رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

وزير المالية خلال مؤتمره الصحفي الأول: مليارات رأس الحكمة أنعشت الأداء المالي للدولة

526

رمضان أبو إسماعيل

نتائج مبشرة للغاية أكدتها مؤشرات الأداء المالي للدولة للعام 2023/ 2024، ما يمهد الطريق لانطلاقة جديدة للاقتصاد  الوطني خلال العام المالي الجاري 2024/ 2025، وهذا ما كشف عنه وزير المالية أحمد كجوك، خلال عرضه لمؤشرات الأداء المالي خلال العام الماضي، وذلك خلال المؤتمر الصحفي الأول له منذ توليه مسئولية وزارة المالية، مبينًا أن أرقام العام الماضي شهدت تحسنا ملحوظا في مؤشرات الأداء، حيث تراجع معدل عجز الموازنة على الرغم من النمو الملحوظ في مخصصات الإنفاق العام وبالأخص في مخصصات الدعم والإنفاق الاجتماعي على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي.

تتمثل الأولوية فى أداء المالية العامة للدولة فى تحسين الخدمات للمواطنين بدفع من رفع كفاءة الإنفاق العام وتحسين أداء قطاع الإيرادات العامة بما لا يؤدى إلى المزيد فى العجز فى الموازنة العامة.

ولا تدخر وزارة المالية، بحسب كجوك، جهدًا فى سبيل تعظيم الموارد لخلق مساحة مالية كافية للإنفاق على مجالات التنمية البشرية وكل ما يهم المواطنين، مؤكدا أنه مهما تحسنت أرقام الموازنة تظل بلا معنى، ما دام التحسن فى الأرقام لم ينعكس فى تحسين أداء الاقتصاد وتنافسية مجتمع الأعمال وتحسن مستوى معيشة المواطنين، على الرغم من أن التحديات صعبة على الناس والاقتصاد والحكومة، لكن الدولة تحاول جاهدة لتتحمل العبء الأكبر عن المواطنين.

وشهدت السنوات الأخيرة العديد من الأزمات الاقتصادية العالمية بدء من جائحة كورونا، التى اضطرت معها حكومات الدول المختلفة فى عام 2020 إلى الإغلاق ما أصاب العالم بأزمات متتالية فى سلاسل الإمداد كان لها انعكاسات سلبية للغاية على أداء كل اقتصادات العالم ومنها الاقتصاد المصري، ثم ما لبثت أن بدأ الاقتصاد العالمى من التعافى من تداعيات كورونا حتى دخل الاقتصاد العالمى فى موجة جديدة من التباطؤ فى الأداء على أثر الحرب الروسية الاوكرانية، وما أعقبها من توترات جيوسياسية دفعت فى اتجاه زيادة معدلات التضخم العالمي، التى صاحبها موجات من الغلاء فى أسواق السلع الأساسية.

وعلى الرغم من هذه الأزمات المتعاقبة، أكد وزير المالية، أن الحكومة حرصت على مواصلة تنفيذ المشروعات القومية التى تسهم فى تحسين مستوى حياة المواطنين، وفى هذا السياق، تم تخصيص

500 مليار جنيه لتنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من المشروع القومى لتنمية القرية المصرية «حياة كريمة»، وذلك سعيا وراء تحسين حياة نحو 50% من سكان مصر، وذلك عن طريق الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لسكان القرى فى مختلف أقاليم الدولة.

تعزيز الإيرادات

اعتمدت الحكومة، وفقا لوزير المالية، فى خطة التنمية على تعزيز الإيرادات العامة دون الالتجاء إلى بديل زيادة الضرائب المفروضة على المواطنين أو فرض ضريبة جديدة، وأن العام 2023 / 2024 لم تفرض الحكومة ضرائب جديدة، بل ما تحقق من تحسن فى أداء الإيرادات العامة كان نتاج تحسين منظومة الإيرادات العامة، حيث حققت الإيرادات الضريبية زيادة قدرها 30%، وأنه تم توجيه هذه الحصيلة للإنفاق على برامج الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

وشهد قطاع الإيرادات العامة فى الموازنة العامة، وفقا

لـ «كجوك»، نموا قدره 60% خلال العام الماضى بما يفوق  معدل نمو المصروفات، حيث زادت الإيرادات غير الضريبية بنحو 190% نتيجة تنويع مصادر موارد الدولة وأهمها حصول الخزانة العامة على 50% من صفقة «رأس الحكمة»، التى وقعتها مصر فى فبراير الماضى مع شركة “القابضة الإماراتية”، وهى الصندوق السيادى لإمارة أبوظبي، لتطوير مدينة رأس الحكمة، بإجمالى استثمارات 35 مليار دولار، ووفقا للتوقعات ينتظر أن يجذب هذا المشروع طوال فترة تطويره استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما سيساعد على توفير ملايين فرص العمل وضخ السيولة فى الاقتصاد الوطني.

ترتيب أولويات الإنفاق

تقوم الحكومة على إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، حتى يكون الإنفاق العام أكثر مراعاة للبعد الاجتماعى من أجل احتواء أثر الإصلاحات الاقتصادية، وأنه تم -بالفعل- زيادة حجم الإنفاق على التعليم خلال العام المالى الماضى بنسبة 25%، والقطاع الصحى بنسبة 24%، وقطاع الحماية الاجتماعية بنسبة 20% بما يفوق معدل نمو   المصروفات دون خدمة الدين الذى بلغ أقل من 18%.

وزادت مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية فى الموازنة العامة للعام المالى 2023/ 2024 بأكثر من الضعف، لتبلغ 550 مليار جنيه مقارنة بعام 2020/ 2021، حيث بلغت مخصصات دعم المواد البترولية نحو 165 مليار جنيه، ومخصصات دعم السلع التموينية ارتفع إلى أكثر من 133 مليار جنيه، فيما تخطت مخصصات معاشات «تكافل وكرامة» 35 مليار جنيه، بالإضافة إلى سداد مستحقات صندوق التأمينات الاجتماعية والمعاشات التى بلغت نحو 185 مليار جنيه، ليصل إجمالى ما سددته الحكومة للصندوق 913.2 مليار جنيه حتى نهاية يونيو 2024.

مبادرات تشجيع الاستثمار

واصلت الحكومة، والكلام لـ «كجوك»، مبادرات تشجيع الاستثمار ودعم الأنشطة الاقتصادية رغم التحديات العالمية والإقليمية والمحلية، وقد بلغ دعم تنشيط الصادرات 12.9 مليار جنيه، ليصل إجمالى قيمة المساندة التصديرية المسددة -بالفعل- من الموازنة لصالح أكثر من 3000 شركة 65 مليار جنيه منذ أكتوبر 2019 حتى الآن، وبلغت مساندة الإنتاج الصناعى

11 مليار جنيه ارتفاعًا من مليار واحد فقط، حيث استفاد 2527 مستثمرًا من هذه المبادرة بنحو 80 مليار جنيه، فضلا عن تحمل الخزانة العامة فارق أسعار الفائدة.

وشهد العام الماضى تسليم الوزارة أكثر من 28 ألف سيارة جديدة للمواطنين بالمبادرة الرئاسية لإحلال المركبات بحافز أخضر تجاوز 718 مليون جنيه، وزادت مخصصات دعم التأمين الصحى والأدوية لغير القادرين -بشكل ملحوظ- من1.9 مليار جنيه إلى 3.4 مليار جنيه، وبلغ دعم برنامج الإسكان الاجتماعى لمحدودى الدخل 10.2 مليار جنيه، وأنه هناك 3.5 مليار جنيه لتوصيل خدمات الغاز الطبيعى للمنازل، وتمت زيادة مخصصات النقل والانتقالات إلى 8.1 مليار جنيه لتوفير خدمة نقل الركاب بأقل من تكلفتها الاقتصادية.

وتتواصل جهود الحكومة الرامية إلى تنفيذ سياسة مالية داعمة أكثر لبرامج ومبادرات التنمية البشرية والإنتاج والتصدير، بالتزامن مع تقليل فاتورة خدمة الدين، التى لا تزال مرتفعة بسبب ارتفاع التضخم ومعدلات الفائدة العالية، وأن الحكومة تعمل على النزول بنسبة خدمة الدين العام إلى 35٪ من إجمالى المصروفات العامة على المدى المتوسط، وذلك بالعمل على دفع معدلات النمو الاقتصادى من خلال زيادة حجم الاستثمارات الخاصة مع التركيز على الاستثمارات الموجهة للصناعة والتصدير.

مساهمة القطاع الخاص

تتواصل مساعى الحكومة لزيادة مساهمة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، خصوصا أن هذا الملف يحتاج إلى المزيد من الجهود حتى يتحقق المراد. وهذا ما يتضح جليًا فى مواصلة الحكومة الجهود الرامية إلى تنفيذ سياسة ملكية الدولة التى تهدف إلى نقل جزء ليس بالقليل من النشاط الاقتصادى من الملكية العامة إلى القطاع الخاص، بما يعزز من إمكانيات وقدرات الاقتصاد الوطنى ويدفع فى اتجاه زيادة القدرة التشغيلية للاقتصاد بما يعنيه ذلك من دفع معدلات النمو الاقتصادى وزيادة قدرة الاقتصاد على توفير المزيد من فرص العمل لمواجهة الطلب المتزايد على العمل.

وقال وزير المالية، إن الحكومة نجحت خلال العام الماضى فى ترشيد الإنفاق العام بنسبة 2.2٪ من الناتج المحلى وخفض عجز الموازنة إلى 3.6٪ مدفوعا بالفائض الأولى الذى حققته الموازنة العام الذى قدر بنحو 6.1٪ متضمنًا عوائد «رأس الحكمة»، مشيرا إلى أن الحكومة تتعهد ببذل المزيد من الجهود لخفض معدل الدين العام، وذلك من خلال تنفيذ برنامج متكامل لخفض المديونية الحكومية على المدى المتوسط، بما يترتب عليه من خفض تكلفة الدين وتنويع قاعدة المستثمرين والعملات والأسواق وإطالة عمر الدين من أجل تعزيز «درجه الثقة» للاقتصاد المصرى.

وأسهم التحول الرقمى الشامل بالإدارة الضريبية فى توسيع القاعدة الضريبية وضم ممولين جدد، ما أدى بدوره إلى زيادة فى الحصيلة الضريبية، التى قللت -بدورها- من عجز الموازنة ومكنت الحكومة من كبح جماح الدين، وتمثل ذلك فى تراجع معدل الدين الداخلى لأجهزة الموازنة بنسبة 4.7% من الناتج المحلى، وكذا تراجع رصيد المديونية الخارجية لأجهزة الموازنة بنحو 3.5 مليار دولار مع نهاية يونيه الماضى بنسبة خفض تزيد على 4% مقارنة بشهر يونيه 2023.

صعوبة الظروف الاقتصادية

بلغ متوسط عمر الدين الخارجى لأجهزة الموازنة 12.7 عام مع نهاية يونيو 2024، وذلك على الرغم من صعوبة الظروف الاقتصادية، وأن المستهدف هو الحفاظ على تحقيق فوائض أولية سنوية للنزول بمعدل الدين للناتج المحلى إلى أقل من 85% مع نهاية العام المالى المقبل، بما يعزز من كفاءة الاقتصاد الوطني، ويزيد من قدرته التنافسية، التى بدأت تتجلى فى استعادة ثقة المستثمرين، والنمو الملحوظ فى الموارد الدولارية للدولة سواء من الاستثمارات الاجنبية أو تحويلات العاملين بالخارج.

وتستمر الحكومة، وفقا لـ «أحمد كجوك»، فى استهداف دخول أسواق جديدة وسداد الاستحقاقات واستعادة تقييم مصر الائتمانى لمساره الإيجابي، وأن تكلفة الدين بدأت تتراجع فى الإصدارات المصرية السيادية الدولية، وأن عوائد السندات الدولية بالسوق الثانوية انخفضت 6٪ لأجل 3 سنوات و3.1٪ لأجل 5 سنوات مقارنة بأسعارها فى فبراير الماضى، وأن معدلات أسعار التأمين ضد مخاطر السداد لأجل خمسة وعشرة أعوام تراجعت 224 و 168 نقطة على التوالى، وأن وزارة المالية أصدرت سندات الباندا الصينية وسندات الساموراى اليابانية بتكلفة منخفضة جدًا.

وتتواصل جهود الحكومة الرامية إلى تنشيط سوق الأوراق المالية الحكومية، والعمل على ميكنة وتطوير نظم التسويات المالية والضريبية، مع التركيز على الإصدارات متغيرة العائد لجذب قاعدة جديدة من المستثمرين فى أدوات الدين الحكومية، وأنه يسهم فى تعزيز هذه الجهود تطبيق الآليات المبسطة لتسوية المنازعات بين المستثمرين أو بين المستثمرين والدولة، بالإضافة إلى تطبيق سياسات الحياد الضريبى، التى تساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة بالأنشطة الاقتصادية.