صالون الرأي
السيسي وبوتين زعيمان من طراز خاص
By mkamalأكتوبر 22, 2018, 15:15 م
2122
حينما فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسى أعضاء مجلس الفيدرالية الروسى وهو أعلى غرفة فى الاتحاد الروسى فى بداية كلمته بأنه يود أن يوجه التحية إلى العلاقات المصرية الروسية بمناسبة مرور عامها الخامس والسبعين وهو ما يعرف بالعيد الماسى لبداية هذه العلاقات والذى استجاب له أعضاء الفيدرالية بالتصفيق المستمر لمدة تقارب الدقيقة كتحية ورد على ما طلبه الرئيس السيسى من مجلس الفيدرالية فلم يكن غريبًا أن يطلب الرئيس السيسى هذه التحية فقد كان الرئيس المصرى أول رئيس أجنبى يوجه خطابًا تاريخيًا للشعب الروسى عن طريق مجلس الفيدرالية الذى يمثل أعلى غرفة فى هذا المجلس الاتحادى، وقد أوضح فيه الرئيس السيسى الخطوط العريضة لهذه العلاقة الفريدة التى تربط مصر بروسيا الاتحادية واصفًا روسيا بأنها دولة صديقة وأن مصر لن تنسى دعم روسيا على مدى تاريخ هذه العلاقة والتى ستظل دائمًا عالقة فى أذهان المصريين وكان أهمها دعم روسيا لمصر فى بناء السد العالى وفى استعادة الأرض وبعد ثورة 30 يونيو 2013 حيث كانت روسيا من أوائل الدول التى دعمت الدولة المصرية والمصريين فى ثورتهم الشعبية فى 30 يونيو.
الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس بوتين زعيمان من طراز خاص حيث كانا من خلفية مخابراتية وعسكرية وأمنية، ويمتلك كل منهما ثروة من المعلومات الأمنية والمخابراتية قبل وصولهما إلى كرسى الرئاسة فقد كان الرئيس بوتين قبل عام 2000 يكافح الإرهاب فى الشيشان إبان فترة تفكك الاتحاد السوفيتى الأسبق أيام جورباتشوف ويلتسين وكان الرئيس السيسى مسئولاً عن المخابرات الحربية قبل توليه مسئولية وزارة الدفاع فى مصر وحينما تولى مسئولية الرئاسة عام 2014 بعد ثورة 30 يونيو بعد أن طلب الشعب المصرى منه أن يقوم بالترشيح للرئاسة بناءًا على رغبة الشعب المصرى وهو كجندى مصرى يخدم مصر فى أى مكان وهو ما ذكرته رئيسة المجلس الفيدرالى فالنتينا ماتفيينكو بأنه لشرف كبير أن يكون الرئيس عبد الفتاح السيسى أول رئيس أجنبى بالعالم يتحدث أمام المجلس الفيدرالى الروسى لافتة إلى أنها تتذكر جيدًا اللقاء الذى جرى معه خلال زيارة رسمية لها لمصر منذ أكثر من عام ولفتت بأنه شخصية سياسية مرموقة تتسم يالحكمة وبعد النظر وأنه مخلص إخلاصًا كبيرًا لبلاده.
واللافت للنظر أنه منذ وصول الرئيس السيسى لموسكو فقد أصدر الرئيس فلاديمير بوتين مرسومًا بتوقيع اتفاقية شراكة شاملة وتعاون استراتيجى على أعلى المستويات مع مصر وذلك احتفاءًا بزيارة الرئيس السيسى لروسيا الاتحادية وقد نص المرسوم الرئاسى الذى نشر على البوابة الرسمية للمعلومات القانونية للكرملين على قبول المقترحات التى قدمتها وزارة الخارجية الروسية المتوافق عليها مع أجهزة السلطة التنفيذية الروسية الفيدرالية المعنية بشأن توقيع اتفاقية بين روسيا ومصر حول الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجى بين البلدين والتنسيق المكثف حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتعزيز العلاقات المتميزة بين مصر وروسيا على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والدولية والإقليمية.
إن العلاقات المصرية الروسية لها طبيعة خاصة منذ فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى فلا ننسى موقف روسيا من العدوان الثلاثى عام 1956 ووقوفها مع مصر حتى تحقق الجلاء وبعد ذلك وقوفها مع مصر فى بناء السد العالى بعد أن رفض البنك الدولى دعم مصر ماليًا فى بناء السد العالى وكان موقف روسيا (الاتحاد السوفيتى آنذاك) الداعم لمصر سياسيًا وماليًا وعلميًا وقد جاء الخبراء الروس إلى مصر ليدعمونا بخبرتهم العلمية والتكنولوجية فى بناء السد حتى اكتمل البناء بأيادى مصرية وتكنولوجيا علمية روسية حتى تم افتتاح السد العالى فى موعده، وكان الدعم الروسى لمصر فى مجال التصنيع غير مسبوق فقد ساعدتنا روسيا فى إنشاء شركة الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم وكثير من الصناعات المصرية التى كانت تقوم عليها الأيادى المصرية الماهرة حتى وصلنا إلى إنشاء مصنع للطائرات والذى توقف بعد حرب 1967 وبتحقيق النصر العظيم لجيشنا الباسل فى 6 أكتوبر 1973 واستعادة الأرض المصرية، كانت روسيا داعمًا رئيسيًا لمصر فى المحافل الدولية والإقليمية والأمم المتحدة حتى بعد إنجاز معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 لم تنته هذه العلاقات بل استمرت حتى جاءت ثورة 30 يونيو 2013 وكانت روسيا الاتحادية والرئيس بوتين أول دولة تعترف بثورة المصريين الشعبية وأول رئيس يدعم مصر فى موقفها الدولى والعالمى والإقليمى وكان الرئيس بوتين أول رئيس يستقبل المشير عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع المصرى آنذاك ويحتفى به احتفاءًا خاصًا به كقائد لجيش مصر الذى استجاب لنداء شعبه ووقف معه فى ثورته ضد الإخوان والإرهاب ومن هنا جاءت هذه العلاقة الوطيدة بين اثنين من القادة من الطراز الخاص الذى يمتلك ثروة معلومات واسعة وكبيرة من واقع المسئوليات التى تولوها، وتوطدت هذه العلاقات فى عدة لقاءات وصلت إلى ما يقرب من 9 لقاءات بين الرئيسين منذ عام 2014 وحتى الآن، إلا أن زيارة الرئيس الروسى بوتين لمصر عام 2015 واحتفاء الشعب المصرى بهذه الزيارة واحتفاء الرئيس السيسى بحضور الرئيس بوتين لمصر وطد وعزز هذه العلاقة وجاء موقف مصر والرئيس السيسى من الحرب فى سوريا داعمًا لمبدأ الحفاظ على الدولة الوطنية السورية أكبر دليل على التنسيق وتحليل المواقف الدولية حفاظًا على الأمن القومى العربى والأمن القومى للدولة المصرية حيث تمثل سوريا العمق الشمالى للأمن القومى المصرى الذى تنظر إليه الدولة المصرية دائمًا وتعمل لصالحه وجاء هذا الموقف المتوازن ليعزز التنسيق بين السياسة المصرية والروسية التى تتطابق فى عدة أوجه كثيرة حفاظًا على الأراضى السورية والتراب السورى من الانقسام وجاءت معركة مكافحة الإرهاب لكى يحدث التنسيق بين السياسة المصرية والسياسة الروسية فى مكافحة الإرهاب الدولى والقضاء على العناصر الإرهابية حتى جاءت معركة المواجهة الشاملة لمكافحة الإرهاب فى سيناء لتدعم روسيا مصر فى معركتها ضد الإرهاب فى سيناء وعلى مختلف جبهاتها وحدودها الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية حيث أعلنت روسيا الاتحادية تقديرها ودعمها للخطوات المصرية فى معركتها فى مكافحة الإرهاب طوال عدة سنوات نيابة عن العالم، نحن أمام زعيمين من طراز خاص من القادة عبد الفتاح السيسى القائد المصرى الذى تولى قيادة مصر فى ظروف صعبة وفلاديمير بوتين الذى تولى روسيا الاتحادية وهى فى ظروف صعبة أيضا بعد تفكك الاتحاد السوفيتى السابق وقد حقق كل من الزعيمين خطوات ونجاحات غير مسبوقة فى سبيل النهوض والتنمية ببلادنا وروسيا ورغم وجود العراقيل والمشكلات التى واجهناها وواجهتها روسيا من الدول الغربية وأمريكا بعد أحداث أوكرانيا والقرم إلا أن كلاً من الزعيمين له بصمات واضحة تحققت وتتحقق إن شاء الله.
بقيت مسألة السياحة الروسية لمصر وعودة الطيران الروسى إلى شرم الشيخ والغردقة نتمنى أن تأخذ دورها على أرض الواقع حتى تتحقق الشراكة الشاملة كما أكد المرسوم الرئاسى الروسى الذى أصدره بوتين فى بدء زيارة الرئيس السيسى لروسيا الاتحادية.