أقامت قناة الجزيرة فرحًا سرعان ما انطفأت أنواره وتحول إلى مأتم.. وراح مقدمو برامج القناة القطرية وضيوفهم يتنافسون فى شق الجيوب ولطم الخدود!
الحكاية أن قناة الجزيرة قطعت أحد برامجها المخصصة للهجوم على مصر ونقلت على الهواء جلسة لجنة الشرق الأوسط الفرعية بالكونجرس الأمريكى والتى خصصت لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان فى مصر..
وبدأ الفرح.. وراح أعضاء اللجنة يتحدثون وينتقدون أوضاع حقوق الإنسان فى مصر وراحوا يطالبون بإيقاف أو تخفيض حجم المساعدات الأمريكية لمصر للضغط عليها وإجبار الحكومة على احترام حقوق الإنسان.
تحدث أعضاء لجنة الكونجرس عن أوضاع المعتقلين وأعدادهم المتزايدة وعن حرمان المعتقلين – طبقا لتعبير معظم أعضاء اللجنة – من حقوقهم القانونية وأهمها حقهم فى محاكمات قانونية عادلة.
الحقيقة أيضا أن كل المتحدثين بلا استثناء راحوا يتحدثون عن أوضاع المثليين وكيف أن الحكومة المصرية تطاردهم وتضيق عليهم وتمنعهم من ممارسة الشذوذ..
ولكل هذه الأسباب طالب أعضاء اللجنة الحكومة الأمريكية بتخفيض المساعدات المقدمة إلى مصر أو منعها نهائيا كنوع من العقاب أو الضغط على الحكومة المصرية لما تفعله بالمعتقلين والشواذ!
انتهت جلسة اللجنة الأمريكية وبدأ الفرح الذى أقامته قناة الجزيرة.
بدت الشماتة واضحة فى كلمات مذيع البرنامج الذى قطع إرساله لنقل وقائع جلسة لجنة الكونجرس.
تحول البرنامج الذى كانت تبثه قناة الجزيرة إلى برنامج يناقش احتمالات قطع المعونة عن مصر.
اتصل مذيع البرنامج بالعديد من الشخصيات الإخوانية المقيمة بالخارج وراحوا جميعا يعزفون لحن الخسارة التى تنتظر مصر نتيجة قطع المعونة.
الملاحظة الغريبة أن مقدم البرنامج وضيوفه لم يذكروا كلمة واحدة عن انتقاد لجنة الكونجرس لحقوق المثليين فى مصر.. ولا كلمة ولا إشارة.. فقط كان الكلام عن حقوق المعتقلين واحتمالات قطع المعونة الأمريكية.
عقب انتهاء البرنامج انطلق برنامج آخر راح يناقش أوضاع مصر بعد قطع المعونة الأمريكية ومستقبل العلاقات المصرية الأمريكية.
فى اليوم التالى استمرت برامج قناة الجزيرة تناقش بفرح وشماتة مسألة قطع المعونة العسكرية عن مصر.
وانطلقت عدوى الفرح إلى القنوات الإخوانية الأخرى الشرق ومكملين وقناة وطن.
واتسع نطاق الفرح وتجسدت شماتة الإخوان فى كلمات مذيعى القنوات الإخوانية وضيوفهم.. وفجأة انطفأت أنوار الفرح وتحول إلى مأتم!
أعلنت الولايات المتحدة عن استئناف تقديم المعونة العسكرية لمصر وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إن أمريكا قدمت مساعدات عسكرية لمصر قيمتها 195 مليون دولار، جاء قرار الحكومة الأمريكية على عكس ما تشتهى السفن الإخوانية.. كان قرار الحكومة الأمريكية صفعة قوية أوجعت قلوب الإخوان فى كل مكان.. وبدأت قناة الجزيرة وأخواتها من القنوات الإخوانية فى استئناف هجومها.. ليس على مصر هذه المرة وإنما على أمريكا.
وسمعت تبريرات وتفسيرات عجيبة.. سمعت من يقول إن أمريكا تساعد الانقلاب العسكرى فى مصر لأنها أصبحت موقنة من أن الإسلام السياسى يمثل خطرًا حقيقيًا على أمريكا.. وسمعت من يقول إن أمريكا تكافئ مصر لأنها وافقت على صفقة القرن وأنها على وشك تخصيص قطعة من أرض سيناء للفلسطينيين لإقامة وطن بديل لهم.. وسمعت من يقول إن استئناف منح المساعدات العسكرية لمصر جاء بناء على ضغوط من الاتحاد الأوروبى على أمريكا كنوع من المكافأة.
الرئيس عبد الفتاح السيسى لدوره فى منع الهجرة غير الشرعية لأوروبا، المهم أن أنوار الفرح انطفأت وتحول الفرح إلى مأتم.
كان قرار استئناف المساعدات الأمريكية إلى مصر وجعًا حقيقيًا فى قلب الإخوان!
ليس هناك شك فى أن قرار الحكومة الأمريكية باستئناف المساعدات العسكرية لمصر لا تقتصر على دفع مبالغ مالية لمصر، لكنها فى الحقيقة تنعكس بشكل إيجابى على السياسة المصرية.
نستطيع أن نقول دون مبالغة إن هناك مكاسب عديدة تحققت نتيجة استئناف المساعدات العسكرية.
أبرز هذه المكاسب تأكيد حالة الاستقرار التى تتمتع بها مصر.. والتأكيد على أن مصر تتعامل مع أمريكا من منطلق الندية.
الحقيقة أيضا أن قرار استئناف المساعدات العسكرية يؤكد أن أمريكا تعترف بدور مصر فى المنطقة، فى نفس الوقت فإن القرار يعنى أن هناك تعاونًا عسكريًا حقيقيًا بين مصر وأمريكا.
هل أتهم بالمبالغة إذا قلت بعد ذلك إن قرار استئناف المساعدات العسكرية لمصر يعنى أن الولايات المتحدة أصبحت تنظر إلى مصر نظرة جديدة.. نظرة تؤكد قناعة أمريكا بالمواقف المصرية.. ثم أن القرار يعنى وضع العلاقات المصرية الأمريكية فى إطارها الصحيح.. هل نختلف بعد ذلك على أن القرار كان وجعا فى قلب الإخوان!
ليست هذه أول معركة تخسرها قناة الجزيرة وأخواتها من القنوات الإخوانية.. ولن تكون الأخيرة لأن مصر تسير فى طريقها دون أن تعير اهتمامًا لنباح الكلاب!