصرف بأكثر من 3 تريليونات جنيه.
ويبلغ عدد الشركات القابضة 8 شركات فى قطاعات الغزل والنسيج والصناعات الدوائية والمعدنية والكيماوية والنقل البحرى والبرى والسياحة والفنادق والتشييد والتعمير والتأمين.
ويندرج تحتها 121 شركة، بالإضافة إلى نحو 300 شركة بمساهمات مع جهات أخرى.
ويزيد عدد العمالة فى هذه الشركات على 230 ألف عامل تصل مرتباتهم إلى 14.5 مليار جنيه سنويًا.
وتمثل بعض شركات قطاع الأعمال العام قنابل موقوتة تستدعى تدخلاً عاجلًا لوقف نزيف خسائرها، وهى أزمة لابد من التصدى لها وإيجاد حلول فعلية لها.
وهناك شركات أخرى رابحة تحتاج لتطوير منظومة الإدارة لتحقيق عوائد أفضل بما يخدم أهداف الاقتصاد القومى.

فى نهاية شهر يونيو الماضى اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع د. مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء وهشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، واستعرض الوزير محاور خطة عمل الوزارة والرؤية والأهداف التى تسعى لتحقيقها لتطوير شركات القطاع خلال المرحلة المقبلة.
وذلك من خلال محورين رئيسيين يتناولان الملفات الملحة والأخرى على المدى المتوسط، مشيرًا إلى أنه جار إعداد دراسة شاملة للقطاعات المختلفة، وتحديد نقاط القوة والضعف، والشركات المتعثرة والناجحة، بهدف وضع استراتيجيات مناسبة للتعامل مع تلك الشركات.
واستعرض الوزير التحديات التى تواجه عددًا من الشركات والإشكاليات التى تعمل الوزارة على التغلب عليها سعيًا لاستكمال إعادة الهيكلة.
وقد وجه الرئيس بتطوير شركات قطاع الأعمال العام على نحو يسفر عن تعظيم مساهمة هذا القطاع بأصوله العديدة والمتنوعة فى الاقتصاد القومى وليشارك بفاعلية فى عملية التنمية الشاملة، وذلك بتطوير تلك الشركات من خلال حوكمة أدائها وإصلاحها إداريًا لزيادة إنتاجيتها.
كما وجه بالقيام بحصر دقيق لأصول شركات قطاع الأعمال العام لتعظيم الاستفادة منها.
وخلال افتتاح مجمع بنى سويف الصناعى قبل عيد الأضحى قال الرئيس: إن أكثر من 120 شركة تحتاج ما يزيد على 150 مليار جنيه للتطوير.
والشركات قادرة على تحقيق التوازن المطلوب فى الأسواق، إذا ما تحسن أداؤها ووفرت سلعًا ومنتجات تنافسية.
وأضاف الرئيس: «الشركات ديه لو قايمة مضبوط، كل شركة منها تحل مسألة كبيرة أوى فى مصر فى الأغذية والغزل والحديد والصلب وغيرها، من حق الـ 100 مليون مصرى إننا نعمل حاجتنا».
وأكد الرئيس أنه يريد خلال 3 شهور الانتهاء من وضع خطة وخريطة كاملة لتطوير شركات قطاع الأعمال العام بمشاركة جميع الوزارات المعنية وعرضها عليه لاتخاذ قرار بشأنها.

وهناك تحديات عديدة تواجه تطوير شركات قطاع الأعمال العام أولها عدد العمالة غير المنتجة والتى تمثل تحديًا كبيرًا يستنفد موارد وأرباح الشركات ويحول الربحية إلى خسائر فى بعض الشركات، بسبب المرتبات والحوافز دون وجود إنتاج يوازى هذه المرتبات، فعدد العمالة يزيد على 230 ألف عامل فى 121 شركة وهو رقم كبير جدًا يستدعى خفضه بفتح باب المعاش المبكر للعاملين.
إضافة إلى تهالك المصانع والمعدات التى لم يطل التطوير الكثير منها، وبعضها يجب أن يوضع فى المتحف، فهذه المصانع لكى تنتج وتنافس تحتاج إلى مليارات الجنيهات لكى يتم تطويرها وتعمل بكامل طاقتها وتنافس بقوة.
كما أن أعمار بعض القيادات فى بعض الشركات كبيرة السن ويجب استبدالها بقيادات شابة قادرة على العطاء.
وهناك ضرورة ملحة لتسوية المديونيات التى تراكمت على الشركات لتصل إلى حوالى 24 مليار جنيه فقط لبنك الاستثمار القومى، إضافة لمديونيات أخرى للحكومة ممثلة فى وزارة الكهرباء والبترول وغيرهما.
أيضًا هناك مستحقات للشركات لدى الحكومة يجب سدادها، فمثلاً مديونيات وزارة الصحة لصالح القابضة للأدوية تتجاوز المليار جنيه.
كما يجب بحث تأثير تحرير سعر الصرف على بعض الصناعات، والذى تسبب فى خسائر ضخمة، فبلغت خسائر الشركة المصرية للأدوية 600 مليون جنيه، وتشكّلت لجنة للتعويضات.
وهناك ضرورة أيضًا لإنهاء القضايا والتحكيم الدولى على الشركات العائدة من الخصخصة بأحكام قضائية والتى يبلغ عددها 7 شركات من أصل 250 شركة تم خصخصتها سابقًا، وتعرضت شركات مثل عمر أفندى، وطنطا للكتان، وسيمو للورق، والمراجل التجارية وغيرها للتحكيم الدولى.
كما أن هناك صعوبة فى تطبيق قرارات دمج الشركات المتشابهة فى كيان واحد، ومنها الشركات التى تعمل فى قطاع التشييد والبناء لتقليل عدد الشركات.
وأيضًا نقل جميع الصناعات المغذية لصناعة السيارات تحت مظلة إدارة شركة قابضة واحدة.

ولا شك أن إصلاح وإعادة هيكلة قطاع الأعمال العام يحتاج إلى إصلاح تشريعى، فالقانون 203 لسنة 1991 تجاوزه الزمن، وأصبح القطاع فى حاجة لقانون جديد هدفه إصلاح المنظومة الإدارية، وتهيئة مناخ صالح يحفز ويشجع على العمل والمنافسة وزيادة معدلات الإنتاج، والارتقاء بمستوى تنافسية المنتج، مع الحفاظ على العاملين بشركات القطاع ورفع قدراتهم الفنية والإنتاجية والمعيشية فى آن واحد.
ولا يزال التعامل فى شركات قطاع الأعمال يتم من خلال اللوائح التى وضعت عام 1995 تنفيذًا للقانون 203 لسنة 1991.
وقد مضى على هذه اللوائح أكثر من عشرين عامًا وأصبحت لا تتناسب مع أوضاع العاملين، الأمر الذى يتطلب ضرورة إجراء بعض التعديلات على مواد هذه اللوائح.
ووصف بعض الخبراء القانون أنه معوق للتنمية، وطالب البعض بتغييره وتعديله لكى يساعد الإدارات على اتخاذ قرارات سريعة ومدروسة بعيدة عن البيروقراطية التى تسببت فى تعطيل العديد من الخطوات التى تساهم فى التطوير واستغلال كل أصل من أصول الشركات فى التطوير.

وكانت الحكومة قد بدأت السنوات الماضية فى تنفيذ برنامج طموح لتطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال، والذى انعكس على ارتفاع النشاط الجارى لهذه الشركات ليصل إلى 85 مليار جنيه خلال العام المالى 2016/2017.. وتستهدف الحكومة فى ضوء برنامجها خلال الفترة (2018/2019 – 2021/ 2022) والذى وافق عليه البرلمان، تحقيق نمو فى هذه الإيرادات بمعدل 12% سنويًا، من خلال عدة محاور رئيسية، ممثلة فى هيكلة الإدارة بإعادة تشكيل مجالس الإدارات وهيكلة العمالة وتدريبها.
بالإضافة إلى الاستغلال الأمثل للأصول باستخدام الأصول غير المستغلة كحصص عينية فى شركات جديدة أو لتسوية المديونيات، بالإضافة إلى مراجعة قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991.
وتتضمن المحاور أيضًا الهيكلة المالية، وذلك بتسوية المديوينات المتراكمة من خلال برنامج الطروحات الذى يهدف إلى تمويل الشركات من خلال طرح نسبة (15 – 30%) من رأس المال فى البورصة، وتتضمن المرحلة الأولى منه 23 شركة مستهدف تنفيذها خلال عامين، ويأتى تطوير العمل والإمكانيات الفنية، كأحد المحاور الرئيسية، وتشمل تطوير شركات حليج الأقطان، تطوير شركات الغزل والنسيج، ونقل بعض المصانع خارج الكتلة السكنية، تطوير شركتى الحديد والصلب والدلتا للصلب لشبر الخيمة، واستكمال تحديث شركة النصر لصناعة الكوك، وتطوير شركة مصر للألومنيوم بزيادة الطاقة الإنتاجية بمقدار 250 ألف طن، وإعادة هيكلة شركتى الدلتا للأسمدة والنصر للأسمدة.
والانتهاء من مشروع إعادة تأهيل مصانع شركات الصناعات الكيماوية (كيما) للعمل بالغاز الطبيعى، ودمج بعض الشركات العاملة بقطاع المقاولات وتطوير جميع الفنادق المملوكة للدولة.

وخلال اجتماع د. مصطفى مدبولى مع هشام توفيق يوم الأحد الماضى أكد رئيس الوزراء على أهمية البدء فى خطة تطوير شركات قطاع الأعمال العام وإدارتها بشكل يحقق عوائد أفضل بما يخدم أهداف الاقتصاد القومى ومصالح العاملين، وعرض وزير قطاع الأعمال العام تقرير مؤشرات الوضع المالى لكل الشركات، بما يشمل إيرادات النشاط وصافى الأرباح وحقوق المساهمين.
وقال إن 48 شركة لم تحقق أرباحًا ووضع خطة لتطويرها والتركيز على 26 شركة منها تمثل 90% من إجمالى الخسائر.
وأوضح أن خطط التطوير تراعى أوضاع كل شركة وأنه تم التوصل إلى خطط مختلفة لتطوير ثلاثة أنواع منها، وأنه تم الاستقرار على خطط تطوير 26 شركة معظمها فى القطاع الصناعى بلغت خسائرها فى يونيو 2017 حوالى 6.7 مليار جنيه بما يعادل 90% من إجمالى خسائر الشركات.
وأكد الوزير أنه من بين الحلول التحديث الكامل للمصانع بشكل كامل لتعظيم الاستثمارات على المدى الطويل، وقال إن هناك خطة أخرى لتطوير الشركات الرابحة يتم خلالها تطوير منظومة الإدارة وتغيير عدد من القيادات التنفيذية إلى جانب دراسة دمج بعضها فى نفس التخصص والتعاون مع القطاع الخاص المؤهل فى تنفيذ مشروعات التطوير.

وإذا كانت الحكومة قد خصصت مبلغ 63.3 مليار جنيه لصالح برنامج تطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، إلا أن الأمر يستدعى مبادرة خاصة من البنك المركزى لمنح شركات قطاع الأعمال العام قروضًا بفائدة مخفضة، كما هو الحال مع المشروعات الصغيرة التى تحصل على تمويلات بفائدة مدعمة (5% و7%).
فمازالت قروض شركات قطاع الأعمال تصل فائدتها إلى 17.95% منذ تحرير سعر الصرف، وهى فائدة مرتفعة تصعب مهمة التطوير والتحديث وإعادة الهيكلة.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد طلب من محافظ البنك المركزى طارق عامر دراسة مشاركة البنوك فى تطوير قطاع الأعمال العام عبر توفير التمويل اللازم بأسعار فائدة مخفضة.
سنوات الإهمال مضت وانتهت بغير رجعة، وأصبحت القيادة السياسية والحكومة تدرك مدى أهمية شركات قطاع الأعمال العام، وأنها صروح صناعية لا يمكن التخلى عنها، والعمل جار لتطويرها وتحديثها وإعادة هيكلتها وبث الروح فيها لتعود وتسهم بدور فاعل فى الاقتصاد القومى وفى عملية التنمية الشاملة.

 




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.