مجدى الشاذلي

ترى ما هي كلمة السر التي تدفعنا دائما نحو إعادة تشغيل آلة الأمل مع نهاية كل عام، وبداية عام آخر جديد؟

فمنذ مرحلة الطفولة، ونحن نتبادل سؤالا واحدا فى براءة شديدة مع بداية كل عام: ما هي أمنياتك للسنة الجديدة؟ وكأننا لا يصح أن نأمل أو نتمنى إلا مرة واحدة فى العام!

وللعجب، غالبا ما كانت الإجابة هي ذاتها التي سبق وقلناها فى بداية العام الذي نودعه، ليس فقط لأن أمنياتنا السابقة -الحالية- لم تتحقق فى العام المنتهى، لكن ربما لأنها كانت بعيدة عن الواقع، أو أنها لم تكن متسقة مع عالم –نظنه دائما- يقاوم الأمنيات..!

رغم مرور السنوات، مازلنا ونحن على مشارف العام الجديد “محكومين بالأمل” على حد وصف الكاتب السوري الراحل سعدالله ونوس، لأن إنسانا بلا أمل لن يستطيع أن يحيا يومه، أو يروض تحدياته ومتاعبه، وإنسان فقد قدرته على الحلم هو إنسان ضعيف لا يقوى على شيء، ولا تنتظر أن يحقق فى غده إنجازات تذكر.

ومع الأيام الأخيرة من العام، لا أظن أن إرهاق النفس من عام طويل لم تر فيه إلا كل ما يزيدها تأزما، أو أن تراكم المؤشرات غير الإيجابية للمدى المنظور من هذا العالم، يمكن أن يقود الإنسان يوما إلى فقدان الأمل فى عامه الجديد.. فهو مثل الشعلة الموقدة فى طريق طويل ومظلم، وبدونها تزداد وحشة الطريق ووعورته!

من المؤكد أننا نعيش فى عالم مضطرب إلى درجة أنه يبدو معاكسا لكل آمال البشرية فى العيش بسلام، ومنافيا لكل المثل والقيم التي تنشدها أية أمة متحضرة، ومع ذلك لا يجوز الاستسلام لهذا الواقع المرير، أو التوقف عن الأمل فى تحوله للأفضل يوما ما..!

إن التجدد والتغيير هما سنة الله فى خلقه، وما عرفت البشرية عبر تاريخها الطويل تحجرا أبدا، وما توقفت يوما عن السعي نحو التطور والازدهار، حتى وإن تعرضت لموجات طارئة من الانتكاسات الحضارية أو مرت بفترات عصيبة من الحروب الهمجية التى كثيرًا ما أهدرت ما حققته من إنجازات، لكن سرعان ما كانت البشرية تستفيق، لتعود لرشدها، وتستعيد الرغبة فى العيش والعمل والنماء، وتسترد فطرتها فى الحلم والأمل بمستقبل أكثر استقرارًا وإشراقًا.

فكل عام وأنت قادر على الأمل، وقادر أكثر على تحقيقه!