“العدالة الثقافية”.. أعجبني جداً هذا التعبير الذي قاله الدكتور أحمد عواض، رئيس هيئة قصور الثقافة، في كلمته في افتتاح الدورة الرابعة لمهرجان مسرح الجنوب، برئاسة الكاتب الصحفي هيثم الهواري في مدينة أسيوط.

هذا هو الهدف الحقيقي الذى سعى صحفي عاشق للمسرح ولأهله في الجنوب لتحقيقه من خلال منارة ثقافية اسمها مؤسسة “س”، قام “الهواري” بتأسيسها بمجهود فردي ودعم حكومي من فنانين مبدعين تولوا مواقع ثقافية مهمة وأصبح لديهم القدرة على الفعل واتخاذ القرار، وعلى رأسهم وزيرة الثقافة الفنانة إيناس عبد الدايم، ورئيس أكاديمية الفنون الفنان أشرف زكي، فشهدنا أحداثاً ثقافية وفنية ملهمة، ومن أهمها هذا الحدث الثقافي الفارق “مهرجان مسرح الجنوب”.

والحقيقة أنني لم أكن أتوقع كل هذا التعطش للفن من جانب أهالي الصعيد، الذين رفعوا لافتة “كامل العدد” في كل العروض التي شهدتها، سواء على مسرح قصر ثقافة أسيوط، أو في السرادقات التي أقامها المهرجان في شوارع مراكز وقرى المحافظة وبعض المحافظات المجاورة التي انتقلوا إليها بعروضهم.

وانعكس هذا الإقبال الجماهيري حتى على الورش الفنية التي أقيمت على هامش المهرجان في التمثيل والماكياج والديكور والتأليف المسرحي، ومسرح العرائس، وحاضر فيها أساتذة كبار في حجم أستاذ السينوغرافيا د.عايدة علام، والماكييرة الجزائرية الشهيرة حكيمة خطاب، والفنان د. أسامة عبد الرءوف مصمم عرض ختام المهرجان الرائع، والكاتب المسرحي الكبير بكري عبد الحميد، وفنان العرائس الموهوب عمرو حمزة.

واكتملت الفائدة بالتثقيف وزيادة الوعي والتذوق الفني من خلال الندوات التي أعقبت كل العروض المسرحية، واتسمت مناقشاتها بدرجة عالية جدا من الصراحة والنقد الموضوعي البناء، والذي شارك فيه بعض أعضاء لجنة التحكيم وعلى رأسهم المسرحي الكبير د. حسن عطية، والمخرج والمؤلف المسرحي المثقف شاذلي فرح، فضلاً عن المخرج المسرحي الكبير إميل شوقي، والناقدة المسرحية المبدعة مروة الجبالي.

ويبدو أن هذا الحماس والظمأ للفن الراقي، قد انتقل إلى كبار المسئولين عن الثقافة، فأعلن أشرف زكي عن منح خمسة من شباب المسرحيين في الجنوب منحاً للدراسة في معاهد أكاديمية الفنون بالقاهرة، ووافقت وزيرة الثقافة على افتتاح فرع لأكاديمية الفنون بالصعيد، فيما أسفرت جهود مؤسس المهرجان هيثم الهواري على صعيد تقوية العلاقات الثقافية والفنية مع أشقائنا في القارة السمراء في فوز مصر بالدورة الأولى لاتحاد المسرحيين الأفارقة، والذي تم الإعلان عن تأسيسه في اليوم قبل الأخير للمهرجان.

ونجحت كتيبة الإعلام في توصيل صوت المهرجان وأهل الصعيد وعروض المهرجان بالكلمة والصورة لكل مكان في مصر، من خلال تغطية صحفية وإعلامية نموذجية، بقيادة الكاتبة الصحفية المتميزة دينا دياب، والزميل الصحفي النابه محمد عز، كما كان حفلا الافتتاح والختام فرصة جيدة لاكتشاف مواهب فنية شاركت من قبل في عروض للهواة والمحترفين، لكنها أثبتت وجودها وتألقها من خلال المهرجان، مثل الفنانة الشاملة رشا جميل.