صالون الرأي
قطر تقدم 3 مليارات دولار لإيران.. لماذا؟
By amrفبراير 03, 2020, 14:03 م
1132
قدمت قطر 3 مليارات دولار لإيران لمساعدتها على مواجهة الالتزامات المالية المترتبة على إسقاط الطائرة الأوكرانية.
هكذا قالت قطر.
ولكن الحقيقة غير ذلك، وكما هو معروف فإن القيادة الأمريكية التى كانت مسئولة عن عملية اغتيال الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى وأحد أبرز الرجال الذين يتربعون على قمة السلطة هى الموجودة بالقاعدة العسكرية بولاية نيفادا الأمريكية.
كانت كل المعلومات والمراقبات والمتابعات تتجمع هناك قبل عملية الاغتيال بفترة طويلة، ولم يعد خافيًا أن المخابرات الأمريكية تمكنت من تجنيد أحد العناصر القريبة جدًا من القائد الإيرانى.
وظلت الخطة رهن التنفيذ فى انتظار صدور الأمر بذلك.
وبعد أن هاجمت الميليشيات التابعة لإيران قاعدة أمريكية بالعراق وقتلت متعهدًا «مقاولًا» أمريكيا، أصدر الرئيس ترامب أوامره بقتل سليمانى.
ودارت العجلة، وتمت متابعة الطائرة التى تحمل القائد الإيرانى من دمشق متوجهة إلى العراق، وتولت عدة أقمار صناعية أمريكية فى متابعة رحلة الطائرة وقتها أسندت القيادة بولاية نيفادا، الأمر لمركز القيادة الموجود بقاعدة العديد الأمريكية الموجودة بقطر.
وتوالت الخطوات وفقا للخطة الأمريكية إلى أن هبطت الطائرة فى بغداد، وكان فى استقبال سليمانى ومن بصحبته أبو مهدى المهندس نائب قائد قوات الحشد العراقية التابعة لإيران، وما أن خرجت السيارتان اللتان تحملان هذا الجمع من البوابة الجنوبية حتى تم تدميرهما وتحول الجميع إلى أشلاء.
كل هذه الإجراءات تمت داخل دائرة من القيادات الأمريكية بالقاعدة ودون أن يعلم أحد من المسئولين القطريين بما يجرى، فمثل هذه الخطط وغيرها لا علاقة للقطريين بها، وليس لهم أى حق فى معرفة ما يجرى بالقاعدة.
لقد تنازلت قطر عن سيادتها تمامًا عندما وقّعت على اتفاقيتى قاعدتى العديد والسيلية، بل إن القوانين القطرية لا تطبق أبدًا على الأمريكيين الموجودين بالقاعدتين.
ولن نتساءل هنا عمن هو صاحب السيادة داخل قطر؟
المهم أن إيران عرفت كل التفاصيل عن مسئولية قطر، وساد غضب شديد فى أوساط عدد من القيادات الإيرانية، وبلغ الأمر بالبعض إلى تهديد سافر بعمل عسكرى، وقال أحدهم، لو رمينا قطر بسهم أو ضربناها بالمنجنيق لدمرناها بفضل الله.
ولكن تطور الصراع والصدام مع الولايات المتحدة، أدى إلى إرجاء أمر قطر.
وتابع المسئولون القطريون الغضب الإيرانى، ولم يكن هناك ما يمكن أن يقال عن عدم مسئوليتهم، ورأوا بذكائهم المعهود أن المال يمكن أن يخفف من الغضب الإيرانى، هذا المال الذى يملكون منه الكثير، بل الكثير جدًا بفضل وفرة إنتاج حقول الغاز القطرية، لذا استغلوا كارثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، وقرروا تقديم 3 مليارات دولار كترضية وتعويض واعتذار عملى للقيادة الإيرانية.
ولكن هل ترضى القيادة الإيرانية؟
هذا ما سوف تجيب عليه الأيام القادمة..
وهناك قضية أخرى تتمثل فى رفض تسليم الصندوقين الأسودين للطائرة الأوكرانية إلى المسئولين الأوكرانيين الذين طالبوا بهما لمعرفة حقيقة ما حدث للطائرة المنكوبة.
وهناك مطالبة عالمية بضرورة تسليم هذين الصندوقين، وبالرغم من هذه المطالبات ووصول عدد من الوفود الأوكرانية للتحقيق فيما جرى للطائرة ولمواصلة الإلحاح على تسلم الصندوقين، إلا أن العناد الإيرانى مازال مسيطرا.
وقد أعلنت مصادر أمريكية أن الطيار الأوكرانى أخطر المسئولين الإيرانيين بعد إصابته بالصاروخ الأول، أنه طائرة مدنية أوكرانية وليس هدفا عسكريا، وأن صاروخا قد أصاب الطائرة.
بعد هذه الرسالة التى لم يتوقف أمامها الإيرانيون، تم إطلاق الصاروخ الثانى الذى أتم تفجير الطائرة. إرسال مثل هذه الرسالة يؤكد أن من أسقط الطائرة قد أسقطها عمدًا بصاروخين، وأنه كان مصرًا على إسقاطها.
مثل هذه الرسالة سيتم التعرف عليها بعد استلام الصندوقين الأسودين بكل ما سوف يترتب عليها من تبعات مالية وأمنية وسياسية وعسكرية، وهذا لا تريده إيران أبدًا، ولكن إلى متى يمكن أن تصمد فى مواجهة طوفان المطالبات الدولية والأوكرانية بصفة خاصة؟
ومثل هذه المعلومات ستكشف عن وجود انقسام وانفراط بين السلطات، فالحرس الثورى المسئول عن إسقاط الطائرة تم التأكد أنه لم يرجع إلى مسئول، وقد أعلن روحانى رئيس الجمهورية بشكل واضح أن الحرس الثورى هو المسئول وحده عن هذه الكارثة، وقد رد عليه مسئول الحرس، قائلاً إن الرئيس يضعنا وحدنا فى مواجهة العاصفة.
هذا الانفراط فى سلسلة السلطة له أيضا تبعاته داخليًا وخارجيًا.
وفى مثل هذه الظروف لا يمكن لشركات الطيران أن تشعر بالأمان لكى تواصل تحليقها فى الأجواء الإيرانية ولمجرد العلم فإن إيران تخسر شهريًا 800 ألف دولار نتيجة مقاطعة شركات الطيران الدولية للتحليق فى الأجواء الإيرانية.
وتحاول الدبلوماسية الإيرانية منذ سقوط الطائرة أخذ القضية فى مسار بعيد عن الواقع للإفلات من قبضة المجتمع الدولى، وعلى الأقل تحاول إنقاذ الحكومة من تحمل المسئولية كاملة عن القضية، ولكن كل هذه المحاولات، مصيرها الفشل وخاصة فى ظل الضغوط الدولية والمطالبة بتحقيق شفاف وعميق وشامل لمعرفة الحقيقة مع ضرورة تسليم الصندوقين الأسودين للمسئولين الأوكرانيين.
أما قول الإيرانيين بأن الفرد الذى أطلق الصاروخين موجود فى السجن وأنه سيواجه محاكمة عادلة، ليس أكثر من محاولة للتخلص من المسئولية، ولكنها ليست أكثر من محاولة شديدة السذاجة للإفلات من قبضة المسئولية عن هذه الكارثة.