رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

رغيف العيش حائر بين المواطن ووزارة التموين

313

تسعى الحكومة الجديدة منذ توليها المسئولية إلى إرضاء المواطن فى المقام الأول والعمل على تلبية كل احتياجاته والحفاظ على مكتسباته وصيانة مقدراته، فرغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم والتوترات الإقليمية المحيطة وتأثيراتها على الاقتصاد المصري، تتخذ الحكومة على عاتقها مسئولية تحسين كل الخدمات المقدمة للمواطنين وتوفير أوجه الدعم والحماية لقوت البسطاء من الشعب المصرى العظيم الذين تحملوا الكثير وضربوا المثل فى الصبر والصمود أمام العديد من الأزمات، وظلوا هم الشريك الأساسى للدولة فى معركة التغيير والبناء.

محمد الشرقاوي

تعمل وزارة التموين والتجارة الداخلية خلال هذه الفترة على تقديم عدد من المقترحات للحد من التلاعب فى أوزان وأسعار السلع الاستراتيجية وعلى رأسها رغيف الخبز الذى واجه تحديات كبيرة خلال الثلاثة عقود الماضية.

وفى يونيو الماضى شهد رغيف الخبز للمرة الأولى منذ أكثر من ٣٥ عاما قرارا بتحريك السعر بنسبة 300% ليصل إلى 20 قرشا للرغيف، فى محاولة من الحكومة لتقليص الفجوة الكبيرة بين تكلفة إنتاج الخبز الذى تضاعف عدة مرات، وسعر بيعه، وينتظر رغيف الخبر مقترحا جديدا يهدف إلى وقف تسريب الدعم ووصوله إلى مستحقيه.

فقد كشف الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، عن أنه يتم حاليا دراسة مقترح لبيع الخبز المدعم بالوزن بدلًا من العدد، بحيث يصبح نصيب الفرد 450 جراما يوميًا بدلًا من 5 أرغفة، مؤكدا أن كل هذا قيد الدراسة حتى الآن وذلك لعدة أسباب أبرزها تحديات من قبل المخابز القائمة على الإنتاج، مؤكدا أنه سيتم دراسة كل التحديات للوصول إلى قرار مناسب فى الدراسة.

وأشار إلى أن التحرك فى الفترة المقبلة سيكون فى العمل على ضبط الأسعار وتشديد الرقابة على الأسواق والمخابز، فرغم أن السوق حر فى العرض والطلب لكن يوجد بعض السلع التى تحتاج تدخل الوزارة لضبط الأسواق، لافتا إلى أن حدوث تغيرات فى أسعار بعض المنتجات غالبا ما تكون مع انخفاض المعروض من المنتج ومع توفير المنتجات بكميات كبيرة سيتم ضبط الأسواق.

واختتم: سيظل دعم الأسر الأولى بالرعاية هو شغلنا الشاغل، ووصول الدعم إلى مستحقيه هدفنا وليس المساس بهذه الفئات، لافتا إلى أن من أوليات عمل الوزارة توفير السلع للمواطنين وضبط منظومة دعم البطاقات من أجل الفئات الأولى بالرعاية.

من جهته قال أحمد كمال، المتحدث باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، إن فكرة أن يكون حصة المواطن عبارة عن 450 جرامًا بدلًا من الـ5 أرغفة سيتم طرحها فى الحوار الوطنى خلال المرحلة المقبلة، بجانب سيناريوهات الدعم والتحول من العينى إلى النقدي، منوها إلى أن مقترح بيع الخبز بالوزن يتطلب أيضاً تزويد المخابز بالموازين ومدى تقبل المواطنين للفكرة وهى سيناريوهات مطروحة ونبحث عن التفضيل الأمثل للمواطنين.

وأشار إلى أن سبب اللجوء إلى ذلك المقترح هو ما يحدث من نقص فى وزن رغيف الخبز بسبب بعض الممارسات فى بعض المخابز، التى تواجهها وزارة التموين بشكل فوري، مشددا على أن حصة الفرد من الخبز ثابتة كما هى على بطاقة التموين، والتى تصل إلى 5 أرغفة فى اليوم و150 رغيف خبز خلال الشهر، وفى حالة أن الأسرة مكونة من 4 أفراد فتكون حصتهم كما هى 600 رغيف خبز، موضحًا أن وزن رغيف الخبز ثابت 90 جراما، وهذا الوزن موحد منذ سنوات.

وتابع أن سعر رغيف الخبز الواحد على بطاقة التموين يصل إلى 20 قرشا للرغيف، وتتحمل الدولة فارق التكلفة التى تتجاوز جنيها وربع لكل رغيف، كما أن سعر النقطة كما هو 10 قروش لكل رغيف فى حال توفيرها يُمكن أن يحصل من خلالها على سلع حرة من البقال التموينى أو مشروع جمعيتى أو من المجمعات الاستهلاكية.

وأكد كمال، أن هناك تعليمات مشددة بتكثيف التواجد الرقابى واستمرار الحملات التفتيشية المكبرة ليل نهار لإحكام السيطرة على الأسواق والمخابز والتصدى لأى محاولات للتلاعب بالأمن الغذائى للمواطن، والتأكد من التزام المخابز بالمواصفات الخاصة بالرغيف المدعم، وكذلك وزن الرغيف والمحدد بـ 90 جرامًا.

وأضاف، أن وزارة التموين والتجارة الداخلية تعاملت خلال الأيام القليلة الماضية مع 1723 شكوى تضرر من تلاعب بعض المخابز فى وزن الخبز المدعم أو مستوى جودته، وارتفاع أسعار أو سوء جودة بعض المواد الغذائية المعروضة، والتلاعب بأسعار بعض المواد التموينية وعدم الإفصاح والإعلان عن أسعارها، وشكاوى سوء الخدمة المقدمة من بعض بدالى التموين، وذلك ضمن جهود ضبط الأسواق، وقد قامت الوزارة ومباحث التموين بفحص الشكاوى وتنفيذ الحملات اللازمة وتحرير المحاضر للمخالفين وتسجيل وتوثيق الإجراءات المتخذة حيال الشكاوى والبلاغات وفقًا لطبيعة كل منها ونوع المعالجة المطلوبة.

من جانبه، كشف خالد فكري، سكرتير عام شعبة المخابز بالقاهرة، عن تشكيل لجنة مختصة؛ لدراسة إمكانية تعديل منظومة توزيع الخبز، بحيث يتم التحول من احتسابه بالعدد إلى احتسابه بالوزن، مشيرا إلى أنها خطوة جديدة تهدف إلى تحسين جودة الخبز وضمان حقوق المواطنين.

وأكد أن هذه الخطوة تأتى استجابة لشكاوى العديد من المواطنين حول نقص حجم أرغفة الخبز، مما أثار الحاجة إلى مراجعة النظام الحالي، موضحا أن اللجنة ستقوم بدراسة جميع الجوانب المتعلقة بهذا التعديل المحتمل، مشيرًا إلى أن الهدف الرئيسي من هذه المبادرة هو حماية حقوق المستهلكين وضمان حصولهم على حصص عادلة من الخبز.

وأضاف، أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ أى إجراء رسمى فى هذا الصدد، وأن اللجنة ستبحث كل المعطيات قبل إصدار توصياتها النهائية، وتأتى هذه الخطوة فى وقت يتزايد فيه الاهتمام بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، حيث تأمل الجهات المعنية أن يسهم هذا التعديل المقترح فى تعزيز الثقة بين المواطنين وأصحاب المخابز وتحقيق مصلحة الطرفين.

وأشار فكري، إلى أن التوجه نحو التعديل الجديد يساهم فى تحسين الجودة موضحا أن الانتقال إلى حساب الخبز بالوزن يمنع التلاعب فى حجم الرغيف، حيث كان هناك تباين كبير فى حجم الأرغفة فى النظام القديم، ما أدى إلى تفاوت فى الجودة وكمية الدعم الفعلي، وأن النظام الجديد سيساعد فى تقليل التلاعب فى المنظومة والتهريب، حيث أصبح تحديد الكميات بناءً على الوزن أكثر دقة ويمكن مراقبته بشكل أفضل، بالإضافة إلى ذلك،  مساهمته فى تقليل الفاقد من الخبز الذى كان يتم التخلص منه بسبب زيادة الكميات التى يحصل عليها بعض المواطنين بدون حاجة فعلية.

واستطرد: ورغم حالة التفاؤل من إمكانية نجاح التعديلات المتوقعة فى وصول دعم الخبز إلى مستحقيه، إلا أن هناك تحديات تتمثل فى الخوف من صعوبة التكيف مع النظام الجديد فى البداية، خاصة من حيث التعود على الوزن بدلاً من عدد الأرغفة، كما أن المناطق الريفية قد تواجه تحديات إضافية فى تطبيق النظام الرقمى الجديد، خاصة فى الأماكن التى لا توجد فيها بنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات.

من جهة أخرى، أشاد د. حسن الصادي، أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة والخبير الاقتصادي، بقرارات وزير التموين الأخيرة الخاصة بصرف حصة الخبز المدعم بالوزن، والتى تعزز وصول الدعم إلى مستحقيه، وقدرته على ميكنة ورقمنة المنظومة التموينية، مثلما فعل فى البريد المصرى ورقمنته وقبلها بنك ناصر الاجتماعي.

وأضاف أن وزير التموين الأجدر على إدارة تلك المنظومة بنجاح لأنه أكثر شخص تعامل مع الفقراء والطبقة التى تستهدف توصيل الدعم لها ويملك كل المؤهلات الشخصية التى تؤهله للنجاح فى توصيل الدعم لمستحقيه.

ولفت الصادي، إلى أن الدولة تريد أن تدمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى وذلك لن يتأتى إلا إذا استشعر المواطن أو التاجر بوجه الاستفادة من الاندماج فى الاقتصاد الرسمى بحصوله على مزايا مقابل دفع الضرائب، موضحا أن الاقتصاد يقود السياسة ولابد من تحقيق رضاء المواطن من خلال التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة.

وفى سياق متصل، أوضحت دراسة أجراها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تاريخ صناعة الخبز المدعم مر بعدة تحولات رئيسية إلا أنها قليلة للغاية، فمنظومة الخبز كانت إحدى الحلقات التى كان يصعب المساس بها على مر السنين، ولو حتى بالتعديل للأفضل، فدائما ما كان مصير أى خطة للتطوير أن تذهب أدراج الرياح.

وكشفت عن حجم التحديات التى تواجه منظومة الخبز، وعلى رأسها أزمة تمويل الدعم، التى يرجع تاريخها إلى خمسينيات القرن الماضي. فمثلا، فى العهد الناصري، شكلت استدامة الموارد وتوافرها عائقا أمام سياسات دعم الخبز، فكانت السياسة المتبعة حينها هى دعم الخبز لخدمة العقد الاجتماعى الهش، فى حين كان يتم إجبار الفلاحين على توريد القمح والسلع الاستراتيجية بأسعار أقل من أسعار السوق، ولولا ذلك ما تمكنت الدولة من تقديم الخبز المدعم، انعكست هذه السياسة، على قصور قدرة الفلاحين على تكوين أرباح من الزراعة، لتخلق مجتمعا فقيرا تتسع وتتفاقم فيه معدلات الفقر على مثيلاتها فى الحضر.

وأشارت الدراسة إلى أن تطبيق الدعم السلعى فى مصر يرجع لأعقاب الحرب العالمية الثانية، لتوفير السلع الضرورية للمواطنين كافة، نظرًا لظروف الحرب، وكان فى القلب منها توفير الخبز، واستمر الوضع لعقود ومع اتساع عدد السلع المدعومة والتزايد السكانى المطرد فى الثمانينيات والتسعينيات وتراكم الديون على مصر، بدأ التوجه نحو تقليل الدعم تدريجيا على السلع الأساسية.

وأكدت الدراسة، أنه رغم قدم منظومة الخبز إلا أنها لم تشهد أى تطوير على مدى ما يزيد على 35 عاما، على مستوى سياسة التسعير. كما أنها لم تشهد أى تحولات جذرية لتطوير المنظومة إلا مؤخرًا، فقد استحدثت الحكومة منظومة نقاط الخبز غير المستخدمة عام 2014/2015، فبحلول عام 2016، ارتفع الدعم النقدى الشهرى للفرد من 15 إلى 21 جنيهًا، ووصل الدعم النقدى الشهرى للفرد على البطاقة إلى 50 جنيهًا فى 2019، فى أعقاب عملية تحديث بيانات المستفيدين من الدعم عن طريق تنقية البطاقات التموينية، وساهمت ميكنة بطاقات التموين وتنقيحها نسبيًا فى ضمان وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين، والحد من الاستهلاك المفرط وإعادة الاتجار بالمواد المدعومة فى السوق السوداء، ووصلت قيمة دعم رغيف الخبز فى 2023 إلى 91.6 مليار جنيه، فى مقابل 18.5 مليار جنيه ما قبل 2014.

وأوضحت الدراسة التى أعدها المركز المصري، أن رفع سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشا بدلًا من 5 قروش، هو محاولة لسد الفجوة الضخمة التى أصبحت بين سعر الرغيف وتكلفته الفعلية، مما يعنى تحمل الحكومة تكلفة 105 قروش بدلًا من 120 قرشا لتخفيف الحمل عن الموازنة العامة للدولة، بدون وضع العبء على المواطن المصري، أو التضييق من جهة أخرى على المزارعين فى سعر توريد القمح.

ونوهت الدراسة، إلى حرص الحكومة المصرية الحالية على الاهتمام بدعم مزارعى القمح فى مصر ومحاولة الحرص على توريد أكبر كم ممكن من القمح لمخازن الدولة بالتوازى مع تقديم سعر عادل للقمح يحقق للمزارعين اكتفاءً اقتصاديا واجتماعيا وحافزا على الاستمرار فى زراعة القمح، حيث إنها وضعت أولوياتها فى محاولة الوصول للاكتفاء الذاتى من القمح، خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتباعتها الكارثية لسوق الحبوب الغذائى العالمي.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.