صالون الرأي
«الوطن باق»
By mkamalمارس 01, 2020, 17:36 م
1111
الوطن باق.. والأشخاص زائلون.. أتذكر اليوم الذي قال فيه حسني مبارك هذه الجملة، وأتذكر برامج «التوك شو» وقتها وكل ضيوفها الذين امتلأت عيونهم بالدموع تعاطفًا مع الرجل الذي قال إنه ولد على أرض هذا الوطن ويريد أن يدفن فيها.
لا ينكر أحد منا أننا شعب بطبعه عاطفي وهذا ليس عيبًا، فنحن لدينا ميراث كبير من الحضارة والإنسانية يجعلنا نقبل هذا الكلام ونبكي عند سماعه، ونتجاوز وننسى الأخطاء التى ترتكب في حقنا حتى لو كانت ترقى إلى مستوى الجرائم.
وهذا هو ما جعلنا نقول عند وفاته – أقصد مبارك – «له ما له.. وعليه ما عليه»، فقد غلبتنا العاطفة وجعلتنا نقول: (الله يرحمه.. له ما له) وزاحمها العقل وجعلنا نقول «وعليه ما عليه».. وكلاهما صحيح دون أدنى شك، فلقد قدم الرجل لوطنه الكثير وحرمه أيضًا من كثير وستبقى صفحات التاريخ فيها «ما له.. وما عليه».. فلنترك كل ما فعله للتاريخ، فهو كفيل به ..والتاريخ لا ينسى، ودعونا نفكر، في «الكيان الإنساني» الذى جعلنا نختلف حول مبارك إلى هذا الحد وهو «الوطن» مصر الغالية الأكبر من كل كبير.. والأقرب إلى القلب من كل قريب.
ما حدث من تنظيم جنازة عسكرية لمبارك وتوديعه بهذا الشكل كان من أجل أحد قادتها العسكريين الكبار الذين أداروا أعظم وأشرف معارك الوطن، وهى معركة أكتوبر، لقد كان هذا الوداع من أجل مصر الكبيرة العزيزة التى لا تأكل أبناءها حتى وإن أساءوا إليها فى يوم من الأيام.
وداع مبارك كان يجب أن يليق بمصر، وقد كان، فقدرنا العالم لأننا نقدر رموزنا وقادتنا وقياداتنا هكذا نضرب المثل لكل دول المنطقة، بل والعالم ونقول لهم نحن دولة ذات حضارة إنسانية لا تضيع أبدًا.
مبارك الآن بين يدي ربه العادل الذى لا يظلم عنده أحد أبدًا، والوطن باق بين أيدينا فيجب أن نحافظ عليه، وعلى مكتسباته ونجاحه واستحقاقاته، ولا ندع الفرص سهلة لأهل الشر دعاة الهزيمة والفرقة أن يصطادوا في الماء العكر هدفاً ثميناً وهو «وحدتنا»، التى هي سر أسرار قوتنا ونجاحنا.
يجب ألا نعطيهم الفرصة، فقد تجاوزت مصر مرحلة عصيبة من تاريخها وهي الآن تعيش مرحلة جديدة تحتاج فيها كل جهد، وكل ذرة فكر، من أجل استكمال مسيرة البناء والتنمية.
فليس من المقبول أو المعقول أن نضيع أوقاتنا ونهلك طاقاتنا في حوارات سفسطائية جدلية هزلية لا طائل منها ولا فائدة غير توقيف المراكب السائرة.
لقد دفن مبارك تحت الأرض وفوق الأرض الآن مصر وستظل.. فلا يجب أن ننشغل بغيرها.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن