صالون الرأي
التوك شو..والوصاية المستحيلة
By amrأبريل 02, 2018, 20:14 م
1501
منذ أن ولد التليفزيون كان عملاقًا فى مضمون رسائله وأيضا كان القائمون على صناعته عمالقة وطنيين وعلى وعى ودراية بطبيعة رسالتهم تجاه الوطن يبنون مع البنائين فى السد العالى، ويخضرون مع الفلاحين فى الصحارى،ويتصببون عرقًا مع العمال فى مصانع الحديد والصلب والألومنيوم والغزل والنسيج والزيوت و.. ويفرحون بإنتاج أول سيارة مصرية،كما ذهب التليفزيون إلى ماهو أبعد من ذلك وسبقوا بأربعين عامًا جوزيف ناى وزملاءه الأوائل المنظرين لمفهوم القوى الناعمة فقد ذخر الإعلامى المصرى للوطن سلاحا من أهم أسلحة القوى الناعمة فانتشرت اللهجة المصرية فى بوادى وسواحل وأحراش المحيط العربى والامتداد الإفريقى فأضحت مصر ديوان العرب وحوش الأفارقة،فهانت المسافات وإقتربت الأزمنة لصانع القرار واستمعت وأطاعت الجموع لكلمة مصر، وأضيف أنهم صاغوا حالة من الوجدان الجمعى المتوحد بقضايا المنطقة فكانوا يجمعون ولايفرقون،وليس طرافة أن أتحدث عن إعجاب أحد الزملاء فى إحدى الفرق الدراسية من السودان عندما أكد أن برامج نادى السينما وما يقدمه من نقد فنى للفيلم محل العرض، وبرنامج عالم البحار وشقيقه عالم الحيوان أثرت من الثقافة الترفيهية الكثير من أجيال الخليج، والبرامج الإخبارية كأحداث 24 ساعة وأخبارالأسبوع وبيت العرب، وسينما الأطفال وماما نجوى وغيرها، وحديث الشعراوى وأذان الشيخ رفعت و.. ويقاطعه آخر من الخليج ليقول بالحرف:التليفزيون المصرى لم العرب ! الغريب أن كل تلك البرامج تعاد على محطات إذاعية وتليفزيونية خصصت لزمان البرامج الجميلة، أما الآن على طريق برامج التوك شو المستوردة من الفورمات الأمريكية والأوروبية والمذيعة الأشهر أوبرا وينفرى، والمحامية الأمريكية شينديلين جوديث مقدمة برنامج القاضية جودى، والبريطانى جيرمى كلاركسون صاحب توب جير، وديفيد ليترمان مقدم ذا ليت شو، وجون ستيورت وبرنامجه الساخر ديلى شو، السؤال:هل هؤلاء الإعلاميون ومن وراءهم من كيانات إعلامية ونتفق جميعًا على توجهاتهم السلبية ناحية الشرق وعلى الأخص مصر.. هل يخرجون على جمهورهم لهدم النسق القيمى وبث الفرقة بين فئات المجتمع و.. وعندنا الآن النوابغ من الإعلاميين فمنهم من تتحدث عن العلاقات الجنسية الطبيعية والشاذة بمنتهى الصراحة الفجة وتدعى أنها فى صالح المرأة وأسرتها،والأخرى تحت ستار علاج الأطفال تحرض (جهلاً) على تجارة الأطفال وسرقتهم، وثالثة ببلاغة غريبة تسىء لعلاقات مصر بمحيطها العربى من المغرب إلى الخليج، والأخيرة تتناول جرعات الهيروين على الهواء مدعية تنفيذها بالوعد (ونعم الوفاء)، وأحدهم لا حيلة له إلا تقديم المخرفين والدجالين والملحدين، وثانٍ يخرج علينا فى ثوب جديد على نفقة أموال المصريين ويوقع الفتنة فى صفوف المقاتلين ويدعى أن زوجاتهم تطلب المأوى والمأكل وزوجها يحارب (لك الله يامصر) وعندما يعاتبه (فقط يعاتبه) المجتمع ينتفض ويدافع عنه زمرة منتفعين ويبالغ أحدهم أنه قدم رقبته على مقصلة الجماعة الإرهابية إعلاء للوطنية، وأنه لسان حال الثورة، ويزايد على المصريين بأنه لم يبع الوطن للإرهابيين،فى حين أن مواقع التواصل تتداول حلقاته التى خصصها للإرهابين على أنهم منظمون ووطنيون وأكثر وجودًا على الأرض و.. ،(أيها الخجل أين حمرتك؟!)،ولان الأساتذة فى كلية الإعلام قد علمونا أن من كلاسيكيات أدبيات الإعلام أن القاعدة الأهم (ليس الخبر أن يعض الكلب رجلًا بل أن يعض الرجل كلبًا) وربما من هذا المنطلق هجر بلاط صاحبة الجلالة بعض الصحفيين ورفض مجال التسويق موزعو الموسوعات والكتب وغيرهم وأصبح لهم صولات وجولات فى ميادين التوك شو فاعتمدوا كل ما هو غريب وشاذ ومهرطق ومشعوذ و..ليكون المادة الإعلامية الجالبة لإعلانات المنتجات العابرة للقارات وهى المستهدف وليس جمهور المشاهدين المساكين، وتجاهلوا بعلم وتعمد باقى دروس الإعلام ومنها معاييرالمهنية وأخلاقياتها ومواثيق الشرف و..أين المهنية والاحترافية؟ بل الأهم أين الوطنية والشعور بالمسئولية تجاه الوطن ؟ وإذا لم تصطف كإعلامى خلف قواتك وإذا لم تتخندق مع جمهورك تواجه معه تحديات الوجود والبقاء؟ متى عليك أن تمارس وطنيتك؟ ادعاء العلم والوصاية على المشاهدين والتباهى بالاقتراب من المسئولين والبذخ ورغد الحياة والشهرة وما تبعها من ثروات تسكنك قمة الأبراج العاجية كلها من صنع الجمهور ومن صنع الصنم بكل سهولة يستطيع هدمه ولن يحرك الصنم ساكنا، هل من الطبيعى والمنطقى أن يخرج علينا المذيع النجم يطالبنا بالتبرع للمحتاجين والبردانين والمرضانين والفقراء وهو يرتدى ساعة مرصعة بالألماظ تشكل ثروة ربما يتقاسم ثمنها شباب شارع بأكمله ليتموا نفقات زواجهم , وبدلة تتجاوز عشرات الآلاف من الجنيهات ويبدأ فى النحيب والبكاء على الفقراء،تارة، وأخرى تحت مظلة حرية التعبير يبدأ فى تمزيق الوطن وإظهاره وكأن الجهل والمرض هما بطلا المشهد، ويتخطى إلى التنظير بتقديم حلول لمعضلات السياسة، وإدعاء العلم فى كيفية إدارة الاستثمار القومى، والأروع هو السبق إلى حياكة فتاوى دينية حسب الموقف، لم لا وهو النجم المذيع والضيف المفروض على الأسرة من قبل الفضائيات – التى سيأتى الحديث لاحقًا عن المفارقة بين أهدافها المعلنة والمسكوت عنها – دون سبب إلا لتراجع التليفزيون المصرى، وأتذكر عندما فاز بوريس بيكر ببطولة ويمبلون للتنس وانتزع البطولة من أربابها الأمريكان والإنجليز تجمعت ألمانيا وتوحدت امكاناتها لتكرار الفوز والتأكيد على أنه ليس صدفة ونحتت مصطلح (كيف تصنع نجما)وهذا الكتاب أصبح الأوسع انتشارًا فى اوروبا وأمريكا وتم تطوير النموذج لينسحب على صناعة النجوم السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين ومشاهير هوليود وبليود وطبعا نجوم التوك شو!!أيها الإعلام النابه الواعى الوطنى متى ستعتذر لجمهورك؟ ومتى ستحارب مع جيشك؟هل تتوقع إعادة برامجك بعد عشرات السنين باعتبارها من كنوزالشاشات المصرية؟! وإلى الجمهور الذى يملك زمام إرادته:هل هذا إعلام دولة تحارب الإرهاب وتبنى المستقبل؟