رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

سينما 11 سبتمبر

319

بظهور الديمقراطية كنظام سياسى وما يتبعه من انتخابات ظهر ما يسمى بالرأى العام وما يتبعه من وسائل تؤثر فيه، وكانت الوسيلة الممتدة التأثير والأكثر فاعلية السينما بما تستخدمه من شكل درامى له مفعول السحر على قلوب وعقول الجماهير، فكيف تعاملت السينما مع أحداث 11 سبتمبر 2001 التى هزت الولايات المتحدة وغيرت شكل العالم؟

هناك تشابه كبير بين ضرب ميناء بيرل هاربر فى ديسمبر 1941 وهجمات سبتمبر من حيث المفاجأة والصدمة وحجم الخسائر وموقف الحكومة بإعلان الحرب وتوحد الرأى العام معها، وفى الحالة الأولى تم تجنيد السينما من قبل الحكومة تماماً لدعم الحرب حتى نهايتها، أما فى الحالة الثانية فالأمر مختلف، فرغم تفويض الكونجرس بالإجماع -عدا نائبة واحدة- لبوش باستخدام القوة وإعلانه أنها حرب صليبية – وتراجعه بعد ذلك – وظهور دعوات فى الصحافة لضرب مكة بالقنبلة النووية، وإعلانه أنه من ليس معنا فهو ضدنا ولا صوت يعلو على صوت المعركة رغم كل هذه الهستيريا إلا أن السينما أخذت تتحسس خطواتها لمعالجة الموقف نتيجة ارتفاع مستوى الثقافة والحرية عن الأربعينيات.

بدأت الأفلام فى البداية تأخذ الجانب الإنسانى فى الحدث من خلال التعرض للضحايا وعائلاتهم مثل فيلم The Guys عام 2002 والذى يدور حول رئيس وحدة إطفاء فقد 8 من رجاله ويستعين بصحفية فى كتابة خطابات تأبينهم. ثم بدأ كُتاب السيناريو فى وضع الحادث فى خلفية أى قصة وعنوانها بغرض جذب المشاهدين مثل فيلم Ash Tuesday عام 2003 والذى يدور حول تقاطع عدة قصص لأفراد فى نيويورك.

ولأن اجتياح أفغانستان تم بسرعة بدون مقاومة تذكر ظن الشعب الأمريكى أن النصر قد تحقق ولم يكن يعرف أنها ستكون أطول حرب استنزاف سيخوضها الجيش فى تاريخه، ولكن الصدمة الأكبر حينما قام بوش بغزو العراق فى عام 2003 بحجج كاذبة عن امتلاك صدام لأسلحة كيماوية ودعمه لتنظيم القاعدة وأن هذا الغزو هو مرحلة أخرى من مراحل الحرب على الإرهاب، ووقف العالم ضد هذا الغزو وبالتالى انقسم الرأى العام الأمريكى تجاهه ولكن وقفت الغالبية العظمى فى المنتصف فى ظل تزييف الحكومة الأمريكية والبريطانية للحقائق.

وشعرت الحكومة الأمريكية بحاجتها لدعم السينما لتلك الحرب فقدمت التسهيلات للأفلام التى تثير النزعة الوطنية من خلال الموضوعات الحربية التى تظهر بطولة المقاتل الأمريكى مثل فيلم  Tears of the Sun عام 2003 وTiger Cruise عام 2004، إلا أن السينما كانت لا تزال تستوعب أحداث سبتمبر، فظلت تنتج أفلاماً تتعاطف مع الجوانب الإنسانية مثل أفلام Into the Fire وSorry, Haters وWTC View عام 2005
و Reign Over Me عام 2007. وبعد أن اختفى غبار الأزمة وتكشفت بعض الحقائق  قدم أوليفر ستون فى 2006 أول الأفلام التى تجسد سقوط برجى التجارة بصورة أقرب للتسجيلى World Trade Center الذى يتناول بطولات رجال الشرطة والمطافئ فى إنقاذ المواطنين فى البرجين. وفى نفس العام يعرض فيلم United 93 وهو اسم الطائرة الرابعة التى استطاع ركابها القضاء على الخاطفين ولكنها تدمرت ومات الجميع.

وتناولت السينما فى جميع دول العالم أحداث 11 سبتمبر فى أفلامها ولم تغب اتجاه تلك الأفلام عن سياسة حكومتها وأبرزها الهند التى وجدت أنها فرصة سانحة للقضاء على عدوها اللدود باكستان التى تدعم طالبان والقاعدة فأعلنت استعدادها لمشاركة أمريكا فى حربها على الإرهاب، وقدمت عددا من الأفلام التى تعبر عن هذا مثل فيلم Madhoshi عام 2004 و Yun Hota Toh Kya Hota) What If?) عام 2006 وNew York عام 2009، ولكن يبدو أن الأزمة خرجت من داخل الهند لخارجها فقام شاروخان المسلم الديانة بتقديم رائعته My Name Is Khan فى عام 2010 وهو إنتاج هندى أمريكى تم تصويره فى أمريكا ليؤكد من خلاله أنه ليس كل مسلم متطرف، ولكن الفيلم تمت مهاجمته من قبل الهندوس المتطرفين فى الهند.

والغريب أن الأفلام التى بدأت تتناول غزو العراق بدأت تحتل شاشات السينما قبل أفلام غزو أفغانستان مثل Home of the Brave عام 2006 وRedacted  عام 2007، وتوالت الأفلام التى كانت فى معظمها تستنكر هذه الحرب وتبرز حجم الخسائر التى تكبدتها أمريكا فيها والتى كان سببها هجمات 11 سبتمبر.

وفى خضم موجة الإسلاموفوبيا التى اجتاحت فترتى حكم بوش الابن واستمر تأثيرها بعد ذلك قدمت السينما أفلاما تحاول أن تحقق تقبل الآخر وتخفف من حدة العنصرية خاصة وأن الشعب الأمريكى خليط من جنسيات مختلفة مثل Bandhak عام 2003 وHope and a Little Sugar عام 2006 وAmerican East عام 2008 وThe Space Betweenعام 2010  وMooz-lum عام 2011 وThe Reluctant Fundamentalist عام 2012 وThe Citizen عام 2013 بطولة خالد النبوي.

ومع مرور الوقت، أدرك الرأى العام الأمريكى خطأ قرارات قيادته بعد 11 سبتمبر فقدمت السينما فيلمين سيرة ذاتية أحدهما للرئيس بوش الابن هو فيلم W عام 2008 ثم بعد عشر سنوات فيلم آخر عن نائبه ديك تشينى هو Vice وكلا الفيلمين كوميديا سوداء عن فداحة أخطاء تلك الإدارة وتوريط البلاد فى حروب لا طائل من ورائها.

وعندما تولى أوباما الحكم أصلح جزءا من أخطاء تلك الإدارة بانسحابه من العراق فى 2011 وفى نفس العام استطاع أن يقتل الجيش الأمريكى أسامة بن لادن فى باكستان فتوقع الرأى العام انتهاء الحرب على الإرهاب والانسحاب من أفغانستان لكن أوباما عمل عكس ذلك ودفع بقوات أكبر لأفغانستان، وقبل انتخابات فترته الثانية استغل السينما لينال تأييد المواطنين وسمح بإعطاء معلومات سرية لإنتاج فيلم عن عملية اغتيال بن لادن وهو Zero Dark Thirty  عام 2012، ولكن الفيلم انتقد بشدة لإظهاره عمليات التعذيب التى استطاعوا من خلالها استخلاص المعلومات عن مكان بن لادن وقد تناول هذا الموضوع بالتفصيل بعد ذلك فيلم The Report عام 2019.

وكلما مر الوقت تستمر السينما فى فتح ملفات جديدة فى كشف حساب الحكومات الأمريكية المتعاقبة، فقد كشف فيلم  Worth  عام 2020 عن دور الحكومة الأمريكية فى الضغط على أسر ضحايا 11 سبتمبر لكى لا يطالبوا بتعويضات من شركات الطيران، كما كشف فيلم The Mauritanian عام 2021 عن أساليب التعذيب فى سجن جوانتانامو لأفراد أبرياء تم اختطافهم من بلادهم وسجنهم لمجرد الاشتباه.

وجاء أبرز تناول للسينما المصرية لأحداث 11 سبتمبر فى صورة كوميدية من خلال فيلم معلش إحنا بنتبهدل وليلة سقوط بغداد عام 2005، حيث لم يتحمل الرأى العام العربى الصدمة فلجأ للسخرية اللاذعة.

انسحبت القوات الأمريكية فى 11 سبتمبر 2021 من أفغانستان لتعلن نهاية الحرب على الإرهاب دون أى نصر فقد عادت طالبان للحكم مرة أخرى، ولم ولن تتوقف السينما الأمريكية والعالمية عن تقديم عشرات الأفلام التى غلب عليها الألم والمرارة لتعبر بصدق عن ضمير الرأى العام العالمى الرافض للعنف والدمار.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.