حواراتهام
الشهاوي: مصر حجر عثرة أمام مخططات تقسيم المنطقة
By mkamalنوفمبر 18, 2019, 14:04 م
1780
وليد فائق
تصوير: عامر عبد ربه
«2020 عام ملتهب إقليميا» هذا ما أكده اللواء تامر الشهاوى عضو لجنة الدفاع والأمن القومى فى البرلمان فى حديثه مع مجلة أكتوبر، مشيراً إلى أن العدوان التركى على سوريا وما صاحبه من فرار العشرات من مقاتلى داعش من سجون الأكراد كان خطوة في إطار تنفيذ المخططات الأمريكية التى تحاك للمنطقة منذ سنوات طويلة، وتهدف لإحداث صدام بين الهلال الشيعى بزعامة إيران والتحالف السنى بقيادة السعودية وفى القلب منه مصر، والذى توقع أن تنطلق شرارته من العراق التى أكد أنها المحطة المفضلة لمقاتلى داعش الفارين لتنفيذ هذا المخطط، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول أن تقدم نفسها للخليج على أنها قائدة المواجهة مع إيران، على الرغم من قوة العلاقات السرية بين
تل أبيب وطهران، مشدداً على أن مصر تقف حجر عثرة أمام مخططات تقسيم المنطقة أو القضاء على القضية الفلسطينية طبقاً للمسار الأمريكى للسلام المعروف إعلامياً باسم “صفقة القرن”..
اللواء تامر الشهاوي في حواره مع الزميل وليد فائق
وإلى نص الحوار..
كيف رأيت العدوان التركى على شمال سوريا؟
دعنا نتفق فى البداية على ملامح القوى السياسية داخل المنطقة.. هذه الملامح تتحكم فيها الولايات المتحدة، إنجلترا، روسيا، وهناك أدوات مثل إيران وتركيا، وكل هذا يصب لصالح دولة إسرائيل فى النهاية.. ماذا تقول هذه الملامح؟! تقول إنه بعد حرب 73، فإن هذه الحرب آخر مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، وأنه لابد أن يكون هناك شكل من أشكال الحرب الطائفية فى المنطقة، ولأجل هذا لابد من خلق حالة صراع، وتأجيج حروب مختلفة، وخلافات سياسية وحدودية وأيدلوجية إلى آخره.. لاحظ أنه بعد حرب 73 واتفاقية السلام بدأت تظهر ما يعرف بدولة «إيران79» مرورًا بحرب العراق وإيران لمدة 10 سنوات، ثم العدوان العراقى على الكويت، فحرب الخليج الأولى وتحرير الكويت، ثم أحداث 11 سبتمبر وبعدها الاحتلال الأمريكى لأفغانستان والعراق، كل هذا كان يسير على محاور معينة أهمها فرض سياسة الأمر الواقع والشرطى الأمريكى على مستوى العالم، باستخدام فكرة أن أمريكا تعرضت للإرهاب فى سبتمبر 2001 فى الحادث المدبر والذى كان له علاقة كبيرة بين المخابرات الأمريكية والإسرائيلية مع تنظيم ما يعرف بالقاعدة، لكن أحداث سبتمبر أعطت الذريعة للولايات المتحدة لكى تتواجد فى المنطقة بهذه الكثافة.. ولكى تقوم بذلك كان لديها أدوات، تركيا كانت إحدى هذه الأدوات وكذلك إيران.. للأسف البعض غير قادر أن يكتشف العلاقة الكبيرة الواسعة التى تربط أمريكا وإسرائيل بإيران.. يمكن لأن إيران صدرت نفسها للعالم والمنطقة على أنها عدوة لأمريكا التى ينص الدستور الإيرانى على أنها «الشيطان الأكبر».. لكن فى حقيقة الأمر فإن هناك تعاونا وثيقا بين أمريكا وإيران وإسرائيل.. كثيرون لا يعلمون أن المعابد اليهودية فى إيران مفتوحة، بينما المساجد السنية مغلقة.. لكن كان لابد من تصدير فكرة العداء بين إيران وأمريكا وإسرائيل للعالم ككل ولمنطقة الشرق الأوسط بالأساس.. خلق كيان مخيف للشرق الأوسط بالكامل كان فكرة إسرائيلية أمريكية برعاية الغرب.. وأظهرت إيران بهذه الصورة الوحشية التى يتم تصديرها لدول الخليج حاليا، ولكى يتم ذلك كان لابد من إزالة حوائط الصد التى كان يمكن أن تصد إيران، ولأجل هذا تم احتلال العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل، وكان العراق وقتها أكبر قوة فى المنطقة حيث كان تشكيل قواته يتكون من 54 فرقة عسكرية.. على الجانب الآخر هناك أيضاً العلاقات الأمريكية الإسرائيلية مع تركيا، وهى علاقات قديمة جداً لكنها نمت جيداً خلال الـ 20 سنة الماضية.. وما فعلوه مع إيران، كرروه مع تركيا، من خلال استغلال الرغبة التركية التاريخية فى عودة الخلافة العثمانية والفكرة الفارسية مع الجانب الإيرانى، وفى نفس الوقت لم يعطوا الخليج فرصة أن يكون له حليف غيرهم (أمريكا وإسرائيل) فأوجدوا خلافا إيرانيا خليجيا، وكذلك خلاف تركى خليجى، فقط دولة قطر فى الخليج هى التى تملك علاقات قوية جدًا مع إسرائيل وأمريكا وإيران وتركيا.. وهى الدول الأربعة التى نقول إنها مسارات الصراع فى الشرق الأوسط، ثم جاءت أحداث يناير 2011 فى المنطقة، وأحب أن أطلق عليها «بداية ظهور النتائج» وليست «بداية الأحداث» لأنها بالفعل بداية لظهور نتائج كل الأحداث السابقة التى ذكرتها حتى يحصل نوع من أنواع الفصل ما بين قوتين كبار أحدهما تمثل المذهب السنى، والأخرى تمثل المذهب الشيعى.. وبالمناسبة كل ما ذكرته منشور فى كل الوثائق الأمريكية من سنة 1983 عندما صدق عليه الكونجرس وتكلم عنه برنارد لويس ولكن للأسف الناس لا تقرأ.. الحكاية باختصار إنشاء قوة شيعية بقيادة إيران وقوة سنية بقيادة المملكة العربية السعودية، ومصر بالطبع فى القلب من هذا الحضور، ثم اختيار أنسب الظروف بعد ذلك لصدم هاتين القوتين وهو ما يسعوا إليه الآن.. ولذلك لو لاحظنا خلال الـ7 سنوات الماضية تصريحات إيرانية متعددة عن سيطرتها على بعض دول المنطقة مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن.. إيران مثيرة للقلاقل داخل الكويت والبحرين تحديداً.. كل هذا يشكل الهلال الشيعى الذى نتحدث عنه، فى نفس الوقت حاولت أمريكا فى خلال السنوات الماضية منذ أواخر فترة رئاسة أوباما وبعد ذلك ترامب أن يشكلوا ما يمكن أن نسميه « الناتو العربى» – ومن أطلق عليه هذه التسمية كان ترامب نفسه – من خلال لقاءات مع الملك سلمان ومع مصر، وبالطبع نحن نتمنى أن تكون هناك قوة عربية مشتركة، ولكن الهدف بالنسبة لهم كان الوصول لاتفاقيات دفاع مشترك ثم تحين أنسب الظروف لأحداث الصدام بين القوتين الشيعية والسنية، ولتلتهب المنطقة أو كما يسمونها أحداث أخر الزمان» وكل هذا بالطبع لمصلحة إسرائيل، التى وفى نفس التوقيت وخلال العامين الماضين بدأت تظهر فى العلن علاقات بين تل أبيب وكثير من الدول العربية –بالطبع كانت هناك علاقات سرية قديمة – وهنا وهذا أخطر ما فى الموضوع فإن إسرائيل – من خلال أمريكا بالطبع – تقدم نفسها للدول العربية على أنها قائدة المواجهة مع إيران، مع أنه هناك علاقات إسرائيلية إيرانية من الأصل، وفى نفس الوقت بدأ يظهر نوع من الانسحاب الأمريكى من المنطقة، ترامب نفسه صرح منذ أيام أن المنطقة مشتعلة ولا يريد أن يتورط فيها، طبعاً كان ذلك بعد أن أخذ عقود البترول والسلاح ولم يعد يريد شيئاً أخر من المنطقة.. فإلى من يترك المنطقة؟! لدولة إسرائيل بالطبع التى تريد أن تظهر أنها تقود المعركة بجانب الخليج ضد إيران وكأنك تستنجد من الأسد بالذئب أو العكس وهذا هو طبيعة التشكيل الذى يحدث فى المنطقة..
بالنسبة للوضع فى سوريا، الأكراد كانوا موعودين بدولة منفصلة فى منطقة كردستان العراق وتضم أجزاء من تركيا وأخرى من سوريا.. مع حالة السيولة التى حدثت فى سوريا نتيجة للتدخل الروسى بشكل مباشر مع دمشق، وإن كان هذا قد أدى لمكاسب للجيش السورى على الأرض، لكنه أوصل سوريا لشكل من أشكال التقسيم غير المنظور، وأقصد بها مناطق نفوذ موجودة داخل الدولة السورية وتمتد تقريباً فى كل أطراف سوريا.. ويمكن حصرها فى منطقة نفوذ الأسد داخل سوريا وخاضعة بالكامل الآن للوجود الروسى وهو وجود قوى جدا ويصب فى مسائل متعلقة بالغاز والوجود الاستراتيجي للجيش الروسي على سواحل البحر المتوسط فى ميناء طرسوس، وفى هذه المنطقة أيضاً نفوذ إيراني، ومنطقة أخرى للنفوذ الأمريكى، ثم مناطق النفوذ التركى فى عفرين بالشمال هذا هو شكل الخريطة السورية الآن، وبالتالي تم تقسيم سوريا لمناطق نفوذ للدول الكبرى..
اتفاقيات سرية
عندما صدر القرار الإسرائيلى – برعاية أمريكية – بضم الجولان، ماذا كان رد فعل دول المنطقة؟ فقط مصر التى كان لها رد فعل قوى جداً ضد هذا القرار، وكذلك قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، وأعلنا فى الحالتين أننا لا نعترف بالقرارات أحادية الجانب ولا أى آثار مترتبة عليها.. لكن على الطرف الأخر دعنا نرى ردود أفعال بقية عناصر المعادلة.. الدولة الإيرانية التى تعلن أنها تدعم بشار وسوريا، لم تفعل شيئاً.. تركيا التى تقدم نفسها عدواً لإسرائيل لم تتخذ أى فعل.. هذا يجرنا لسؤال مهم.. ماذا عن الاتفاقيات السرية التي تمت بين كلا من إسرائيل وأمريكا وروسيا وتركيا وإيران بشأن سوريا؟ وليس فقط سوريا ولكن بشأن المنطقة بالكامل؟ لو لاحظت من بعد القرار الإسرائيلى بضم الجولان بدأت تركيا تدخل فى الجزء الكردى وتتعامل معه بعنف.. هذا يثبت أن هناك اتفاقا ما.. ولهذا عندما ذهبت الأزمة لمجلس الأمن تم استخدام حق الفيتو، دعك من أن الأمريكان خرجوا وأعلنوا عقوبات اقتصادية.. كل هذا هراء.. سكوت تركيا وإيران على قرار ضم الجولان دليل على هذا الاتفاق، هذا مقابل ذلك، وبالتالى، دخلت القوات التركية مناطق الأكراد وبدأت إيران تثير قلاقل جديدة فى العراق، وابتدأ الحوثيون فى اليمن ينشطون ضد السعودية.. تذكر أن أمريكا وقتها أعلنتها قوية أنها قادمة لمضيق هرمز لتحمى الخليج والسعودية من طهران.. حسناً ولكن دعني أتساءل، وسفنهم قادمة للخليج وأثناء عبورهم باب المندب ألم يرى الحوثيون الذين يضربون صواريخهم على السعودية يومياً؟! ولكن الغرض أن تظل السعودية داخل مرمي النيران الشيعية، وهذا هو شكل المنطقة بالترتيبات الجديدة.. ولذلك قلت إن هناك أمر ما ستعلن عنه أمريكا يخص شرق الفرات وأطلقت عليها «إمارة شرق الفرات»، وبالفعل جاء العدوان التركى على سوريا فى هذا الإطار، هذه مناطق نفوذ أمريكا وتركيا والعناصر المتطرفة الموجودة هناك، وكانت هناك رغبة ملحة أمريكية إسرائيلية تركية لنزع هذه المنطقة خارج الخريطة السورية، ومن خلال رؤيتي لتحركات السياسة الخارجية الأمريكية والإيرانية والتركية وتحركات العناصر على الأرض توقعت أن هناك شيئاً ما يدبر لهذه المنطقة له علاقة بالتقسيم وهو ما حدث فعلا..
هل لذلك لم يقم حزب الله أو إيران بالتدخل ضد العدوان التركى لحماية بشار؟
الكثير لا يعلمون أن إيران وتركيا تحكمهم علاقات فى منتهى القوة.. أقوى علاقات اقتصادية فى المنطقة بين إيران وتركيا.. أيام الحظر المفروض على طهران كان البترول الإيرانى يتم تصديره بالكامل عن طريق ميناء «جينتور» بتركيا، وكانت تقوم بشرائه شركات أمريكية بنصف الثمن، فالعلاقات التركية الإيرانية على أفضل ما تكون..
كيف رأيت مساندة قطر لتركيا فى عدوانها على سوريا؟
طبيعى جداً!.. قطر موقفها واضح من سوريا والمنطقة كلها.. الدوحة تستغل أنها على خلاف مع باقى دول الخليج وتغرد خارج السرب.. قطر منذ سنوات طويلة أعلنت ولاءها الكامل لإسرائيل وتركيا وإيران وأمريكا.. تخيل الدولة الوحيدة من دول التعاون الخليجى التى لديها اتفاقية دفاع مشترك مع إيران كانت قطر.. وكان ذلك فى 2010 قبل كل هذه المشاكل مع جيرانها..لديها اتفاقية مماثلة مع تركيا.. وعلى أرضها أكبر قاعدة أمريكية.. ولديها خبراء إسرائيليون..دولة تعمل وفق مصالحها والمقابل بالطبع القطيعة العربية معها..
بعد الأنباء التى تحدثت عن فرار العشرات من مقاتلى داعش من سجون الأكراد.. أين سيذهب هؤلاء؟
التطورات التى شهدتها المنطقة من خلال التحركات الأمريكية والإيرانية والتركية والإسرائيلية خلال العام الحالى 2019 تشير إلى ما يرتب للمنطقة والجهة التى سوف يذهب إليها هؤلاء.. دعنى أتساءل فى البداية عندما أعلنت أمريكا أنها ذاهبة لمضيق هرمز لضرب إيران، هل وجهت صاروخا واحدا لطهران؟! الإجابة لا، فلماذا ذهبت إذن؟! ذهبت لأن الخليج دفع 300 مليار دولار لأمريكا لحمايته.. وواشنطن أرادت أن تقول لهم لقد حركت سفنى وحاملات طائراتى وجنودى والفاتورة اليومية بكذا.. بمعنى أصح بتستهلك الفاتورة التى سبق ودفعها الخليج وليس أكثر من ذلك.. لن تكون هناك مواجهة إيرانية أمريكية أبداً، على الأقل فى المرحلة الحالية أو المستقبلية القريبة.. لكن ما الذى سيحدث؟! بداية شرارة الحرب الشيعية السنية التى يخططون لها ستكون من العراق – ومنها ستنتشر فى كل دول الجوار – من خلال ميليشيات شيعية تابعة لإيران وعناصر سنية تتكون من مقاتلي داعش الذين فروا من سوريا وسوف يذهبون للعراق بالترتيب مع تركيا..
أليس هناك مخاوف أن يأتوا إلى سيناء أو ليبيا؟
بالطبع هناك مخاوف، ليبيا غير مستقرة والعملية التى قام بها حفتر سببت مشاكل للتنظيمات هناك.. سيناء مازالت هدف لكننا إلى حد كبير اتخذنا إجراءات تأمين عالية جداً على جميع حدودنا وعلى الأنفاق، وبالتالي، سيجدون صعوبة كبيرة فى الوصول لمناطق مستقرة داخل سيناء.. لذلك الأفضل بالنسبة لهم الآن العراق.. خاصة كما قلت أنها الهدف والشرارة لإشعال حرب شيعية سنية بدأت إرهاصاتها فى الأيام الأخيرة.. استهداف السفارة الأمريكية.. استهداف مسجد سنى.. إمارة شرق الفرات.. وبالتالى أعتقد هدفهم سيكون العراق..
صفقة القرن
كنت أول من توقع قيام ترامب باتخاذ قرار بنقل السفارة الأمريكية للقدس.. من وجهة نظرك ما هى بنود صفقة القرن التى سيتم الإعلان عنها قريباً؟
كانت هناك رغبات أمريكية إسرائيلية قديمة عرضت على الرئيس الأسبق مبارك، من أنهم يريدون أخذ 700 كيلو متر من سيناء مقابل أن يعطونا مثلهم من النقب، هذا العرض جاء مباشرة خلال لقاء نتنياهو مع الرئيس مبارك فى نوفمبر 2010، وقتها مبارك الحقيقة رفض ذلك تماماً، وقال لنتنياهو بصورة قاطعة لا تتكلم فى هذه القصة أبداً، واتقفل الموضوع على هذا..
بعدها كانت هناك إرهاصات حول الموضوع، وخلال حكم مرسى، أذكر الجميع بالقرار الذى أصدره القائد العام للقوات المسلحة وقتها الفريق عبد الفتاح السيسى بعدم تملك الأجانب الأراضى فى سيناء، وسبب صدور هذا القرار فى ذلك الحين أننا علمنا أن هناك ترتيبات بين الإخوان وأمريكا لتنفيذ الطلبات الإسرائيلية، ويومها حصلت مشكلة بين مرسى والفريق السيسى بسبب إصدار السيسى هذا القرار، وأذكرك بتصريح معلن لمحمد بديع مرشد الإخوان قال فيه «وأيه يعنى ما نعمل خيام على الحدود ونستضيفهم» وكلام كثير من هذا القبيل، ولكن الفكرة فشلت مؤقتاً بسبب 30 يونيو، وأؤكد أننا فى 30 يونيو لم ننه المخطط ولكننا أوقفناه..
الفترة الأخيرة كانت هناك إعلانات كثيرة واجتماعات ورغبات أمريكية لتغيير خريطة الوطن الفلسطينى.. وأذكر القارئ ببعض الأحداث والقرارات الأمريكية والإسرائيلية المتلاحقة التى حدثت مؤخراً.. أولا القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية للقدس.. ثانياً قرار ضم إسرائيل لهضبة الجولان.. ثالثا قرار مر مرور الكرام على كثير وهو قرار رئيس الوزراء الإسرائيلى بضم الضفة الغربية.. ثلاث قرارات خلال فترة قصيرة.. أضف إلى ذلك اللقاءات المتكررة لكوشنر والزيارات المكوكية التى قام بها لدول الخليج، وحديثه فى مؤتمر المنامة والذي تكلم فيه بالتلميح عن «شيء ما» يخص خطة السلام الأمريكية فى المنطقة والمعنى بها 3 دول لبنان والأردن ومصر.. إعلان كوشنر كان فى يونيو 2019.. ومنذ ذلك الوقت تابع الشأن الداخلى فى الأردن ولبنان من بعد هذا الإعلان.. ستجد تصعيدا فى المناطق التى يريدون العمل فيها.. الضفة الغربية خلاص طلعوا لها قرار ضم.. حزب الله بدأ مناوشات مع الجانب الإسرائيلى فى الجنوب.. مظاهرات فى لبنان، لا أتحدث عن دوافع المظاهرات النبيلة للشعب اللبنانى، ولكنى أقصد فكرة المزيد من الانقسام وحالة التصعيد السياسى الداخلى وتصدير المشكلات للدول بحيث تكون هناك حالة من الغليان فى الشارع لا يلتفت معها لما يحاك..
مصر بالطبع فى القلب من كل هذه الأحداث.. مطروحة على الترابيزة.. لديك إرهاب ومازال فى سيناء.. ومع ذلك هم يتشككون فى الحالة الموجودة عندنا.. كل فترة يعلنون أن الإرهاب فى سيناء لا يحتاج كل هذه القوات.. ومصر تؤكد أن سيناء مازالت بها إرهاب وأنها تحتاج لوجود قوات مسلحة لمواجهته.. ابتدأ كلام يخرج مؤخراً من الـ bbc وcnn عن لقاءات تتم على مستويات مع شركات عالمية لضخ استثمارات ضخمة فى مناطق معينة لإجراءات التنمية فى مصر والأردن ولبنان.. العجيب أن هذا الكلام لم يمر ولم يصدر من مصر.. ترامب صرح أنه سيعلن خطة السلام الأمريكية بعد الانتخابات الإسرائيلية، ومع احتمال فشل تشكيل الحكومة الاٍسرائيلية، وإجراء جولة انتخابية ثالثة فنحن فى انتظار الإعلان الرسمى عن هذه الخطة، وبالتالى سنة 2019 سوف نسمع «شيئا» يخص مصر ولبنان والأردن..
عموماً مصر موقفها واضح من هذه الخطة والموضوع بالنسبة لها منتهى، وهو الرفض القاطع، وهناك تصريح قوى جداً من «سامح شكرى» وزير الخارجية بعد كلام كوشنر فى مؤتمر المنامة من أن كل ما يطرح فى هذا الموضوع كلام لا يليـــــق التطرق أو الكلام فيه وهذا التصريح منشور على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية.. فمصر حجر عثرة أمام مخططات التقسيم فى المنطقة، وأمام ما يسمى بصفقة القرن، وأمام إنهاء أو القضاء على القضية الفلسطينية طبقاً للمسار الأمريكى الذى سيقضى عليها تماما لو نفذ..
هل يعنى هذا أن المنطقة ستشهد توترا فى عام 2020؟
بالطبع 2020 عام ملتهب إقليميا، وتستطيع أن تأخذ هذا الكلام على لسانى..
كيف ترى الوضع فى ليبيا حاليا؟
مصر تسعى بكل طاقتها أن تعود ليبيا دولة آمنة موحدة بحكومة مركزية، مستقرة سياسياً.. ولكن الوضع فى ليبيا مازال غير مبشر حتى الآن.. لأن هناك تدخلات من دول كثيرة.. حالة عدم الاستقرار الموجودة فى ليبيا تحقق مصالح قوى دولية لأسباب عديدة منها تهديد الاستقرار فى مصر – وهذا جزء من فكرهم – بالإضافة إلى أن ليبيا المفتاح السحرى لإفريقيا، كما أن إثارة القلاقل داخل دولة ما يتيح للدول الكبرى إمكانية الاستيلاء على ثرواتها وبترولها، وأن تصبح سوق جيدة لأسلحتهم..
ولكن ألا يوجد بوادر لاستقرار قريب فى ليبيا؟
بالطبع هناك محاولات بتجري ومصر فى القلب منها، ولكنى أخشى أن أقول – وهذا هو الواقع – أن الوضع غير مبشر حتى هذه اللحظة..
كيف ترى آخر تطورات المشهد السودانى؟
السودان مشكلة كبيرة.. بالطبع أزمة رحيل البشير والقلاقل الموجودة هناك تثير مخاوفنا.. البشير لم يكن مع مصر ولكن كان هناك استقرار فى دولة الجنوب، بغض النظر عن كونه معنا أم لا.. وقتها كنت تعلم جيداً من معك ومن ضدك.. لكن على الجانب الآخر فترة حكم البشير أفرزت وجود إخوانى قوى فى الدولة، وجود إيرانى تركى إسرائيلى استخباراتى قوى، وجود قطرى أيضاً مع أنى لا أحسب قطر فى الأساس.. وأنت تتعامل مع الملف السودانى يجب أن تفهم جيداً أن هؤلاء موجودين على حدودك فى الجنوب.. وبالمناسبة كل هذا ليس ببعيد عن الخلافات الخاصة بسد النهضة مع أثيوبيا.. لاحظ أن الخلاف وصل لمرحلة عدد سنوات ملء السد.. نحن نريد أن يتم ذلك فى 7 سنوات، وهم يريدون ملئه فى 2 أو 3 سنوات.. مع أن هناك اتفاقيات تحكم العلاقات الخاصة فى دول حوض النيل والحق فى المياه وكمية المياه التى تصل إليك.. عموما السودان فى هذه القضية معنا لأنها متضررة مثلنا..
مع كل هذه التوترات التى تشهدها المنطقة .. ما أهم التحديات التى تواجه مصر فى 2020؟
فى تقديرى الشخصى التحديات الحقيقية لمصر تحديات داخلية.. التحديات الخارجية نعلمها ونتعامل معها جيداً.. أما الداخلية فتتمثل فى تحديات التنمية، السيطرة على الأسعار، رضاء المواطنين، تعبئة الجبهة الداخلية.. هذا هو التحدى الحقيقى لمصر.. ولو كنت رئيساً للوزراء سأصب كل اهتمامى على توفير احتياجات المواطن المصرى خلال يومه من مياه نظيفة وكهرباء ومواصلات جيدة وغذاء صحى ومرتب محترم وعلاج مناسب له ولأسرته ومدارس جيدة لأولاده، سيتركز عملى على كل ما سبق بالإضافة بالطبع لخطط التنمية الكبيرة الموجودة بالفعل..