الرئيسية سياسة جولة إعادة لأول مرة في تاريخ تركيا أردوغان – أوغلو.. من الرئيس القادم ؟
سياسةشئون دولية
جولة إعادة لأول مرة في تاريخ تركيا أردوغان – أوغلو.. من الرئيس القادم ؟
By amrمايو 23, 2023, 13:13 م
2264
فى سابقة هى الأولى من نوعها، فشل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، ليخوض جولة ثانية مع المرشح كليجدار أوغلو فى الثامن والعشرين من الشهر الجارى، وهو الأمر الذى يحدث لأول مرة فى تاريخ تركيا.
عقب ظهور نتيجة الجولة الأولى، كان السؤال الأبرز يتعلق بأسباب فشل كل من أردوغان وأوغلو فى تحقيق الفوز من الجولة الأولى، وهو ما تناولته «بى بى سى» فى تقرير لها، فذكرت أنه على الرغم من الشعبية الكبيرة التى يحظى بها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، على مدار سنوات حكمه الطويلة، فإنه بدا فى هذه الانتخابات، غير قادر على الحسم من الجولة الأولى، فيما يراه مراقبون دليلًا على تململ فى بعض قطاعات الشعب التركى، التى رأت أن أردوغان تحول إلى الحكم الأحادى، وربما أفرط فى الإجراءات التى اتخذها ضد معارضيه، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده فى عام 2016.
روضة فؤاد
على الجانب الآخر، يعتبر سياسيون أتراك، وبعضهم ينتمون إلى الحزب الجمهورى المعارض، أن هذه الجولة من الانتخابات، أظهرت أن المعارضة التركية غير قوية ومهلهلة، وأنها وبرغم تحالفها الكبير، وحشدها لهذه الانتخابات، لم تحظ بالأغلبية الحاسمة، التى تمكنها من الفوز فى الجولة الأولى، وذلك رغم المآخذ الكثيرة التى أخذتها على حكم أردوغان خلال الفترة الأخيرة.
وإذا كانت هذه أبرز أسباب عدم قدرة كلا المرشحين على حسم الانتخابات من الجولة الأولى، فكيف سيحاول كل منهما التغلب على تلك المشكلات، والحصول على دعم سنان أوغان المرشح الثالث الذى قد يقلب كفة على أخرى، حيث حصل على 2 مليون و 829 ألفا و634 صوتا فى الانتخابات، أى ما نسبته 5.17%، وفى هذا السياق ذكرت صحيفة «حرييت» التركية أن أوغان وضع خمسة شروط لا غنى عنها للمرشح الذى سيدعمه فى الجولة الثانية من الانتخابات، وتمثلت هذه الشروط فى عدم تغيير المواد الأربع الأولى من الدستور التركى، وعدم جواز تغيير المادة الـ 66 من الدستور المتعلقة باكتساب الجنسية، وإرسال 13 مليون لاجئ إلى بلدانهم، والتحرر من دوامة سعر الفائدة والتضخم، الذى كان سببًا رئيسيًا فى تفاقم الأزمة الاقتصادية فى البلد، والابتعاد عن التنظيمات الإرهابية وهياكلها السياسية.
وفى نفس السياق، ذكرت «فرانس 24» فى تقرير لها أن تحالف أوغان مع أحد المرشحين المتنافسين سيكون له دور فى حسم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بناء على نتائج المفاوضات المتوقع أن يجريها أوغان مع كل من أردوغان وكليتشدار أوغلو، لكن بناء على ما تقدم حتى الآن من مواقف وبرامج، فمن المتوقع أن تتمحور المفاوضات حول ملفين رئيسيين: اللاجئون والعلاقة مع الأحزاب الداعمة للأكراد.
وأشار التقرير إلى أن أوغان الذى سوّق نفسه كصوت للأتراك الرافضين لسياسات الهجرة واللجوء فى تركيا، قد صرح بمناسبات عدة بأنه يرفض التعاون بتاتا مع الأحزاب المتهمة بدعم منظمة «حزب العمال الكردستانى» المصنفة كمنظمة إرهابية فى تركيا وعدة دول غربية، فى إشارة إلى «حزب الشعوب الديمقراطى» الداعم للأكراد والذى أعلن تأييده لكليتشدار أوغلو.
الجدير بالذكر أن أردوغان يحظى بدعم من حزب كردى إسلامى هو حزب الدعوة الحرة «هدى بار» الناشط بالمناطق ذات الغالبية الكردية، وتتشكل قاعدة هذا الحزب من أكراد محافظين وإسلاميين معارضين لحزب العمال الكردستانى، فهل يمكن لهذا التحالف أن يؤثر على قرار أوغان بدعم أردوغان؟ وهل من الممكن أن يتخلى أردوغان عن «حزب الدعوة الحرة» مقابل أن يحظى بأصوات أوغان؟
من جهة أخرى، يختلف أوغان مع أردوغان بملف اللاجئين، حيث إن موقف حزب العدالة والتنمية كان مع العمل على إعادة اللاجئين السوريين طوعا إلى بلادهم بعد أن تتوافر الظروف الملائمة لذلك، ما قد يستغرق وقتا طويلا. فى حين يطالب أوغان بإعادتهم فورًا.
على الجانب الآخر، يبدو أن التقارب بين أوغان وكليتشدار أوغلو فيما يتعلق بملف اللاجئين أكثر وضوحًا، حيث كرر الأخير مرارا تعهده بترحيل السوريين إلى بلادهم فى غضون عامين من توليه الرئاسة، لكن تبرز هنا قضية العلاقة مع الأحزاب الكردية، ما قد يعيق التواصل بين الرجلين، كون أوغان يصر على أنه لا يمكن أن يدخل فى أى تحالف قد يشمل أيا من تلك الأحزاب.
وبعيدًا عن سنان، نعود لفرص كل من المرشحين فى الجولة الثانية، حيث رأت كثير من الصحف العالمية أن فرصة أردوغان أقوى فى حسم النتيجة فى الجولة الثانية، وعدّدت أسباب ذلك، وفى نفس الوقت أبرزت العقبات التى تواجه أوغلو، والتى تجعل من تفوقه فى الجولة الثانية أمرًا صعبًا.
وفى هذا السياق، ذكرت «رويترز» فى تقرير لها أن الرئيس أردوغان فى أفضل وضع بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، ونقلت عن «ولفانجو بيكوليى» الرئيس المشارك لشركة تينيو للخدمات الاستشارية قوله «يحظى أردوغان الآن بتفوق نفسى واضح على المعارضة. ومن المرجح أن يكثر أردوغان من تصريحاته التى تركز على الأمن القومى خلال الفترة المقبلة».
أما مجلة «الإيكونوميست» البريطانية فقالت إن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية هى الأسوأ التى حققتها المعارضة، مشيرة إلى أن أردوغان أربك استطلاعات الرأى، وأشارت المجلة إلى أن نتائج مرشح المعارضة كانت أقل بكثير من استطلاعات الرأى ومن ما توقعه كليتشدار نفسه.
وأظهرت استطلاعات للرأى نشرت نتائجها فى الأيام التى سبقت الانتخابات، أن كليتشدار أوغلو متفوق بنسبة 50 بالمائة، وهى كافية للفوز فى الجولة الأولى، وبنقاط أعلى من أردوغان الذى يقود البلاد منذ 20 عامًا.
أما مجلة «دير شبيجل» الألمانية فقالت إن أردوغان لا يزال يتمتع بقاعدة شعبية كبيرة، معتبرة أن الناخبين المؤيدين للرئيس التركى يقفون إلى جانبه دون قيد أو شرط ويثقون به ويعتقدون أنه سيقود البلاد إلى مستقبل جيد، وأضافت أن الانتخابات أظهرت أنه لا الأزمة الاقتصادية ولا الزلزال المدمر وأخطاء المساعدات الطارئة هى التى أدت بهم إلى تغيير رأيهم.
وعن مرشح المعارضة، قالت المجلة الألمانية إن كمال كليتشدار أوغلو فشل فى الارتقاء إلى مستوى التوقعات، رغم تقدمه فى استطلاعات الرأى، واعتبرت أنه يجب أن يبدأ الجدل قريبًا حول ما إذا كان كليتشدار أوغلو المرشح الخطأ أو لا، قائلة إنه ليس كاريزميًا بدرجة كافية وينتمى للأقلية العلوية فى البلد ذى الغالبية السنية، وتابعت: «خاصة أن البديل كان متاحًا مع رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، حيث أثبت فى الانتخابات المحلية لعام 2019 أنه قادر على جذب الناخبين بعيدًا عن حزب العدالة والتنمية».
وخلصت المجلة إلى أن كليتشدار أوغلو يواجه مهمة شبه مستحيلة فى الأيام المقبلة، حيث إنه يجب عليه إعادة تأسيس مؤيديه المحبطين، ويجب عليه استعادة اعتقادهم بأن الفوز فى انتخابات الإعادة لا يزال ممكنًا، وأضافت: «وبعد ذلك يتعين عليه تطوير مجموعات جديدة من الناخبين فى غضون الأيام القادمة، وهو يبتعد عن أردوغان بفارق 4 نقاط، وإذا لم ينجح فى جلب أعداد كبيرة من ناخبى حزب العدالة والتنمية إلى جانبه، فلن تكون لديه فرصة فى 28 مايو».
لم تختلف مجلة «ليكسبرس» الفرنسية كثيرًا عن التحليلات السابقة، فقالت إن «التضخم بنسبة 44٪، والعملة التى انخفضت قيمتها بمقدار النصف خلال عامين، والإدارة الكارثية لزلزال 6 فبراير الماضى كلها أمور لم تكن كافية لإزاحة أردوغان»، مشيرة إلى أن «موجة المد المناهضة لأردوغان المتوقعة فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لم تحدث، حيث حصل الرئيس التركى على 49٪ من الأصوات، ما يجعله فى وضع جيد للجولة الثانية».
وأضافت: «هذا على الرغم من أن استطلاعات الرأى كانت لصالح منافسه كمال كليتشدار أوغلو، لكن قاعدة أردوغان الانتخابية صلبة»، وتابعت: «على الرغم من عدم كفاءة حكومته، فإنه يُنظر إلى أردوغان على أنه المنقذ الذى سيتمكن من مواجهة تحدى إعادة الإعمار. وبالنسبة للأتراك، يظل أردوغان هو الذى نلجأ إليه لتجنب الفوضى».
وفى نفس الاتجاه، تحدثت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية عن أبرز العقبات التى تواجه أوغلو فى الجولة الثانية، والتى تجعل من فوزه بالرئاسة أمرًا بعيدًا، ويأتى فى مقدمتها إرهاق الناخبين الذى أصبح قضية خطيرة للمعارضة، وفى هذا الصدد نقلت الصحيفة عن الخبير والمحلل الاقتصادى التركى إركان إرجوزيل، المقيم فى لندن قوله: «قد يفقد الناخبون المعارضون الحافز بعد نتائج كانت أسوأ من المتوقع سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية»، وأضاف: «النتيجة تشير إلى أن المشهد السياسى التركى سيظل دون تغيير تقريبًا».
وتتمثل العقبة الثانية فى مواجهة تحديات خطيرة من داخل المعارضة نفسها، إذ إن ثمة تساؤلات فيما إذا كان كليتشدار أوغلو هو المنافس المناسب لمواجهة أردوغان بالنظر إلى أنه قاد حزب الشعب الجمهورى لمدة 13 عامًا دون أن ينتصر فى أى انتخابات تشريعية أو رئاسية.
وكانت «ميرال أكشنار» رئيسة حزب الجيد، الذى يعد ثانى أكبر حزب فى المعارضة، قد رفضت فى مارس ترشيح كليتشدار أغلو لمنافسة أردوغان فى انتخابات الرئاسة مما كاد يهدد بفرط عقد تحالف المعارضة «الطاولة السداسية»، ولم تقبل أكشنار بترشيح زعيم حزب الشعب الجمهورى إلا بعد أن توصلت إلى اتفاق معه بأن يكونا رئيسا بلديتى إسطنبول وأنقرة نائبين له.
ولكن بعد عجز تحالف الطاولة السداسية عن تحقيق الأغلبية فى البرلمان، يخشى أنصار المعارضة أن تنكسر رابطة التحالف بين أقوى حزبين، مما سوف يؤثر بالضرورة على حظوظ كليتشدار أوغلو فى جولة الإعادة.
وتبقى العقبة الأهم هى الحصول على أصوات المرشح الرئاسى القومى، سنان أوغان، الذى كان قد حصد أكثر من خمسة بالمائة من أصوات الناخبين فى الجولة الأولى.
ونقلت الصحيفة عن الباحث والإكاديمى إيمير أردوغان، من جامعة بيلجى قوله إن معارضة أوغان لحزب الشعوب الديمقراطى جعلت من الصعب عليه التوصل إلى اتفاق مع المعارضة، وتابع: «الأكراد كانوا عاملاً رئيسياً فى أداء كليتشدار أوغلو، وسيظل بحاجة إليهم فى الجولة الثانية».
وأضاف: «من المرجح أن يتفاوض أردوغان مع أوغان أكثر من كليتشدار أوغلو، إنه رئيس تحالف يمينى يمكنه الموافقة على مطالب أوغان ولديه تاريخ من إبرام الصفقات العملية للغاية من أجل الفوز فى الانتخابات».