رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

ماذا حدث خلال 6 سنوات؟

1314

ما إن وصلت إلى مدينة شرم الشيخ مساء يوم السبت 23 فبراير الماضي، لحضور القمة العربية الأوروبية الأولى، وتابعت عدد الحضور من قادة الدول العربية والأوروبية، وحجم التمثيل الدبلوماسي رفيع المستوى.. إلا وتذكرت الموقف قبل أكثر من 6 سنوات عقب ثورة الشعب المصري لاسترداد الوطن من محاولة اختطافه، وكيف كان المشهد في الشارع المصري يؤكد بعين اليقين أن إرادة التغيير إرادة شعبية حماها الجيش المصري وفق القسم والأمانة التي يحملها على عاتقه.
صورة الملايين التي هدرت حناجرها في الميادين وقفت تطالب بإسقاط حكم المرشد، وكيف عملت أدوات إعلام التنظيم الإرهابي على تعكير صفو المشهد، وتشويه الصورة وتزييف الحقائق؟ وهو أمر يحترفه تنظيم الإخوان.. صور ومواقف كثيرة صعدت إلى ذهني ومقارنات بين الماضي والحاضر.. فماذا حدث خلال السنوات الـ6 الماضية، والأسباب التي جعلت دول الاتحاد الأوروبي تعدل مواقفها السلبية، وترى الصورة بالشكل الصحيح، بدلا من الصور المقلوبة.
قبل ختام القمة التى عقدت يومى 24 و25 فبراير المنقضى، تسرب إلىّ شعور بأن ملف حقوق الإنسان سيظل أحد الذرائع لتعكير صفو العلاقة بين أوربا ومصر، لكن بعد الرد الذى وجهه الرئيس خلال المؤتمر الصحفى خاصة بعد موجة التصفيق الحاد عقب انتهاء رد الرئيس السيسى.. بات على أوروبا أن تدرك حقيقة الوضع فى مصر، وفى المنطقة، خاصة أن مصر لديها قوانين ودستور يرعى حقوق الإنسان وعلى الجميع أن يحترم إنسانية الآخر.

(1)

وصلتُ مدينة السلام (شرم الشيخ)، وكانت قد تزينت فى حلة جعلتها تسعد الناظرين، وتدخل البهجة والسرور إلى النفس.. أعلام خمسين دولة زينت الشوارع والميادين الرئيسية وأمام مركز المؤتمرات الدولية.
بدأت أتصفح قائمة أسماء القادة الحضور للقمة، خاصة أن فترة الإعداد لها لم تتجاوز 4 أشهر منذ اتخاذ قرار عقدها فى مدينة شرم الشيخ، ودلالة تلبية القادة والزعماء والملوك والرؤساء والأمراء ورؤساء الحكومات للحضور. فقد حضرها 23 رئيس دولة وحكومة و4 وزراء خارجية من دول الاتحاد الأوروبى، ترأسوا وفود بلادهم، وكذا «دونالد توسك»، رئيس المجلس الأوروبى و«جان كلود يونكر»، رئيس المفوضية الأوروبية، وعدد من الملوك والرؤساء والزعماء العرب على رأسهم خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وملك البحرين، حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، والرئيس الفلسطينى، محمود عباس أبو مازن، والرئيس التونسى، الباجى قائد السبسى، والرئيس العراقى، برهم صالح، ورئيس الوزراء اللبنانى، سعد الحريرى، وأحمد أبوالغيط، أمين عام الجامعة العربية، وعدد من وزراء الخارجية ومبعوثى الدول؛ يمثلون 21 دولة عربية.
هذا التمثيل والحضور رفيع المستوى يؤكد ما وصلت إليه الدولة المصرية من قوة فى علاقاتها الخارجية، ونجاح دبلوماسيتها فى توضيح الصورة الحقيقية للدولة، فضلًا عن الدور البارز والمهم الذى قام به الرئيس خلال تواجده فى المحافل الدولية وزياراته الخارجية وثقة الشركاء من دول العالم.
وفى واقع الأمر، لم يكن حضور القادة والزعماء ورؤساء الحكومات للقمة، هو الملفت فقط للنظر، وإنما حجم الحضور الإعلامى غير المسبوق، كان يؤكد أن الدولة استطاعت أن توصل صوتها بقوة إلى العالم.. فهناك أكثر من 800 مراسل وصحفى أجنبى لوكالات أنباء وصحف عالمية وقنوات فضائية ووسائل إعلام مختلفة، بالإضافة إلى 200 صحفى ومراسل وإعلامى مصرى.
عمل كان على مستوى الحدث فى الترتيب إعلاميا للقمة؛ ورسالة من أرض السلام إلى العالم تؤكد ما تتمتع به مصر من أمن واستقرار.

(2)

حجم التمثيل الأوروبى رفيع، المستوى وعدد القمم الثنائية بين الرئيس السيسى والقادة العرب والأوروبيين؛ والذى فاق الـ 30 قمة ثنائية ولقاء تشاوريا على هامش القمة؛ يعد دليلا على نجاحها فى فتح أكبر دائرة حوار عالمى لما يقترب من نصف الجمعية العامة للأمم المتحدة على أرض مصر.. ولكن ما السبب وراء هذا الحضور الذى أشاد به الجميع؟ خاصة وأن العديد من دول أوروبا كان لها موقف من ثورة الشعب عام 2013.
وتأتى الإجابة فى أن قيادة الدولة ودبلوماسيتها، استطاعت أن توضح للعالم الصورة الحقيقية للأحداث التى شهدتها مصر؛ وكشفت زيف الصورة التى حاولت كتائب التنظيم الإرهابى تصديرها للعالم، بالإضافة إلى الزيارات التى قام بها الرئيس السيسى لأوروبا، واحتلت المركز الثالث فى زياراته الخارجية بواقع 20 زيارة حتى الآن؛ منها 18 زيارة على مدار 4 سنوات، بينها 9 فى العام الأول و4 فى العام الثانى، وزيارة واحدة فى العام الثالث و4 خلال العام الرابع من الفترة الرئاسية الأولى، شملت 10 دول أوروبية (روسيا – فرنسا – ألمانيا – المجر – قبرص – سويسرا – إسبانيا – المملكة المتحدة – اليونان – البرتغال)، بالإضافة إلى اللقاءات الثنائية والقمم التى عقدها مع عدد من القادة الأوروبيين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أو خلال القمة الأوروبية الإفريقية، أو مؤتمر ميونخ للأمن، فقد عرضت مصر بوضوح كامل تفاصيل معركتها فى التصدى للإرهاب، والهجرة غير الشرعية والتنمية.. كما عرضت ما قامت به من إصلاح اقتصادى أشاد به العالم، وهو ما جعل بلدان مثل؛ بريطانيا وألمانيا تبدل مواقفها، وتدرك أن الدولة المصرية تسير وفق المسار الديمقراطى، وأن ما حدث فى يونيو كان إرادة شعب.
لقد أدرك الاتحاد الأوروبى أن ما قامت به مصر نيابة عن العالم فى السنوات السابقة جنب العديد من دول شمال المتوسط عواقب وخيمة، كما أن استقرارها ساهم بشكل كبير فى استقرار المتوسط، على عكس ما آلت إليه دول مثل سوريا وليبيا، واللتين باتتا إحدى بؤر التوتر المصدرة للعناصر الإرهابية، وهو ما يقلق دول القارة الأوروبية.

(3)

إن ما شهدته القمة العربية الأوروبية الأولى على مدى يومين كان فرصة للمنطقة العربية ولأوروبا لإجراء حوار مبنى على اتفاق لرسم خارطة طريق نحو التعاون والتكامل بين البلدان العربية ودول الاتحاد الأوروبى، خاصة أن البيان الختامى للقمة والذى يعد بمثابة وثيقة تفاهم بين الدول الخمسين، ركز على أهمية التعاون والشراكة الإستراتيجية فى الاقتصاد ومكافحة الإرهاب.
كما أكد القادة العرب والأوروبيون على توافقهم فى وجهات النظر فى العديد من القضايا، ومنها القضية الفلسطينية وضرورة إيجاد حل لعملية السلام وفق قرارات الأمم المتحدة وضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية من أجل ضمان الاستقرار فى المنطقة العربية، وأكدت القمة على ضرورة منع كافة أشكال الدعم المادى والسياسى والعسكرى واللوجيستى للعناصر الإرهابية وضرورة التنسيق والتعاون فى مكافحة الإرهاب. وكان ملف التعاون الاقتصادى وضرورة تعزيز حجم الشراكة والتعاون بين البلدان العربية والأوروبية، حاضرا بقوة، بما يعود بالخير على المنطقة.
كانت قمة شرم الشيخ «قمة استثنائية»، بحسب وصف الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط لها خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد عقب الجلسة الختامية.. «استثنائية» من حيث عدد الحضور ومستوى التمثيل وعدد اللقاءات الثنائية والتشاورية ونقاط الاتفاق التى تعد بمثابة خارطة طريق لمستقبل العلاقات العربية الأوروبية.

(4)

لقد كان قدوم المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل إلى مدينة شرم الشيخ على متن أحد رحلات الطيران التجارية ثقة منها فى أمن وأمان المنطقة القادمة إليها.. كما كانت صورة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى، وهى تتعلم لعب «البلياردو» فى جو من المرح، على يد نظيرها الإيطالى، «جوزيبى كونتى»، فى مقر إقامتهما، رسالة قوية إلى العالم تدل على نجاح مصر فى مكافحة الإرهاب، وما تتمتع به من أمن. وقد ذكرت «ماى»، أن الحظر المفروض على رحلات الطيران البريطانية لمصر لا يزال «قيد المراجعة»، وفق تصريحات صحفية لها لجريدة «ذا صن البريطانية».
وتعد تلك الصورة أكبر دليل على نجاح مصر فى كسب ثقة المجتمع الدولى بشكل عام والاتحاد الأوروبى بشكل خاص.
مرحلة جديدة سوف تشهدها تلك العلاقات انطلقت من مدينة شرم الشيخ، أحد أهم خطواتها فى اتجاه علاقة تعاون وشراكة من أجل مستقبل أفضل للمنطقة العربية والشركاء الأوروبيين.

(5)

لقد أدارت مصر كافة ملفاتها الداخلية والخارجية باقتدار، واستطاعت القيادة المصرية أن تثبت للعالم أن إرادة المصريين هى دائما حجر الزاوية وكلمة السر الحقيقية فيما يحدث على أرضها وعلى المجتمع الدولى أن يدرك أن خيارات المصريين هى التى ترسم المشهد.
لقد صنع المصريون خلال خمس سنوات ما لم يصنع خلال أكثر من 50 عاما فواجهوا الإرهاب وحافظوا على دولتهم وثبتوا أركانها وسط منطقة تموج بالمتغيرات والقلاقل، واستطاعوا بقيادتهم الواعية أن يعبروا بوطنهم أكبر برنامج إصلاح اقتصادى، فتحملوا الصعاب من أجل الانتقال للمرحلة الأفضل.
لقد راهنت القيادة السياسية على وعى المصريين وكان الرهان صائبا، وها هو العالم يشير بالبنان إلى مصر، ويثق فى قدراتها، وكانت النتيجة استجابة دول الاتحاد الأوروبى للدعوة المصرية.
إن ما حدث خلال السنوات الست هو عمل وإخلاص وتخطيط دقيق وتحركات ناجحة من أجل مستقبل أفضل للوطن، وهو ما غير نظرة العالم للدولة المصرية.

 

للتاريخ:

شارك فى القمة العربية الأوروبية الأولى بمدينة شرم الشيخ من الجانب الأوروبى: المستشار النمساوى، زيباستيان كورتس؛ ورئيس وزراء بلجيكا، شارل ميشيل، ورئيس وزراء بلغاريا، بويكو بوريسوف، والرئيس القبرصى، نيكوس أناستاسياس، ورئيس وزراء جمهورية، التشيك، أندريه بابيش، ورئيس وزراء كرواتيا، أندريه بلينكوفيتش، ورئيس وزراء الدنمارك، لارس راسموسن؛ ورئيس وزراء أستونيا، جورى راتاس، ورئيس وزراء فنلندا يوها سيبيلا؛ والمستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، ورئيس وزراء اليونان، إليكسيس تسيبراس، ورئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان؛ ورئيس وزراء إيطاليا، جوزيبى كونتى، ورئيس وزراء أيرلندا، ليو فرادكار، ووزير خارجية جمهورية لاتفيا، إدجار رينكيفيتش؛ ووزير خارجية ليتوانيا، ليناس لنكيفيشسيوس؛ ورئيس وزراء مالطا، جوزيف موسكات؛ ورئيس وزراء هولندا، مارم روته، ورئيس وزراء بولندا، ماتيوس مورافيسكى، ورئيس الوزراء البرتغالى، أنطونيو كوستا، ورئيس جمهورية رومانيا، كلاوس يوهانيس، ورئيس وزراء سلوفاكيا، بيتر بيلحرينى، ورئيس وزراء سلوفينيا، ماريان شاريتس، ووزير خارجية إسبانيا، جوسيب بوريل، ورئيس وزراء السويد، ستيفان لوفين، ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى، وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.