صالون الرأي
حريتك الشخصية يرفضها الأحرار
By mkamalديسمبر 24, 2018, 14:23 م
1912
ترقص وتلبس البكينى فهذه حريتها الشخصية، ولها ما تشاء فى عرض صور وفيديوهات مواهبها، ليتمتع بها رواد صفحتها على الفيس بوك أو لينفروا منها، ولإصرارها على عدم ستر «بلوة» مفاتنها، فصلوها من كليتها بعد تحقيقات طويلة، رغم أنها أستاذة فى الآداب أم لأن لها الحق فى هذا باعتبارها أستاذة فى الأدب الإنجليزي، غير أن أستاذة الجامعة فى بلاد الإنجليز لا تجرؤ على نشر صورها بالبكيني، وتجاوزت حريتها الشخصية إلى حد الازدراء من الدين الإسلامي، ووصلت حريتها إلى عدم انتظامها بعملها فى الجامعة وآخر ما فعلته حريتها الشخصية، نشر صورة تجمعها مع السفير الإسرائيلى فى القاهرة، وسبق لها أن نشرت على صفحتها منذ عدة شهور صورة وهى فى صحبة فتاتين من إسرائيل فى رحلة إلى سيناء، وأشارت فى تعليقها على الصورة أن فتاتى إسرائيل تفكيرهما أرقى من بنات بلادنا.
ويبدو أن حريتها لا تعرف أن جيش إسرائيل يقتل يوميًا صغار وكبار الفلسطينيين لمجرد طلب حق العيش على أرضهم، وأن إسرائيل تهجر فلسطينيين من أرضهم ومنازلهم من وقت لآخر لتتوسع فى بناء المستوطنات، ولا تعلم أن سلطات الاحتلال تفرض الحصار بشكل غير مسبوق لتؤدى إلى خناق اقتصادى واجتماعى على الفلسطينيين، ولتقيد حركاتهم فى التنقل والتجارة لتلبية احتياجاتهم الضرورية، ولا تعلم الأستاذة الجامعية أن مقدساتهم ينتهكها المحتل الإسرائيلي، حتى أن رجال الدين المسيحى الفلسطينى اعتدوا عليه، ولا تشاهدى جنود الاحتلال وهم يسمحون للمستوطنين اليهود باقتحام المسجد الأقصي، ويمنعون المسلمين الفلسطينيين من أداء مشاعرهم، ولم تطلعِ يا دكتورة على إعلان رئيس وزراء أستراليا الصادر خلال وقت قصير على اعتراف بلاده بالشطر الغربى بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقد أصار موجة من الاعتراضات واستنكرته الجامعة العربية فى بيانها، وقالت فيه إنه يمثل انحيازًا سافرًا لمواقف وسياسات الاحتلال الإسرائيلى وتشجيعًا لممارساته وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني.
ولم يصل إلى مسامع الأستاذة الجامعية أن الحكومة الإسرائيلية تتبع تدريس مناهج كراهية اتجاه الآخر، فإن «اليهود الحرديم» أو ما يسمى بالمتشددين لديهم رقم 1200 مدرسة وتمثل عددًا لا بأس به من مدارس إسرائيل، وتصور العرب فى كتبهم الدراسية بأفظع الصور، وترسخ فى أذهان الطلاب الإسرائيليين أن العرب لا يستحقون المساعدة ولابد من قتلهم، وتنكر مناهجهم كلمة فلسطينى وتطلق عليه مواطن أو عربي، ولكى العلم يا دكتورة أن دراسة حديثة إسرائيلية كشفت عن العنصرية الإسرائيلية بصفة عامة تغرس فى عقول النشء على مستوى مراحل تعليمهم المختلفة هذه الكراهية، وبات يخرج من مدارس اليهود نوعيات متشددة قريبة الشبه للمستوطنين، الذين يرفضون الآخر بشكل قطعي، ويعد الحل الوحيد لديهم لمشكلة الوجود الفلسطينى الطرد والقتل، وأخيرًا لكِ يا دكتورة الحق فى حريتك الشخصية وليس لكِ الحق فى تضليل القليل ممن يرونك مثلهم الأعلي، رغم أن الغالبية يرونك نشازًا مع أن من بينهم من يؤمن بالحرية الشخصية.
حدائق حيوان بشرية:
أوروبا كما أقامت الحدائق لرؤية الحيوانات المتواجدة فى المناطق النائية أسسوا حدائق لعرض سلالات من البشر الذين جلبوهم مع رحلاتهم عبر أفريقيا وآسيا، وعرضوهم فى أقفاص كبيرة على الزوار الأوروبيين وظل العرض مستمرًا منذ القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين وأطلقوا عليها حديقة الحيوان البشرية، وأصبح لها جمهورًا ضخمًا فى أنحاء أوروبا وأمريكا، وظلت على ذلك حتى بدأت فى التراجع والاختفاء مع منتصف القرن العشرين، ومازلت مسجلة كنقطة سوداء فى تاريخ الغرب، ورغم ذلك لا يزال هوس وشهوة رؤية أهل الغرب لسكان القبائل المنعزلة والبدائية يسيطر على العديد منهم، ووجدوا بديلا لها فى رحلاتهم السفارى إلى آسيا وأفريقيا.
الغريب أن بعض حكومات تسمح فى هاتين القارتين للزوار من السائحين بمراقبة الحياة اليومية للقبائل البدائية، وتقام احتفالات لاستعراض طقوس هذه القبائل للترفيه عن السائحين، وهذا ما أشارت إليه صحيفة الجارديان البريطانية، وكل العالم يعرف أن رحالات السفارى لمشاهدة الحيوانات وسط المناطق النائية، أما من غير الطبيعى فى وقت بلغ فيه الإنسان الغربى ذروة حضارته، أن يلتقط مواطنيه صورًا لبشر على أنهم حيوانات، قد حرمتهم بيئتهم ومسئولى حكوماتهم من الحياة الكريمة، وكانت حدائق الحيوان البشرية فى الماضى تغنى الأوروبيون عن السفر إلى الخارج، وشهدت حدائقهم تعرض أسراه للقمع والاستغلال، وتعاملوا معهم ككائنات غريبة، ولم يقتصر وجود الحدائق على ألمانيا وفرنسا وإنجلترا بل أنشأت أمريكا فى ولاية ميسورى عام 1904 حديقة كبيرة أطلق عليها معرض «سانت لويس العالمي»، ولم يشبع الغرب غروره ما فعله فى الماضى باستغلال وسرقة موارد شعوب آسيا وأفريقيا وترحيل أبنائه للعمل كعبيد فى بلادهم.
وتمادوا فى إذلالهم فكان الأمريكيون يأتون بالأسرى الفلبينين فى حدائقهم ليشاهدوهم الجمهور الأمريكى وهم يأكلون لحوم الكلاب، والتى تمثل إحدى الطقوس الخاصة عند الفلبينيين، حتى أن بعض علماء النثروبولوجيا أو ما يسمى بعلم الإنسان الحيوي، الذى يدرس التطور البيولوجى للإنسان اعتبروا هؤلاء البشر من المستوى الأدني، وأن عرقهم الأبيض يبلغ قمة الهرم فى التفوق والتطور، وهى نظرة استعلاء تمتد إلى وقتنا هذا ويؤمن بها كثير من الغرب، ويعلنها بعض قادتهم بشكل سافر ولاسيما الرئيس الأمريكى ترامب، الذى يعتزم بناء جدارًا فاصلاً بين الولايات المتحدة والمكسيك، وليس بغريب أن يتخذ هؤلاء القادة الغربيين دولة إسرائيل العنصرية حليفا استراتيجيا لهم.