رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

نداءات فرنسية ووساطة صينية لنزع فتيل الحرب العالمية..تفاوض الشتاء

981

صفاء مصطفى

هل ترسم مبادرات المطالبة بالتفاوض مسارات النهاية للحرب الروسية الأوكرانية؟ بدءا من الوساطة الصينية من وراء الكواليس ومرورا برؤية الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة بضرورة بدء التفاوض، ونهاية بنداءات الرئيس الفرنسي ماكرون المدعومة من «الفاتيكان»، الدعاوى إلى ضرورة وقف الحرب بوسائل سلمية تفاوضية تجاوز الهمس والهمهمة إلى طرح الرؤى والتحركات الفعلية هذا ما كشفت عنه تقارير وسائل إعلام عالمية على مدار الأيام الأخيرة وتكشف عنه السطور التالية..

الصين تمنع التصعيد البولندى وتتبنى استراتيجية تستهدف حلولًا تفاوضية أشارت آخر التطورات بحسب ما كشف عنه موقع Eurasian times The أن الصين تلعب دورا محوريا فى الحد من التصعيد بهدف التوصل إلى حلول تفاوضية، وأنها من هذا المنطلق استطاعت منع نقل طائرات مقاتلة بولندية من طراز MiG-29 إلى أوكرانيا؛ مما ساهم فى عدم تجاوز الحرب الحدود الأوكرانية، كما أبعدت روسيا عن التصعيد النووى مما ساهم فى الحد من فرص المواجهة من حلف الناتو.

وأوضح الموقع أن الصين منعت نقل الطائرات المقاتلة البولندية MiG-29 إلى أوكرانيا من خلال محادثات سرية عبر القنوات الخلفية مع واشنطن، وأن التدخل الصينى تسبب فى رفض الولايات المتحدة عرض بولندا تسليم مقاتلاتها من طراز MiG-29 إلى قاعدة جوية أمريكية؛ لاستخدامها من قبل القوات الجوية الأوكرانية.

خلف الكواليس

وتلعب بكين دورًا حاسمًا وراء الكواليس فى إدارة تداعيات الأزمة الأوكرانية الحالية وتهيئة الأجواء لتسوية سلمية، على الرغم من أنها حافظت علنًا على الانغلاق، وفقًا لآخر ما كشف عنه الصحفى البريطاني، أوين ماثيوز، المتخصص فى الشئون الروسية لمجلة «The Spectator» وهى مجلة أسبوعية مقرها المملكة المتحدة، لافتًا الى أنه كان من الصعب تمييز موقف الصين الفعلى من الحرب الروسية الأوكرانية الجارية حتى الآن، حيث لم تعرض بكين سوى الدعم الدبلوماسى والمعلوماتى لموسكو، التى اتهمت فى جزء منها الولايات المتحدة بانتظام بإثارة التوترات مع روسيا.

وأضاف أنه فى أكتوبر الماضى، أخبر وزير الخارجية الصينى وانغ يى نظيره الروسى، سيرجى لافروف، أن «الصين ستدعم بقوة أيضًا الجانب الروسى، تحت قيادة الرئيس بوتين، لتوحيد الشعب الروسى وقيادته»، وأنه علاوة على ذلك، وعد وانغ بتعميق الاتصالات مع الجانب الروسى على جميع المستويات، إلا أنه على الرغم من ذلك فى الوقت نفسه، امتنعت الصين عن تقديم أى مساعدة عسكرية كبيرة للجهود الحربية الروسية فى أوكرانيا، مما أجبر موسكو على اللجوء إلى إيران للحصول على طائرات مقاتلة بدون طيار، وأنه بحسب التقارير روسيا يمكنها شراء صواريخ من إيران.

وأوضح أوين ماثيوز الصحفى البريطانى أنه فى سبتمبر الماضي، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أخبر وانغ، الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ أن الصين «تظل منفتحة على الحوارات والتبادلات مع الناتو ومستعدة لتعزيز التنمية السليمة والمطردة للعلاقات الثنائية بشكل مشترك».

التصعيد النووي

وفقًا لــ «ماثيوز» ، الذى استشهد بمصدر مقرب من مسئولى جيش التحرير الشعبى الصيني، فإن الأولوية الرئيسية لبكين هى تجنب المواجهة بين روسيا والناتو، ومن ثم فإن بكين تضع على رأس أولوياتها تجنب أى تصعيد نووى والمساعدة فى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، موضحًا أن ذلك ما عبرت عنه الصين خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة، حيث قال الرئيس الصينى «شى جين بينغ» إن العالم «بحاجة إلى منع حدوث أزمة نووية فى القارة الأوراسية» فى اجتماع مع نظيره الأمريكى جو بايدن، مما يمثل مثالًا نادرًا للاتفاق العام بين الولايات المتحدة والصين على روسيا، كما دعا الرئيس شى علنًا إلى «العودة إلى الدبلوماسية والتأكيد على الضرورة الملحة لإيجاد حل سلمي».

ومن هذا المنطلق، فإنه وفقًا لما ذكره الصحفى البريطانى «ماثيوز»، كان عرض بولندا بتزويد أوكرانيا بأسطولها الكامل من الطائرات المقاتلة MiG-29 فى مارس مصدر قلق للصينيين، حيث كان يهدد بتوترات كبيرة بين الناتو وروسيا.

بكين تقنع واشنطن

وفقًا لـــ «ماثيوز» أبرز مبادرات بدء التفاوض هي، «مبادرة القنوات الخلفية العاجلة والسرية» التى تضمنت قادة أوروبيين سابقين وكبار المسئولين، وكانت مدعومة من الصينيين، الأمر الذى غير رأى واشنطن.

وأضاف أنه بعد أن أمر الرئيس بوتين جيشه بوضع قوات الردع النووى الروسية فى حالة تأهب قصوى، بدأ جيش التحرير الشعبى فى التواصل مع الضباط الروس من خلال القنوات العسكرية، وكان هدف بكين هو ضمان أنه حتى لو قررت موسكو استخدام الأسلحة النووية، يجب على الجيش الروسى الالتزام بعقيدته العسكرية النووية القائمة منذ فترة طويلة لاستخدامها فى حالة حدوث استفزاز بهجمات على الأراضى الروسية، لذا فإنه من خلال الاتصالات غير الرسمية بين واشنطن وجيش التحرير الشعبي، اتفق الجانبان على أنه إذا أوقفت الولايات المتحدة صفقة ميج، فإن جنرالات جيش التحرير الشعبى سيبذلون قصارى جهدهم لنزع فتيل التهديد النووى للرئيس بوتين.

حلول الشتاء

أكد موقع ذا أتلانتيك «The Atlantic» الأمريكى أن رؤية الجنرال مارك ميلى، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، حول أهمية فتح مسارات التفاوض لإنهاء الحرب الروسية والتى طرحها خلال العديد من المنتديات والمؤتمرات الصحفية تحظى باهتمام العديد من الزعماء والقادة الأوروبيين وفى ذات الوقت أثارت قلقًا بالغا بين الدوائر الأكثر قربًا من أوكرانيا.

وأشار موقع ذا أتلانتيك «The Atlantic» الأمريكى أن رؤية الجنرال مارك ميلى مفادها أن أوكرانيا قد حاربت القوات الروسية حتى «الجمود» ، وذلك نظرًا للمأزق الناشئ على الأرض و مع حلول فصل الشتاء ، قد يكون الوقت قد حان لإجراء مفاوضات بين كييف وموسكو، مرجعا السبب إلى أن تحقيق انتصار أوكرانى على روسيا هدف صعب المنال ويكاد يكون مستحيلا، كما أن القوات الروسية تكبدت خسائر فى القوات والمعدات، ولذا فإن حلول الشتاء ربما يكون وقتا مناسبا لأوكرانيا لدراسة إجراء مفاوضات؛ ليؤكد من جديد موقفا أثار فى وقت سابق انتقادات موسعة من البيت الأبيض.

وبحسب موقع ذا أتلانتيك «The Atlantic» عبر الجنرال مارك ميلى عن رؤيته قائلا: «إن على كل من روسيا وأوكرانيا أن تدركا أن النصر العسكرى مستحيل تحقيقه وأن إنهاء الصراع عن طريق التفاوض سينهى معاناة الحرب».

وأضاف فى ذلك الوقت: «عندما تكون هناك فرصة للتفاوض، وعندما يمكن تحقيق السلام، اغتنمها».

وبحسب موقع ذا أتلانتيك «The Atlantic» ووسائل إعلام أمريكية أخرى جاء طرح رؤية الجنرال مارك ميلى عقب عقد اجتماع للحلفاء، الذين يشكلون مجموعة الاتصال الأوكرانية وفى أعقاب تصريحات قادة بولندا وحلف شمال الأطلسى إن الصاروخ الذى قتل شخصين فى الأراضى البولندية من المحتمل أن يكون أطلق من قبل القوات الأوكرانية.

وتعقيبا على الاهتمام الإعلامى واسع النطاق برؤية الجنرال مارك ميلى ذكرت شبكة CNN الأمريكية هذه التصريحات، أجبرت إدارة الرئيس الأمريكى بايدن على طمأنة أوكرانيا بأنه لم يكن هناك تغيير فى موقف الولايات المتحدة بالسماح للبلاد بتقرير مستقبلها أو الضغط على كييف للدخول فى مفاوضات، لافتة إلى أن هذا الموقف أكده « لويد أوستن» وزير الدفاع الأمريكى الذى كان يقف بجانب ميلى فى مؤتمر صحفي، قائلا: «ما هو الوقت المناسب للتفاوض؟ لقد قلنا مرارًا وتكرارًا أن الأوكرانيين سيقررون ذلك وليس نحن».

وفى سياق متصل، أوضحت شبكة سى إن إن CNN الأمريكية عقب إطلاق روسيا ربما أكبر وابل من الصواريخ ضد أوكرانيا ، أن الولايات المتحدة والغرب أكدا أنهما يستعدان لصراع أطول، صراع لا تزال فيه كييف بحاجة إلى دفاعات جوية وذخيرة للقتال المقبل، مؤكدة أنه بالتزامن مع رؤيته لأهمية بدء التفاوض أكد الجنرال مارك ميلى أهمية دعم أوكرانيا، قائلًا: «سنبقى هناك طالما أن الأمر يتطلب إبقاء أوكرانيا حرة».

جهود التفاوض

وأكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ثقته فى أن التوصل إلى حل تفاوضى فى أوكرانيا، يصب فى مصلحة موسكو وكييف، لافتا إلى أن «التفاوض لا يعنى تنازل أوكرانيا عن أراضيها».

وعبر الرئيس الفرنسى ماكرون عن رؤيته عبر قناة «فرانس 2» التليفزيونية قائلا: «سيكون من مصلحة أوكرانيا وروسيا العودة إلى طاولة المفاوضات».

وأضاف: « ليس لفرنسا أن تقرر مسألة المفاوضات، بل للأوكرانيين».

تفكك أوروبا

ويتوقع الرئيس الفرنسى ماكرون أن الشتاء سيمر فى سياق الصراع المستمر وأن خطر التفكك يهدد أوروبا مع تصاعد وتيرة الحرب وعبر عن هذه المخاطر قائلا: «نريد الحفاظ على أوروبا موحدة وتهيئة الظروف للمفاوضات مع روسيا»، مشددا على أن المفاوضات لن تعنى التنازل عن وحدة أراضى أوكرانيا.

وأعرب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن ثقته بأن روسيا وأوكرانيا ستعودان إلى طاولة المفاوضات فى لحظة معينة.

وأشار الرئيس الفرنسى ماكرون خلال العديد من اللقاءات والمؤتمرات الصحفية إلى أن رغبة دول الاتحاد الأوروبى فى العودة إلى السلام قائلا: «نريد العودة إلى السلام. وهذا شأن أوكرانى تحديد الشروط والتوقيت عند العودة الى طاولة المفاوضات».

وأضاف: «ولكن فى لحظة معينة سيكون من الضرورى القيام بذلك، والآن من السابق لأوانه الحديث عن أى شروط حادة، لكننى على قناعة بأنه فى لحظة ما سيكون من الضرورة العودة إلى المفاوضات».

دور الفاتيكان

وبحسب وسائل إعلام عالمية صرح «بول ريتشار غالاغر»، وزير خارجية الفاتيكان، ورئيس الأساقفة، أن الكرسى الرسولى مستعد لتوفير مكان للمفاوضات لحل النزاع فى أوكرانيا، وأبلغ مصدر مطلع فى الفاتيكان وكالة «نوفوستي» بأن الكرسى الرسولى مستعد لفعل كل ما هو ممكن لتحقيق السلام فى أوكرانيا، وردا على سؤال بشأن رد فعل الفاتيكان على مقترحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أكد استعداد الفاتيكان للوساطة وفعل كل ما هو ممكن من أجل إنهاء الحرب قائلا: «إذا طلب منه الجانبان التوسط، فلن يتراجع الكرسى الرسولى بالتأكيد».

وكانت مجلة «لو بوينت» الفرنسية قد ذكرت فى وقت سابق أنه خلال زيارة للفاتيكان فى أكتوبر الماضي، طلب ماكرون من البابا فرنسيس الاتصال بالزعيمين الروسى والأمريكى فلاديمير بوتين وجو بايدن من أجل حل الأزمة فى أوكرانيا، حيث تحدث ماكرون أيضا عن حاجة الولايات المتحدة الأمريكية للجلوس إلى طاولة المفاوضات؛ لدفع عملية التسوية.

مصالح أوكرانيا

و أكد وزير خارجية أوكرانيا «دميترى كوليبا» أهمية إجراء مفاوضات بين كييف وموسكو، معربًا عن ثقته فى أن القادة الغربيين «لا يدفعون أوكرانيا إلى إجراء مفاوضات ضد مصالحها».

ولفت كوليبا فى مقابلة مع صحيفة «باريسيان» الفرنسية، إلى أن كييف لا تعارض إجراء مفاوضات مع موسكو، لافتًا إلى أن الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى تحدث فى قمة العشرين عن «السلام العالمي» وأعرب عن «الرغبة فى تحقيقه»، على حد تعبيره.

كما حثّ كوليبا روسيا على ما وصفه «التوقف عن الخلط بين المفاوضات ولغة الإنذارات»، وأعرب عن رأيه بأن «السلام العادل يبدأ بالاستعادة الكاملة لوحدة أراضى الجمهورية».

ومن جانبه أعلن الرئيس الأوكرانى «زيلينسكي» فى وقت سابق، عن استعداده للنظر فى عودة شبه جزيرة القرم بالوسائل غير العسكرية، معترفا بأن أى مفاوضات محتملة مع روسيا ستعمل على إيقاف النزاع.

وكان زيلينسكى قد صرح فى وقت سابق عن رغبته فى الحلول السلمية، قائلا: «نحن مستعدون الآن للسلام، سلام عادل ومنصف، لقد أعلنا صيغته عدة مرات».

وأكد أنه قبل كل شيء، يجب أن تعترف روسيا بحدود أوكرانيا وسلامة أراضيها بموجب القانون الدولى.

وصرح المتحدث الرسمى باسم الكرملين دميترى بيسكوف تعقيبا على المطالبات بضرورة بدء التفاوض بأن روسيا منفتحة على كافة الاتصالات والجهود ، لكن أوكرانيا هى التى قررت عدم استمرار المفاوضات.