رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الحوثيون

1985

فى ظل احتدام الخلاف وتصاعد حدة الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، كان منطقيًا أن تلجأ طهران إلى الوكلاء المنتشرين فى المنطقة للقيام بعمليات إرهابية ضد أهداف مؤثرة بالدول الحليفة لأمريكا سعيًا وراء تخفيف الضغوط التى تتخذ ضدها، والتصاعد بمثل هذه العمليات، فربما يؤدى التوتر والقلق من الانزلاق إلى صدام عسكرى واسع النطاق، هذا من جانب، ومن جانب آخر مخاطبة الرأى العام الإيرانى بأن حكامه لا يهابون أمريكا ويردون على العقوبات بمستوى عالٍ من التحدى.

وقد اختار أصحاب القرار بالعاصمة الإيرانية، الحوثيين باليمن ليكونوا الوكيل المكلف بمهمة التحدى العسكرى والإرهابى، لأنهم الأكثر قدرة على العمل ضد أهداف بمنطقة الخليج، خاصة ضد السعودية ودولة الإمارات لتهديد الأمن بالمنطقة وإثارة المخاوف.

ولم يخيب الحوثيون ظن سادتهم، ونفذوا العمليات التى طلبت منهم سواء بالهجوم على أهداف برية أو بحرية، ومازالوا يواصلون أداء دورهم التخريبى، بجانب مهمتهم الرئيسية لاستنزاف السعودية وزعزعة استقرارها، وتهديد أمنها الوطنى، وهذه المهمة تمثل الذراع الإيرانى الجنوبى الذى يستكمل خطة تطويق المملكة بحزام قوى، يبدأ من إيران شرقًا والعراق شمالًا وسوريا ولبنان من الشمال الغربى.
والسؤال من هم؟

الحوثيون شيعة زيود، وهم كتلة سكانية يعتد بها، وقد استقروا طويلًا على مقاعد الحكم، فمن بين صفوفهم جاء ملوك اليمن منذ فجر الإسلام وحتى يوم 26 سبتمبر 1962، تاريخ الانقلاب العسكرى الذى قاده عبد الله السلال وأنهى به حكم بيت حميد الدين ويمثل الحوثيون الشيعة الأغلبية فى شمال البلاد، فى حين يتركز اليمنيون السُنة فى مناطق الجنوب.

وتحت وطأة الظروف التى كان اليمن يعيشها خلال فترة حكم على عبد الله صالح، وعجز النظام عن تحقيق إنجازات تسهم فى تقدم الوطن وتطلعات المواطنين، بدأ الحوثيون عام 2004 فى التحرك ضد النظام، ودارت رحى الحرب بينهم وبين قوات صالح، وكلما هدأت تعود للاندلاع من جديد.

وخلال سنوات الصراع الأولى، تمكنوا من بسط نفوذهم فى معظم محافظات الشمال، وفى بعض الأحيان فتقدموا إلى محافظة عمران القريبة من العاصمة، كما تمكنوا من تهديد العاصمة صنعاء فى بعض الأحيان، مستغلين فى ذلك الفراغ السياسى الناجم عن تركيز السلطة فى العاصمة فقط، وقد قبلوا أن يكونوا قوة تعمل لحساب إيران مادام أن الدعم الإيرانى يساعدهم على إقصاء النظام، أى نظام على عبد الله صالح.
وسرعان ما توطدت العلاقات وأصبحت أكثر عمقًا وشمولًا، واندمج الحوثيون تمامًا فى المخططات الإيرانية التى تهتم بحصار المملكة وتهديد أمن الملاحة فى منطقة باب المندب.

وفى نفس الوقت، رأت إيران أن إقصاء نظام على عبد الله صالح سيساعد على نشر الفوضى، فنشطت فى توفير كل الدعم المطلوب للحوثيين وانضم تنظيم القاعدة إلى المتأمرين على النظام اليمنى.

وتندلع الثورة فى اليمن، وتتركز مطالب الثوار فى إقصاء صالح ونظامه، وبالرغم من هشاشة النظام، إلا أنه استمر فى المقاومة وحاول الاستفادة من دعم الدول المجاورة، إلا أن قدرته على الصمود تآكلت وتم تسليم الحكم لعبد ربه منصور هادى، ولكن الثورة لم تعرف الاستقرار، ولا عرفت السلطة الجديدة الهدوء.

ويواصل الحوثيون حربهم ضد النظام الجديد لتحقيق أهدافهم، وأهداف إيران أو بالأصح أهداف إيران أولًا، ثم أهدافهم.
وظهرت مؤشرات على اندماج الحوثيين فى المشروع الإيرانى، والتحول للتبشير بفكر المذهب الشيعى الاثنى عشرى، مذهب أهل الحكم فى إيران، والقبول بكونهم قوة تعمل فى إطار هدف تصدير مبادئ الثورة الإيرانية.
وبدأ بروز تطلع الإيرانيين للتأثير فى مناطق شرق إفريقيا التى تتسم بالهشاشة وتردى الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية بها، بجانب تفجر الصراعات داخلها وفيما بينها.

وفى نفس الوقت عمدت إيران إلى دفع الصراع فى اليمن إلى آفاق أكثر اتساعًا وشمولًا لمضاعفة الضغط على المملكة السعودية، هذا الوضع بكل ما يحمله من تهديد لأمن المملكة واستقرارها أدى بأصحاب القرار إلى اتخاذ قرار جذرى يمثل متغيرًا رئيسيًا فى سياسية المملكة، فقد تقرر إطلاق حملة عسكرية سعودية لمواجهة القوى العسكرية الحوثية المدعومة إيرانيًا، وكانت المملكة تلتزم دائمًا بعدم التدخل العسكرى المباشر فى صراعات المنطقة، ولكن قوة التهديد الأمنى ووضوح أهداف إيران الاستراتيجية أدى إلى هذا الموقف الجديد، وعملت المملكة على تشكيل تحالف إقليمى إسلامى لمواجهة الأخطار التى هددت أمن المنطقة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن القبائل الأساسية التى يتألف منها شعب اليمن الذى يبلغ تعداده حوالى 23 مليون نسمة، هى حاشد وبكيل وحمير وكندة ومذحج، وتفاخر قبيلة بكيل بانتمائها إلى المذهب الزيدى الشيعى، وهى تنتشر فى المنطقة من شمال صنعاء حتى محافظة صعدة، وتعد حاشد القبيلة الأكثر عددًا بصورة نسبية.

وينتمى سكان اليمن إلى مذهبين رئيسيين شيعة زيود وسُنة شوافع، وفى حين ينتشر الشيعة الزيود فى الشمال فإن السُنة الشوافع (أى الذين ينتمون إلى المذهب الشافعى) فى المناطق الجنوبية، ويمثل الزيود ثلث الشعب اليمنى، أما الأغلبية فمن السُنة الشوافع، وبالرغم من ذلك فقد استقر الزيود على قمة السلطة منذ عام 898 وحتى عام 1962، أى أن الإمامة (النظام الإمامى) استمرت 1064 عامًا، ويمثل الحوثيون التيار السياسى داخل الزيدية.

وكان حسين الحوثى قد انفصل عن حزب الحق الزيدى فى البرلمان عام 1996، وأسس حزبًا يحمل اسم «الشباب المؤمن» وكان الهدف المعلن الحفاظ على الزيدية فى مواجهة ازدياد نفوذ السلفيين السُنة فى شمال غرب البلاد، وبعد مقتله على أيدى القوات اليمنية عام 2004، خلفه فى القيادة شقيقه عبد الله الحوثى الذى طالب بالحفاظ على تراث الزيديين وأرضهم ومساواتهم بباقى المواطنين، كما طالب بالإمامة ويرى الحوثيون أن الإمامة محصورة فى نسل الحسن والحسين بصفة عامة، وبعد مقتل عبد الله الحوثى خلفه شقيقه عبد الملك.

وانغماس الحوثيين فى الصراع مع النظام وضد قوات التحالف لا يعنى أبدًا أنه يحظى بالإجماع الزيدى، فهناك قوى زيدية تنتقد ابتعاد الحوثيين عن المذهب الزيدى والاقتراب جدًا من المذهب الاثنى عشرى الإيرانى، أو مذهب الأغلبية فى إيران ومذهب أهل الحكم هناك، ومثل هذا التوجه لا يجد القبول من القيادة الزيدية التى تضم الأشراف الزيود، وفى مقدمتهم ذرية القاسم الرسى الذى تفرعت منه أسرتا حميد الدين والوزير، وكانت الإمامة ولسنوات طويلة محصورة فى بيت حميد الدين.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.