سعت إسرائيل إلى الترويج لانتصارها الوهمي في أحداث ثغرة الدفرسوار، تلك الثغرة التي كانت تحاول إسرائيل أن تستخدمها كورقة ضغط على القيادة المصرية بعد قرار وقف إطلاق النار إلا أنها رغم كل محاولاتها فشلت وحققت القوات المصرية هدفها في إفشال تلك المخططات، وكان من أهم دلائل كذب الادعاءات الإسرائيلية هي قدرة القوات المصرية على اختراق تلك الثغرة وتصفيتها بل والقيام بشن هجمات وصلت إلى439 عملية نفذتها القوات المصرية خلال 3 أشهر مما يؤكد إحراز القوات المصرية التفوق على القوات الإسرائيلية، كما أن سير أحداث المعارك تنفى ادعاء إسرائيل بأنها قطعت الإمدادات عن قوات الجيش الثاني والثالث شرق القناة إلا أنهم واجهوا مواجهات طاحنة نتج عنها خسائر كبيرة للعدو الإسرائيلي.
معركة طاحنة
تبدأ معارك ثغرة الدفرسوار بقيام العدو ليلة 15 و16 أكتوبر بهجوم مركز على الجانب الأيسر للفرقة 16 من الجيش الثاني وعبر فى منطقة الدفرسوار بقوة من المظلات وسبع دبابات زادت إلى 30 دبابة مستغلا طبيعة الأرض من المناطق المزروعة والمباني المهدمة فى إخفاء دباباته والقتال فى الدفرسوار ثم دارت معارك طاحنة شرق وغرب الدفرسوار بين قواتنا وقوات العدو وتكبد فيها الطرفان خسائر كبيرة إلا أن خسائر إسرائيل باعترافهم واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية فى هذه المنطقة كانت من الفداحة حتى أن إسرائيل قررت وقف هذه العملية فى مرحلة معينة.
فشلت هجمات العدو المضادة تماما على طول مواجهة الجيشين فى الشرق بقصد فتح ثغرات أخرى فى أماكن أخرى وفشلت فى جميع الأماكن عدا الدفرسوار فى نهاية يوم 22أكتوبر 1973 وعند تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار كان جيب العدو غرب القناة لا يزيد فى حجمه عن نصف رأس كوبري واحد لإحدى فرقنا الخمس شرق القناة وأنه استنفد ستة أيام من القتال الشديد استخدم فيها الجيش المصري كل قواته الجوية وكل أنواع الصواريخ والمدفعية.
وضع حرج
ثم استمر العدو وتحت ستار وقف إطلاق النار فى التوسع جنوبا ليحول وضع قواته إلى وضع أكثر أمنا وفى الوقت نفسه كان يريد قطع خطوط إمداد فرقتين من الجيش الثالث موجودتين شرق القناة وذلك للمساومة بهذا الوضع واضعا فى اعتباره أن الذي يؤمنه هو قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار وليس قوته من الناحية العسكرية حيث كان وضعه حرجا للغاية غرب القناة خصوصا بعد فشله فى اقتحام مدينة السويس الباسلة.
تفوق مصري
وكان الوضع يوم توقيع اتفاقية فصل القوات فى الفترة من 31 أكتوبر 1973 وحتى 18 يناير 1974 طبقا لبيانات العدو فقد نفذت القوات المصرية 439 عملية منها 93 فى شهر نوفمبر 1973 و 213 عملية فى شهر ديسمبر 1973 و 133 عملية فى شهر يناير 1974 كما أسفرت العمليات طبقا لبلاغات هيئة الرقابة الدولية وبلاغات القوات الإسرائيلية نفسها عن الخسائر الآتية فى العدو 11 طائرة و 41 دبابة ومدرعة و 10رشاشات ثقيلة و 36 بلدوزر ومعدة هندسية ومركبة وإصابة ناقلة بترول سيرينا الإسرائيلية وإغراق زورق إنزال بحري وقتل 187 من قوات العدو، علاوة على عدد الجرحى الكبير والذي يمكن تقديره بأضعاف خسائره فى الأرواح.
يقول الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية فى ذلك الوقت إن الفرقتين 7 و19 مشاة من الجيش الثالث الموجودتين شرق القناة ومدينة السويس كان لديهما كل احتياجاتهما من الذخيرة والوقود والمياه والتعيينات التي تسمح لهما ليس بالصمود فقط بل بالاشتراك فى الهجوم الذي كان مرسوما، كما استمر إمداد هاتين الفرقتين بشتى الوسائل حتى قبل إشراف الأمم المتحدة على هذا الإمداد.
ضعف الثغرة
إن نقطة ضعف الدفرسوار كانت أساسا فى عنقه الضيق الذي بلغ 6كم فقط وحجمه الذي يشبه القنينة بحيث يمكن تقطيعه بالإضافة إلى أنه كان بعيدا جدا عن خطوط تموينية وإمداداته وأن قواتنا قريبة من تموينها وإمدادها فكان تفوقها عددا وعدة وتحيط بها من كل جانب ولقد بدأ وضع خطة تصفية الدفرسوار يوم 29 أكتوبر 1973 أي بعد وقف إطلاق النار بأقل من 24 ساعة وبعد أن تم احتواء العدو بالكامل ومن كل جانب وقد تم تعيين اللواء سعد مأمون الذي كان قائدا للجيش الثاني فى معارك أكتوبر لتولى مهمة تصفية الدفرسوار وخصص لتنفيذ هذه العملية 5 فرق منها فرقتان مدرعتان و 3 فرق ميكانيكية علاوة على احتياطي القيادة العامة.
خطة التصفية
تم تصفية الجيب بتقسيمه إلى جيوب فرعية وتدميرها جزءا جزءا وذلك بخمس فرق مدرعة وميكانيكية فى خمسة اتجاهات، أما القوات الجوية وقوات الدفاع الجوى والبحرية والصاعقة والمظلات فكانت ستدعم أعمال القوات البرية بخطة نسقت تنسيقا بالغ الدقة، كما قامت قواتنا فى شرق القناة والتي بلغت خمس فرق مشاة مدعمة بالاشتراك فى عمليات هجومية فلم يهدأ القتال لحظة واحدة واستمر بعد وقف إطلاق النار حتى توقيع اتفاقية الفصل بين القوات.
تم التخطيط والإعداد فى صمت وسرية للقضاء على الثغرة غرب القناة وتم التنسيق الكامل بين مختلف الأسلحة وتنظيم التعاون بين الأفرع الرئيسية والقوات البرية طبقا لما أسفرت عنه خبرة القتال المكتسبة من حرب أكتوبر مستغلين نقط ضعف العدو أفضل استغلال وهذا ما أجبر العدو على الانسحاب لتأكده أن الموقف ليس فى صالحه وإلا ما كان لينسحب ويترك موقعه على الضفة الغربية مطلقا.