محمد العوضى
اجتمعوا فى القاهرة يبحثون كيفية انسياب حركة التجارة وتدفق الاستثمارات بين دول المنطقة الأورومتوسطية، وتحقيق الاندماج بين دول الاتحاد، لتعزيز أجندة التجارة وتحقيق التكامل الاقتصادى المستهدف فى المنطقة.
ناقشوا الفرص والتحديات والمعوقات والحلول ووضعوا التوصيات التى سيتم رفعها إلى وزراء التجارة والصناعة فى هذه الدول من أجل تحقيق الهدف المرجو منها.
تلك كانت أعمال أول منتدى مخصص للتجارة بالقاهرة برعاية وزير التجارة والصناعة المصرى وبالشراكة مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى (GIZ) بتكليف من الحكومة الألمانية، وجمعية غرف التجارة والصناعة للبحر الأبيض المتوسط، والتمثيل التجارى المصري، ومشاركة فعالة من 150 من ممثلى الحكومات والجهات المعنية ومجتمعات الأعمال ومراكز الفكر ودوائر التفاوض التجارى.
فى البداية قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط إن المنتدى يأتى استجابة لمخرجات اجتماع السادة وزراء تجارة دول الاتحاد من أجل المتوسط فى عام 2018، وفى إطار اهتمام مصر وحرصها على مواصلة التعاون والشراكة مع مختلف دول العالم وجيرانها فى حوض البحر المتوسط، مشيرة إلى علاقة مصر بالاتحاد من أجل المتوسط، حيث تلعب مصر دورًا فاعلًا ومحوريًا باعتبارها من أبرز المشاركين فى الأنشطة المختلفة منذ تأسس الاتحاد فى عام 2008، وهو الأمر الذى أعطى دفعة جديدة لمسار برشلونة، حيث كانت مصر أول دولة تتولى الرئاسة من جنوب المتوسط خلال سنوات التأسيس والتكوين، وهى الفترة التى ساهمت فى تحديد ورسم شكل المنظمة.
وأكدت وزيرة التخطيط أن مصر على استعداد دائم للتعاون الإقليمى والدولي، وتعزيز الدور الفعال للاتحاد من خلال أساليب التعاون بين دول (الجنوب-جنوب)، وأيضاً من خلال صيغة التعاون الثلاثي، حيث يعتبر الاتحاد مسارًا مميزًا للتعاون الإقليمى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبحر المتوسط، منوهة عن مشاركة الوكالة الألمانية الإنمائية (GIZ) ودعمها المستمر للدول الموقعة على اتفاقية أغادير من خلال التدريبات الفنية وبناء القدرات.
خطوة أولى
إلى ذلك قال ناصر كامل، الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، إن المنتدى يُعد بمثابة خطوة أولى فى تنفيذ التفويضات الوزارية لوزراء تجارة الدول الأعضاء بالاتحاد والتى أطلقت خلال عام 2018، مشيرا إلى أن الهدف من المنتدى أمرين، الأول هو تعزيز التجارة البينية بين دول الاتحاد، والأمر الثانى هو دخول العالم فى الثورة الصناعية الرابعة والرقمية والمنصات الإلكترونية كأحد الأدوات فى انسياب حركة التجارة وتدفق الاستثمارات بين دول المنطقة الأورومتوسطية هما السبيل الوحيد لتعزيز أجندة التجارة وتحقيق التكامل الاقتصادى المستهدف فى المنطقة.
مشيرًا إلى أن منطقة الأورومتوسطى تشهد حاليًا حالة من تراجع مستوى التكامل الاقتصادى الإقليمى والعالمى أيضًا، حيث يتركز نحو 90% من التدفقات التجارية الأورومتوسطية بشكل واضح بين دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى 9% بين الاتحاد الأوروبى والدول الأورومتوسطية المجاورة، فى حين تمثل التدفقات التجارية بين دول جنوب وشرق المتوسط 1% فقط من إجمالى التبادل التجارى بين الدول الأورومتوسطية.
وأضاف كامل فى تصريحات خاصة لـ «أكتوبر» إننا نمتلك بنية تحتية تكنولوجية متقدمة وجيلا متخصصا ومدربا على إدارة هذه المنصات التجارية الإلكترونية، ولذلك نقوم بتوعية الدول ورجال الأعمال والمشرعين ورواد الإعمال وبالأخص من الشباب على أهمية هذا القطاع فى نمو الدول التى ترغب فى اللحاق بركاب الدول المتقدمة، مبينا أن عدد دول الاتحاد 43 دولة.
وحول مدى قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة فى الاستفادة من هذه المنصات، أكد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط أن هذه المنصات الإلكترونية أنشئت فى الأصل لتشجيع الشركات الصغرى والمتوسطة، وضرب مثالا لشركة فى أمريكا أسست حديثا عبارة عن تطبيق يضم جميع المهن الحرفية مثل السباك والنجار والكهربائى.
وأوضح كامل أن هناك تخوفات من أن هذا القطاع لا يوفرعددا كبيرا من الوظائف، مبينا أن هذا القطاع سيخلق عددا كبيرا من الوظائف خلال الـ 10 سنوات القادمة، وأشار إلى أن أكبر دليل على ذلك شركة «أوبر» فتمتلك آلاف السائقين، وشركة «أمازون» لديها آلاف العاملين.
وحول الدعم المادي، فقد أكد على أن الاتحاد ليس جهة مانحة، وانما جهة تقديم دعم فنى فقط، مثل التوعية، الاستشارات، الربط بين الدول وبعضها، تسيير بعض الإجراءات، الإعداد لمشروع ذات طابع إقليمى بين عدة دول والترويج للمشروع.
وحول فرص تحقيق التكامل الاقتصادى بين دول الاتحاد، أكد كامل لـ «أكتوبر» أن هذا الأمر يعتمد على توعية مجتمع الأعمال على أهمية التكامل الإقليمي، تقليل نسبة المخاوف لدى بعض رجال الأعمال من تأثير المنافسة على بعض القطاعات فى الدولة، وتغيير الثقافة، ومهارات التعامل مع فكرة التجارة الإلكترونية، وهى بالضرورة تراكمية.
وأكد أن التوصيات التى أقرها المنتدى سترفع إلى وزراء التجارة أعضاء الاتحاد وكذلك وزراء الخارجية، والدفع بها فى كل الاجتماعات القادمة، إرسالها إلى كل حكومات الدول الأورمتوسطية، وسنعمل على خلق رأى عام مواتٍ لهذه المسألة.
وكان قد أعلن ناصر كامل، الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط فى افتتاح المنتدى عن إطلاق برنامج تدريبى لتنمية القدرات الفنية فى مجال السياسات التجارية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى (GIZ) يستهدف العاملين بالجهات الحكومية المعنية ومجتمع الأعمال بالدول أعضاء اتفاقية أغادير، مشيراً إلى أن أمانة الاتحاد تحرص على مساندة وتعزيز الالتزام بدعم اتفاقية أغادير من خلال مساندة الدول الأعضاء فى الاتفاقية.
ونوه بأن البرامج التدريبية تشمل قضايا مثل قواعد المنشأ، وتصنيف البضائع، وإصدار شهادات المنشأ والقضايا الفنية المتعلقة بالتجارة، والتى سيتم تحديدها على ضوء احتياجات المنطقة، فى إطار المراجعة المستمرة للاتفاقية الإقليمية لقواعد المنشأ للمنطقة الأورومتوسطية.
تعزيز الشراكة
ومن جانبه أكد أحمد الوكيل، رئيس اتحاد غرف المتوسط للتجارة والصناعة (إسكامي)، على أهمية تعزيز الشراكة بين حكومات الدول الأورومتوسطية والقطاع الخاص باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المنشودة بدول المنطقة، حيث يمثل حوالى 80% من إجمالى الناتح المحلى للدول الأورومتوسطية.
وأشار إلى سعى الاتحاد لجعل المنطقة مركزاً للتصنيع من أجل التصدير، خاصة فى ظل توافر كافة المقومات من بنية تحتية وطرق ومراكز لوجيستية، فضلاً عن قناة السويس.
ولفت إلى أن هناك فرصا إستثمارية واعدة بالمنطقة فى العديد من المجالات وبصفة خاصة فى مجالات الصناعة والتجارة والسياحة واللوجيستيات، مشيراً فى هذا الإطار إلى سعى غرف اتحاد المتوسط للصناعة والتجارة إلى توفير آليات تمويل ميسر لتسهيل إقامة هذه المشروعات، حيث تم الإعلان عن إتاحة ما يقرب من 23 مليار دولار كتمويل ميسر من العديد من الجهات المانحة الدولية.
وأضاف لـ «أكتوبر» أن هذا التمويل متاح لجميع الدول الاستفادة منه وعلى رأسهم مصر ودول الاتحاد، مشيرا إلى ضرورة أن يتحرك القطاع الخاص كل فى مجاله للاستفادة من هذه التمويلات.
اتفاقية أغادير
وفى سياق متصل قال يوسف الشمالى أمين عام وزارة الصناعة والتجارة والتموين التونسى إن هناك اتفاقا مع البلدان الأعضاء فى اتفاقية أغادير وهى الاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل التجارى بين مصر وتونس والمغرب والأردن والمدعومة من جانب الاتحاد الأوربى والاتحاد الأورومتوسطى من أجل دفع تعزيز التجارة البينة بين الدول الأعضاء فى جنوب البحر المتوسط والشمال وهى التى تشمل جميع دول المنطقة الأورومتوسطية.
وأوضح الشمالى فى تصريحات لـ «أكتوبر» أن الهدف من الاتفاقية اتخاذ أحد الدول الأعضاء لشهادة المنشاة الصناعى وإنتاج باقى المنتجات الأولية من الدول الأعضاء وتكون معفاة من الجمارك من أجل تعزيز التصنيع المشترك، ثم تصديرها إلى أوروبا، مبينا أنه بعد عامين من تطبيق اتفاقية أغادير ودخولها حيز التنفيذ لا تزال ضعيفة، وتعانى العديد من العراقيل.
وأشار إلى أن الهدف من هذه اللقاءات هو تطوير تلك الاتفاقيات من أجل تطوير ورفع نسبة الصادرات من جنوب إلى الشمال وتطوير التصنيع المشترك بين الجنوب والجنوب حول المتوسط.
وأضاف أننا نرغب فى رفع نسبة الصادرات بين دول الاتحاد حول المتوسط، وتعزيز التجارة الإلكترونية خاصة فى ظل امتلاك بنية تحتية إلكترونية.
وأشار إلى أن تونس حققت طفرة غير مسبوقة فى البنية التحتية والتجارة الإلكترونية وقد ارتفعت صادرتنا بنسبة 70 % مقارنة بالأعوام الماضية.
وأكد لـ «أكتوبر» أنه لم يتم تحديد نسبة لحجم التعاملات التجارية بين دول الاتحاد، ولكن تم وضع حزمة من الإجراءات أهمها المعاملة الوطنية بين المستثمرين، ورفع القيود بين البنوك المركزية فى التحويلات المالية، وتجاوز العوائق التى تعطل سير التجارة الإلكترونية ، وشدد على ضرورة وجود إرادة سياسية لتيسير التكامل والإندماج الاقتصادى بين الدول أعضاء الاتحاد.
التكامل الاقتصادى
بدوره قال ماهر المحروق مدير عام غرفة صناعة الأردن إن تحقيق الاندماج والتكامل الاقتصادى بين دول الاتحاد الأورومتوسطى يجرى من خلال التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص.
وأضاف أن الأدوار متكاملة، والأهم هو استمرار الحوار بين كافة الأطراف لحل كافة المشاكل العالقة.
وحول وضع ميزانية لتيسير التجارة بين الدول الأعضاء، أكد المحروق لـ «أكتوبر» على أهمية وضع ميزانية لهذا الأمر، لأنها بدون ميزانية ليس لها أى دور مثل طفل ينمو بدون أسنان.
وشدد على ضرورة رفع توصيات هذا المنتدى إلى اجتماع وزراء التجارة فى نهاية العام والتزام كافة الدول بالتوصيات وبالأخص دول الاتحاد.
وحول تطوير اتفاقية أغادير أكد أن اتفاقية أغادير هى الوحيدة التى تستطيع تعزيزعملية التجارة البينية والإلكترونية بين جنوب وشمال المتوسط، وبالتالى يجب على المسئولين الاهتمام بتطوير تلك الاتفاقية.
التوصيات والحلول
وبدورهم أكد المشاركون بالمنتدى إلى ضرورة أن تقتنع الحكومات بتقليل البيروقراطية وتقديم الحلول المناسبة، وتوحيد الصوت عبر الغرف التجارية فى دول الاتحاد، تحفيز المسئولين فى الحكومات، تقديم الأفكار والحلول والفرص إلى المسئولين، ضرورة تحول الغرف التجارية إلى منصات للمعلومات والتعامل بين الدول المختلفة وتقديم البيانات التى تحتاجها الدول الأخرى، تفعيل التجارة الإلكترونية مما يقلل تأخير الإجراءات والبيروقراطية، التفكير فى مشروع مدمج وتحديد الفرص المحتملة للتصدير، تحويل الغرف إلى مكاتب تنفيذية للمنصات الإلكترونية بين دول الإتحاد.
وشددوا على ضرورة الحاجة إلى التنفيذ والتفعيل الكامل لترتيبات التجارة الثنائية والإقليمية بمنطقة الاتحاد من أجل المتوسط من أجل تعزيز التكامل الاقتصادى فى المنطقة الأورومتوسطية مثل اتفاقية أغادير، مشددين على أهمية إدراج قطاعات جديدة بمنظومة التعاون المشترك للتعامل مع التدابير غير الجمركية فى المنطقة.