رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

عندما يخطئ القانون!

1381

للموت عند المصريين حرمة..ولموتاهم قدسية.. لايقبلون معها المساس بها مهما كانت الأسباب..ولعل ذلك وراء غضب الرأى العام مما حدث فى قصر العينى عندما استباح نزع قرنية متوفى دون استئذان ..أو وصية..أو حتى ابلاغ أسرته..محتميا بالقانون الذى يجيز له اتخاذ هذا الإجراء كما ذهب الى ذلك عميد طب قصر العينى وبعض أعضاء لجنة الصحة فى مجلس النواب ونقابة الأطباء..وهو الأمر الذى أثار غضبا وجدلا متجددا حول نقل الأعضاء ونزع القرنية..ولكل منهما قانون خاص ..فاختلف حوله الأطباء..ورجال القانون..وعلماء الدين.
المعارضون يستندون فى معارضتهم الى فتوى الإمام محمد متولى الشعراوى والذى قال فيها إن الله هو الخالق والمالك وأن الإنسان ليس له أن يوصى أو يهب أو يتبرع ..فلم يخلقنا الله قطع غيار لبعضنا البعض..وتشديد الشيخ الطيب فى فتوى صادرة عنه فى2003 بضرورة الحصول على موافقة المريض قبل اتخاذ الإجراء ..وطبيا يعتبر بعض الأطباء أن الإجراء يتعارض مع قسم الطبيب ومع أخلاقيات الطب الموضوعة بمعرفة اليونسكو..وقانونيا بأن القانون نفسه فاسد وباطل ومتعارض مع المادتين 60 و61 من الدستور الحالى.
أما المؤيدون فيرون أنهم فى حماية قانون 1966 وتعديلاته التى تجيز لهم نزع القرنية دون استئذان الأهل..وأنه إجراء من باب الرحمة والصدقة الجارية على المتوفى ..حيث إن قوائم انتظار زرع القرنية فى مصر يقدر بالآلاف..وتتم بالمجان ..لسرعة إنقاذ أبصارهم من العمى بعد أن وصل سعر القرنية المستوردة لأكثر من1500دولار.
وبين المعارضين والمؤيدين أرى سرعة تصدى وزارة الصحة مع نقابة الأطباء بفتح تحقيق شفاف تعلن نتائجه على الرأى العام..وأن يتم تعديل تشريعى للقانون ينص صراحة على تخيير المريض بالموافقة أو الرفض..وتشكيل لجنة استشارية للأخلاقيات الطبية داخل كل مستشفى ..وأن تكون معاقبة الطبيب المخطىء من سلطة نقابة الأطباء وحدها أسوة بالنظام الفرنسى..وحتى يتم ذلك لن يقبل المصريون المساس بجثث ذويهم ..بل ولن يقبل المؤيدون أن يتم اتخاذ نفس الإجراء معهم أو مع من يحبون ..خاصة مع قانون ظاهره الرحمة وباطنه العذاب..وأقل مايوصف به أنه قانون يحمى الجريمة!!