رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

«أزمة الوثائق» تلاحق ترامب في مخدعه !

838

«اضطهاد سياسى» .. «تسليح وزارة العدل لاستهداف الخصوم السياسيين».. عبارات استخدمها الجمهوريون الأمريكيون مؤخرا لوصف عملية التفتيش لمقر إقامة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب باعتبارها ذات دوافع ذاتية، إلا أن ما أسفرت عنه المداهمة من العثور على وثائق سرية، وأخرى سرية للغاية، يمثل تصعيدا كبيرا فى أحد التحقيقات الكثيرة التى يواجهها الرئيس الجمهورى السابق، ويثير التساؤلات عن احتمالية توجيه تهمة جنائية له ومدى تأثير ذلك على مكانته السياسية وفرصته فى الترشح للرئاسة مجددا فى 2024.

داليا كامل

ذكرت «سى إن إن»، أن مذكرة التفتيش التاريخية التى سمحت بمداهمة منزل ترامب فى «مار- إيه- لاجو» بولاية فلوريدا، حددت 3 جرائم فيدرالية تنظر فيها وزارة العدل كجزء من تحقيقاتها الخاصة بالرئيس الأمريكى السابق وهى: انتهاك قانون التجسس، وعرقلة العدالة، وإخفاء
أو إتلاف سجلات حكومية.

وسمحت مذكرة التفتيش التى نفذها عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى فى
8 أغسطس الجارى، بمصادرة مواد من مقر إقامة ترامب للتحقيق فى الجرائم المتعلقة بقانون التجسس، الذى يحظر الاحتفاظ غير المصرح به بمعلومات الأمن القومى التى يمكن أن تضر بالولايات المتحدة أو تساعد خصمًا، حيث تم استعادة 11 مجموعة من الوثائق السرية بما فى ذلك بعض المواد التى تم تصنيفها على أنها «سرية للغاية»، وهو مستوى مخصص للمعلومات التى يمكن أن تسبب أضراراً «جسيمة بشكل استثنائى» لأمن الولايات المتحدة.

وتشمل القوانين الأخرى المدرجة فى المذكرة، القانون الفيدرالى الذى يجرم إتلاف أو إخفاء مستند من أجل عرقلة تحقيق حكومى، والقانون الفيدرالى الذى يحظر الإزالة غير القانونية للوثائق الحكومية بشكل عام.

ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإن الإدانة بانتهاك أى من القوانين التفصيلية ستكون قاسية: قانون التجسس ينص على عقوبة قصوى تصل إلى 10 سنوات فى السجن الفيدرالى، والقانون الأساسى للعرقلة له عقوبة قصوى تبلغ 20 عامًا، فى حين أن جريمة إتلاف السجلات يعاقب عليها بالسجن ثلاثة أعوام، والتجريد من أهلية شغل منصب عام، وهو ما قد يحرم ترامب من الترشح للرئاسة مجددا إذا ثبت أنه مذنب فى إخفاء أو إتلاف وثائق رسمية، حسب خبراء القانون.

وتجدر الإشارة إلى أنه فى نهاية إدارة كل رئيس أمريكى، يجب أن يسلم المسئولون الوثائق الرسمية – التى عادة ما تصل إلى آلاف الصفحات والشرائط – إلى الحكومة الفيدرالية.

من جانبه، ينفى ترامب ارتكاب أى مخالفات، وأصدر مكتبه بيانا يؤكد أن الوثائق رفعت عنها السرية. وجاء فى البيان أن «سلطة تصنيف الوثائق ورفع السرية عنها تعود فقط لرئيس الولايات المتحدة».

هذه هى الحجة التى يبدو أن ترامب سيستخدمها لدفع الاتهامات عنه، لكن   محللين قانونيين يشيرون إلى أن الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك.

وقال جلين س. جيرستيل، كبير محامى وكالة الأمن القومى السابق إن رفع السرية تلقائيًا عن وثائق دون إخطار الوكالات التى استخدمت هذه المعلومات «غير معقول»، وفقا
لـ «نيويورك تايمز».

أما ليون بانيتا، الذى شغل منصب وزير الدفاع ومدير وكالة الاستخبارات المركزية فى إدارة أوباما، فقد أكد لـ «سى إن إن» أن «هناك عملية لإلغاء سرية المعلومات. وإذا أراد الرؤساء إلغاء السرية، فعليهم اتباع هذه العملية، والتى تتطلب أساسًا إحالتها إلى الوكالات المسئولة عن تصنيف هذه المواد».

وأضاف أن لدى هذه الوكالات ما تقرره حيال ما إن كان يجب إلغاء سرية الوثائق من عدمه، مشيرا إلى أنه «لا يوجد شىء أعرف عنه يشير إلى أن خطوة رسمية تم اتخاذها من قبل الرئيس لإلغاء سرية أى شىء فعلًا. حاليًا، هذا مجرد هراء».

فى نفس السياق، قال توم دوبرى، المحامى الذى عمل سابقًا فى وزارة العدل، لـ «بى بى سى»: «يمكن للرؤساء رفع السرية عن المعلومات ولكن عليهم اتباع الإجراءات. لا يمكنهم القول ببساطة أنه تم رفع السرية عن هذه الوثائق. عليهم اتباع عملية، وليس من الواضح ما تم اتباعه هنا».

وفيما يتعلق بتأثير عملية التفتيش، على المشهد السياسى الأمريكى، توقع تقرير
لـ «بى بى سى» أن الخطوة الأخيرة ستدفع أنصار ترامب من الناخبين إلى الإقبال على صناديق الاقتراع فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر القادم، مشيرا إلى أن أنصار ترامب من الجمهوريين بدأوا بالفعل فى استخدامه كوسيلة لجمع التبرعات لصالح الحملات الانتخابية للمرشحين المدعومين من الرئيس السابق.

وفى السياق ذاته، قالت «فرانس برس» فى تقرير لها إن ترامب سيستفيد من واقعة تفتيش منزله، فهو يتصدر الأحداث مرة أخرى. كما يمكنه أن يقدم نظرية مؤامرة جديدة إلى قاعدته، وهو ما ينتشر بالفعل على وسائل التواصل الاجتماعى اليمينية المليئة بدعوات إلى حمل السلاح وإلى
حرب أهلية.