رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

“أخى فوق الشجرة”.. مقالب رامز الضاحكة!

820

ربما يكون فيلم “أخى فوق الشجرة” من تأليف لؤى السيد وإخراج محمود كريم وبطولة رامز جلال، من أكثر أفلام رامز الأخيرة إضحاكا، بعد أن عثر على توليفة ما، تجمع بين مفاجآت ما اشتهر به من برامج المقالب، بغرابتها وبالهيئة العجيبة التى يختفى بها وراء شخصية ما، وبين الدراما الكوميدية العادية، وإن كان لهذا الشكل عيوبه القادمة من عدم ضبط رامز نفسه للأداء، وفى هذا الفيلم بالذات يلعب شخصيتين، إحداهما، وهى شخصية بهاء الأخ القادم من أمريكا، يمكن أن تملأ موسما من برنامجه للمقالب، ولكن المشكلة أن رامز قدّم بهاء بطريقة البرامج، وبصوته الصاخب المبالغ فيه، رغم أنها شخصية ظريفة على وجه العموم.

محمود عبد الشكور

هنا لم تنضبط المعادلة تماما، ومن ناحية أخرى، لم تكن الدراما بلا ثغرات، وإن بدت مقبولة، بسبب كثرة المواقف الضاحكة، وبسبب اختيار أن تكون الحكاية كلها أقرب الى المقالب، بل إن الفيلم ينتهى أيضا بمفاجأة، تشبة مقالب برامج “الكاميرا الخفية”، وقد تفتح الباب لجزء آخر من هذا المزيج، الذى يستفيد الى أبعد مدى من شهرة رامز فى برامجه.

كتبت كثيرا عن موهبة رامز، وحضوره، وكتبت كذلك عن تأثير برامجه على أدائه كممثل، فهذه البرامج تجعله يؤدى من منطقة صوتية صاخبة، ويعتمد بشكل كامل على الإيفيهات الأقرب الى فن القافية، والتى لا ينقصها سوى أن نسمع كلمة “اشمعنى” قبل كل إيفيه، وفى “أخى فوق الشجرة” طوفان من هذا الأسلوب، ولكن نظرا لأنه يؤدى شخصيتين، فإن الخلط وقع بوضوح بين شخصية الأخ المتحفظ علاء، وبين شخصية بهاء التوأم المنطلق القادم من أمريكا، بالذات فيما يتعلق بالأداء الصوتي، ولاشك أنها مسؤولية المخرج أيضا، بالإضافة الى اعتياد رامز على هذا الصوت العالي، وعلى هذه الأداء البرامجى المبالغ فيه، أى أن ميزة استغلال فكرة المقالب سلاح ذو حدين: تستفيد من الشعبية والطابع الخاص الذى اشتهر به رامز، وتؤثر بل وتشوش أحيانا على الأداء فى إطار درامى محدد.

الفكرة التى قدمها الفيلم أيضا متكررة، فاكتشاف شقيق توأم متناقض شكلا ومضمونا، يغير حياة شقيقه، ظهرت فى أفلام كثيرة، وهى قادمة مباشرة فى أصلها من فيلم “التوأم” لأرنولد شوارزينجر ودانى ديفيتو (1988)،  ولكن المعالجة المختلفة فى “أخى فوق الشجرة” كانت مقبولة مع الرسم الجيد لشخصية التوأم، فالأول علاء الذى يعمل فى أحد الفنادق الكبرى، شخص منطو وخجول وملتزم، يحب فى صمت زميلته الجميلة نادين (تارا عماد)، التى تبدو مترددة فى قبول إعجاب رئيسها فى العمل (إسلام إبراهيم)، أما التوأم بهاء، فهو بدين وجريء، جاء الى مصر مع عشيقته الكولومبية اللبنانية كوليت (ياسمين طافش)، وهو أيضا رجل يفكر طوال الوقت فى البيزنس ، ولديه حياة صاخبة، تتميز بالتهام كميات كبيرة من الطعام، وبتناول بعض المخدرات، لزوم المزاج والمرح والفرفشة، ولكنه فى نفس الوقت شخصية عاطفية وحساسة جدا، ولديها مهارات فى فن الطهي.

علاقة الأب (بيومى فؤاد) الذى دخل فى غيبوبة، والذى يريد توزيع ثروته على التوأم، وقصة انفصال الشقيقين عن بعضهما فى الطفولة، لم تؤسس جيدا، ولكن أداء بيومي، الذى استوحى فيه صوت وإيقاع زكى رستم، منح الشخصية حيوية فائقة، وتكفلت المواقف المرحة بقبول الحكاية كمقلب كبير، يضع التوأم فى مواجهة بعضهما، وخصوصا مع اكتشاف الموقف المالى الصعب لبهاء، ومع تعقد حكاية علاء مع محبوبته نادين.

 فإذا أضفت إلى ذلك شخصية محامى الأب الذى يحمل اسم شيرين رضا، ويلعب دوره حمدى الميرغني، وشخصيتيّ اثنين من جيران علاء فى منزله، هما بلقاسى (محمد ثروت)، وزوجته شادية (ويزو)، فإن الضحك مضمون، سواء من خلال مواقف أجيد رسمها، مثل موقف اكتشاف الجارة الغيورة وجود كوليت فى الشقة، أو موقف ليلة عيد الهالوين الصاخبة، أو عبر أداء الممثلين، وخفة ظلهم.

وصل استهلاك إمكانيات الإضحاك الى درجة صعود بهاء  شخصيا إلى الشجرة أكثر من مرة، ولا نعرف كيف فعل ذلك رغم بدانته،  من أجل أن يصبح عنوان الفيلم منطبقا حرفيا على بعض مواقفه، وهو أمر لم يكن الفيلم محتاجا إليه.

 ورغم أن أداء وصخب وباروكة بهاء المصطنعة أعادتنا أكثر من مرة الى عالم برامج رامز، ورغم أن حل مشكلة التوأم جاء بشكل مفاجيء، ودون الإعتماد على ثروة الأب، وهى محور الدراما، ورغم أن مشهد الحفلة الفندق يمثل ذروة الأحداث، إلا أنه لم ينه الفيلم، وإنما أعادنا بعده الى أزمة جديدة تسببت فيها علاقة نادين مع رئيسها.

رغم كل هذه الثغرات الدرامية، إلا أن المواقف المرحة، وبدعم وتوظيف جيدين لموسيقى عمرو إسماعيل، أوصلت الحكاية إلى النهاية بكل خفة وسلاسة، بل إن الفيلم أكمل لعبته بمقلب جديد، وهذه المرة  المقلب للتوأم معا، مما قد يمهد كذلك لجزء جديد قادم.

تظل المعادلة إذن فى طور التكوين، لدينا ممثل موهوب، استهلكته برامج المقالب، ولكنها صارت جزءا أساسيا من رصيده لدى الجمهور، بل إن رامز لم يعد الى أدواره السينمائية، وصعد إلى مجال البطولة الكوميدية، إلا بدعم من هذا النجاح البرامجي، ولذلك من الطبيعى أن يستغله، وأن يقدم كاركترات غريبة تعتمد على الماكياج والمؤثرات البصرية، مثلما فعل أيضا فى “رغدة متوحشة”.

 ولكن الى أى مدى يمكن أن ينتبه الى حدود الأداء فى برنامج، وحدود الأداء فى فيلم سينمائي؟ والى أى مدى يمكنه أن يخرج أصلا من هذه المعادلة الخطرة، التى تحمل نقاط القوة والضعف معا؟ ومتى يدرك أنه ممثل جيد يمكنه أن يكتشف آفاقا أوسع لموهبته دون أن يتخلى عن البهجة والإضحاك؟

 فى كل الأحوال، أتعاطف دوما مع هذه المواهب، التى تحتاج بالتأكيد الى مغامرات إنتاجية وإخراجية والى نصوص فريدة، وهى أمور لم تعد متوافرة بالشكل الكافي، وحتى  لو وجدت، فاللعب فى المضمون أفضل، والصعود فوق الشجرة  سيظل إفيها ناجحا، يجذب المتفرج الى مشاهدة الفيلم، والإعجاب بالعنوان والأفيش، بصرف النظر عن الطريقة التى تصعد بها المواهب فوق الأشجار.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.