صالون الرأي
تحذيرات الرئيس ومستقبل المنطقة
By amrسبتمبر 21, 2025, 17:43 م
211
تعد كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة، بمثابة خارطة طريق للمنطقة خلال المرحلة القادمة لاسيما فى ظل التصعيد الإسرائيلى غير المسبوق وإصرار جيش الاحتلال على اجتياح غزة لإرغام أهلها على مغادرة أراضيهم لتنفيذ مخطط التهجير القسري، فضلا عن العدوان على أرض عربية جديدة عندما وجهت الصواريخ الإسرائيلية إلى دولة قطر.
ولعل ما استوقف كثير من المراقبين والمحللين السياسيين فى العالم، رسائل الرئيس السيسي المباشرة للإسرائيليين بأن ما ترتكبه حكومتهم من جرائم ومجازر فى غزة، وما تكشف عنه عن أطماع فى التوسع العسكرى سيؤثر على مستقبل اتفاقيات السلام فى المنطقة، وكان الرئيس حاسما فى عبارته التى قال فيها: “إن ما يجرى حاليا يقوّض مستقبل السلام ويهدد أمنكم وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أى فرص لأى اتفاقيات سلام جديدة، بل يجهض اتفاقيات السلام القائمة مع دول المنطقة، وحينها ستكون العواقب وخيمة”.
وكانت لغة الرئيس السيسي قوية عندما طالب المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية، ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلى على انتهاكاتها، ووقف سياسة الإفلات من العقاب.
ودون شك إن تهور الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة السفاح بنيامين نتنياهو تهدد أمن واستقرار المنطقة، كما أدت حرب الإبادة فى غزة وسقوط آلاف الشهداء والمصابين، ثم الاعتداء على أكثر من دولة عربية كان آخرها قطر يفرض أجواء من خيبة الأمل فى إمكانية التوصل إلى حل لإيقاف نزيف الدماء العربية، ومنع أى توسع صهيونى داخل الوطن العربي، إذ إن ضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام عبر عشرات السنين يثير قلق الأجيال الجديدة على مستقبل بلدانهم لاسيما أن العدو يصر على التصعيد والاشتباك ونسف فرص إطلاق النار ما يؤكد تعطشه للدماء.
الرئيس السيسي حذر أيضا من تداعيات الانفلات العسكرى على استقرار المنطقة، والتشديد على أن سيادة الدول العربية والإسلامية خط أحمر لا يقبل المساس.
ومن النقاط المهمة التى شدد عليها الرئيس السيسي مطالبته دول عربية وإسلامية بضرورة تغيير مواقفها من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أى دولة عربية، مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية.
وهو بُعد قومى عروبى للرئيس يؤكد رؤية مصر الثاقبة بضرورة التعاون العربى الإسلامى والاصطفاف أمام ما يتم إعداده من مؤامرات ومخططات تهدف إلى تقسيم الدول العربية وتفتيتها، وتعميق الانقسامات بين الدولة الإسلامية، ولخص الرئيس السيسي رؤيته فى هذا الشأن بالدعوة لإنشاء آلية للأمن والتعاون الإقليمى تجمع إرادات دول المنطقة من أجل مستقبل آمن لشعوبها، وتستند إلى التنسيق السياسى والتعاون الأمنى والعسكري، إضافة إلى شراكات اقتصادية وتجارية واستثمارية بما يعزز مبادئ التعايش والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.
وهو إطار لعمل عربى مشترك يوطد أواصر العلاقات بين الدول العربية، ويجعل منها حائط صد قويا فى وجه كل من تسول له نفسه الاعتداء عليها.
الرسائل المصرية فى خطاب الرئيس السيسي تمسكت بالرفض القاطع لمخططات التهجير القسرى وهو الموقف الذى تبنته مصر بوضوح منذ بداية الحرب فى غزة مع العمل بالتوازى على إعادة الإعمار وتثبيت الفلسطينيين فى أرضهم والتحركات الدولية للتصدى للسياسات المتطرفة لإسرائيل.
على من يريد مستقبل أفضل لهذه الأمة أن يدرس جيدا خطاب الرئيس السيسي ويستخلص منه دروسا مهمة لرسم ملامح جديدة لخريطة المنطقة.