في مثل هذه الظروف التى يمر بها العالم لابد من الإصغاء إلى صوت العلم والخبرة؛ لأنه طوق النجاة من بحر الشائعات التى تحيط بنا، فلسان العلم هو من يحارب الشائعات والجهل وجنوده، والشائعات هى أخطر الأسلحة المدمرة للمجتمعات، حرب نفسية تدار تجعلنا نتصرف تحت ضغط كبير ونخطأ كثيرا فى حق أنفسنا والآخرين، فيروس كورونا المستجد أو (كوفيد-19) هذا الوباء العالمي كما صنفته منظمة الصحة العالمية حديث العالم أجمع والأكثر بحثا على مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، وثناثرت حوله الكثير من الشائعات والكلام المغلوط، لذا كان لابد من الاستماع إلى الدكتور عوض تاج الدين، مستشار الرئيس لشئون الصحة الوقائية، وزير الصحة الأسبق، أستاذ أمراض الصدر بعين شمس ورئيس الجمعية المصرية لأمراض الصدر والتدرن، لتوضيح حقيقة الأمر ووجهة نظره في الخطوات التى تتخذها الدولة المصرية ووزارة الصحة، وما هي أعراض الإصابة ومتى نلجأ إلى المستشفى، ومدى صحة ما يقال عن وجود مصل أو لقاح قريبا وغيرها من التساؤلات التى يجيب عنها في محاولة للإجابة الصحيحة بعيدا عما يدار على مواقع التواصل الاجتماعي من اجتهادات أو نشر أخبار كاذبة تساهم في نشر الهلع دون تقديم الحقيقة
أو النصيحة.
حوار : رجاء ناجي
أوضح تاج الدين أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية قبل ظهورالفيروس وحتى الآن والتى كان لها الإسهام الأكبر فى خفض حجم الإصابات، والآن نحن فى مرحلة «يد بيد» مع الدولة والمواطن له دور كبير وعليه الالتزام بالإجراءات خاصة أن هناك العديد من الفيروسات وأنواعا كثيرة من الأنفلونزا لكن معظمها لا يشكل خطورة، وأشهرها أنفلونزا الطيور والخنازير، وهناك بعض الفيروسات تصيب الحيوان وأخرى الإنسان وهناك أمراض تنقل من الحيوان إلى الإنسان، الخطورة تأتى عند انتقال إنفلونزا الفيروس من أى من هذه الكائنات إلى الإنسان ومن هنا تظهر سلالة جديدة من الأنفلونزا وبما أنها جديدة والبشر لم يتعاملوا معها فتكون عادة خطيرة، خاصة الفيروسات التى تصيب الجهاز التنفسى تنتشر بصورة كبيرة والفيروس الجديد ليس له لقاح ونقوم بدراسة خصائصه وطرق انتشاره ومقاومة الجسم له وأعراضه وحدتها، ولفت إلى أن هناك فرقا بين العدوى والمرض فقد يصاب الإنسان بالفيروس ولكن لا تظهر عليه أعراض المرض فمن بين كل المصابين بالفيروس لا يصاب بالمرض إلا 10 أو 15%، لذا من يشعر بأعراض بسيطة تشبه أعراض الأنفلونزا يلزم المنزل مع الراحة وأخذ أدوية تخفض الحرارة أو الكحة أو الرشح وجميعها موجودة ورخيصة، وكل الأصناف كفيلة بهذه المهمة وهى علاج الأعراض وخلال أيام قليلة سيشفى تماما فلا داعى للقلق ولكن لابد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
كثر الحديث حول أعراض (كوفيد-19) فيروس كورونا المستجد وتشابهت مع أعراض الأنفلونزا.. كيف يمكن التمييز بينهما؟
كثر الحديث عن الأعراض المصاحبة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، وأصبح هناك خلط وكلام غير صحيح ولكن أعراض الإصابة به هى بالفعل شبيهة بأعراض الأنفلونزا كالكحة والرشح وارتفاع فى درجات الحرارة والألم فى الجسد وأحيانا صعوبة فى التنفس وتتراوح شدة الأعراض حسب عمر والحالة الجسدية للمصاب هل هو شاب أم رجل مسن ويعانى من أمراض مزمنة مثل القلب والسكر والضغط وغيرها من الأمراض التى تضعف الجسد، وفى الأغلب الأعراض بسيطة بل قد يصل الأمر إلى أن هناك حالات لم تظهر عليها أعراض.
كيف يمكن الحماية والوقايه منه؟
الإجراءات الوقائية أصبحت ضرورة والالتزام بما تعلنه الدولة من إجراءات وقائية واحترازية أمر هام للغاية، فإذا قررت الدولة تأجيل الدراسة بهدف عدم خروج الأولاد من المنازل يكون التصرف الصحيح هو عدم خروج الأولاد لحمايتهم وتقليل الاختلاط قدر الإمكان، أى التقليل من الزيارات والتواجد فى الأماكن المزدحمة هذه الفترة، بالإضافة إلى التهوية الجيدة واستخدام مناديل أثناء العطس أو البصق مع غسيل الأيدى والحفاظ على مسافة بين الأفراد لأن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ وعدم لمس الأسطح لأن الفيروس يعيش فترة على الأسطح وغسيل الأيدى بالصابون هذه إجراءات وقائية ومن الإجراءات التى اتخذت مثل إغلاق المقاهى ومنع الشيشة أمر فى غاية الأهمية لأنه مرض تنفسى والشيشة من أهم الوسائل الناقلة للفيروس، أما الحالات المخالطة لمصابين يجب عليهم العزل الذاتى لمده 14 يوما فى المنزل وهذا إجراء لابد منه وأمر ليس صعبا، وإنما يجب البقاء فى غرفة منفردا إذا كان متاحا أو البعد مترين على الأقل فى حالة الاختلاط مع آخرين ووضع مناديل على الفم أو الأنف أو ارتداء كمامة إذا كان متوفرا مع غسيل الأيدى، ولفت إلى ضرورة عدم مشاركة الأدوات المنزلية الشخصية مثل (الأطباق، الأكواب، المناشف، الفراش، الملابس) مع الشخص المعزول، وبعد استخدام هذه الأدوات يجب غسلها جيدًا بالماء والصابون مع ضرورة ارتداء قفازات مطاطية أثناء الغسل، كما يجب تنظيف جميع الأسطح التى يتم لمسها كثيرًا مثل (أجهزة الكمبيوتر المشتركة، مقابض الأبواب، الهواتف المنزلية، تجهيزات الحمام، الطاولات بجانب السرير)، والتأكد من تهوية المساحات المشتركة فى المنزل جيدًا، وتجنب الاختلاط قدر الإمكان، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، ومنع الزوار من دخول المنزل إن لم يكن ضروريًا.
هل هذا يعنى الموافقة على ما تردده بعض الأنظمة الصحية من إجراء العزل الذاتي؟
هذه الدول لجأت إلى هذه المناشدات لكثرة الحالات التى لا تستطيع أى منظومة صحية استيعابها وتوفير أسرة ورعاية مركزة لهذا العدد، أما نحن مازالت الأعداد منخفضة جدا والحمد لله، ولكن لا يجب أن نرهق المنظومة الصحية والأطقم الطبية خصوصا وهناك حالات لا تحتاج سوى الراحة وأخذ بعض الأدوية للأعراض فقط وتشفى وفى حالة زيادة الأعداد يتم العزل الذاتى ولابد من التمرن عليه، هذا إجراء هام ليس لمن يعانون من فيروس كورونا وإنما أى فيروس وليكن انفلونزا .
ما مدى صحة المعلومات المتداولة عن تحوّر الفيروس وخطورته فى تلك الحالة؟
فيروس كورونا من الفيروسات التاجية وغير معروف عنه سرعة التطور،
ولم يثبت صحة هذا الكلام حتى الآن، لا يجب الاستماع إلى كل ما يقال ويجب أن نعرف أننا نتعامل مع فيروس جديد مازلنا ندرس خصائصه وكيفية التعامل معه.
وماذا عن بعض المأكولات التى يقال إنها تزيد المناعة أو الأدوية كالمضادات الحيوية كنوع من الحماية؟
الأكل المتوازن أمر جيد، وهذا أسلوب حياة، ويحمى الإنسان من العديد من الأمراض مثل السمنة أو الأنيميا والسكر والضغط ولكن المناعة تكون قوية مع أمور كثيرة، كالأكل الصحى والرياضة، وهذا الأمر بدأت وزارة الصحه العمل عليه من خلال المبادرات الصحية، فضلا على أن الأمصال والطعوم ترفع قدرة الجهاز المناعى ضد الأمراض المعدية، بالإضافة إلى أهمية تناولها خاصة للأطفال، كما أن الحالة النفسية الجيدة تقوى الجهاز المناعى أيضًا؛ لذا ينصح بتجنب الغضب والقلق والتوتر؛ لأن ذلك يضعف قدرة الجهاز المناعى على صد العدوى والفيروسات عن الجسم.. كما أن الإكثار من شرب المياه وممارسة الرياضة وأخذ قسط كبير من الراحة من
6 إلى 8 ساعات يوميًا كلها عوامل رئيسية تساعد على استكمال المنظومة المناعية لجسم الإنسان وتقويتها، بالاضافة إلى نظام غذائى سليم، أما اللجوء إلى الأدوية بدون استشارة الطبيب هذا أكبر خطأ والمضادات الحيوية لا يجب الإفراط فيها لأنها تتسبب فى مشكلات صحية كثيرة وتضعف المناعة وحتى مع وجود الأعراض التى ذكرتها لا لا يجب أن نأخذ المضادات الحيوية وإنما نأخذ أدوية مخفضة للحرارة وأدوية للكحة فقط.
هل يمكن أن يصاب شخص بفيروس كورونا ويشفى دون أن يعرف بإصابته؟
وفقا لما أعلنته منظمة الصحة العالمية فإن ما يسجل من إصابات هى 20% فقط وأرجعت هذا إلى أن ما يسجل هو الحالات التى تصل إلى مضاعفات أدت بها للجوء إلى المستشفى أو تم كشفها من خلال أنطمة الترصد الصحى فى البلاد أو من المخالطين وهذا يعنى أن هناك حالات كثيرة جدا تصاب وتشفى دون التواجد فى المستشفى أو أخذ أدوية والدليل أن نسبة الوفيات منخفضه جدا 3%، وأغلب الوفيات من كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة، والكثير من الدول بدأت تناشد المواطنين بعدم الذهاب إلى المستشفيات إلا فى الحالات التى ترتفع فيها درجات الحرارة عن حد معين أو وجود صعوبة فى التنفس، أما الحالات البسيطة تمكث فى المنزل تحصل على وراحة تامة وأخذ بعض مخفضات الحرارة وأدوية للكحة والرشح وسوف يشفى فى المنزل وترك المستشفى للمحتاج لأنه لا يوجد منظومة صحية فى العالم تستطيع استيعاب كل هذا العدد من غرف عناية مركزة وأسرّة، فمن هنا كانت المناشدة بترك السرير لمن يحتاجه أكثر ولعدم الضغط على النظام الصحى والأطقم الطبية.
ما مدى صحة ما تردد من إمكانية اصابة الشخص بالفيروس مرتين؟
الإصابة بالفيروس مرتين أمر وارد ولكنه نادر الحدوث، جسم الإنسان يترك مناعة لأى فيروس يصاب به، فى هذه الحالة
لا نستطيع أن نجزم بشيء، كورونا فيروس جديد ولكل فيروس مناعة تترك فى الجسد وتختلف مدتها والآن يدرسون مدة مناعته ولكن حتى الآن حالات قليلة جدا التى أعلن عنها ومازالت تدرس ولكن الأمر غير مقلق.
كيف نحمى كبار السن من العدوى بالفيروس؟
إن هذه الفئة يجب أن تلتزم بعدم الاختلاط هذه الفترة والحفاظ على المسافة بين الأشخاص مع اتباع بعض الإجراءات مثل التذكير الدائم بأهمية شرب المياه، تناول البروتين سواء كان حيوانيا أو نباتيا.
وتناول بعض الفيتامينات والمعادن التى تحسن الحيوية والذاكرة، مثل بعض المنتجات التى تحتوى على عناصر A,C,E, والزنك، التأكد من نسبة فيتامين D والكالسيوم فى الجسم، الحرص على تناول الأطعمة التى تحتوى عليهما، مثل منتجات الألبان والبيض والعسل بأنواعه، والخضروات الورقية والمكسرات.
نصيحتى لأصحاب الأمراض المزمنة، مراعاة قياسات الضغط والسكر باستمرار وعند الاشتباه فى الإصابة لابد من مراجعة الطبيب أو الذهاب إلى المستشفى فورا خوفا من المضاعفات.
هناك سباق بين دول كثيرة حول إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وتم الإعلان عن إجراء اختبارات سريرية فهل هذا يعنى يظهور لقاح قريبا؟
إن هناك أملا كبيرا أن يتم تقديم مصل لعلاج فيروس كورونا خاصة بعد إعلان أكثر من شركة فى أمريكا وأوروبا عن ذلك، وبالفعل هناك تسابق بين أكثر من خمس دول، وهناك دول وصلت الأبحاث فيها لمستويات مبشرة جدا، وبدأت بعض الاختبارات ولكن الأمر لن يتم غدا حتى وإن كانت تتم بسرعة عالية جدا ولكن هناك خطوات ومراحل علمية كى يتم اعتماد هذا اللقاح، ولكن إلى أن يأتى هذا الوقت علينا أن نوقف انتشار الفيروس والحد من الإصابات وهذا بتطبيق الإجراءات التى تقرها الدولة المصرية متمثلة فى وزارة الصحة، وعلى الفرد أن يعرف أن عليه مسؤولية فى وقف هذا الانتشار وحماية نفسه وأسرته بالالتزام بإجراءات بسيطة جدا، لذا لابد من نشر الوعى الإيجابى والمشاركة الفعالة لنتخطى هذه الأزمة، كما تخطينا العديد من الأزمات بنجاح.
الإجراءات التى اتخذتها الدولة المصرية مؤخرا، كيف تراها؟
مصر تتعامل بشكل جيد جدًا مع فيروس «كورونا المستجد»، وبؤر الإصابة بالفيروس مرصودة ويتم التعامل معها جيدًا، وهناك مجهود خرافى يبذل وأن جميع الإجراءات التى اتخذتها الحكومة صحيحة ووفقًا للاحتياطات العالمية، ونحن لدينا تجارب ناجحة من قبل فى الإجراءات الوقائية التى اتخذتها الدولة عام ٢٠٠٣، فى التعامل مع فيروس «سارس»، كذلك الخطة الشاملة التى وضعتها الدولة للقضاء على «انفلوانزا الطيور» فى عام ٢٠٠٥، وبعد ذلك تصديها لفيروس «انفلوانزا الخنازير»، مشيرًا إلى أن مصر لديها خبرة كبيرة للتعامل مع مثل هذه الظروف الصعبة.
ولدينا أطقم طبية مدربة على أعلى مستوى ومستشفيات مستعدة سواء وزارة الصحة أو الجامعية ولكن مع هذا الوباء لابد من المشاركة بين الفرد والدولة والعالم كله، فيجب إنهاء الحلقة وتقليل نقل العدوى، وهنا يأتى دور المواطن الواعي، وأخيرا عدم الانسياق خلف الشائعات والتكدس فى المحلات التجارية؛ لأن هذا يساهم فى نشر المرض ويصعب الأمر على الناس والدولة، علينا أن نثق فى الدولة وقراراتها، ونعمل سويا لمواجهة هذا الفيروس.