رئيس التحرير
ليست «سامية» ولا تعرف الحقوق!
By amrيونيو 23, 2019, 18:17 م
1946
بعد مؤتمر فيينا الدولي الذي عقد 25 يونيو 1993 والذي توافقت فيه آراء المجتمعين، حيث صدر عنه «إعلان فيينا وبرنامج التحرك» VDPA، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر 1993 بتبني القرار رقم (48/141)بإنشاء «المفوضية العليا للتنسيق بين نشاطات حقوق الإنسان» أو ما سمي بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وذلك من خلال أنظمة الأمم المتحدة وللإشراف على مجلس حقوق الإنسان في جنيف، سويسرا.
تضم المفوضية حوالي 1300 موظف، ويقع مقرها الرئيسي في جنيف، بالإضافة إلى مكتب آخر في نيويورك. كما تنتشر مكاتبها ميدانيًا على المستوى الإقليمي والقطري، ولديها أيضًا مكاتب قائمة بذاتها.
فى المقر الرئيسى بجنيف ثلاث شعب أساسية هى: شعبة الأنشطة والإجراءات الخاصة والحق فى التنمية، المسئولة عن إعداد السياسات وتقديم التوجيه والأدوات والمشورة.
وشعبة آليات مجلس حقوق الإنسان وآليات المعاهدات.
وشعبة العمليات الميدانية والتعاون التقني، والمسئولة عن الإشراف على عمل المفوضية الميدانى وتنفيذه.
كما تتولّى أقسام ووحدات مخصصة، ترفع تقاريرها مباشرة إلى نائب المفوّض السامي، مهام الإدارة والتخطيط والتنسيق والتوعية الأساسية.
(1)
تحصل المفوضية على تمويل من ميزانية الأمم المتحدة، بالإضافة إلى التبرعات، وبحسب الموقع الرسمى للمفوضية فإن ميزانية 2019 المستهدفة تصل إلى 321.5 مليون دولار، وقد استطاعت أن تحصل على تبرعات من تسع دول حتى شهر أبريل الماضى بلغت 18 مليون دولار؛ يأتى نصفها من الدنمارك والنصف الآخر من نيوزيلندا والتى بلغ حجم تبرعاتها 6ملايين و155 ألف دولار؛ وبريطانيا التى بلغ إجمالى تبرعاتها للمفوضية خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالى 670 ألف دولار تقريبًا، بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى التى بلغ إجمالى تبرعاتها 600 ألف دولار.
ورغم أن إنشاء المفوضية جاء للحفاظ على حقوق الإنسان إلا أن المفوضية لم تعرف سوى الاسم، وتحولت إلى إحدى الأدوات السياسية فى أيدى الدول الكبرى مستخدمة أيها لتنفيذ طموحاتها وأجندتها على مستوى العالم.
فقد غابت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن مذابح الروهينجا، وغابت عن العراق خلال فترة الغزو الأمريكى لها 2003، وغابت عما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى، وما يحدث فى السجون الإسرائيلية.
غابت عن الدول الداعمة للإرهاب، وعما حدث فى سجن أبو غريب وما حدث فى جوانتانامو، ولم تقدم سوى تصريحات على استحياء، بل بعض تلك الأحداث مثل أحداث العراق فى فترة الغزو الأمريكى لم تتحدث عنها.
(2)
الأسبوع الماضى أصدرت المفوضية السامية، على لسان متحدثها الرسمى (روبرت كولفيل)، بيانا حول وفاة الرئيس المعزول محمد مرسى، والذى توفى فى قاعة المحكمة وأمام محاميه ووسط أفراد عشيرته الذين تورطوا فى قضية التجسس ذاتها، القضية رقم 56458 لسنة 2013، جنايات أول مدينة نصر.
البيان الصادر عن المتحدث الرسمى روبرت كولفيل، عمل Rupert Colville مع الأمم المتحدة لمدة 15 عاما فى كوسوفو وأفغانستان والعراق قبل توليه منصب المتحدث الرسمى باسم المفوضية، يحرص على متابعة الأخبار فى المنطقة العربية من قنوات الجزيرة الداعمة للإرهاب، وقناة BBC البريطانية التى كشفت الكثير من أوراق دعمها للإرهاب وعدم الموضوعية خاصة فى الشأن المصري، ويشترك فى خدمة وكالة رويترز للأنباء ووكالة الأنباء الأمريكية (الأسوشيتد برس) غابت عنه الحقائق كما غابت عن عقول بهاليل السلطان ومجانين الخليفة المزعوم، وأعضاء التنظيم الإرهابي.
جاء البيان مسيسًا كاشفًا لسوأة الوكالة الدولية، وليس الأمر بمستغرب فى ظل متابعة المتحدث الرسمى للمفوضية للمعلومات من مصادر غير موضوعية ولا تنقل الحقيقة.
ففى الوقت الذى صدر فيه بيان رسمى من النائب العام المستشار نبيل صادق بشأن واقعة الوفاة وتفاصيلها، وأمر بانتقال فريق من أعضاء النيابة العامة «لإجراء المناظرة لجثة المتوفى والتحفظ على كاميرات المراقبة الموجودة بقاعة المحكمة وقفص المتهمين، وكذلك سماع أقوال الموجودين معه فى ذلك الوقت».
كما أمرت النيابة بالتحفظ على الملف الطبى الخاص بعلاج المتوفي، وندب لجنة عليا من الطب الشرعى لإعداد تقرير بأسباب الوفاة، تمهيدا للتصريح بالدفن.
جاء ذلك فى بيان تناقلته كل وسائل الإعلام بما فيها وكالة رويترز التى يتابعها روبرت كولفيل، إلا أن المتحدث لم يلق لكل تلك التفاصيل بالا ووجه ناظريه إلى قناة الجزيرة الداعمة للإرهاب وتنظيم الإخوان وترك سمعه لـ «BBC» البريطانية.
وقام بتطعيم المادة الصحفية للبيان الذى بلغ عدد كلماته 408 وفق الترجمة العربية للبيان على الموقع الرسمى للمفوضية، بالحديث عن المواد 24 و26 و71 من قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان التى ليست للمفوضية علاقة بها فى الواقع .
خلال الغزو الأمريكى للعراق، استيقظ العالم على أكبر عملية انتهاك لحقوق الإنسان فى العالم قام بها عناصر وضباط من القوات الأمريكية، وتناقلت وكالات الأنباء تلك الوقائع اللإنسانية والصور والمتنافية مع كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ولم تصدر المفوضية تقريرًا يدين تلك الوقائع بوضوح.
وكان البيان الأبرز لها فى 19 أغسطس 2003 عندما قتل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى العراق سيرجيو فييرا دى ميلو؛ إثر قذيفة استهدفت فندق القناة فى بغداد وراح ضحيتها ومعه 14 آخرين وصدر البيان على شكل إدانة ولم يحدث شىء.
(3)
جاء بيان المتحدث الرسمى للمنظمة (غير السامية) لحقوق الإنسان مكتظًا بالأكاذيب للتشكيك فى مؤسسات الدولة المصرية والهيئات القضائية، رغم أن الواقعة كانت واضحة وضوح الشمس، وهو ما يؤكد أن الهدف هو تشويه صورة الدولة المصرية ومؤسساتها التى باتت محل تقدير واحترام دول العالم.
إن الإجراءات التى تحدث عنها روبرت مطبقة ولا تحتاج من المفوضية الحديث عنها فى التعامل مع السجناء، والدليل أن تلك العصابة التى يتحدث عنها أدينت فى أكثر من قضية وحصل المتهمون فيها على كل درجات التقاضى والحقوق القانونية، فى الوقت الذى قاموا فيه هم ومن يعاونونهم بعمليات قتل وتخريب إرهابية استهدفت المصريين وأفراد القوات المسلحة والشرطة المدنية ومؤسسات الدولة، وأصرت الدولة المصرية على أن تعلى صوت القانون.
إن الحديث الذى يلوكه المتحدث الرسمى باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان لا يختلف فى صياغته عن نفس كلمات البيان الذى أطلقته المنظمة المأجورة هيومن رايتس وتش الأمريكية.
(4)
إننا لم نجد لتلك المفوضية بيان إدانة واحدا للدول الداعمة للجماعات الإرهابية التى تقتل وتخرب وتدمر البلدان وتقتل الأبرياء.
أليس من حقوق الإنسان الحق فى الحياة؟.. أليس من حقوق الإنسان أن تجد أسر الشهداء القانون يقتص ممن قتلوا أبناءهم؟.
ثم أين المفوضية السامية مما يحدث كل يوم فى سجون الاحتلال الإسرائيلي؟، وأين هى من انتهاكات السلطان الخرف فى تركيا والذى يقوم كل يوم بعمليات اعتقال وحبس عشوائى لمعارضيه دون محاكمة؟
أم أن المفوضية تتعامل مع الوضع فى تركيا وفق قواعد وقوانين أخرى؟.
إننا أمام منظمة أصابها العوار فى الرؤية وتحتاج إلى علاج ناجز يصلح بصرها ويجعلها تسير على الطريق الصحيح.
كما أن المتحدث الرسمى باسم المنظمة يحتاج إلى تصحيح إبصار وسمع حتى تتضح أمامه الصورة وتصل إلى مسامعه الحقيقة.
إن الدولة المصرية التى ضحت بكل هؤلاء الشهداء فى مواجهة تنظيم إرهابى لا يعرف لغة غير الدم ولا يحترف سوى الكذب؛ هى من عليها إعادة دراسة حقوق الإنسان؛ وعلى المفوضية ومتحدثها الرسمى أن يدركا حقيقة ما حدث.
أين هى المفوضية السامية من انتهاكات الشرطة التركية يوميا ضد المعارضين لنظام أردوغان؟.
وأين كانت المفوضية عندما داس رجال الشرطة بأحذيتهم فى بروكسل رءوس المعارضين لانتخابات البرلمان الأوروبى فى 27 مايو الماضى، والتقطت صورها عدسة «ايف هيرمان» مصور وكالة رويترز للأنباء التى يتابعها المتحدث الرسمي، تلك الصور التى ننشر إحداها، أم أنه لم يتابع الوكالة فى ذلك اليوم، رغم أنه يتابع حسابها على «تويتر» والذى نشر تلك الصورة؟.
ورغم تلك المحاولات من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان وشركائها من منظمات المجتمع المدنى أمثال هيومن رايتس ووتش، لن يستطيعوا النيل من الدولة المصرية التى تصر على أن تظل دولة القانون هى السائدة.
وجاء رد المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية، على بيان المفوضية قويا بقوة الدولة، كاشفا للحقائق، مفندا للأكاذيب التى أطلقها روبرت كولفيل.
محمد أمين