الرئيسية سياسة رغم تعنت نتنياهو وحكومته المتطرفة كل الطرق في إسرائيل تقود لوقف إطلاق النار
سياسةشئون دولية
رغم تعنت نتنياهو وحكومته المتطرفة كل الطرق في إسرائيل تقود لوقف إطلاق النار
By amrيونيو 09, 2024, 17:23 م
389
«مسألة وقت».. هكذا ينظر الخبراء السياسيون والعسكريون بالصحف الإسرائيلية عن احتمالات موافقة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على صفقة الرئيس الأمريكى جو بايدن لإيقاف النار فى غزة، بجانب وجود تأييد كبير من جانب المعارضة الإسرائيلية يدفعها بشكل إيجابى فى وجه نتنياهو ومن معه، وهو ما قد يقلب السحر على الساحر، حيث كشفت الأجواء المشتعلة بإسرائيل بعد خطاب بايدن أن قرار إطالة أمد الحرب فى قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين بحجة القضاء على حركة حماس هناك أصبح عبئاً كبيرًا على كاهل إسرائيل وجيشها وقادتها ويقف ضد مصالحها الداخلية والخارجية، بينما المستفيد الوحيد من استمرار الحرب هو نتنياهو وائتلافه المتطرف.
سمر شافعى
أكد خبراء سياسيون وعسكريون أن إسرائيل- بسبب تعنت نتنياهو- دخلت بالفعل فى عزلة دولية، وأن الأمر يحتاج إلى وقفة لحل الخناق الذى تسببت فيه هذه العزلة، وأثارت الصحف الإسرائيلية قضية وجود مخاوف بدولة الاحتلال من حدوث اعتراف أحادى الجانب بالدولة الفلسطينية، مع أخذ بريطانيا وأمريكا هذا الموضوع بعين الاعتبار، واعتراف دول النرويج وأيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا، مع سير مالطا وبلجيكا على ذات الخطى.
يأتى هذا مع تأييد قاعدة كبيرة من الإسرائيليين لإبرام صفقة بايدن، حسب استطلاع نشرته هيئة البث «مكان» الإسرائيلية على موقعها الإلكترونى، مؤكدةً أن هناك 40% من المستطلعين يؤيدون إبرام الصفقة.
يضاف إلى ذلك موقف الجالية اليهودية واللوبى اليهودى فى أمريكا الذين يرفضون سياسة حكومة نتنياهو المتطرفة ومواصلة الحرب على غزة، وأكدت ذلك دراسة صدرت مؤخراً عن «مركز القدس للشئون العامة وشئون الدولة» فى تل أبيب، كشفت عن حدوث زيادة كبيرة فى دعم يهود الولايات المتحدة لوجهات النظر المناهضة لسياسة الاحتلال الآن، وأن اليهود الأمريكيين يتأثرون بالخلافات المتفاقمة بين إدارة بايدن وإسرائيل، ويتخذون مواقف تختلف عن موقف الرأى العام الإسرائيلى ومعظمهم يميل إلى الديمقراطية والليبرالية، فهناك 52% منهم يؤيدون فكرة معاقبة إسرائيل بوقف شحنات الأسلحة إليها، فى حال دخلت فى صدام سياسى مع البيت الأبيض، فى حين يؤيد نحو 60% قيام دولة فلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.
وباعتبارها مؤسسة مؤثرة بمصير إسرائيل الاقتصادى، أيد رئيس الهيستدروت (نقابة العمال الرئيسية فى إسرائيل) أيضًا خطاب بايدن، قائلاً: «من واجبنا الأخلاقى كدولة وكمجتمع أن نعيد جميع المختطفين، وأدعو جميع أعضاء مجلس الوزراء والحكومة إلى الترويج للمخطط الذى قدمته الولايات المتحدة، ولا ينبغى أن نضيع المزيد من الوقت الثمين ونفقد المزيد من الروح الإسرائيلية».
ومن جانبها، ناشدت عضو الكنيست إفرات رايتن، بصفتها عضو لجنة الشئون الخارجية والدفاع، ناشدت رئيس اللجنة، إجراء مناقشة عاجلة حول الخطوط العريضة لصفقة إطلاق سراح الرهائن التى كشف عنها بايدن، وذكرت فى رسالتها أنه «على اللجنة أن تخرج بقراءة واضحة، وتتأكد من عدم تفويت إمكانية إعادة المختطفين، وفق التزام الدولة تجاه مواطنيها».
وفى خطوة استباقية لموافقة نتنياهو أو رفضه للصفقة سارع أفيجدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المعروف برفضه لسياسات اليمين المتطرف، مساعيه لتشكيل حكومة طوارئ بديلة لحكومة نتنياهو الأسبوع الماضى، حيث التقى مع زعيم المعارضة يائير لابيد وعضو الكنيست جدعون ساعر، وشكّل الثلاثة «جبهة لاستبدال الحكومة» وطالبوا رئيس حزب «المعسكر الوطنى» بينى جانتس بالانسحاب من الائتلاف الحكومى.
وهكذا أصبحت المعارضة الإسرائيلية بقيادة يائير لابيد تمارس دوراً كبيراً فى إقناع نتنياهو بضرورة إصلاح الأوضاع والموافقة على صفقة بايدن، بمساندته بشبكة دعم سياسية فى حال خذلته حكومته المتطرفة بقيادة بن غفير وسموتريتش.
ونشر لابيد تغريدة جديدة على حسابه بمنصة إكس، حذر فيها نتنياهو من التراجع عن الصفقة، معتبراً أن الحكومة الحالية هى الأسوأ والأكثر فساداً فى تاريخ البلاد، وخطراً على الأمن القومى للبلاد منتقدًا فشلها الكامل على كافة الأصعدة.
وجاءت تغريدة لابيد فى ظل تصريحات للمستشار السياسى لرئيس الوزراء الإسرائيلى أوفير فالك، خلال مقابلة له مع صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية، كشف فيها أن بلاده وافقت على خطة بايدن، بل أشار إلى أن الخطة ليست بجديدة إنما عرضتها سابقا تل أبيب، ولكن العديد من البنود فيها لا تزال بحاجة إلى توضيح، مؤكدا «تمسك الحكومة بالقضاء على حماس»، كما وصفها بأنها ليست مثالية أو جيدة بما فيه الكفاية، لكنه اعتبر أنها قد تعيد جميع المحتجزين الإسرائيليين فى القطاع.
من جانبهم، أكد مسئولون إسرائيليون أن العائق الأكبر أمام التوصل لاتفاق حتى الآن هو كيفية الوصول إلى صيغة تؤدى لتعهد إسرائيل بعدم مواصلة القتال فى غزة، وفى نفس الوقت الحفاظ على أهدافها المتمثلة فى إعادة الأسرى وإسقاط حكم حماس، حسب ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية.
وأكد محللون بالصحف الإسرائيلية، أن دولتهم فى حاجة ماسة لاقتناص فرصتها الأخيرة والموافقة على ما نص عليه خطاب بايدن والذهاب على الفور لإتمام صفقة وقف إطلاق النار مع حماس وإطلاق سراح ما تبقى لها من أسرى، وأن عدم موافقة نتنياهو على تلك الصفقة ستعد فى حد ذاتها جريمة حرب لأنها تعنى إعدام أسراه، على حد قول الكاتب الإسرائيلى اليسارى جدعون ليفى فى مقال له بصحيفة «هآرتس»، والذى أكد أن إعلان نتنياهو كمجرم حرب لم يصبح متوقفاً على المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى.
ويقول ليفى: «رغم منح بايدن بصيصاً من الأمل بإنهاء الحرب، إلا أن كل يوم سبت يصل هذا الأمل إلى نهايته مع خروج دعاة الحرب من مخابئهم، وذلك أيضاً رغم أن عرض بايدن يمثل خطة دبلوماسية حكيمة للخروج من الكارثة، وفرصة أخيرة لتتخلى إسرائيل عن الحرب وتقليص خسائرها».
ويضيف: «بايدن يريد الخير، أما إسرائيل فلديها نوايا شريرة. بايدن يريد السلام، لكن إسرائيل تريد الحرب، وحتى حماس فى هذه المرحلة تريد السلام أكثر من إسرائيل».
وذهب «ليفى» أيضاً إلى أن «قول لا لبايدن يعنى قول نعم لمزيد من إراقة الدماء بالجملة والعبثية للجنود الإسرائيليين، وخاصة لسكان غزة، ونعم لمقتل آخر الرهائن لدى حماس، ونعم للإبادة الجماعية، ونعم للحرب فى الشمال، ونعم لإعلان إسرائيل دولة منبوذة. إذا قال نتنياهو لا لبايدن فإنه سيقول نعم لكل ما سبق، ومن يؤكد كل ما سبق يجب إدانته كمجرم حرب من قبل بلده، إلا إذا كنا جميعاً مجرمى حرب».
ويؤكد محللون سياسيون لصحيفة «يديعوت»، أن إسرائيل تعيش أوضاع سيئة للغاية تحيط بها من كل جانب تجبرها على عقد صفقة بايدن، وربما يكون هذا ما جعل كلاً من بن غفير وسموتريتش يغيران موقفهما بإعلانهما أنهما سيبقيان بجانب نتنياهو حتى فى حال موافقته على الصفقة.
والآن أصبح واضحاً للجميع بإسرائيل لماذا نشرت وكالة التصنيف العالمية «ستاندر آند بوزر» تصنيفها الأخير لإسرائيل ووضعت توقعات تصنيف سلبية لها، وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن الوكالة الدولية قصدت بتصنيفها أن عزلة إسرائيل أصبحت تشكل تهديداً استراتيجياً بعد طلب المدعى العام فى لاهاى إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، وأضافت أن القلق من حدوث ذلك إلى جانب عدم وجود استراتيجية للخروج من الحرب يهددان انتعاش الاقتصاد المحلى وفقدان ثقة المستثمرين.
يأتي ذلك مع تفاقم أزمة القوى البشرية فى جيش الاحتلال خلال حرب غزة، حيث ذكر استطلاع نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن 42% فقط من الضباط فى الخدمة العسكرية الدائمة يرغبون فى مواصلة الخدمة فى الجيش الإسرائيلى بعد انتهاء الحرب المستمرة فى غزة.
ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير فى جيش الاحتلال قوله: «إن الشعور بالفشل يطارد الضباط ولا يريدون الخدمة فى جهاز فاشل، ويرافق ذلك زيادة فى عدد الضباط الذين يطلبون رسمياً من السلطات العسكرية الإسرائيلية إعفاءهم من الخدمة».
وأظهر استطلاع أن هناك زيادة فى عدد الضباط المتقدمين لقسم الترحيل فى الجيش خلال الحرب، كاشفاً أن عزوف الجنود والضباط من الخدمة بجيش الاحتلال جاء بسبب استمرار الحرب فى غزة والابتعاد عن الأسرة والحصول على راتب لا يتناسب مع ساعات العمل الطويلة، بجانب الضغوط والمسئوليات الملقاة على عاتق بعض الضباط، كما أن الضباط فى الخدمة الدائمة يشعرون بالمسئولية عن النتائج الوخيمة للحرب، ويطاردهم الشعور بالفشل ولا يريدون الخدمة فى آلية فاشلة.
يأتى هذا فى الوقت الذى نشرت فيه صحيفة «معاريف» مقالاً للواء إسحق باريك، يؤكد فيه أن إسرائيل بصدد الموافقة على صفقة بايدن، بل عليها إتمامها فى أقرب وقت ممكن قائلاً: «هناك حقيقة واحدة واضحة ومؤكدة، وأنا أؤكدعليها وأنا أعلم الحقائق، وهى أن الجيش الإسرائيلى لا يملك القدرة على كسب هذه الحرب ضد حماس، وبالتأكيد ليس ضد حزب الله. لا أعتقد ذلك لأننا لا نريد الفوز، جيشنا صغير ومهترئ وليس لديه فائض فى القوات، وبهذا الوضع كل يوم تستمر فيه الحرب، يزداد وضعنا سوءا».
وتابع باريك أن «القباطنة» أو قادة الحكومة الحاليين على المستوى السياسى والعسكرى الذين يقودون الحرب فى غزة لا يريدون الاعتراف بالحقائق الصعبة التى يتحملون مسئوليتها، ليس لديهم سوى أجندة واحدة وهى مواصلة القتال بأى ثمن، لأنه وحده يضمن لهم استمرار جلوسهم على كرسيهم لفترة قصيرة أخرى.
وأوصى باريك بأن «الحل الوحيد المتبقى للوضع الذى وصلنا إليه بسبب الإهمال الإجرامى للدولة وقادة الجيش هو أن تعلن إسرائيل وقف الأعمال العدائية، وتستعيد على الفور الجيش والاقتصاد وعلاقاتنا الدولية وقوة المجتمع، والتوصل إلى حل سلمى والاتفاق على إطلاق سراح مختطفينا المسجونين فى الظلام والموت فى أنفاق حماس، فبقوة السلاح لن يتم إطلاق سراحهم».
وأيد رئيس حزب هاعفودا الإسرائيلى يائير جولان، موقف باريك ولابيد، قائلاً: «الرئيس بايدن الصديق الحقيقى لإسرائيل، يقول بصوته ما فهمه الجميع فى إسرائيل بالفعل فى المراحل الأولى من الحرب، وشرط عودة جميع المختطفين هو وقف القتال، وقلل نتنياهو من أهمية إنجازات الجيش الإسرائيلى وفرص المختطفين، والآن يجب أن يتوقف القتال ويعيد الجميع إلى ديارهم، فمع كل تصريح لنتنياهو عن النصر المطلق يدرك أنه وصل إلى طريق مسدود».
وبحسب الصحف الإسرائيلية يتضمن اقتراح بايدن،
3 مراحل، سيتم فى المرحلة الأولى التى ستستمر 42 يوماً، إطلاق سراح الرهائن الأحياء، بمن فيهم الجنود والنساء والبالغين وبعض الجرحى، وسيتم إطلاق سراح المختطفين على دفعات لمدة 6 أسابيع، وفى نهايتها تبدأ المفاوضات بين إسرائيل وحماس حول وقف دائم لإطلاق النار، أى نهاية الحرب، ووافقت إسرائيل على استقبال 33 رهينة، حياً أو ميتاً، فى المرحلة الأولى.
وسيتم زيادة المساعدات الإنسانية إلى 600 شاحنة يومياً، بما فى ذلك 50 شاحنة وقود، منها 300 شاحنة ستذهب إلى شمال غزة، بما فى ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، والمعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وترميم وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز فى جميع أنحاء القطاع، وسيستمر ذلك طوال جميع مراحل الاتفاقية.
ومن المنتظر أن يتم فى المرحلة الثانية من الصفقة إطلاق سراح جميع المختطفين من جنود والرجال وأفراد الطبقات الاحتياطية، لكن هذا لن يحدث إلا إذا كان هناك اتفاق على وقف الحرب بين الطرفين، وفى 22 يونيو ستطلق إسرائيل سراح جميع الأسرى الأمنيين فى صفقة شاليط الذين اعتقلوا بعد إطلاق سراحهم. وفى المرحلة الثالثة سيتم تسليم جثث المختطفين.
وبموجب الاتفاق، يحق لإسرائيل عدم تنفيذ المرحلة الثانية من المخطط إلا بعد التوصل إلى اتفاق بشأن شروط وقف إطلاق النار، كما تحتفظ إسرائيل بموجب الاتفاق بالحق فى استئناف القتال إذا خرقت حماس التزاماتها فى الاتفاق، بما فى ذلك عدم الإفراج عن العدد الذى سيتم الاتفاق عليه.