رئيس التحرير
بين المواطن والحكومة
By mkamalمارس 28, 2021, 14:20 م
2172
تعد العلاقة بين الشعب وحكومته أساسًا لكل خطوة تخطوها فى عملها، وتعتمد هذه العلاقة اعتمادًا كليًا على ثقة الشعب بالحكومة.
تلك العلاقة لا تُبني بين عشية وضحاها، بل تقوى عندما يرى المواطن ما تقوم به الحكومة على أرض الواقع ويصب فى النهاية فى صالحه.
هذه الثقة تُبنى من خلال الأفعال
لا الأقوال، فالمواطن يحترم القانون عندما يرى المسئول يحترم هذا القانون، وإلا فلن يحترمه.
فإن وجد الشعب حكومته تستهدف مصلحته فى مشاريعها، ازدادت الثقة لدى المواطن، وإن كان الأمر غير ذلك ضعفت ثقة المواطن فى حكومته؛ فالعلاقة بين المواطن والحكومة حال قوتها تشير دائمًا إلى أن الدولة تسير فى الاتجاه الصحيح، ما جعل نجاح الحكومات مرتبطًا ارتباطًا كليًا بمدى رضا المواطن وثقته فى حكومته، بما يجعله أكثر إيجابية فى الالتزام بالقوانين والإجراءات التي تتخذها الحكومات.
وإن كنا نتحدث عن واجبات الحكومة تجاه المواطن فعلينا ألا نغفل أهمية أن يكون المواطن أكثر إيجابية والتزامًا بالقانون ليتكامل دور المواطن والحكومة فى بناء الدولة.
من منطلق تلك العلاقة التكاملية التى يُعد الإعلام شريكًا مهمًا فيها، أتوقف عند بعض الحالات التى تلقيت رسائل أصحابها الأسبوعين الماضيين، وأود أن ألفت نظر الحكومة إليها.
لكن قبل أن أبدأ استعراض تلك الحالات يجب أن أشير إلى الدور الذى تقوم به منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، منذ إنشائها وحتى الآن والتى تعد بمثابة نقطة مضيئة فى العلاقة بين المواطن والحكومة.
(1)
فى الثانى عشر من يوليو 2017 صدر قرار رئيس الجمهورية برقم 314 لسنة 2017 بشأن إنشاء منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، تكون تابعة لرئاسة الوزراء، وتم تنظيم العمل بها وفق هذا القرار للتواصل مع كافة الوزارات والهيئات والجهات المختلفة، وذلك فى إطار حرص الحكومة على التواصل مع المواطنين وحل كافة المشكلات التى تواجههم من خلال خلية عمل احترافية بقيادة غاية فى الدقة تحرص على حل كافة المشكلات بالتواصل مع الجهات المعنية المختلفة عقب تلقى الشكاوى.
ولا يتوقف دور العاملين فى منظومة الشكاوى الحكومية عند هذا الحد (تلقى الشكوى من المواطن وإبلاغها للجهة المختصة لحلها أو الرد عليها)، بل يواصل العاملون فى منظومة الشكاوى متابعتها حتى يتم الحل والرد على المواطن وفق منظومة مراقبة أداء ومتابعة غاية فى الدقة رغم العدد الضخم من الشكاوى اليومية فى كافة القطاعات (المحليات، الصحة، التعليم، الكهرباء، الري، التعليم العالي، المحافظات، مياه الشرب والصرف الصحي، الطرق، حماية المستهلك، التموين، والتضامن، والقوى العاملة، وغيرها من قطاعات الخدمات).
وقد استطاع د. طارق الرفاعى مدير منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة وفريق العمل المعاون له من الأبطال أن يحظوا بثقة المواطنين، والدليل هو حجم الشكاوى التى تم تلقيها عام 2020 والذى بلغ مليون و350 ألف شكوى.
فى يناير من العام الجارى تلقت منظومة الشكاوى عددًا من الشكاوى والاستغاثات بلغ 102 ألف شكوى وطلب سواء عبر الرقم المختصر 16528 أو عبر الصفحة الرسمية للمنظومة على الإنترنت وتم فحص ومراجعة 99 ألف شكوى منها.
وخلال شهر فبراير تلقت منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة 91 ألف شكوى واستغاثة تم التواصل مع كافة الجهات المعنية لحلها والرد على المواطنين ومتابعة مدى رضا الشاكى عن الحل.
ويحرص رئيس الحكومة د. مصطفى مدبولى على متابعة منظومة الشكاوى بشكل مستمر.
ما سبق يؤكد النجاح الذى حققته منظومة الشكاوى الموحدة، والذى لم يأت من فراغ، بل جاء نتاج عمل مخلص ودائم من العاملين بها، ورؤية وتخطيط احترافى يستهدف مصلحة المواطن فكانت ثقة المواطن وراء هذا الكم الهائل من الشكاوى والاستغاثات الموجهة إليها.
فشكرًا لفريق العمل بمنظومة الشكاوى الحكومية ولقائد تلك المنظومة د. طارق الرفاعى على دورهم فى بناء الثقة بين المواطن والحكومة.
(2)
ما سبق كان لا بد أن نرصده ونحن بصدد الحديث عن العلاقة بين المواطن والحكومة، لاسيما وأن هناك جانبًا آخرًا يحتاج إلى مراجعة فى العديد من الوزارات خاصة التى ترتبط بتقديم الخدمات للمواطنين، وهو ما تلقيت بعضًا منه خلال رسائل عدد من القراء وجدت أن على الحكومة أن تضع حدًا لمثل تلك المشكلات ليس كونها مشاكل فردية يتم التواصل مع أصحابها فقط وحلها، بل تستوجب مراجعة بعض الإجراءات والقرارات المتخذة بشأنها خاصة مع تضرر بعض الأفراد من مثل تلك الإجراءات والتصرفات.
أبدأ برسالة تلقيتها من والد الطفلة «ملك على محمد»، قراءتى للرسالة وكلماتها وصور الأشعة والتحاليل المرفقة وصورة الطفلة وتوصية الطبيب استوقفتنى كثيرًا.
كيف لطبيب معالج يدرك خطورة عدم حصول طفلة على نوع معين من العلاج يتركها فريسة المرض يلتهم عظامها ويحولها إلى قزم؟!
البداية عندما اكتشف الأب الذى يعمل باليومية أن طفلته تعانى من نقص فى هرمون النمو وقصر القامة وفق تقرير طبى صدر من أحد المستشفيات الحكومية، وقد أوصى التقرير بحاجة الطفلة إلى عقار «سوماتروبين» 1.6 وحدة يوميًا تحت الجلد، بالإضافة إلى عدد من الأدوية الأخرى.
ولأن الحالة المالية للأب والأسرة لا يمكن أن تكفى ذلك – خاصة أن الطفلة بدأت يداها وقدماها فى التقوس، واقتربت «ملك» من التقزم – ذهب الأب بطفلته إلى التأمين الصحي، إذ تستفيد الطفلة من التغطية التأمينية المتاحة له، ولكن كانت المفاجأة الأكبر.
قال لهم الطبيب المعالج بالتأمين إنه لن يستطيع صرف العلاج للطفلة إلا بالعرض على اللجنة، ولا يمكن أن يعرضها على اللجنة المختصة، رغم أن الطبيب المعالج هو نفسه من ذكر فى تقرير له أن الطفلة تعانى من لين عظام شديد وتحتاج لعقار «سوماتروبين» 1.6 وحدة يوميًا لمدة 6 سنوات.
ولأن العقار يكلف الأسرة 200 جنيه يوميًا أى ما يعادل 600 جنيه شهريًا، وهو ما استحال على الأسرة توفيره، وترك الطبيب الطفلة يلتهم المرض جسدها بحجة أن هذا النوع من الدواء لا يخضع للتأمين الصحي.
إننى أحتفظ باسم الطبيب وصور التقارير الطبية الخاصة بالطفلة والتقييم الطبى للحالة لمن يرغب من المسئولين عن القطاع الصحى فى إنقاذ تلك الطفلة.
لم تكن حالة «ملك» مفاجأة لى فى القطاع الصحى والذى نثمن دوره فى مواجهة فيروس كورونا المستجد ونوجه التحية لمن هم فى الصفوف الأمامية من تلك المواجهة، ولكن هناك بعض العناصر فى ذلك القطاع تسيء لتلك المنظومة ويجب محاسبتها.
ثمة حالة أخرى لوالدة إحدى الزميلات توفاها الله، منذ عدة أسابيع، بعد أن أصيبت بالسرطان وحدد لها الأطباء ضرورة أن تحصل على أقراص كيسكالى بالإضافة إلى علاج هرمونى فى وقت واحد، وذهبت الزميلة لاستصدار قرار العلاج لوالدتها وفق تقرير وتوصية المستشفى لتدخل فى دائرة مفرغة لمدة تزيد على شهرين، ولم تحصل السيدة سوى على العلاج الهرموني، ولم تحصل على عقار «كيسكالي» لأن قرار العلاج على نفقة الدولة لم يعتمده، واعتمد الأقل تكلفة.
ما سبق يستوجب من وزارة الصحة مراجعة الأمر حتى لا تضيع ثمار ما تحقق من نجاح فى ذلك القطاع على أيدى بيروقراطية عقيمة يذهب ضحيتها بعض المرضى.
يسعى القطاع الصحى للتعافى وهو ما شاهدته عندما قمت بالتسجيل إلكترونيًا فى منظومة للقاح فيروس كورونا المستجد صباح الأربعاء الماضي، ومساء نفس اليوم تلقيت رسالة تبلغنى بالتوجه فى اليوم التالى للمركز الطبى بالدراسة للحصول على المصل.
وعندما ذهبت إلى المركز لم يكلفنى الأمر مليمًا واحدًا، وعقب استيفاء استمارة البيانات حصلت على المصل خلال خمس دقائق بالمجان.
هذه الصورة المشرفة كان علينا أن نشيد بها فى الوقت الذى نشير فيه إلى بعض النقاط السلبية التى تستوجب العلاج.
(3)
التطوير الذى تشهده الشبكة القومية للطرق لا يمكن أن تغفله عين، وحجم ما أُضيف إلى تلك الشبكة من 2014 وحتى الآن يفوق ما كان متوقعًا خلال 60 عامًا.
ومع تطور شبكة الطرق وجودتها وتقدم ترتيب مصر فى ذلك القطاع لتحتل المركز الـ 28 عالميًا، إلا أن هناك عدة رسائل وصلتنى من سكان المناطق القريبة من الطريق الدائرى خاصة القوس الشرقى والممتد من مدينة السلام وحتى طريق القاهرة الإسكندرية الزراعي.
باتت عملية تطوير الطريق الدائرى وتوسعته أمرًا حتميًا فى ظل تطور شبكة الطرق وزيادة الكثافة المرورية، إلا أنها وخلال فترة العمل تجاهلت الشركات المنفذة للمشروع تمامًا المواطنين المقيمين بجوار الطريق الدائرى خاصة من العاملين بمدينة العاشر من رمضان، أكبر المدن الصناعية المصرية والتى يفد إليها حوالى 350 ألف عامل يوميًا.
فعندما قامت الشركات المنفذة بالتوسعة أزالت السلالم على جانبى الطريق التى كان يصعد عليها المواطنون من مستخدمى الطريق، وبات مستخدمو الطريق فى حالة من العذاب اليومى خاصة السيدات والفتيات وكبار السن.
ومن الطريق الدائرى إلى محور الفريق إبراهيم العرابي، فالمحور نقلة غير مسبوقة لمنطقة شرق القاهرة، ويعد أحد المحاور المرورية الهامة، لكن يبدو أن غياب الرقابة قد يجعل الطريق يواجه أزمة حقيقية مع عدم التزام سيارات نقل القمامة التابعة لمحافظة القاهرة بشروط السلامة على الطرق، ما حوَّل نهاية المحور بالقرب من طريق بلبيس الصحراوى إلى مقلب قمامة على الجانبين، فجميع سيارات النقل التابعة لهيئة النظافة والتجميل تسير على الطريق تاركة حمولتها من القمامة تتطاير على جانبى الطريق.
يحتاج المحور زيارة من الفريق كامل الوزير وزير النقل، وأعتقد بعدها سيختلف الأمر كثيرًا وللأفضل.
يحتاج العاملون فى منظومة الشكاوى داخل الوزارات إلى دورة تدريبية داخل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خاصة فى وزارتى الاتصالات والكهرباء وهيئة مياه الشرب وذلك لكسب ثقة المواطن.