https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

هكذا تبنى العلاقات بين الدول

456

 

فى مايو 2024 كتب وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي “نحو علاقات دولية واقعية أخلاقية”، مشيرًا إلى وجود مسارين لإدارة العلاقات الدولية، تعتمد عليهما فلسفة إدارة العلاقات بين الدول، الأول تعتمده السياسة الأخلاقية والقواعد (Values-based politics)، والثاني تحكمه الواقعية والمصالح (Realism) فى تقدير المواقف والسياسات.

ويعد المسار الأول من أفضل المسارات من وجهة نظر البعض، فى الوقت الذي يميل فيه البعض الآخر للمسار الثاني.

أما الدولة المصرية فقد ارتكزت فى بناء علاقاتها الدولية على فلسفة المسار الأول وفق ثوابت راسخة رسوخ حضارتها الضاربة فى عمق التاريخ، وهو ما جعلها ركيزة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، واللاعب الأهم فى صياغة السياسات الإقليمية والدولية فى فترات الحرب والسلم.

وتبني مصر علاقاتها مع المجتمع الدولي وفق ثوابتها الأخلاقية، والتي لخصها الرئيس عبد الفتاح السيسي فى أحد تصريحاته قائلاً: “مصر دولة تتعامل بشرف” الأمر الذي جعل مصر تحظى باحترام وتقدير دولي وإقليمي، كما نجد لذلك أثرًا فى سرعة استعادة مصر لمكانتها بعد محاولات اختطافها وتحويلها إلى مجرد تابع.

مصر كانت ولا تزال وستظل صاحبة القرار المستقل، وتمتلك القدرة، وترفض التبعية، وتدعو إلى الوحدة، والداعمة للسلام والاستقرار والمدافعة عن الحق مهما كلفها ذلك من تضحيات، والرافضة للتدخل فى الشئون الداخلية لأي دولة من الدول، وصاحبة الكلمة الفصل.

وإذا كانت الفلسفة الغالبة فى العلاقات الدولية لغة المصلحة، خاصة فى ظل حالات التوتر العالمي، تظل مصر محافظة على ثوابتها الدبلوماسية والسياسية والمتسقة مع ثوابتها الأخلاقية.

(1)

الأسبوع الماضي خلال افتتاح مؤتمر ومعرض مصر الدولي الثامن للطاقة (إيجبس 2025) توقفت عند بعض المشاهد التي عبَّرت عن نجاح الدولة المصرية فى بناء علاقات دولية قوية معتمدة على ثوابت أخلاقية فكانت تلك هي النتيجة.

تطور كبير فى العلاقات المصرية مع الدول الشقيقة والصديقة، فتم ترفيع العلاقات بينها وبين مصر إلى المستوى الاستراتيجي وهو أرفع درجات العلاقات الدولية، والمعبرة عن قوة ومتانة تلك العلاقة.

ولم يكن ذلك ليحدث صدفة، أو قدرًا، أو مجرد مجاملة لأن العلاقات الدولية لا تعرف المجاملة، فهي تستهدف مصالح الشعوب، وترتكز على قوانين وثوابت ومحددات تضعها الدول، للحفاظ على استمرار التعاون والعمل معًا من أجل تنمية الأوطان.

جاء المشهد الأول عندما تحدث الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الطاقة السعودي، خلال كلمته مرتجلاً ومعبرًا عن حجم وقوة العلاقة بين الشعبين (المصري والسعودي) وكذا قيادة البلدين، كلماته لامست قلوب المصريين فكما شهدت قاعة المؤتمر تصفيقًا كبيرًا لاستشهاد وزير الطاقة السعودي على حبه والأشقاء السعوديين لمصر، وكذا حب المصريين للسعودية قيادة وشعبًا..

قائلاً: «أتمنى من فخامتك تسمح لي بالعفوية ومصريتي اللي تعرفها، عندي أمنية اسمحلي أقدم تحية للشعب المصري الحبيب لنا جميعًا».

كما علق وزير الطاقة السعودي على أغنية للفنان أحمد سعد فى أحد المسلسلات، قائلاً: «أغنية تحفة مقدمتها بسيطة ـ ألف تحية للناس الحقيقية الناس العشرية.. مين فى العالم إلا فى مصر، الشعب المصري هو الشعب الحبيب لنا جميعًا فى المملكة العربية السعودية».

جاء التأكيد على قوة العلاقة بين البلدين عقب انتهاء الكلمة وعبر الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، من انتشار واسع لمقطع كلمة وزير الطاقة السعودي وهو يقول «مصر مش بس فيها حاجة حلوة دي كلها حاجة حلوة».

كلمات الأمير عبد العزيز بن سلمان جاءت لتكون بمثابة رد قاطع على من يحاولون من قوى الشر زرع الفتن بين الشعبين الشقيقين، ومحاولات النيل من العلاقات المصرية السعودية، لإدراكهم أن تلك العلاقة تعد بمثابة حجر عثرة أمام مشاريعهم التوسعية، وخططهم الشيطانية للمنطقة.

من هنا تعمل كتائبهم الإلكترونية بين الحين والآخر عبر الفضاء الأزرق ومن خلال صفحاتهم المسمومة وأقلام بعض عناصرها لاستهداف تلك العلاقة، وهم لا يدركون أن العلاقة بين المملكة العربية السعودية ومصر علاقة راسخة رسوخ الجبال الرواسي ضاربةً بعمق منذ فجر التاريخ.

لم تبنَ تلك العلاقة إلا على ثوابت أخلاقية وهو ما جعلها أكثر قوة فى مواجهة تلك المحاولات.

لو أنك راجعت تعليقات المصريين والسعوديين على الفيديو الخاص بكلمة الأمير عبد العزيز بن سلمان، ستدرك إلى أين تصل العلاقة بين البلدين الشقيقين قيادة وشعبًا، ليأتي تعليق الرئيس السيسي على كلمة وزير الطاقة السعودي وإشادته بها قائلاً: «إن الكلام الرائع والداعم من الأشقاء فى المملكة العربية السعودية فى ظل الظروف التي تمر بها المنطقة أمر جدير بالتقدير والاحترام والإشادة».

(2)

أما المشهد الثاني فكان خلال تعقيب الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس قائلاً: «فخامة الرئيس وأخي العزيز هذه هي الزيارة السادسة لي منذ تولي منصبي منذ عامين ولا أبالغ حين أقول إن مصر هي بيتي الثاني».

وهو ما جعل القاعة تضج بالتصفيق الكبير تعبيرًا عن المحبة والترحيب الشديد بما عبَّر عنه الرئيس القبرصي من حب لمصر وتقديره لقائدها.

معتبرًا أن ذلك اليوم يعد يومًا تاريخيًا فى تاريخ العلاقات المصرية القبرصية، حيث تم توقيع اتفاقيتين بالغتى الأهمية وهو دليل على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والعلاقات المهمة للمنطقة ولأوروبا.

 وقد شهدت العلاقات المصرية القبرصية تطورًا كبيرًا منذ عام 2014 مرتكزة على الاحترام والتعاون المتبادل بين البلدين قيادة وشعبًا، لتمثل أحد أضلاع مثلث منتدى غاز شرق المتوسط مع مصر واليونان، الذي تأسس فى 2019، كما تم الاتفاق على إنشاء خط بحري ينقل إنتاج حقل افروديت إلى منشأة إدكو، واليوم تم توقيع اتفاقية لتطوير إنتاج حقل افروديت للغاز الطبيعي، وتتطور العلاقات بين الدول الثلاث إلى المستوى الاستراتيجي فى مواجهة التحديات.

كما أن الاستثمارات القبرصية فى مصر تضاعفت بنسبة 525% بين 2019 و2021، ووصل حجم الصادرات المصرية إلى قبرص 113 مليون دولار فى 2020، كما أطلق الرئيس السيسي فى 2017 مبادرة إحياء الجذور التي تستهدف تعزيز الترابط بين شعوب مصر وقبرص واليونان.

إن بناء العلاقات على أسس من التعاون والتكامل وفق ثوابت تستهدف العمل من أجل تنمية الأوطان وصالح الشعوب، وإقرار السلام والاستقرار، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لدول التعاون فى مواجهة الأزمات والتحديات وتطابق الرؤى فى العديد من القضايا الإقليمية والدولية، كان أحد أسباب نجاح وتطور العلاقات المصرية القبرصية والوصول بها إلى العلاقة الاستراتيجية.

لقد حرص الرئيس القبرصي خلال تعقيبه على الإشارة إلى قوة العلاقة بينه وبين الرئيس السيسي معبرًا عنها بكلمة «أخي العزيز» كما أشار إلى حبه للدولة المصرية عندما وصفها بـ My home إنه الاحترام المتبادل الذي يصنع علاقات قوية بين الدول.

(3)

المشهد الثالث كان خلال استقبال الملك فيليب السادس، ملك إسبانيا، للرئيس السيسي خلال زيارته للعاصمة الإسبانية مدريد، تم خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم جاء على رأسها توقيع وثيقة ترفيع العلاقات لمستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

كذا توقيع عدد من مذكرات التفاهم فى الصناعة والتجارة والسياحة والنقل والبنية التحتية والهجرة وتعزيز السلام والتنمية بإفريقيا.

الملك فيليب السادس خلال كلمته قال: «مصر غنية بثقافتها، وكلمة مصر أم الدنيا ظهرت فى بلدنا فى القرن التاسع عشر بفضل العلاقات القوية بين البلدين».

حفاوة الاستقبال من الجانب الإسباني للرئيس والوفد المرافق له واللقاءات المتعددة خلال الزيارة التي شملت المائدة المستديرة مع ممثلي مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الإسبانية، ولقاء الرئيس مع رئيس الوزراء الإسباني، وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم وزيادة حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وكذا حجم الاستثمارات بين القاهرة ومدريد والذي شهد تطورًا كبيرًا خلال العقد الأخير، حيث بلغت 3.1 مليار دولار عام 2024 مقابل 3.2 مليار دولار عام 2023، كما بلغت قيمة الصادرات المصرية لإسبانيا 1.5 مليار دولار عام 2024 مقابل 1.6 مليار دولار خلال عام 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من إسبانيا 1.6 مليار دولار خلال عام 2024 مقابل 1.5 مليار دولار خلال عام 2023.

وكانت أهم المجموعات السلعية التي صدَّرتها مصر إلى إسبانيا خلال عام 2024، الحديد والصلب، والأسمدة والملابس الجاهزة والخضراوات والفواكه واللدائن ومصنوعاتها.

إنها علاقات قوية تؤكد أن مصر تقدم نموذجًا فى بناء العلاقات بين الدول، وفق ثوابت أخلاقية وقواعد ترتكز على الاحترام المتبادل بين الدول، ورؤية واضحة ومسار لا يعرف سوى تحقيق الأمن وإحلال السلام والتنمية من أجل صالح الشعوب جميعًا.

إنها المنهجية التي تتخذها مصر فى بناء علاقاتها مع كل دول العالم، لا تعرف سوى لغة الشرف والتعاون فى الحفاظ على مكتسبات الشعوب واحترام سيادة الدول.

الأمر الذي جعل الرؤية المصرية بشأن حل العديد من القضايا الإقليمية والدولية وعلى رأسها إحلال السلام فى الشرق الأوسط، محل تقدير واحترام وتأييد لدى العديد من دول العالم والمنظمات والهيئات الدولية، خاصة فيما يتعلق بشأن القضية الفلسطينية، حيث تتطابق الرؤى مع الدولة المصرية بشأن وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة وإعلان الدولة الفلسطينية.

اجتماع الرياض

يأتى اجتماع الرياض فى ظرف استثنائي تمر به المنطقة، عقب موجة التصريحات الأمريكية  ومحاولات الجانب الإسرائيلي اختراق اتفاق الهدنة فى الأراضي الفلسطينية مع تطور مخطط التهجير، الأمر الذي استوجب أن يكون الاصطفاف العربي هو الرسالة القوية فى مواجهة ذلك، وهو ما جعل هذا الاجتماع وما صدر عنه بمثابة رسالة مهمة إلى المجتمع الدولي والقوى الدولية تستلزم من الجميع أن يتحمل مسئولياته أمام ضرورة إحلال السلام وإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وقطع الطريق أمام مخططات إعادة تقسيم المنطقة من جديد.